البروفيسور مايكل مان من أكبر علماء المناخ في العالم، وهو موقع على عشرات إن لم يكن مئات البحوث، بينها عمله على ارتفاع الحرارة العالمي الذي عرض لأول مرة “الرسم البياني لمكيل ههوكي”، الذي يصف تغير درجات الحرارة العالمية في الألف سنة الأخيرة. الرسم البياني الثوري الذي توقع ما يشهده في أيامنا هذه، ظهر في تقرير الندوة العالمية لتغيير المناخ وأكسب مان عاطفين كثيرين؛ مثلما أكسبه غير قليل من الأعداء.
لكن مان يتجول في الأيام الأخيرة بين استوديوهات قنوات التلفزيون كي يكرر ما ادعاه هو وزملاؤه في بحوثهم منذ عشرات السنين – كارثة المناخ من فعل يد البشر، كوكبنا يسخن بوتيرة مقلقة، وإذا لم نوقف انبعاثات غاز الدفيئة فوراً – سنواصل التعرض لتغييرات متطرفة أكثر في حالة الطقس كل سنة.
لكن يبدو أن مان (راصد متفائل، متوازن وهادئ في الغالب) قلق من شيء واحد في ضوء درجات الحرارة بقارة أوروبا: فدرجات الحرارة في الأيام الأخيرة – التي تصل إلى 10 حتى 20 درجة فوق المتوسط في أماكن معينة – أعلى بكثير من كل نموذج بيئي كتب قبل سنوات وحاول توقع ما ستكون عليه درجة الحرارة في العام 2022. وهذا يعني، إذا كانت هذه موجة الحر التي نتصدى لها اليوم، إذ نتجاوز 1.5 درجة منذ بدء القياسات في عهد الثورة الصناعية – فماذا سيحصل للكرة الأرضية حين سنجتاز درجتين والثلاث؟ أي درجات حرارة سيواجهها سكان لندن ومدريد والولايات المتحدة، وعندنا أيضاً دول الشرق الأوسط؟
مان ليس باحث المناخ الوحيد الذي دهش عندما ارتفعت درجة الحرارة فوق 40 في بريطانيا، لأول مرة في التاريخ. البروفيسور بيتر ستوت أيضاً، الذي توقع في بحثه قبل سنتين أن تصل الحرارة في بريطانيا إلى مستوى 40 درجة، احتسب هذا الخيار بمعقولية متدنية نسبياً – احتمال 1 في المئة تقريباً. أما اليوم فيمسك رأسه قلقاً.
لقد بات واضحاً الآن أن قواعد اللعب تغيرت – النماذج لا تنجح في توقع ما ينتظرنا، موجات حر متطرفة في أوروبا تقع بسرعة أكبر مما تتوقعه النماذج. فهي تبدأ مبكرة أكثر، تتواصل لزمن أطول. في واقع ليس فيه أي منظم حرارة يرتب حرارة كرة الأرض ليقول: إلى هنا. أوروبا مجرد طرف الجبل الجليدي. ولذلك بالطبع تفسيرات عديدة؛ بينها ذوبان الثلوج والجليد، وتيارات النفث التي تتحرك قرب القطبين عقب ارتفاع الحرارة العالمية. لكن التفسير الواضح والفوري هو تأثير الإنسان على العالم وانبعاث غازات الدفيئة.
حان الوقت لنحفظ هذا عن ظهر قلب: أوروبا تشتعل، أستراليا تشتعل، تل أبيب تشتعل. أمريكا عاصمة. ولنصرخ بصوت عال ما لا يمكن للكرة الأرضية أن تقوله بالكلمات. ما لا يعقل الزعماء أن يستوعبوه، انتظروا ما سيأتي.
محظور قبول أزمة الغاز في أوروبا، في أعقاب الحرب الروسية الأوكرانية كذريعة لنكران المناخ. صفقات نفط مهزوزة ليست هي الحل، بل المصيبة التالية. إذا لم نغير عاداتنا فوراً ونقلص انبعاث غازات الدفيئة، سنشهد درجات حرارة 50 في فرنسا، في السنوات القريبة القادمة. هذه ليست سيناريوهات رعب. هذا هو واقعنا الراهن جميعاً.
بقلم: إلعاد زراط
يديعوت أحرونوت 20/7/2022
صدقا والله فالقادم أسوأ بانتظار البشرية جمعاء ويا لطيف ألطف بخلقك ?