خبيران: تمديد قرارات “سعيّد” كان متوقعا وأحزاب تونس خارج معادلته

حجم الخط
0

تونس: بمجرد انقضاء المدة التي حددها الرئيس التونسي قيس سعيّد، لقراراته الاستثنائية، وهي 30 يوما، سارع مساء الإثنين إلى الإعلان عن تمديدها حتى إشعار آخر.
ففي 25 يوليو/ تموز الماضي، قرر سعيد تجميد البرلمان برئاسة راشد الغنوشي رئيس حركة “النهضة” لمدة 30 يوما، ورفع الحصانة عن النواب، وإقالة رئيس الحكومة هشام المشيشي، على أن يتولى هو بنفسه السلطة التنفيذية، بمعاونة حكومة يعين رئيسها.
ورفضت غالبية الأحزاب، وبينها “النهضة” صاحبة أكبر كتلة برلمانية، تلك القرارات، واعتبرها البعض “انقلابا على الدستور”، بينما أيدتها أحزاب أخرى رأت فيها “تصحيحا للمسار”، في ظل أزمات سياسية واقتصادية وجائحة كورونا.
ومساء الإثنين، قالت الرئاسة في بيان، إن سعيد “أصدر أمرا رئاسيا يقضي بالتمديد في التدابير الاستثنائية المتخذة بمقتضى الأمر الرئاسي عدد 80 لسنة 2021 المتعلق بتعليق اختصاصات مجلس نواب الشعب وبرفع الحصانة البرلمانية عن كل أعضائه، وذلك إلى غاية إشعار آخر”.
وأضافت أن سعيد “سيتوجه في الأيام القادمة ببيان إلى الشعب التونسي”.
ووفق خبيرين تونسيين، في حديث للأناضول، فإن هذا التمديد “كان متوقعا”، ولا يوجد للأحزاب دور في معادلة سعيد، وأن مواقفها مما يجري “باهتة جدا” و”منقسمة”، وهي تخشى تعميق عزلتها في حال واجهت الرئيس.

طريق طويل

وقال صلاح الدين الجورشي، كاتب ومحلل السياسي، إن “قرار التمديد كان منتظرا، ويدل على أن مسألة الاستثناء قد تطول أكثر وتمتد لشهور، ضمن محاولة سعيّد إعادة صياغة النظام السياسي والشأن العام في تونس”.
وأضاف الجورشي للأناضول أن “سعيد ربما سيؤكد هذا التوجه من خلال الإجراءات التي ينتظرها التونسيون لمعرفة إلى أين تسير بلادهم، وستتضح من خلال التوجهات السياسية التي سيعلن عنها في كلمات في مناسبات قادمة”.
وتابع: “المؤكد أن عملية التمديد هي بداية طريق طويل سينتهجه رئيس الجمهورية، ويبدو أنه غير مستعجل”.
ورجح أن سعيد “سيواصل وضع أشخاص تحت الإقامة الجبرية وفتح ملفات عديدة وربما إعداد دستور جديد بعد تجميد دستور 2014.. وربما ستتضمن إجراءاته أيضا تصورا لكيفية إنعاش الاقتصاد”.

لا وزن للأحزاب

وحول موقع الأحزاب من قرارات سعيد، رأى الجورشي أن “الأحزاب السياسية لم يعد لها أي وزن في معادلة رئيس الجمهورية، فهو لا يؤمن بالأحزاب ولا يعتمدها في قراراته ولن يكون لها دور، خاصة وأنها أبدت ضعفها وعدم قدرتها على مواجهة قراراته، وكأنها استسلمت لمصيرها”.
وزاد بأن “الأحزاب تنتظر وضع سياسات وقوانين جديدة، وإما أن تعطيها هذه القوانين دورا أو تهمشها ولا تعتبرها عنصرا أساسيا في التوازنات القائمة في الدولة والمجتمع”.
ومعلقا على غياب أي تحرك عملي للأحزاب وصمتها إزاء قرار تمديد القرارات الاستثنائية، اعتبر الجورشي أن “هذا الصمت يعود إما لضعف هذه الأحزاب أو عدم قدرتها على تغيير المعطيات لصالحها”.
وتابع: “هذه الأحزاب تنظر بشكل دقيق لتفاعل التونسيين مع الإجراءات الاستثنائية التي اتخذها سعيد، وبالتالي فهي تخشى أن يتم تعميق عزلتها لو واجهت رئيس الجمهورية”.
وأردف: “الآن نحن أمام مرحلة جديدة فيها صعود قوي لدور رئيس الجمهورية في الحياة العامة وتراجع واضح ودور غير فاعل للأحزاب”.

غموض “سعيّد”

من جهته، اعتبر عدنان منصر، رئيس مركز الدراسات الاستراتيجية حول المغرب العربي، أن “هذا التمديد كان متوقعا، وموقف سعيد من الأحزاب هو موقف قديم ومعروف”.
وتابع منصر: “عندما استشارها (الأحزاب) عند تشكيل الحكومات السابقة كانت استشارة شكلية ليس لها أي معنى، فهو (الرئيس) يحمل موقفا سلبيا من الأحزاب”.
وأردف: “رغم أن هذا التمديد كان منتظرا، إلا أنه يدل على وجود مشكل يتمثل بأن الأمور غير واضحة تماما بالنسبة لسعيد في غياب أي خطة سياسية للفترة المقبلة، وهو يتجاهل هذا الأمر وغير مطروح لديه”.
واستطرد: “حتى أنصار سعيد كانوا ينتظرون البارحة أن يعلن عن توجهات واضحة، لكن ذلك لم يتم، وعندما يمدد الرئيس الإجراءات الاستثنائية حتى إشعار آخر ويقول إنه سيتقدم ببيان للشعب فهذا يدل على وجود إشكال في طبيعة ما سيعلنه، سواء في علاقة بالوضع الداخلي أو الخارجي”.
وشدد منصر على “وجود غموض يدل على صعوبة وضع خطة سياسية”.

استهداف لـ”النهضة”

وحول تعاطي الأحزاب مع قرارات سعيد، رأى منصر أن “ردود فعل الأحزاب، وخاصة حركة النهضة، باهتة جدا”.
وقال إنه “من الطبيعي أن تكون النهضة أول المعنيين بإصدار مواقف، لأنها المعنية بما حصل يوم 25 يوليو، فما حصل يستهدفها هي بشكل واضح”.
وتابع: “بقية الأحزاب في حالة بهتة (صدمة) ولا تعرف إلى أين تتجه الأمور.. الأحزاب غير قادرة على إبداء مواقف واضحة، لأن سلوك الرئيس فيه الكثير من الغموض”.
واستطرد: “هذه الأحزاب فوجئت ليس فقط بقرارات 25 يوليو بل أيضا بارتدادات هذه القرارات، والأحزاب كلها منقسمة داخليا بين مؤيد للرئيس ومؤيد له لكن بحذر”.
(الأناضول)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية