خدش على وجه المغرب

حجم الخط
19

وجهت مراسلون بلاحدود وهي منظمة عالمية تدافع عن الصحافيين وحريات الإعلام نداء عاجلا إلى الأمم المتحددة تدعوها فيه إلى إدانة استعمال المغرب التهم الجنسية والتشهير الأخلاقي بالصحافيين المستقلين.
وفعلا فإن السلطات المغربية قد لجأت، خلال السنوات الأخيرة، إلى التوظيف السياسي للتهم الأخلاقية والمالية ضد الصحافيين والمعارضين سواء منهم المعتدلين أو الراديكاليين، الإسلاميين أو العلمانيين. بل إن أي سياسي تجرأ على انتقاد السلطة، ولو كان يشتغل من داخل منظومة الحكم، قد يتعرض لتهجمات من شبكة أمنية-إعلامية أصبحت مهابة الجانب. إنها تتحرك الآن في واضحة النهار كما قد حازت تدريجيا، منذ سنة 2011، على قوة ضاربة على المستوى المالي واللوجيستيكي. ويبدو أن التشهير والتهديد العلني بالمتابعات قد صار طريقة شبه رسمية من طرق التدبير السياسي للنخبة بالمغرب.
إن نداء «مراسلون» القاسي والذي نشر على نطاق واسع وبلغات دولية عديدة قد أصاب صورة المغرب في مقتل، خصوصا وأنه صدر في عز اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة وهو الاجتماع الأول، منذ تأسيس المنظمة الأممية، الذي تلعب فيه وسائل الإعلام ووسائط التواصل الافتراضية دورا أساسيا بل الدور الأساسي وذلك بسبب الجائحة التي تضرب الكوكب. النداء يأتي كذلك بعد ثلاثة أشهر فقط من نشر منظمة العفو الدولية لتقرير تقني مفصل يبرهن على استعمال السلطات المغربية لتقنيات التجسس الأكثر تطور بالعالم ضد الصحفي المستقل عمر الراضي. وكانت الحكومة المغربية قد ردت في حينه بنرفزة زائدة وعارية من أية مصداقية، أن المنظمة الحقوقية تعادي المغرب وأنه إن كان هناك من يتجسس فهو الصحافي عمر الراضي. وفعلا فتحت النيابة العامة، وكأننا في مسرحية أطفال تفاعلية، تحقيقا قضائيا رسميا لتنتهي الأمور بمتابعة الراضي بشبهة التجسس وتلقي أموال من الخارج لهذا الغرض. كما تمت إضافة تهمة الاغتصاب إلى الملف حتى تكتمل عملية الاغتيال الرمزي للشاب المشاغب والذي حاز شهرة كبيرة وعالمية منذ اعتقاله الأول أواخر السنة الماضية بجنحة إهانة القضاء.
كيف سترد الحكومة الآن؟ هل ستجرؤ على القول إن الصحافي المهني الكبير سليمان الريسوني، المذكور في نداء «مراسلون» والذي يحظى باحترام الجميع قد احتجز فعلا رجلا في سكن أسرته الصغيرة بالدار البيضاء ليلجأ بعد ذلك إلى اغتصابه. ألم يبق في وجهها قطرة ماء أو ذرة حياء؟ هل ستُصر على التشهير بالمغاربة ودولة المغرب إلى النهاية ؟
لقد وضع بول كوبان، مسؤول «مراسلون» سبابته على الجرح لما صرح بأن «اتهام الأصوات الناقدة بالاغتصاب أصبحت ممارسة معروفة لأجهزة الاستخبارات المغربية، وهي تهدف ضربَ مصداقيةِ الصحافيين ومحاصرة المتضامنين معهم. وهذا الأمر بيّنٌ في قضية عمر الراضي، مثلما كان الأمر مؤخرا في قضايا تورطُ عددا من الصحافيين. وهذه الأساليب إذ تحاول إبطال وقع أصوات الصحافيين المنتقدين فإنها تُضعف النضال من أجل حقوق النساء أيضا».

أساليب سلطوية جديدة «لترهيب المعارضين في المغرب من مثل التهم الأخلاقية وخاصة الاتهام بالاغتصاب والاتجار بالبشر والزنا والإجهاض»

يشير النداء إلى دعم عدد من المنظمات والشخصيات النسائية لمضمونه. هكذا تم إلحاق النداء بشهادة للفاعلة الحقوقية المغربية خديجة الرياضي وهي الحائزة على جائزة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان. كشفت الرياضي في شهادتها عن أساليب سلطوية جديدة «لترهيب المعارضين في المغرب من مثل التهم الأخلاقية وخاصة الاتهام بالاغتصاب والاتجار بالبشر والزنا والإجهاض».
ألا يتذكر المسؤولون على الملفات المفبركة والرديئة أن الجزء الأكبر من «المصرحات» في قضية الصحافي بوعشرين، والذي اتهمه قضاء مسيس حتى النخاع، باغتصاب جماعة بشرية تتكون من خمس عشرة امرأة، قد انسحبن من المحاكمة رغم الضغط والتهديد، وأن ثلاثا منهن قد وصلت بهن إرادة الحق واستقباح الظلم إلى مواجهة المحكمة بقوة رافضات اتهام زميلهن ومتهمات علانية الشرطة القضائية بالتزوير والتدليس. وطبعا فقد حكم على أجرئهن عفاف برناني بستة أشهر نافذة لترهيب الأخريات. هل نسي المسؤولون أنه مباشرة بعد إدانة بوعشرين بخمس عشرة سنة، طالبت مشتكيتان، زج بهما في الملف، بصرف الأموال التي وُعدتا بها، فعلتا ذلك علانية وعبر الشبكات الاجتماعية. هكذا يبدو أن الأمر كان محسوما بالنسبة إليهما فقد قدمتا خدمة للسلطات التي لا تُبخِس أجر خدمها.
ألا يعتبر النظام المغربي أن قرار فريق العمل الأممي حول الاعتقال التعسفي قد أوصى الحكومة سنة 2018، وبعد أن قتل الملف دراسة وتمحيصا، بإطلاق سراح الصحافي بوعشرين فورا مع جبر ضرره وفتح تحقيق ضد من تسبب في اعتقاله، أقول ألا يعتبر المغرب مثل هذا القرار إنذارا موجها لمصداقية أمنه وقضائه؟
هل نسيت الشرطة القضائية التي أتهمت الصحافي هشام المنصوري بتدبير بيت للدعارة بحي راق بالعاصمة الرباط أن كل الأسر الأربع عشرة القاطنة بنفس العمارة، بمن في ذلك أسرة الحارس، قد وقعت عريضة تشهد فيها بحسن أخلاق جارها وترفض التهمة الموجهة له رغم ترهيب وضغط البوليس السري الذي استقرت عناصره بجنبات العمارة خلال الأيام التالية لاعتقال المنصوري؟ زد على ذلك أن وثائق التهمة، المهيأة باستعجال وإهمال ظاهر، لم تقدم لا زبناء ولا ضحايا ولا شهود حول وكر الدعارة المزعوم، كما أن استنطاق السيد المنصوري والذي أجرته هيئات مختلفة من الشرطة تناول أساسا علاقته بحركة عشرين فبراير وبعدة صحافيين ومعارضين سياسيين. أما آن الأوان للاعتراف للكلمة الحرة بفضاء ولو صغير؟ أما حان الحين للتخلي عن هاته الأساليب المقرفة أو على الأقل تغييرها بأخرى أقل خسة فتخدش صورة المغرب بنعومة أكثر؟

كاتب مغربي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول سامي الملكوتي:

    تحية لك أستاذ منجب. كعادتك تحلل واقع “الديمقراطية” المزيفة، دون لف ودوران.

    1. يقول منجب:

      ولكن كما سترى وهذا يحدث دائما ان الذباب الاليكتروني عوض منافشة وانتقاد ما اقول حول الطلم والقمع سيذكر بضيعاتي المزعومة بالخارج والداخل… من فمهم لربي. شكرا على نباهتك وضمير الحق لديك

    2. يقول أسامة حميد -المغرب:

      ” ولكن كما سترى وهذا يحدث دائما ان الذباب الاليكتروني عوض منافشة وانتقاد ما اقول حول الطلم والقمع سيذكر بضيعاتي المزعومة بالخارج والداخل… من فمهم لربي. شكرا على نباهتك وضمير الحق لديك ”
      هل هذا التعليق صادر حقاً من الدكتور المعطي منجب كاتب المقال ؟ شكراً.

  2. يقول رشيد رشيد من المغرب:

    صدقت والله سي منجب في كل ما قلته. عبرت عما يختلج صدور ملايين المغاربة من هذه المسرحيات الرديئة التي يستعملها هذا النظام الهجين.
    لقد طفح الكيل من هذه الممارسات البائدة التي تسيء لوطننا.
    هم الان يخمنون في مكيدة ضدك لاسكاتك.

  3. يقول الكروي داود النرويج:

    هل فساد القضاء من فساد الحُكم؟
    أم أن فساد الحُكم من فساد القضاء؟ ولا حول ولا قوة الا بالله

  4. يقول عبد الله:

    الكلام كثير والحقيقة غائبة

  5. يقول عبد اللطيف - المغرب:

    بل هناك خدوش كثيرة و متنوعة على وجه وطني الحبيب …… ما خفي أعظم.
    لقد وصل السيل الزبى و رب الكعبة.
    ربي أصلح الحال و الأحوال فقد ضاقت بِنَا الأرض بما رحبت.

  6. يقول warga said:

    يا اخي منجب مع كامل احترماتي… انت دائما لا تقول كل شئ ..عمر راضي اعترف انه قام بعلاقة جنسية مع سيدة لكن قال انه لم يغتصبها بل برضاها . لو قام أي مواطن مغربي بعلاقة جنسية خارج إطار زواج يعني ممارسة الفساد هل سيكون مكانه سجن ام لا .. بطبع سيسجن الاصل في الموضوع ان لا يقوم صحفي بأشياء مخالفة للقانون . هل الامه صحفي يفعل ما يشاء . هناك من يقول ثم استغلال الأمر لزج به في سجن صحيح لمادا تلوم شخص استغل أخطاء وقت فيها . توفيق بوعشرين لديه اشرط جنسية مع سيدات في مكتبه والأشرطة عرضت في المحكمة . سيدات هن من رفعن به دعوا .. هده هيا الحقيقة التي لم تقل الأمانة يجب قول كل شئ

  7. يقول المغربي_المغرب.:

    يا دكتور منجب…وبالمناسبة انا اتحرج من ذكر الشهادة رغم انني احملها منذ كانت الدكتوراه…لا ترتبط حصرا الا بامثال الجابري.. وامليل..وطن عبد الرحمان…والقادري…والبوزيدي…والسباعي…الخ اقسم بالله ثلاثا انني لست من الذباب او البعوض الالكتروني…واقسم ايضا ثلاثا انني لست من المستفيدين من الوضع الحالي والسابق ….وانتي أعيش بمجهود العقل والقلم والتفكير…ولم استغل مجال البحث العلمي للتكسب والثراء والسفريات الى القارات الخمس…وما خفي كان …الخ.ولكنني إنسان اومن بالدليل والاستدلال العقلي…وباحترام معطيات الواقع…وتقدير ذكاء المخاطب…على مستوى القراءة أو التخاطب المسموع…؛ وبالتالي فانني لا ابتغي من وراء النقد جزاء او شكورا…او منحة او هبة او ماذونية…بل الحقيقة المجردة الواضحة الخالية من توابل التهييج والمبالغة…والابتزاز اللفظي والانشائي…. وهي الدافع الوحيد…والله يعلم الذي سيجعلنا في الموعد…سواء كان التغليط من هنا…او من هناك من وراء الحدود….ولايصح الا الصحيح…

  8. يقول المغربي:

    يالغرابة هؤلاء الاشخاص الدين يحسبون على الفئة المثقفة في المجتمع هل الصحافي هو نبي او شخص له العصمة فهل الصحافي يحق له ان يفعل ما يشاء وان لا يحاسب على افعاله سوى لكونه صحافي وهل الفسق والفجور والسكر العلني الدي يجرم في دولة ولا يجرم في دولة اخرى يؤخد على ان الصحافي له ان يعربد لكن بقانون دول اخرى صحافيون بدون حدود يؤخدون الحكم على ما تتخده بلدانهم اتخاد العشيقة ليس بجريمة السكر والعربدة في الشارع العام ليس بجرم المثلية ليست بجرم فاتقي الله يا من تختبأ وراء انك مثقف لتدافع على من جرمته الشريعى السمحاء قبل ان يجرمه القانون فهل يجب على النساء المغتصبات من طرف الصحافيين ان يسكتن ما هذا الهراء يامن تدافع عن هدا السيكوباتي مذا ستقول للذي خلقك عندما تقف امام يديه عن مساندتك لسكير عربيد منافق خائن لبلده اتقوا الله في بلدكم وفي انفسكم اما المعلقون الذين يظنون انهم ينالون من المغرب الشامخ الذي له قرون من الوجود فلا تعييوا انفسكم بذلك

  9. يقول هيثم:

    من المسلم به في مقالات الرأي الالتزام بحد أدنى من الموضوعية والنزاهة الفكرية و إلا فإن مقال الرأي لا يعدو أن يكون عرضا لارتسامات ذاتية دون دليل أو برهان يقطع الشك باليقين حول الموقف من القضايا التي يطرحها.
    – مراسلون بلا حدود التي يحتج بمراسلتها للأمم المتحدة حول تضييق المغرب على الصحفيين ليست إلا ورقة للتشهير ولهذه المنظمة مواقف شاذة سجلها التاريخ خاصة أيام الصحفي العنصري منيار.
    – في قضية بوعشرين أصدرت الهيئة الأممية الاستشارية تقريرا اعتبرت فيه أن الاعتقال تعسفي ولم تصدر قرارا حول الاعتقال. وشتان بين القرار والتقرير.
    – إذا صدقنا المقال فهل نعتبر كل الصحفيات اللائي اشتكين من بوعشرين و الشاب المثلي الذي قدم الشكاية بالريسوني و الصحفية ضد الراضي كلهم عملاء في خدمة السلطات الأمنية و القضائية والجهات النافذة في الدولة ؟
    – لنفرض أن المخابرات والسلطات الأمنية المغربية عموما تخطط للإيقاع بالصحفيين والمعارضين فهل هي غبية إلى الدرجة التي تستعمل فقط تهمة الجنس. تابع

  10. يقول هيثم:

    تابع / أستبعد أن يكون السيد المعطي صاحب المقال هو كاتب التعليق حول الذباب الالكتروني؛ لكن إذا حصل ذلك فعلا فسيكون سلوكا غير لائق تجاه المعلقين الذي يخالفون الآراء الواردة في المقال. والحال أن أغلب المعلقين المغاربة الذين يتابعون مقالات الكاتب في الجريدة يدونون تعليقاتهم حول المقالات التي تهم القضية الفلسطينية التي يتبنونها وحول تطورات قضية الصحراء التي يدافعون عن مغربيتها، فهل يجوز أن تعتبرهم ذبابا الكترونيا في خدمة السلطة؟ سيكون من المؤسف أن نعتبر كل من لا يتبنون مواقفنا السياسية مأجورين في خدمة السلطة والمخابرات.
    أخيرا أجدد رجائي للكاتب في أن ينشر مقالا يوضح فيه جوهر الاتهامات التي توجهها له السلطات المغربية والتي يحاكم حاليا عنها وذلك من أجل تنوير القراء بمختلف جوانب القضية.

    1. يقول سفيان السحمودي:

      صدقت و رب الكعبة. كلام في الصميم.

1 2

إشترك في قائمتنا البريدية