آري شبيطقبل بضعة اشهر نشر أمنون دانكنر مقالة لاذعة مُسلية في الصحيفة الجديدة ‘نهاية الاسبوع’. ووصف دانكنر كيف أن مشروعا تقنيا حديثا لشمعون بيرس يجعل اسرائيل تنفصل عن الشرق الاوسط وتبدأ الابحار غربا في ماء البحر المتوسط مثل جزيرة عائمة. وهذا مضحك لكن دانكنر أصاب على نحو دقيق روح العصر. فاسرائيل في السنوات الاخيرة تشعر وتفكر وتتصرف كأنها لم تعد واقعة في غرب آسيا وكأنها قادرة على ان تحيا مثل جزيرة انفصلت عنه. وماذا عن ايران؟ لا شيء. والعالم العربي؟ لا شيء، وفلسطين؟ لا شيء. فلا عرب ولا مستوطنين ولا احتلال. إن حاملة الطائرات الاسرائيلية التي تبلغ مساحتها 20 ألف كم مربع فقط تشعر بأنها قادرة بفضل قوتها الاقتصادية والتقنية على تصريف حياة مستقلة ليست لها صلة بمحيطها.لا يوجد انسان هو جزيرة، كما كتب الشاعر الانكليزي جون دان في القرن السابع عشر ومن الواضح للجميع في القرن الواحد والعشرين أنه لا توجد أمة هي جزيرة ولا سيما اذا كانت أمة من 8 ملايين اسرائيلي محاطين بـ 350 مليون عربي، أو أمة فيها 6 ملايين يهودي يتقاسمون الارض مع أكثر من 5 ملايين فلسطيني، أو أمة تصر حتى في العقد الثاني من الألفية الثالثة على ان تكون أمة محتلة.ومع كل ذلك فان اسرائيليي 2013 يؤمنون كما يبدو بأنهم جزيرة. فخطابهم الجديد هو خطاب جزيرة، فهم خائفون. وسياستهم الجديدة هي سياسة جزيرة رمات أفيف ج من اجل ايتمار ج. ووعيهم الجديد هو وعي جزيرة فالبرامج السخيفة ونسب المشاهدة العالية. والاسرائيليون الجدد ومن غير ان يعترفوا بذلك يسلكون في هذه الايام وكأن مصنعا تكنولوجيا ضخما فصلهم عن الشرق الاوسط وعن يهودا والسامرة وعن حقيقة ان سيطرتهم على شعب آخر تضعضع أسس وجودهم.اليوم بعد الظهر سيقول الرئيس اوباما قوله لسكان الجزيرة. وسيحتضننا اوباما بطريقته، سيقول لنا إن عندنا تراثا انسانيا مجيدا يثير الالهام. وسيقول ان مشروعنا القومي هو مشروع تحرير عادل. وسيعترف بصلتنا بهذه الارض وبحقنا في الارض وبالاعمال العظيمة التي قمنا بها على هذه الارض. وسيكون كلامه مُتبلا بجمل حارة تُذوب القلوب.لكن بعد ان يمنحنا الحب الذي نحن متعطشون اليه كثيرا سيسألنا اوباما بضعة اسئلة صعبة. هل نرى الى أين نُبحر؟ وهل ندرك أين نعيش؟ وهل نحن مستعدون لتعبيد كل ما بنيناه في داخل الخط الاخضر من اجل استعباد الشعب الذي يعيش وراء الخط الاخضر؟.إن باراك اوباما رئيس امريكي ولهذا سيتحدث بضبط للنفس. واوباما ابن حضارة ولهذا سيسلك سلوكا مهذبا. لكن الرسالة التي ستكون كامنة كما يبدو في خطبته في مباني الأمة ستكون واضحة تقول أيها الاسرائيليون استيقظوا. ولا تجعلوا دولة الحرية التي انشأتموها بجهد كبير جدا تغرق في مستنقع الاحتلال المُغرق. ولا تدعوا ‘أثينا’ كُم اليهودية تصبح إسبارطة الحرب الأبدية. ولا توهموا أنفسكم أنكم جزيرة فلستم جزيرة. يجب عليكم ان تجدوا طريقة للتعايش المعقول مع العرب المحدقين بكم ومع الفلسطينيين الذين ما زلتم تسيطرون عليهم.إن خطبة اوباما قد تكون خطبة يقظة. وستمنحنا فرصة أخيرة تقريبا للاستيقاظ من السُبات المفضي الى الغباء الذي استغرقنا فيه في السنوات الاخيرة. وسيعرض علينا ان نغير المسار وان نبدأ في مواجهة مشكلاتنا الوجودية الحقيقية. وسيأتي بعد اوباما جون كيري للقيام بالعمل الاسود. لكنه سيكون لوزير خارجية الرئيس احتمال نجاح فقط اذا لمس الرئيس هنا القلوب وفتح الرؤوس. عشية عيد الفصح يأتي الرجل الذي شُبه ذات مرة بفرعون لاخراجنا الى الحرية. وسيقول حرروا أنفسكم وأنقذوا أنفسكم بأن تحرروا شعبهم.هآرتس 21/3/201qeb