خطة سموتريتش للسيطرة المباشرة على الضفة الغربية

لم يتوقف النشاط الاستيطاني الإسرائيلي في عمق الضفة الغربية منذ احتلالها في الخامس من حزيران /يونيو 1967 ، وكان الهدف من وراء ذلك الانقضاض على حلم إقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشريف، وفي هذا السياق تعمل حكومة نتنياهو على مدار الساعة لفرض وقائع استيطانية على امتداد مساحة الضفة، بما فيها القدس، يصعب الانفكاك عنها.

تهويد الضفة

دأب كل من الوزيرين بن غفير وسموتريتش لفرض أجندة حكومة نتنياهو لتهويد الضفة الغربية عبر مصادرة الأراضي وإنشاء المستوطنات عليها، جنباً إلى جنب مع تقتيل الفلسطينيين واعتقالهم؛ حيث كشف تسجيل صوتي حصلت عليه صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية أخيراً عن خطة سرية لوزير المالية الإسرائيلي اليميني المتطرف بتسلئيل سموتريتش لتعزيز السيطرة الإسرائيلية على الضفة الغربية المحتلة وإجهاض أي محاولة لأن تكون جزءا من الدولة الفلسطينية.
واستمع مراسلو الصحيفة إلى تسجيل نصف ساعة تقريبا للخطاب الذي قدمه أحد الحاضرين، وهو باحث من منظمة السلام الآن، وهي مجموعة حقوقية مناهضة للاحتلال، ولا تعتبر معارضة سموتريتش للتنازل عن السيطرة على الضفة الغربية سراً، ولكنها تتعارض مع الموقف الرسمي للحكومة الإسرائيلية الذي يرى أن “وضع الضفة يظل مفتوحاً أمام المفاوضات بين القادة الإسرائيليين والفلسطينيين”.
وكان قرار قضائي للمحكمة العليا الإسرائيلية أكد أن “حكم إسرائيل على الضفة الغربية يرقى إلى مستوى احتلال عسكري مؤقت يشرف عليه جنرالات الجيش، وليس ضماً مدنياً دائماً يديره موظفو الخدمة المدنية الإسرائيلية”.

وزارة الدفاع

ولهذا أوجز الوزير الإسرائيلي في خطابه برنامجاً “منسقاً بعناية” لإخراج السلطة من أيدي جنرالات جيش الاحتلال الإسرائيلي وتسليمها إلى “المدنيين العاملين تحت إدارته في وزارة الدفاع”، وقد جرى بالفعل تقديم أجزاء من الخطة بشكل تدريجي ونقل بعض السلطات إلى المدنيين على مدى الأشهر الـ18 الماضية، وفي هذا السياق قال سموتريش: “لقد أنشأنا نظاماً مدنياً منفصلاً”، وأشار سموتريتش إلى أنه لصرف النظر عن التدقيق الدولي، سمحت الحكومة الإسرائيلية لوزارة الدفاع بالبقاء منخرطة في العملية، بحيث يبدو أن الجيش لا يزال في قلب حكم الضفة الغربية.
وأكد سموتريتش أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، على علم بتفاصيل الخطة التي جرى التطرق لها في اتفاق الائتلاف بين حزبيهما للسيطرة المباشرة على الضفة الغربية وعدم قيام دولة فلسطينية، حيث أكد نتنياهو مراراً على ثوابت إسرائيلية وفي مقدمتها عدم القبول بقيام دولة فلسطينية رغم الحديث الإعلامي المتواتر في الغرب حول ضرورة حل الدولتين من خلال مفاوضات مباشرة بين الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي ؛ مع العلم أن المفاوضات التي استمرت لأكثر من ثلاثة عقود خلت لم تفض إلى دولة فلسطينية أو حصول الفلسطينيين على أي حق من حقوقهم الوطنية المشروعة.

حقائق استيطانية

أدى انحياز الإدارات الأمريكية وغالبية النظم الغربية للسياسات الإسرائيلية ، إلى إنشاء (176) مستوطنة يسكنها قرابة 670 ألف مستوطن صهيوني، هذا فضلاً عن سيطرتها على مساحة تصل إلى 3458 كيلومترا مربعا من مساحة الضفة الغربية البالغة 5664 كيلومترا مربعا مصنفة كمنطقة (ج) وفق اتفاقية إعلان المبادئ (أوسلو)، أي السيطرة المباشرة على ثلثي مساحة الضفة الغربية، لكن في مقابل ذلك تعتبر المستوطنات الصهيونية، مناقضة لكل المبادئ والأعراف الدولية، وفي المقدمة منها، ميثاق جنيف الرابع حول قوانين الحرب في عام 1949، الذي يفصِّل سلسلة طويلة من المحظورات المفروضة على قوة الاحتلال، وجوهر الميثاق، يحظر على المحتل توطين سكانه في الأراضي المحتلة، وهو ما أعاد التأكيد عليه العديد من قرارات الشرعية الدولية، سواء قرارات مجلس الأمن الدولي، أو الجمعية العمومية، وبالتالي؛ فإن فرض الأمر الواقع بالقوة لا يمكن أن يشرعن ويصبح بالتالي قانونيا.
وقد صدرت رزمة من القرارات والمبادئ والاتفاقات الدولية التي تؤكد ذلك، وتنكر أي صفة قانونية للاستيطان الصهيوني، أو الضم، وتطالب بإلغائه، وتفكيك المستوطنات كمعالم احتلالية، بما في ذلك الاستيطان الصهيوني في مدينة القدس، وأهمها اتفاقية لاهاي عام 1907، معاهدة جنيف الرابعة لعام 1949، فضلاً عن قرارات مجلس الأمن، ومنها القرار رقم 446 لسنة 1979 الذي أكد على أن الاستيطان ونقل المستوطنين الصهاينة للأراضي الفلسطينية غير شرعي، وكذلك القرار رقم 452 لسنة 1979 ويقضي بوقف الاستيطان، حتى في مدينة القدس، وبعدم الاعتراف بضمها.

الدولة الفلسطينية

تعتبر مواقف شرعنة الاستيطان الإسرائيلي في الضفة الغربية بما فيها القدس من قبل الإدارات الأمريكية استمراراً وشراكة مع إسرائيل في عدوانها الفاشي المستمر على حقوق الشعب الفلسطيني التي أقرتها القرارات الدولية، وبهذا تضع أمريكا نفسها في مواجهة للقانون الدولي وفرض شريعة الغاب، رغم أنها غير مؤهلة أو مخولة بإلغاء قرارات الشرعية الدولية حول فلسطين، ولا يحق لها صياغة القانون الدولي وشرعنة الاستيطان الإسرائيلي غير الشرعي أصلاً بناء على رغباتها اليمينية والعنصرية.
ومن نافلة القول إن خطة سموتريتش إنما هي خطة حكومة نتنياهو لضم الضفة الغربية بشكل مباشر ومحاصرة آمال الفلسطينيين في إقامة دولتهم المنشودة.

كاتب فلسطيني مقيم في هولندا

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية