خطط عسكرية أمريكية لمساعدة السوريين إنسانيا… وأسلحة سعودية… وجنيف باقية ومساعدة واشنطن للمعارضة المعتدلة كفيل بمنع هجمات ‘القاعدة’ على أمريكا

حجم الخط
0

لندن ـ ‘القدس العربي’ كتب صمويل بيرغر، مستشار الأمن القومي في عهد الرئيس الأمريكي بيل كلينتون (1997-2001) مقالا في صحيفة ‘واشنطن بوست’ حث فيه الإدارة الأمريكية على اتخاذ سلسلة من الخطوات لإنهاء الأزمة في سوريا ودعا في المقال إلى تدعيم المعارضة السورية المعتدلة بشكل تكون فيه قادرة على مواجهة عدوين في وقت واحد، النظام السوري، وتنظيم القاعدة.
وبهذه الطريقة يرى بيرغر أن هذه الخطوات مهمة لأنها ستغير ‘حسابات النظام’ السوري لبشار الأسد، وتجعل المفاوضين من المعارضة السورية في وضع أقوى للتفاوض في ظل فشل الجولة الثانية من المحادثات التي انتهت يوم الجمعة.
وقال في مقالته إن أحداث مدينة حمص تشير للطريقة التي يمارس بها النظام ‘استراتيجية البؤس’، والولايات المتحدة في الوقت نفسه معنية بوقف الازمة في سوريا قبل أن تجد نفسها تواجه هجمات جديدة منشؤها سوري وبتدبير من القاعدة.
في إشارة واضحة لتصريحات جيمس أر كلابر، مدير الأمن القومي الأخيرة حول مخاطر القاعدة. وتحدث كلابر عن وجود 7 ألاف مقاتل أجنبي في سوريا ‘حيث سيعود الكثير منهم لأوطانهم في أوروبا أو أي مكان آخر مدربين ومحاربين أشداء’.
ويدعو بيرغر في ضوء هذه التحذير لتغيير في مسار الإدارة، مع أنه لا يرى للأزمة ‘إلا الحل السياسي’ و’على الولايات المتحدة في الوقت نفسه البحث عن سلسلة من التحركات القوية التي تتصدى للتهديد المباشر الذي تمثله القاعدة في سوريا وتعطي مؤتمر جنيف فرصة للنجاح’.

لن تكون قادرة

ويعترف بيرغر بعدم قدرة الولايات المتحدة على هزيمة القاعدة لوحدها، ولهذا فهي مدعوة لأن تقوم بتقوية العناصر المعتدلة داخل المعارضة، فهذه العناصر هي وحدها ‘ القادرة على السيطرة على الأرض التي احتلها الجهاديون’.
ويشير إلى أن هذه القوى هي التي وقفت في الأسابيع الماضية ضد القاعدة في بعض أجزاء سوريا.
ويقول ‘إذا لم نساعدهم فسنجد أنفسنا نرد على هجمات إرهابية بدأت من شرق سوريا بحسب شروطها وتوقيتها’.
ومن الإجراءات التي يقترحها بيرغر لتقوية المعتدلين في المعارضة السورية، مساعدة المجالس المحلية على إدارة المدارس والمصحات والعيادات والشرطة من خلال توفير المال، ودفع أجور ورواتب المقاتلين الذين يجدون رواتب أفضل عند الجماعات المتشددة التي تلقى الدعم من المانحين لها من أثرياء الخليج.
وقد تساعد الحكومة الأمريكية المعارضة المعتدلة من خلال منع وصول الدعم العسكري والمالي للنظام والمتطرفين وعبر طرق فاعلة تفرض عقوبات على المصارف التي تدعم وتمول شحنات الأسلحة للنظام والمتطرفين.
فباستهداف هذه المؤسسات تضع الولايات المتحدة العقبات أمام داعمي الأسد الدوليين وتساعد على تحقيق الإنجاز الدبلوماسي. وأخيرا إن ارادت الولايات المتحدة مساعدة للحصول على دعم المعارضة لحرب القاعدة، فيجب أن تعبر عن استعداد لحماية المدنيين من جرائم الأسد ومن القصف اليومي ‘البراميل المتفجرة’ التي تسقط على مدن المعارضة.
فبإعاقة الأسد عن استخدام المقاتلات والمروحيات، ستتحرر المعارضة ومناطقها من الخوف الدائم، وسيمنحهم الوقت لتحويل العناصر والجهود لقتال القاعدة. ويقول إن هناك العديد من الوسائل والطرق لتحقيق هذا من خلال شركاء وحلفاء من العمل مع وكلاء إلى الهجمات الجوية، وهي عمليات ذات إطار محدود ولن تقتضي إرسال قوات برية.
ويختم بالقول ‘عندما ننظر إلى سوريا، لا نرى ببساطة فرصا ضائعة خلال السنوات الثلاث الماضية، فجوهر المصالح الأمريكية على المحك ولكن لا يمكن استمرار الوضع القائم كما هو، فالبديل عنه أسوأ ‘تعافي القاعدة من الضربات التي وجهتها لها الولايات المتحدة وحصولها على معقل قوي، فيما يواصل الأسد مذابحه. ويجب علينا والحالة هذه تغيير الظروف لحماية أنفسنا والعودة لطاولة المفاوضات في وضع نكون واثقين فيه من النجاح’.

البحث عن خيارات

في الوقت الحالي لم يتغير الكثير في موقف إدارة باراك أوباما سوى التصريحات الأخيرة التي أطلقها الرئيس عقب لقائه مع العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني في كاليفورنيا والتي تحدث فيها بلهجة قوية.
وقال إنه سيقوم ‘بممارسة ضغوط جديدة’ على النظام السوري في وقت قررت فيه الدول العربية الحليفة مواصلة إرسال أسلحة للمعارضة السورية.
وهناك إجماع بين الدول الغربية والدول العربية الحليفة أن نظام الأسد هو المسؤول عن فشل الجولة الثانية من المحادثات. ولم يتحدث أوباما في تصريحاته عن طبيعة الخطوات التي سيتخذها لكن هناك بعض التقارير الصحافية تحدثت عن إمكانية لإرسال جنود أمريكيين لحماية المناطق التابعة للمعارضة وتوفير المساعدة الإنسانية للسوريين.
وذكرت صحيفة ‘صنداي تايمز’ أن البيت الأبيض قد طلب من وزارة الدفاع ‘البنتاغون’ وضع خطط عن الخيارات العسكرية للمساعدة في نقل المساعدات الإنسانية لسوريا من أجل تخفيف المعاناة الإنسانية هناك.
ونقلت عن اللواء جون كيربي، المتحدث باسم البنتاغون إن المصلحة اقتضت البحث عن خيارات أخرى فيما يتعلق بسوريا’. وحتى الآن امتنعت الدول العربية المؤيدة للمقاتلين عن إرسال أسلحة ثقيلة للمقاتلين بسبب الفيتو الأمريكي. ومع ذلك أرسلت السعودية عبر الأردن كمية كبيرة من الأسلحة التي اشترتها من يوغسلافيا القديمة. وقامت في آخر أيار/مايو وحزيران/يونيو بإرسال شحنة جيدة من الصواريخ الروسية الصنع ‘كونكور’ المضادة للدبابات والتي تم شراؤها بالمال السعودي ولعبت دورا مهما في معارك الشمال.
ونشرت يوم السبت صحيفة ‘وول ستريت جورنال’ تقريرا أشارت فيه إلى أن الخطوة القادمة ستكون صواريخ صينية الصنع مضادة للطائرات ومحمولة على الكتف (ماناباد)، وبحسب الصحيفة فقد تم نقل الشحنة الجديدة لجماعات أكثر اعتدالا في الجيش السوري الحر في المنطقة الجنوبية من البلاد. وفي الوقت نفسه زادت الولايات المتحدة من دعمها المالي حيث دفعت مليون دولار كرواتب للمقاتلين.

ليس مصادفة

وتعلق صحيفة ‘صنداي تلغراف’ البريطانية بأن لقاء الرئيس الأمريكي أوباما والملك عبدالله الثاني لم يكن مصادفة لأن الأردن يعتمد على الدعم السعودي والأمريكي، وكذلك عبر الملك عن قلقه من انتشار عدوى الحرب السورية لبلاده، خاصة أن الأردن استقبل أكثر من 600 ألف لاجيء سوري.
وتقول الصحيفة إن كلمات الرئيس أوباما أنه يجب مواصلة تغيير النظام تعكس رفض الإدارة للأصوات التي ارتفعت داخل واشنطن وتدعو لفتح قنوات مع الأسد في ظل صعود الجهاديين لأن البديل عنه أسوأ منه. وتضيف أن الولايات المتحدة والسعودية وبدعم بريطاني تقوم ببناء قوة من المقاتلين بديلة تقوم بمواجهة قواعد الجماعات الجهادية في شمال سوريا.
ويعلق جيمس فيليبس من ‘هيريتج فاونديشن’ على التغير في الإستراتيجية الأمريكية أو ضرورة تغييرها بقوله ‘إنها استراتيجية بدون مخرج’ فقد ‘ركزت الإدارة على الدبلوماسية كوسيلة وحيدة، وبدون ممارسة ضغط على الأسد فلن يقبل بها’، ويعتقد أن التحرك نحو مؤتمر السلام كان خطوة غير ناضجة وتعلل بالأماني ‘وأعتقد أن وزير الخارجية يتفهم هذا ويدعو إلى دعم عسكري أكبر لكنه يلقى مواجهة من داخل البيت الأبيض’.
ويرى جون أولترمان، مدير دائرة الشرق الأوسط في مركز الدراسات الإستراتيجية والدولية أنه ‘من الصعب القول إن كانت استراتيجيتنا قد أدت للنتيجة التي نرغبها’ و ‘هذا لا يعني أن أي سياسة أخرى كانت ستؤدي لنتيجة أحسن’.
ويشير إلى مخاوف الإدارة من الدخول في حرب لا تلقى دعما من الرأي العام. ولكن في الشرق الأوسط هناك حس عام بتراجع نفوذ أمريكا بسبب عدم رغبتها بالتدخل في المنطقة، مما يعني قوة الأسد وتوسع الجماعات الجهادية وأي منهما ليس في صالح الولايات المتحدة.

إستراتيجية البراميل المتفجرة

وفي ظل بحث الإدارة الأمريكية عن بدائل وخيارات تمطر سماء حلب أحياءها بالبراميل المتفجرة، وتنقل ليز سلي من ‘واشنطن بوست’ عن هاربين من جحيم القصف اليومي التقتهم في بلدة كلس على الحدود التركية مع سوريا حس الفزع والخوف الذي دفع بالسكان للرحيل.
وقال أحد الرجال الذين التقتهم على الحدود إن أسوأ ما يتوقعه الإنسان هو سقوط البراميل من الجو، وفر بعد أن دمرت البراميل الشوارع.
فيما دفع منظر عمال الإنقاذ وهم يخرجون الجثث من تحت الأنقاض سيدة أخرى للفرار، وقالت جدة سورية ثالثة إنها هربت لأنها لم تستطع الحياة وسط الحطام، والمدينة التي تمتلئ بالأنقاض والتي أفرغت عمليا من سكانها ‘حلب فارغة’، ‘لم يبق أحد، لا دكاكين ولا أسواق ولا حياة على الإطلاق’.
وتشير الصحيفة إلى أن الحملة التي بدأت في كانون الأول/ديسمبر زادت حدتها الشهر الماضي، وتعتبر واحدة من أكبر العوائق للتوصل لحل.
وبحسب سلمان الشيخ، من معهد بروكينغز- الدوحة ‘يشعر النظام بأنه قادر على الإنتصار في المعركة ويشعر أنه قادر على الإنتصار سياسيا’.
وتضيف الصحيفة إن الأسابيع الماضية شهدت ذروة العمليات مما أدت إلى رحيل جديد إما للريف أو إلى تركيا. وقتلت البراميل المحملة بالتي ان تي وقطع السيارات والحديد والمسامير المئات خلال الفترة الماضية حيث تسقط الطائرات يوميا 20 برميلا في المعدل. وعلى خلاف الصواريخ الباليستية أو غاز السارين الذي استخدمه النظام فالبراميل المتفجرة رخيصة وسهلة التصنيع.
وهي بالإضافة لذلك قوية لدرجة تدمير بناء كامل أو تسوية بيوت بالتراب وقتل أعداد كبيرة من المدنيين. وكان استخدامها وراء الزيادة في عدد القتلى، فبحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان فقد قتل أكثر من 3.400 منذ بداية محادثات جنيف الشهر الماضي، وهو أكبر عدد يقتل منذ بداية الأزمة حسب سامانثا باور، سفيرة الولايات المتحدة في الأمم المتحدة. وتنقل عن عمرو العظم، أستاذ التاريخ في جامعة شوني ستيت أن النظام يدفع في حلب لتحقيق انتصار مثلما فعل في بقية المدن من خلال التضييق على حياة المواطنين العاديين، مما يضع ضغوطا على المعارضة المسلحة حتى توافق على وقف إطلاق النار كما حدث في المناطق المحيطة بدمشق.
ويقول ‘يقومون بتدمير شعبية المعارضة من خلال تدمير البيوت على رؤوس المدنيين’.وبحسب المدنيين الذين وصلوا إلى تركيا فحملة البراميل المتفجرة تقوم بتركيع مدينة حلب، وتقول سيدة’ لا أستطيع حتى الحديث عن الوضع’.
وتصف أثر البراميل ‘ الأبواب تتطاير’ في كل مكان، ويقول النجار أبو حسين ‘ مثل يوم القيامة’ ومن بقي ‘هم أفقر الفقراء وينتظرون الموت’.
ويضيف ‘سيقتل الأسد كل شخص من أجل البقاء في المنصب، وربما تركناه في المنصب، هذا الكلام يؤلمني، وهذا لا يعني أنه ليس مجرم حرب، ولكننا نريد أي شيء لوقف كل هذا’. وأدت الحملة لتدمير البنى التحتية أو ما تبقى منها خاصة الخدمات الصحية ويقول عبدو الذي جاء للعلاج في تركيا بسبب عدم توفر العلاج ‘إنها كارثة بكل ما تعنيه الكلمة’.
ويقول الأطباء إن أحياء كاملة أصبحت فارغة بسبب هرب مئات الألوف من السكان للقرى ولتركيا.
وتقول الأمم المتحدة إن عدد الذين وصلوا تركيا منذ بداية العام وصل إلى 20.000 وهو أكبر عدد منذ أكثر من عام. ولكن المنفى يكون أحيانا أقسى من الحياة في ظل الحرب، فالبحث عن ملجأ والحياة في أرض جديدة تترك أثرها على القادمين.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية