خوان كارلوس الصورة التي قصمت ظهره! وبريجيت باردو الغاضبة من اصطياد الفيل

حجم الخط
10

صورة أخيرة التقطت في عام 2007 وعرضتها قناة «كانال بلوس» الفرنسية خلال فيلم وثائقي من إخراج كارولين دو سانت، والذي يعرض حاليا ولغاية تاريخ 16 حزيران/ يونيو الجاري.
يعرض الفيلم سيرة الملك خوان كارلوس ويبدأ بصورة تجمع أفراد العائلة الملكية جميعهم في إطار واحد يغطيهم الحب والحنان والابتسامات المقتضبة. صورة الملك خوان كارلوس وزوجته الملكة صوفيا وأبناؤهما وأحفادهما.
صورة أخيرة كانت، وربما لن نراها من جديد، بعد أن انتشر مؤخرا من فضائح وفساد وتبييض أموال وانتقادات للملك ورحلته الباهظة التكاليف لاصطياد الفيلة في وقت تزداد فيه الطوابير أمام بنوك الأغذية المجانية ليحصل أفراد شعبه على ما يسد رمقهم.
صورة التقطت في مكان الإقامة السنوي خلال اجازة أفراد العائلة السنوي. نرى في الصورة الملك خوان كارلوس الحنون أيضا والمبتسم، والذي يخفي قصصا عديدة كشفها المؤرخ الانكليزي بول بريستون الوحيد الذي كتب عن سيرة خوان كارلوس.
يذكر المؤرخ الانكليزي بأن خوان كارلوس المترعرع في أحضان الفاشي فرانكو، الذي لم يكن لديه صبي ذكر ليأخذ محله فقرر أن يعقد صفقة مبادلة في عام 1948 مع أب خوان كارلوس «ملك اسباني منفي في ذاك الوقت»، ويخيره بين أن يتبنى خوان كارلوس في اسبانيا أو بأن يمنع خوان كارلوس من تولي العرش طوال حياته. ولم يقتصر الديكتاتور على تربية خوان كارلوس بل حماه أيضا وبرأه من جريمة قتل أخيه ألفونسو، الذي دفن في عام 1906، ليتم التعريف عن الجريمة بأن «ألفونسو لم يُقَتل بل مات أثناء تنظيفه لمسدسه».
نرى بجانب الملك، زوجته ورفيقة دربه الملكة صوفيا، الأم، والتي تخفي جيدا خلف ابتسامتها، قهرها من تحملها لخيانات زوجها وما يشاع من حولها عن علاقات مختلفة تجمع زوجها بكورينا الأميرة الألمانية الشقراء التي تسكن في «جانب القصر الملكي الاسباني» وغيرها من الحسناوات.

أمير المستقبل الرياضي المتعلم في أمريكا

يظهر في الصورة أيضا الأمير فيليب «ملك اسبانيا القادم ربما» الأمير الوسيم، الرياضي المتعلم في أمريكا، وزوجته الأميرة ليتيسيا «نجمة تلفزيون» صحافية ومقدمة أخبار سابقة، والتي تخفي أيضا ضعفها الشديد وهزالها التي يتضح في صورة التقطها لها المصور الاسباني روبيرتو سميث وتم منعها في اسبانيا لتعرض فقط في ألمانيا.
فيجب على الأميرة أن تظهر كـ «مانيكان» خال من العيوب أمام عدسات المصورين لتبتسم في صمت بين الحين والآخر. كما يظهر في الصورة ابنة الملك كريستينا وزوجها الـ»دوق» إنياكي أوردانغارينا المتورطان بقضايا الفساد وعدم دفع الضرائب.
صور وأخبار ومحطات تكررت خلال سنوات عديدة وحافظت طوال فترة حكم كارلوس هذه شاءت أم أبت بأن تظهر للعالم هذه الصورة الجميلة والمحببة. صحافة ومحطات تعودت على الصمت وعلى الحفاظ على المسافة والحد الفاصل الذي يرسمه لهم حراس العائلة خلال التقاطهم الصور العائلية، مهما اختلفت المناسبة.
ومن ناحية أخرى عاشت الأجيال وترعرعت على حب ملكها وعائلته واحترام الملكية، التي تسخر من وقت لآخر جوائز لأجمل عمل طلابي يتحدث عن الملك وشجاعته وحنانه تجاه شعبه. الملك، المحبب من الشعب هو من «احترم الديمقراطية» وحافظ على الجمهورية في بلاده ليمنع حربا مدنية أخرى بعد الصدمة الوحشية التي عاشها الاسبان لسني حكم الديكتاتور الفاشي فرانكو طوال 40 عاما.

فيل ينتقم من صاحبه وكارلوس يُغْضِب بريجيت باردو

لم يكن يعلم خوان كارلوس بأن صورته التي تذكرني بـ»الحقبة الاستعمارية» وهو يقف مفتخرا أمام جثة الفيل ويحمل بندقية الصيد بأن وقفته هذه ستكلفه عرشه. فما لبث وان تناقلت وسائل الإعلام الاسباينة الصورة التي قصمت ظهره وفجرت سنوات من الصمت حاولت خلالها العائلة الملكية التزام الصمت واخفاء كل ما يمكن أن يثير الشبهات من حولها.
ففي عام 2012 وبينما يعاني شعبه من الفقر والركود والبطالة التي وصلت إلى 27٪ توجه الملك إلى بوتسوانا لاصطياد الفيلة في السافري الأفريقية، تاركا خلفه شعبه المسكين ليعاني وحده أثار الدمار النفسي والمادي الذي وقع بشعبه وبلده بسبب الأزمة المالية الحالية.
رحل الملك ليستجم ويصطاد لينفق في الأسبوع الواحد مبلغ 45 ألف يورو، ويصوره مُنَظم رحلة الصيد هذه لينشر الفيديو على موقعه الخاص للهواة. ما حدث أثناء الرحلة هي اللعنة، لعنة أصابت الملك فأصيب بحادث بفخذه ليعود مسرعا للعلاج في اسبانيا.
رحلة الملك هذه لم تكلفه عرشه فحسب، بل اثارت غضب الممثلة الفرنسية بريجيت باردو والتي تكره المسلمين والعرب في فرنسا وتحتقرهم، في وقت تطالب فيه بحقوق الحيوان.
بريجيت باردو لم تسكت وعبرت عن غضبها لرحلة الصيد هذه ووجهت رسالة عاجلة إلى القصر الملكي الاسباني تتساءل فيها «كيف يمكن لشخص برتبته المشاركة في اصطياد الفيلة، وهي من الأنواع التي تكلف كثيرا من الجهد لحمايتها من الانقراض» ووصفت تصرف الملك بالـ»غير اللائق» و»غير مشرف لاسبانيا». المثير للضحك هو أن خوان كارلوس يمتلك منصب رئيس جمعية الصندوق العالمي للطبيعة وهي مؤسسة دولية غير حكومية لحماية البيئة والحيوانات المعرضة لخطر الانقراض.
وخلال عودته من الرحلة المشؤومة، تناقلت وسائل الاعلام والصحف الاسبانية الخبر بين الصدمة والغضب ووصف تصرفه بالـ»العبث» و «افتقار للأخلاق» لتجبر الملك على الاعتذار من شعبه. وربما تكون هذه الصورة هي بداية الشرارة التي ستشعل نيران الغضب الصامت لعدة سنوات في قلوب الاسبان في ما يخص إعادة دراسة الملكية ومطالبتها بالتنحي.

قناة كتلانية تُسقِط الملك أيضا

لم تتردد قناة «تي. في.3» المحلية في كاتالونيا الاسبانية من الاستهزاء من الملك خوان كارلوس للمرة الأولى في تاريخ التلفزيون الاسباني، حيث عرضت خلال برنامج «بولونيا» الفكاهي الشهير مقاطع مضحكة للاستهزاء من اعتذار الملك أثناء خروجه من غرفته في المستشفى يتكئ على عكازين ويـعتذر من الشعب الاسباني على رحلة الصيد الباهظة في وقت الأزمة الاقتصادية، من خلال عبارة بسيطة أطلقها أمام الصحافيين المتواجدين في المستشفى «أنا متأسف، أنا متأسف، أخطأت ولن أكرر خطأي من جديد». فعرضت القناة حلقة تسخر منه ومن اعتذاره يتقمص فيها ممثل دور الملك ونتابعه خارجا من غرفته في المستشفى، متكئا على قرني فيل من العاج كبيرين، ليكرر كلمات اعتذار الملك نفسها، مضيفا «أنا متأسف، أنا متأسف، سآخذ حذري وسأنظر جيدا أين أضع قدمي عند قتلي للفيل المرة القادمة» ليوضح بذلك بأنه لا يثق بأن يكون اعتذار الملك من شعبه بسبب رحلة صيده بل إصابته خلال الرحلة.
وعرض البرنامج حلقة أخرى تسخر من ابنة الملك كريستينا المتورطة هي زوجها الـ»دوق» إنياكي أوردانغارين بفضائح فساد وتبييض أموال واختلاس الضرائب، حيث تعرض الحلقة مشهدا لممثل يقوم بدور الملك وممثلة تؤدي دور الابنة في جدال مثير للضحك تقول فيه الابنة لأبيها حاملة لورقة الضرائب الموجهة إليها «أنا لا أريد، لا أريد أن أُلقي بأموالي للضرائب، وخاصة بأنني حصلت على المال بتعب وعَرَق جبين الاسبان بأجمعهم» فيجيبها الملك «أرجوكي انظري جيدا بين السطور، ربما ستجدين تخفيضا ما أو ربما تجدين ما سيحمينا من انقلاب مُحَتَم على الحكم». يوضح خوان روفوس، كاتب سيناريو الحلقات، بأنه ابتدأ الكتابة ضد الملك منذ تناقل صورة الملك أمام الفيل الميت خلال رحلة صيده في سفاري افريقيا.
وبالنسبة لنجاح الحلقات وازدياد نسبة المشاهدين مؤخرا، يعتقد روفوس بأن نجاح الحلقات يأتي من قدرته على تمثيل الملك خلال مشاهد اعتيادية، تكسر من هيبته وتقديسه، وتقربه إلى الناس وتضيء لهم الشرارة الاولى لانتقاده دون خوف.
ويعتبر برنامج بولونيا من أهم البرامج الاسبانية التي تعرض على الشاشة الصغيرة وأكثرها زيارة ومشاهدة، حيث يتابعها ما يزيد عن المليون مشاهد، وليس هذا فحسب بل ازدادت نسبة المشاهدات لتصل إلى أكثر 32،3٪ منذ شهر نوفمبر/تشرين الثاني الأخير حسب موقع المحطة على الإنترنت. وربما يأتي هذا الارتفاع بالنسبة مقارنة ببرامج أخرى إلى سبب رئيسي وهو تحطيمه لجدار الصمت المحيط بالعائلة الملكية وتعديه على خصوصية الملك رغما عن قانون الدولة الذي يذكر بـ»عدم المساس بالملك»، والذي يعطيه الأريحية في التصرف «فوق القانون»، دون أي مساءلة قضائية أو إعلامية.

٭ كاتبة فلسطينية تقيم في فرنسا

أسمى العطاونة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول الكروي داود النرويج:

    شكرا على المعلومات
    الشعب يريد مسؤلا يحس به

    هم محظوظين لأن اللي عندنا ماعندهم أصلا احساس بالمرة

    ولا حول ولا قوة الا بالله

  2. يقول أسمى العطاونة فرنسا:

    صباح الخير
    عام 1956 موت ألفونسو أخ الملك خوان كارلوس
    شكرا
    أسمى

  3. يقول أسمى العطاونة فرنسا:

    عفوا
    لا اعتقد ان الشعب بحاجة لمسؤول «ملك» « الشخص الواحد» «عائلة واحدة» تتحكم بالشعب بأكمله بل يجب ان يكون الحكم للشعب وله فقط الحق في تقرير مصيره!
    أسمى

  4. يقول عبد الكريم البيضاوي. السويد:

    إصطياد الفيلة, على ضخامتها قنص أكثر من موفق.

    لننظر لنصف الكأس الممتلئ, الديمقراطية الإسبانية, لولاها لما علمنا مانعلمه عن حياة الملك, تقريبا كل ملوك أوروبا , أمراؤها وأميراتها يقومون من حين لآخر بصنع عنوانين ضخمة في صحافة بلدانهم, أظن العائلة المالكة في بريطانيا ضربت الرقم القياسي في هذا المجال. العائلة المالكة في السويد مثلا لايمر أسبوع أو أسبوعين إلا وتطلع أخبار ( أمير يحاول إستعمال النفوذ, أميرة تبضعت أكثر من اللزوم وكلفت ميزانية الدول أكثر مما يجب إلخ….

    الديمقراطية والشفافية والحرية , عندما يتحدث كل من هب وذب من الشعب في أي مكان وفي أي لحظة ويقول مايشاء في أي فرد من العائلة المالكة , فمن أجل ذلك ماعلى الملك الأوروبي إلا الإنصياع للقانون .

    لو كنت أنا ملك السويد صراحة لرميت لهم مفاتيح القصر وذهبت للتنزه ولن أعود. ماتكتب الصحافة الأسبوعية ( خصوصا المتخصصة في المجال) لايطاق, ناهيك عن المحتجين عن أمواله وخيراته وعدد سياراته ووظيفته دون أن تكون له وظيفة واضحة , عملا بمقولة ” لكل عمل أجر ”

    إنها الديمقراطية والشفافية والوعي ماأرغمت ملك إسبانيا على ما أقدم عليه, لنقول كما يقول الفنانون:

    ” من على هذا المنبر نوجه تحية حارة للديمقراطية والشفافية”

    وشكرا للأخت أسمى العطاونة وللقدس العربي.

  5. يقول أسمى العطاونة فرنسا:

    شكرا لك ولمتابعتك وتعليقك
    أسمى

  6. يقول فارس العاني ـ السويد:

    إلى الأخ من السويد هل تعتقد يوجد ديمقراطية بالسويد؟ أي نعم يوجد إنتخابات ولكن ماذا يفعل الحزب الفائز بالسويديون طول فترة حكمه٠ وأين ديموقراطية السويد من حوادث قتل الشرطة للبشر وقد حصلت عدة حوادث هذه الأيام٠ صحيح ممكن لك أن تحتج بالسويد ولكن لن تحصل على شئ٠ ولماذا شعب السويد يخاف أن يتكلم بالسياسة؟ وهل تعاملت مع مؤسسات الدولة حتى ترى التحيز؟

    1. يقول عبد الكريم البيضاوي. السويد:

      Reply
      الأخ فارس العاني ـ السويد

      هل تقصد بأن ليس في السويد ديمقراطية ؟ يجب الفصل بين النظام السياسي والسلوك الخاص لأشخاص عاديين أو رجال سلطة.

      هنا اللغز, ماقد يقوم به رجل أمن أو مواطن عادي, هذا سلوك يحاسب ويعاقب عليه القانون, أما السياسة المسطرة من لدن الدولة ممثلة في الجهاز التشريعي والتنفيدي هناك يجب النظرللبحث عن وجود الديمقراطية من عدمه والسويد بلد ديمقراطي بشهادة العارفين بالأمور في كل أرجاء العالم. إن لم تكن السويد بلد ديمقراطي فلاأدري على أية صفة سيكون البلد الديمقراطي؟

    2. يقول فارس العاني ـ السويد:

      إلى الأخ عبد الكريم البيضاوي. السويد٠ أي ديمقراطية هذه والشعب السويدي ماذا تفعل به حكومته لايتظاهر فقط يفتح فمه أمام بعضه البعض من أبناء شعبه٠ وماأكثر أخطاء شرطة السويد ولكن يغطون أخطائهم بدعم بعضهم البعض٠ هل تعاملت مع مؤسسات الدولة؟ لن ولن تأخذ حققك منهم٠ إذا أين هي هذه الديمقراطية؟ هل فقط بالإنتخابات؟!!!!

  7. يقول مهند العراق:

    يا اخت اسمى كل الملكيات في اوربا هي ملكيات دستورية اي الملك يملك وﻻ يحكم. اي ﻻ وجود لشخص او عائلة تتحكم بشعب كما تقولين وغيرمسموح لهم حتى التدخل في السياسة وشكرا على تواصلك مع المعلقين وحبذا لو يحذوا باقي الكتاب حذوك

  8. يقول أسمى العطاونة فرنسا:

    العزيز مهند
    انا لم اذكر انه يتحكم ببلده. نقلت فقط ما تردده المحطات الاسبانية والفرنسية مؤخرا عن خبر تنحى الملك خوان كارلوس عن الحكم. وأسباب هذا التنحي
    شكرا للمتابعة والتعليق
    أسمى

إشترك في قائمتنا البريدية