دبلوماسية الجثث بين سوريا وإسرائيل

حجم الخط
10

تحدّثت وكالة أنباء النظام السوري عن وساطة روسيّة لعملية «تبادل للأسرى» تجري حاليا بين النظام وإسرائيل، ستطلق تل أبيب على إثرها اثنين من الأسرى السوريين في سجونها، مقابل إفراج النظام عن فتاة إسرائيلية سبق أن دخلت مناطق سيطرة النظام في محافظة القنيطرة بطريق الخطأ، في حين أن أحد الأسيرين هو من قرية «غجر» في مرتفعات الجولان السورية المحتلة، وهي قرية سكانها من الطائفة العلوية، غير أن النظام السوري يقول إن القرية لبنانية، ليترك ملفها مفتوحا للاستغلال السياسي.
تأتي هذه الصفقة ذات المواصفات الغريبة بعد أنباء عن عمليات روسيّة أخرى في مخيم اليرموك على أطراف دمشق، تجري فيها عمليات لنبش القبور بحثا عن رفات جنديين فقدتهما إسرائيل أثناء معركة اندلعت مع الجيش السوري في سهل البقاع اللبناني قبل 39 عاما، فقدت فيها تل أبيب ثلاثة جنود، تمكن الجيش الروسي من اكتشاف رفات أحدهم، ويدعى زكاري باومل، وتسليمه لإسرائيل، التي اعتبرت ما حصل «بادرة حسن نيّة».
تضاف إلى هذين الحدثين أنباء أخرى ذكرتها وسائل إعلام عالمية، منها قناة «سي إن إن» الأمريكية، عن لقاء جمع مسؤولين سوريين، على رأسهم نائب رئيس النظام السوري للشؤون الأمنية، علي مملوك، ومسؤولين أمنيين وعسكريين إسرائيليين في قاعدة حميميم برعاية روسية.
يمكن اعتبار ما حصل من تبادل للأسرى استمرارا للإشارات التي لم يكفّ النظام السوري عن إرسالها، علنا أو سرا، باتجاه إسرائيل، بدءا من الرسالة الشهيرة لرامي مخلوف، ابن خال رئيس النظام السوري، في بداية الثورة التي قال فيها إنه «لن يكون هناك استقرار في إسرائيل إذا لم يكن هناك استقرار في سوريا» وصولا إلى تصريحات أطلقها مؤخرا الفنان دريد لحام، المعروف بمواقفه المؤيدة للنظام، على قناة «سي إن إن» معلقا على «اتفاقات إبراهيم» رأى فيها أن «التطبيع قادم» وهو ليس ضده، مضيفا أن ذلك يجب أن يستند إلى خطة السلام العربية التي طرحت عام 2002.
إضافة إلى رعاية روسيا للتقارب بين إسرائيل والنظام السوري، فهي ترعى أيضا، ومنذ سنوات عمليات التفاوض بين النظام والمعارضة السورية، وهي لم تكفّ، ولا للحظة، منذ تدخّلها العسكري المباشر في سوريا عام 2015، وشاركت، بتحالفها العضويّ مع النظام وإيران، في واحدة من أكبر الكوارث الإنسانيّة في القرن العشرين.
لقد توقّف «عداد الجثث» في سوريا منذ فترة طويلة، ولهذا لا يعلم أحد، علم اليقين، ما وصل إليه رقم القتلى، المتصاعد يوميّا، في سوريا، فرغم توثيق «الشبكة السورية لحقوق الإنسان» لمقتل أكثر من 222 ألف شخص في سوريا منذ آذار/مارس 2011 حتى آذار/مارس 2020، وتعلن الأمم المتحدة عن مقتل ما يزيد على نصف مليون شخص، ومنها منظمة «هيومن رايتس ووتش» التي تؤكد مقتل أكثر من 400 ألف شخص، ويقدر «المرصد السوري» عدد القتلى حتى آذار 2018 بـ511 ألفا.
وتعتبر جهات أن عدد ضحايا الاعتقال والتعذيب والتصفية في سوريا يصل إلى رقم خمسة ملايين إنسان، يمثلون أسر المعتقلين والناجين، وبحلول عام 2015 تم تسجيل أكثر من ثمانية ملايين لاجئ سوري في دول الجوار والعالم، وكان هناك 227 ألف شخص ينتظرون تسجيلهم، ويمثل السوريون قرابة 8.25 في المئة من عدد لاجئي العالم بأكمله.
تمثّل الإشارات لإمكانية «التطبيع» السوري مع إسرائيل، و«تطبيع» بعض الدول العربية مع الطرفين، «رعاية» متعددة الأطراف، للكارثة السورية المستمرة، ومحاولة لتجاهل هذا الجرح العالمي المفتوح، والسعي لإعادة شرعنة نظام الطغيان الوحشي في دمشق مع العالم، وهو مسعى لا يمكن أن يجد راعيا له أفضل من روسيا، حامية الاستبداد في العالم، وإسرائيل، رمز الاحتلال الاستيطاني الأخير.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول سامي صوفي:

    أهل قرية غجر في الجولان السوري المحتل، التي يسعى النظام لإطلاق احد أبناءها، هم من العلويين. تسكين العلويين في قرية غجر يهدف اولاً و آخراً لتجسس النظام على اسرائيل.
    اللقاء الذي أشارت له قناة سي-ان-ان بين علي المملوك و مسؤولين أمنيين اسرائيليين، و الذي «سُرب» على أنه حدث في حميميم، نفته روسيا. و روسيا لم تكذب في نفيها لأن اللقاء حدث في أبو ظبي و ليس في حميميم، و برعاية شخصية من محمد بن زايد.
    أما عن «ديپلوماسية الجثث» بين النظام و اسرائيل، فلا غرابة فيها. بكل أسف، ماذا يمكن للنظام السوري أن يقدم لاسرائيل «غير الجثث»؟

  2. يقول أحمد سالم:

    عجيب أمر هذا النظام العالمي المنافق الذي ما زال بقبل بنظام دموي سادي يفوق تصور اي عقل بشري في طريقة تعامله مع البشر.
    بشار الأسد الذي أباد ما يقارب 1/3 الشعب السوري وشرد قرابة 1/3 الآخر و الباقي يتم حصاره وتهديده في المدن والقرى وعمليات المداهمات والاغتيالات وتصفية أي مشتبه به في ولاءهم للنظام.
    هذا لا قيمة له في ميزان المنظومة الدولية عندما يتعلق الأمر باليهود سواء احياء او اموات، فالعرب ما داموا مستباحين من قبل الأنظمة العربية الحاكمة فالاسرائيليون لن يكونوا اكثر رحمة من قبيلتها العربية.
    بشار سيفتش على كل قطعة عظم من عظام الجنود الاسرائيلين وسط ملايين السوريين الذي تم إبادتهم الى حد الآن لعل وعسى ان يتم رفع بعض القيود على أرصدة النظام في الخارج.

  3. يقول إبسا الشيخ:

    تحياتي لقدسنا العزيزة علينا
    إذا نظام القتل والتشريد يتفاوض مع الكيان الإرهابي على تبادل للأسرى
    لا بعد ما كان النظام البراميل المتفجرة بقي مدة طويلة مع إرتكابه أفظع جريمة قتل بحق الشعب السوري، لأن الكيان الإرهابي هو اللي كان السبب في بقائه، لذالك ما يجري بين الكيان الإرهابي والنظام الأسد هو التجديد لهذا النظام طبعا تحت سرقة القرن هو التطبيع الكامل مع الكيان الإرهابي،

  4. يقول ع.خ.ا.حسن:

    بسم الله الرحمن الرحيم رأي القدس اليوم عنوانه (دبلوماسية الجثث بين سوريا وإسرائيل)

    روسيا حاليا هي من أهم دعائم الوجود الاسرائيلي في فلسطين .
    الاتحاد السوفييتي هو أول دولة تعترف بإسرائيل بعد إعلانها كدولة يهودية مستقلة على أشلاء الأرض والشعب الفلسطيني الذي شردته اسرائيل في أصقاع الأرض واحتلت أرضه ومقدساته وماضية بتسارع في تهويد القدس وباقي الأراضي الفلسطينية على عين العالم ورموز الخيانة المطبعين العرب.
    روسيا وبضؤ اخضر امريكي لا تتوسط بين سوريا وإسرائيل لأنها صاحبة الدار والقرار في سوريا مع نظام ملالي إيران وهي التي تنفذ صفقات تبادل الأسرى وهي التي تبحث عن مفقودَيْ الجيش الإسرائيلي في مخيم اليرموك ، ربما دون علم النظام السوري العميل ، وروسيا تنسق مع اسرائيل وايران في كيفية حماية النظام السوري للاستمرار في مهمته لإبادة وتشريد الشعب السوري وحماية حدود إسرائيل الشمالية من اي هجمات فدائية محتملة
    الغزل بين اسرائيل ونظام الأسد في سوريا ظهر جليا في اللقاء الذي (جمع مسؤولين سوريين، على رأسهم نائب رئيس النظام السوري للشؤون الأمنية، علي مملوك، ومسؤولين أمنيين وعسكريين إسرائيليين في قاعدة حميميم برعاية روسية.)
    سياسة الأسد: الاستقرار في سوريا
    كفيل بالاستقرار في اسرائيل

  5. يقول الكروي داود النرويج:

    التطبيع بين النظام السوري والكيان الصهيوني موجود منذ نصف قرن!
    تسليم الجولان مقابل تثبيت الحُكم العلوي!! ولا حول ولا قوة الا بالله

  6. يقول ماغون:

    من ينتظر الحياة من إسرائيل فهو ميت أصلا.

  7. يقول Farid:

    الصهيونية المجرمة المحتلة لأراضي الغير قتلة البشر والشجر لا يضيرها ان تتعامل مع انظمه على شاكلتها ولا يضيرها ان تتعامل مع أنظمه غير شرعيه بقدر ما يهمها مصلحتها
    ونظام محمد بن زايد هو من يتولى تهويد سوريا كما تم تهويد باقي الدول العربية
    انا ارفض تسمية تطبيع لان الأنظمة العربية أصلا مطبعه

  8. يقول سامح //الأردن:

    * عملية تبادل الأسرى مسرحية هزيلة مسخرة
    وضحك ع الذقون.
    حسبنا الله ونعم الوكيل في كل حاكم فاسد مستبد.

  9. يقول أسامة كلّيَّة سوريا/ألمانيا:

    كم يعجبني ذكاء الفنان الكبير دريد لحام! ههه كما يقال “كلو بحبك يهون ياأسد” وكمان التطبيع ومابس نحرق البلد! حتى انت ياغوار! بتبيعنا تطبيع منشان بشارون أسدوف يضل باقي فوق هذا الخراب والإجرام والدمار والدماء. ماكنت بعرف أن التطبيع هيك بينفهم بسهولة حتى توضح لي ذلك بذكاء الفنان الكبير دريد لحام غوار الطوشة! وطبعًا المقاومة والممانعة مالها علاقة بالموضوع، فهي موضوع آخر من فضلكم! ياالله! مالنا غيرك ياالله.

    1. يقول صليبا:

      اللـــــــــه …….كم يناسب الاسم المسمى بشارون اسدوف .
      فعلا هذا هو الاسم الصحيح والمناسب . الباقي كله اصبح واضح ومفهوم ومكشوف ….

إشترك في قائمتنا البريدية