لندن ـ «القدس العربي»: خلصت دراسة متخصصة إلى مفاجأة مرعبة مفادها أن لدى المستهلكين في مختلف أنحاء العالم العديد من الأجهزة غير المتوقعة في منازلهم والتي تبين بأنها تقوم بالتجسس وجمع البيانات من المنازل والمستخدمين ومن ثم يتم إرسالها إلى الصين.
واللافت في هذه الدراسة هي أن الأجهزة التي رصدتها لم تكن متوقعة، حيث سبق أن تحدث الكثير من الخبراء عن عمليات تجسس ذكية وجمع بيانات يُمكن أن تتم بواسطة الهاتف المحمول أو التلفزيون الذكي، لكن هذه هي المرة الأولى التي يتم الكشف فيها عن أعمال تجسس تتم عبر أجهزة في المطبخ.
وقال تقرير نشرته جريدة «دايلي ميل» البريطانية، واطلعت عليه «القدس العربي» إنه تم اكتشاف عمليات تجسس وجمع بيانات تتم لصالح الصين من خلال المقلاة الهوائية في المطبخ أو جرس الباب المرئي، إضافة إلى مختلف الأجهزة الذكية الأخرى.
وحذر خبراء في موقع «Which» الشهير من أن أربعة أجهزة غير متوقعة قد تتجسس عليك، حيث صنف الفريق البحثي في دراستهم الأجهزة الذكية الشائعة عبر ست فئات، وهي: الموافقة والشفافية وأمان البيانات وتقليل البيانات وأدوات التتبع وحذف البيانات. وبناءً على هذه التصنيفات، أعطى الباحثون لكل منتج درجة خصوصية إجمالية.
وتكشف نتائج الدراسة أن العديد من المقالي الهوائية الشهيرة يمكنها الاستماع إلى محادثاتك وحتى إرسال بياناتك الشخصية إلى الصين.
وفي الوقت نفسه، يتم «حشو» العديد من مكبرات الصوت الذكية بأدوات التتبع، وهي مكبرات الصوت التي يستخدمها الكثيرون ويربطونها بهواتفهم المحمولة، أو يقومون بتشغيل الأغاني فيها من خلال بطاقات الذاكرة.
وقال هاري روز أحد الباحثين والمحرر في موقع «ويتش»: «أظهر بحثنا كيف أن مصنعي التكنولوجيا الذكية والشركات التي يعملون معها قادرون حالياً على جمع البيانات من المستهلكين، على ما يبدو بتهور، وغالباً ما يتم ذلك بشفافية قليلة أو معدومة».
وكشف التحليل أن ثلاثة منتجات من المقالي الهوائية المستخدمة في مطابخنا كانت تعرف الموقع الدقيق لعملائها وأرادت إذناً لتسجيل الصوت من خلال هاتف المستخدم.
وتم ربط المقلاة الهوائية من نوع «Xiaomi» عبر التطبيق الخاص بها والمثبت على الهاتف المحمول بأدوات تتبع، وتبين أنه يتم استخدام هذا التطبيق من قبل شركات كبرى لاستخدام ذلك في إعلانات تظهر على «فيسبوك» و«تيك توك» إضافة إلى شركة التكنولوجيا الصينية العملاقة «Tencent» بينما أرادت مقلاة هواء من نوع آخر معرفة جنس المستخدم وتاريخ ميلاده عند إنشاء حساب.
وفي الوقت نفسه، أرسلت كل من مقلاتي الهواء «Aigostar» و«Xiaomi» بيانات شخصية إلى خوادم في الصين، على الرغم من الإشارة إلى ذلك في إشعار الخصوصية.
ورداً على ذلك، قال متحدث باسم شركة «إكسيومي» إن الإذن بتسجيل الصوت على التطبيق الخاص بالمنزل لا ينطبق على تطبيق المقلاة الهوائية التي لا تعمل مباشرة من خلال الأوامر الصوتية والدردشة المرئية.
وأضاف متحدث باسم شركة أخرى: «نحن نعطي الأولوية للخصوصية، وبموجب متطلبات الامتثال الداخلية لدينا، يجب أن تمتثل المنتجات الذكية لقانون حماية البيانات العامة».
الساعات الذكية
وفي فئة الساعات الذكية، اختبر الباحثون أكثر ثلاثة أجهزة مبيعاً على أمازون، ووجدوا أن جهاز «هواوي» يطلب تسعة أذونات هاتفية «محفوفة بالمخاطر» بما في ذلك موقعك الدقيق، والقدرة على تسجيل الصوت، والوصول إلى ملفاتك المخزنة، والقدرة على رؤية جميع التطبيقات الأخرى المثبتة.
ورداً على ذلك، قالت الشركة إن هذه الأذونات كلها لها حاجة مبررة. وقال متحدث باسم الشركة: «تأخذ هواوي خصوصية المستهلكين على محمل الجد بشكل لا يصدق».
وأضاف: «من الواضح أن الساعات الذكية تتطلب أذونات للوصول إلى عدد من البيانات الشخصية لكي تكون مفيدة في نمط الحياة والصحة واللياقة البدنية؛ ونحن واضحون للغاية بشأن الأجهزة عند إعدادها، وعلى تطبيق (هواوي هيلث) المصاحب، ما هي الأذونات المطلوبة ولماذا، ويملك المستخدمون التحكم الكامل في تشغيلها أو إيقاف تشغيلها في أي وقت».
وفي الوقت نفسه، وجد الباحثون أن ساعة «Kuzil» وساعة «WeurGhy» الذكيتان هما نفس المنتج بشكل أساسي، وهو ما يقول الباحثون «إنها مشكلة شائعة في الأسواق حيث تبيع العلامات التجارية غير المعروفة سلعاً متطابقة تقريباً».
وتتطلب كلتا الساعتين الذكيتين موافقة للعمل، وإذا تم رفضها، فإنها تعمل فقط كساعات أساسية.
ولم يجد الباحثون أياً من المعلومات المطلوبة قانوناً حول المدة التي ستظل فيها الساعات الذكية مدعومة بتحديثات الأمان، ومع ذلك، يبدو أن كلتا الساعتين لا تستخدمان أي أجهزة تعقب.
أجهزة التلفزيون الذكية
ووجد تحليل «Which» أن قوائم التلفزيون الذكي «مليئة» بالإعلانات و«متعطشة» لبيانات المستخدم.
وتطلبت العديد من الشركات، ومن بينها «سامسونغ» رمزاً بريدياً عند الإعداد، بينما طلبت شركة «إل جي» رمزاً بريدياً، على الرغم من أن هذا لم يكن إلزامياً.
وطلب تطبيق تلفزيون سامسونغ ثمانية أذونات هاتفية محفوفة بالمخاطر، بما في ذلك القدرة على رؤية جميع التطبيقات الأخرى على الهاتف.
ولم يتصل تلفزيون «Hisense» الذكي بأي أجهزة تعقب، لكن سامسونغ و«إل جي» ربطتا بالعديد منها، بما في ذلك «فيسبوك» و«غوغل».
وردًا على ذلك، قالت شركة «سامسونغ» إن «أمان وخصوصية بيانات عملائنا تعد من أقصى درجات الأهمية. ونحن نستخدم إجراءات وقائية وممارسات أمنية قياسية في الصناعة لضمان تأمين البيانات. كما يُمنح العملاء خيار عرض أو تنزيل أو حذف أي بيانات شخصية من خلال حسابات سامسونغ الخاصة بهم».
وقال متحدث باسم شركة «Hisense»: «نحن متوافقون مع جميع قوانين خصوصية البيانات في بريطانيا ونلتقط فقط الرموز البريدية لعملائنا لتمكينهم من تلقي محتوى إقليمي محدد، ما يعزز تجربة المستخدم الخاصة بهم. إذا كان المستخدمون قلقين، فإن العديد من أجهزة التلفزيون الخاصة بنا ستقبل رمزاً بريدياً جزئياً».
ورفضت شركة «إل جي» التعليق على هذه المعلومات.
مكبرات الصوت الذكية
وقام الباحثون باختبار مكبرات الصوت المحمولة المنزلية، حيث وجدوا أن مكبر الصوت والتطبيق من «Bose» يأخذان أقل عدد من أذونات الهاتف المسبقة من بين الأجهزة الثلاثة التي تم اختبارها، ولكن تم «حشوها» بأدوات التتبع.
كما سجل مكبر صوت «Bose» أداءً سيئاً في كيفية تأمين موافقة العميل على تتبع البيانات.
وعلى النقيض من ذلك، فقد وجد الباحثون أن «Amazon Echo» يوفر خيارات مفيدة لتخطي الطلبات المختلفة لمشاركة البيانات. ومع ذلك، فإن حسابات «أمازون» و«غوغل» اللازمة لاستخدام مكبرات الصوت لا تمنح المستخدمين خياراً سهلاً لإلغاء الاشتراك في أدوات التتبع.
وقال متحدث باسم أمازون: «نحن نصمم منتجاتنا لحماية خصوصية عملائنا وأمنهم ومنحهم السيطرة على تجربتهم.. وعلى سبيل المثال، نقوم ببناء عناصر تحكم سهلة الاستخدام لعملائنا – تتضمن هذه الأزرار أو المصاريع المادية، وعناصر التحكم البسيطة داخل التطبيق، والمطالبات داخل تجربة إعداد الجهاز – وقمنا بإنشاء موارد تشرح كيفية عمل أجهزتنا وخدماتنا والخيارات المتاحة للعملاء».
وأكد متحدث باسم «غوغل» إن خصوصية عملائنا مهمة جداً بالنسبة لنا وتلتزم «غوغل» تماماً بقوانين الخصوصية المعمول بها وتوفر الشفافية لمستخدمينا فيما يتعلق بالبيانات التي نجمعها وكيفية استخدامها.
كيفية تحسين خصوصية بياناتك
وبناءً على النتائج قدم الباحثون عدة نصائح حول كيفية تحسين خصوصية البيانات، ومن أهم هذه النصائح هو أن على المستخدم أن يهتم بما يشاركه مع الآخرين، حيث إن بعض جمع البيانات اختياري أثناء الإعداد، وهذا يعني أنه يمكنك إلغاء الاشتراك، وعليه فلا تشارك إلا ما تشعر بالارتياح تجاهه.
أما النصيحة الثانية فهي أن من الضروري التحقق من الأذونات، حيث يُمكنك على أنظمة التشغيل «iOS» و«أندرويد» مراجعة طلبات الأذونات قبل تنزيل أي تطبيق، والتحقق من ما يمكن لكل تطبيق الوصول إليه في إعداداتك وبياناتك.
والنصيحة الثالثة هي أن عليك «رفض الوصول» حيث يمكنك أيضاً في إعدادات هاتفك رفض أو تقييد الوصول إلى بيانات مثل الموقع وجهات الاتصال وما إلى ذلك، على الرغم من أن هذا قد يوقف أو يحد من جوانب التطبيق، إلا أنه يحمي خصوصية المستخدم.
أما النصيحة الرابعة فهي ضرورة «حذف التسجيلات» حيث باستخدام إعدادات الهاتف أو اعدادات التطبيقات يمكنك ضبط تسجيلاتك الصوتية ليتم حذفها تلقائياً بدلاً من تخزينها بعد فترة زمنية.
والنصيحة الخامسة والأخيرة هي ضرورة قراءة «إشعار الخصوصية» حيث على الشخص أن يستعرض على الأقل السياسة، وخاصة أقسام جمع البيانات، ولدى كل مستخدم الحق في الاعتراض على قيام الشركة بمعالجة بياناته.