(إلى السكان الأصليين الذي اُقتلعوا من أرضهم وشُتّتوا في المنافي القاحلة)
رود أيلاند
لم أقتلْ أحداً
ولكنهم يطرقون كلَّ ليلةٍ بابَ بيتي
ويتركونَ لي رسائل غامضة
محفورة على الجدران بالخناجر والأظافر
يعودون حاملين رفات قتلاهم في سلال من القصب
ودِماؤهم تقطر على العشبِ
وأوراقِ شجر القَيْقبِ
لم أقتل أحدا أقول لهم
ولكنهم يأتون ليلا
متخفّين
لامرئيّينَ
يجلسون أمامي
ويقرؤون عليّ لائحة الاتهام بلغةٍ تصفّر في ثناياها الريحُ
لم أقتل أحدا أقول لهم
ولكنهم يهزّون أكتافهم لامبالينَ بحيرتي
يشيرون إلى أشجار الخوخِ والتفاحِ في حديقتي
ويملؤونَ البيت صخبا
لستُ من وضع السُمّ لكم في النهر
أو علّق في أعناق آلهتكم نجمات ذابلة
أُريهم أوْشاماً أمازيغية على كتفي
وحقولا كانَ يحرثُها أبي بأصابع يديه المتعرّقتيْنِ
وترجماتٍ لم تنتهِ لشاعر فقد ذراعه في حرب منسية
لكنهم يهزّون أكتافهم
ويسدلونَ على النوافذ الستائر
ويرقصون على إيقاع طبول يأتي من بعيد
أقف في ظلمة البيت وأرقص معهم
أدخلُ دائرةً من البخور
حاملا على رأسي قرابيني
وحين يغادرون البيت فجراً
لا يقولون شيئا
يتسلقونَ خيوط الضوء واحدا إثر واحد
أقسمُ لهم إني لم أقتل أحدا
ثم آخذُ أطفالي
والغريبة التي أينعت بذورُها في دمي
وأمشي مع النهر
أمشي وراءهم عابرا غاباتٍ أحرقها الغزاةُ
أهذهِ طريق البيت؟ تسألني بنتي ذات الأعوام الخمسة
وتسقط لعبةٌ خشبية من يدها
تسقط نجمةٌ كانت قِبلتنا
بيتنا أرضُ الله الواسعة أقول لها
خيمةٌ في الصحراء
أو كوخٌ تحت سنديانة معمّرة
نمشي في دربِ الدموعِ
في قافلة من المنفيين خلف حُلم لا يتّسع للغزاة
وصباحٍ لا تجرحهُ رصاصةٌ عابرة
٭ شاعر ومترجم تونسي
من أجمل ما قرأت