دروس بلانك

حجم الخط
0

بعد ستة أشهر في سجن 6 سيتحرر نتان بلانك من اعتقاله ومن الجيش الاسرائيلي. فقد يئست سلطات الجيش من احتمالات استنزافه، اقناعه بالتراجع عن رفضه الخدمة، او ان تردع من خلال معاقبته مجندين آخرين يفكرون بالسير في طريقه. لقد وجد الجيش الاسرائيلي انعدام التوافق بين الرفض الضميري والمنظمة العسكرية.
ان الاعتراض المبدئي للجيش الاسرائيلي على الاعفاء من واجب الخدمة لكل رافض لا يدعي السلمية المطلقة ـ النفور من حمل السلاح في كل مكان، في كل وضع ، في كل منظمة ـ مفهوم. ففتح شق للاعتراف بمواقف سياسية كسبب للاعفاء سيمنح من يتلقى أمر التجنيد الحق في اشتراط استعداده لارتداء البزة والمثول للقيام بكل مهمة بسياسة الحكومة. فثمة مثل بلانك من سيرفض الخدمة طالما تحتجز اسرائيل الاراضي المحتلة؛ آخرون سيشترطون خدمتهم بالوعد باحتلال مزيد من الاراضي او بالامتناع عن اخلاء المستوطنات. هذه لن تكون ديمقراطية بل فوضى. السياسة يجب أن تغير من فوق، في الانتخابات.
هكذا على المستوى المبدئي، غير أن الواقع يدل الى أن قطاعات سكانية كاملة تتملص من الخدمة: فلو تربى بلانك في بني براك او في قلنسوة ما كانت قضيته لتصل الى النقاش الجماهيري؛ لو اراد ان يتملص من الخدمة لاعتبارات الراحة فقط ما كان ليثقل على نفسه بحبس طويل. عمليا دفع بلانك ثمنا باهظا بالذات، لانه بقي مخلصا لمبدئه، ولم يكن مستعدا لان يغيره او يشوهه كي يتجاوز آليات الترشيح. ليس لدى الجيش الاسرائيلي أي صعوبة حقيقية مع بلانك الفرد، بل العكس. جنود كهؤلاء ضروريون لمحافل الامن، الاستخبارات وقتال الحواسيب في اسرائيل ـ مطلعون، ذوو رأي، مصممون، متمسكون بالمهمة في ضوء الهدف. الخوف هو من سابقة ملزمة ومن جموع تسير في اعقابها، هذا خوف عابث. فالكثيرون متحمسون للتجند للخدمة العسكرية بشكل عام وللوحدات القتالية والمختارة بشكل خاص؛ الطلب يفوق العرض بكثير. بفضل الفائض الكبير المتوقع في ورديات التجنيد بعد سنتين، قد تقصر مدة الخدمة الالزامية باربعة اشهر.
الرافضون للخدمة سيظهرون في نهاية المطاف على انهم غير ملائمين للخدمة. فالقليون منهم مستعدون، مثل بلانك، لدفع ثمن باهظ يتمثل بالمكوث في المعتقل لفترة طويلة كهذه. ويمكن للنادي العسكري وينبغي له أن يكون واثقا بنفسه بما يكفي كي يرفض ان يقبل في صفوفه من لا يرغب في ذلك. تخطيط مرن للقوى البشرية يمكنه ان يحتمل بضع حالات من نتان بلانك في السنة، من دون أن يحاكمهم المرة تلو الاخرى على ذات المخالفة، ومن دون أن يحبسهم على مدى فترة زمنية طويلة بهذا القدر.

هآرتس 2/6/2013

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية