دستور يا عسكر

بعد أيام يتوجه المصريون الى الصناديق للأستفتاء على الدستور بعد ان بدأ المصريون في الخارج بذلك في ما يبدو باقبال متدن حتى الان. الأخوان المسلمون والقوى الداعمة لهم في ائتلاف دعم الشرعية اعلنوا انهم سيقاطعون الاستفتاء بحجة ان الحكومة الحالية حكومة غير شرعية، انقلابية، وأن دستور 2012 هو الدستور الشرعي.
شارك الاخوان في الاستفتاء على دستور 2012 الذي مر بنسبة اكثر من 65′ ، ثم شاركوا في الانتخابات البرلمانية وفازوا فبها بالاغلبية ، وفازوا بالرئاسة أيضا، ثم خسروا كل شيء. الآن سيقاطعون الأستفتاء، واغلب الظن انه سيمر، وربما سيقاطعون لاحقا الانتخابات البرلمانية والرئاسية مجبرين بعد ان صنفوا كحركة ارهابية، فكيف لأرهابي أن يكون عضوا في البرلمان أو رئيسا لمصر ؟! ما عانته وتعانيه الحركات الاسلامية في العالم العربي كالحركة الاسلامية في الجزائر اوائل تسعينات القرن الماضي، واخوان مصر، والنهضة التونسية ، يطابق ما عانته حركة حماس، قاطعت الانتخابات بداية فصالت وجالت فتح في المجالس البرلمانية والبلدية والقروية بلا حسيب او رقيب، ثم شاركت حماس في الانتخابات فاكتسحت تمثيل الشعب الفلسطيني على كافة المستويات ( عدا الرئاسة ) ثم أقيلت وقوطعت. لا توجد وصفة سحرية أبدا، لا تلوموهم ان شاركوا ولا أن قاطعوا، فالنتيجة واحدة، سيخسرون ان قاطعوا ، وسيفشّلون ان شاركوا وفازوا، او ببساطة كما يقول الامريكان ، دامت اف بو دو اند دامت اف يو دونت.
عودة الى الدستور المصري بعد هذه الاطالة فهي كلزوم ما لا يلزم ، لقد قرأت الدستور، وليس كغالبية المصريين الذين سيصوتون بنعم دون قراءته، وللحق فانه لا يختلف كثيرا عن دستور 2012 مع ان الانقلابيين يصفونه بانه دستور حضاري يليق بمصر، ويصفه الاخوان بانه ينقلب على الاسلام ومعتقدات الامة وثوابتها. لقد أبقى الدستور على الشريعة الاسلامية كالمصدر الرئيسي للتشريع، والغيت المادة المفسرة لمبادىء الشريعة التي انيطت سابقا بالازهر والعلماء والان الى المحكمة الدستورية العليا. وما دمنا بالدين فالدستور الجديد يحدد الطفل بمن هو او هي تحت سن الـ18 ، وما الضير في ذلك الا عند من يريدون تزويج الفتاة بمجرد ان تحيض . اما ان المرأة بالدستور الجديد متساوية في الحقوق والواجبات مع الرجل فهو يتناقض مع الاسلام في موضوع الميراث ومواضيع اخرى قليلة. الدستور الجديد يثمن مبادىء حقوق الانسان ، وهذا جيد ، وارى ان الامور الخارجة عن التعاليم الاسلامية والاعراف والتقاليد كالمثلية الجنسية وحرية المرأة الجنسية ستكفلها اعراف المجتمع، فالعرف أقوى من القانون، ولا يستطيع كاتبو الدستور ان يقولوا علنا انهم مع حقوق الانسان كافة عدا …….، فأطلقوها بالمجمل تجنبا من الحرج الدولي ، والله اعلم.
على ان هناك مادتين في الدستور تستحقان التوقف. الاولى هي ان الرئيس لا يستطيع تعيين وزير الدفاع دون موافقة المجلس الاعلى للقوات المسلحة ( الذين يعينهم وزير الدفاع ) وبالتالي يكبّل يدي الرئيس من ان يعزل او يستبدل وزير الدفاع. وهكذا حصّن وزير الدفاع منصبه لثمان سنوات قادمة على الاقل ( ربما كان هذا احد احلامه ورؤاه التي لم يفصح عنها ). المادة الثانية هي امكانية مثول المدنيين امام محاكم عسكرية في حال وقوع جرائم تمثل اعتداء مباشرا على منشآت القوات المسلحة ومعسكراتها وأفرادها، وقد يفتح هذا الباب مباشرة لتوجيه الاتهامات الى المتظاهرين بحجة الاعتداء على القوات المسلحة. بالمناسبة هذا كان متاحا بدستور 2012 دون تحديد الجرائم التي تضر بالقوات المسلحة مما يدل على سطوة الجيش المصري آنفا ولاحقا.
الدستور الجديد لا يحدد نسبا لتمثيل العمال والفلاحين التي ورثها دستور 2012 عن دساتير ناصر والسادات ومبارك ، ويعد بتمثيل المرأة تمثيلا مناسبا، دون تحديد اي نسبة، في حين ترك دستور 2012 للمرأة حق الترشح، هي وذراعها ، فلتنظر المرأة الى النصف الفارغ او الملآن من الكوب ، حسب انتماءاتها السياسية.
مادة جديدة في الدستور المصري تنص على ضرورة حل مشكلة العشوائيات خلال مدة زمنية محددة، وهذه مادة تستحق الاشادة، فالوضع المزري الذي يعيشه المصريون في العشوائيات لا يليق بمصر ان تسمح باستمراره.
في مصر الان مظاهرات ضد الانقلاب وضد الاستفتاء على الدستور، وفي الجهة المقابلة حملة اعلامية واسعة تدعو الناس الى التصويت بنعم . لا يمكن ان نختم المقال دون التطرق الى الزج بالاطفال اليتامى الذين جيء بهم ليغنوا للسيسي في حملة تدعوه وترجوه ( او تتوسل اليه ) للترشح للرئاسة. كان فعلا امرا محزنا جدا ان نرى الفتيات الصغيرات يرتجفن من البرد وهن يلبسن الملابس الصيفية في عز برد يناير، وليت الامر توقف عند هذا، وصوت الاطفال دائما جميل بغض النظر عن السياسة والبرد القارص، ولكن كدره صوت الرجال النشاز الذين اتوا بالاطفال وغنوا معهم. العسكري المتقاعد صاحب دار الايتام قال في لقاء تلفزيوني أنه مستعد للموت من أجل ( لا ليس مصر ) السيسي ، ونحن نؤيدك 100′ ، روح موت بس من غير ما تموت معاك الايتام الصغار. أبن هذا العسكري بيفهمنا انه هذه ملابس حفلات مش ملابس صيفي وانه الهدف كان تفريح الاطفال ، يا راجل ما بتعرفش انه في ملابس حفلات شتوي! ، وهو ما ينفعش يفرح الاطفال الا وهم يغنون للسيسي ويرتجفون بردا. وليش حضرتك وابوك لم تقفوا معهم بنص كم وشورت حتى تفرحوا أكثر بالسيسي . لو كنت مكان السيسي (لا سمح الله ) لحاكمت هؤلاء الرجال بثلات تهم بتهمة اساءة معاملة الاطفال اليتم ،وتهمة الاساءة وتشويه حملته الاعلانية كرئيس لمصر (مع انه لم يترشح بعد !! ) وتهمة الغناء بنشاز في الطريق العام . ولو كنت مصريا لصّوت بلا للدستور الجديد ( لانه غير شرعي ) وما انتخبت السيسي لاحقا، لأنه عسكري، ونكاية بهؤلاء الرجال وصوتهم النشاز الذي يؤرقني كلما حاولت اختلاس اغفاءة من يومها حتى الان.
دستور يا سيسي …

‘ كاتب فلسطيني

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول متابع ..غزة:

    التغيير الجذري هو الحل في التعامل مع الغرب .يتغنون بالديمقراطية لهم ولهم فقط .ولكن ان اتت الديمقراطية بغير اهوائهم ينقلبوا عليها .لاللركون لامريكا وزلمها في المنطقة .لانهم سبب تأخر الشعوب العربية .وسبب إفشال الديمقراطيات الوليدة لتقاطع مصالحهم مع امريكا .الاتحاد الاوربي يعد بتبرعات سخية للغلسطينيين ان توصلوا لاتفاق …سبحان الله ان تنازلنالليهود يمنحوننا وبسخاء ….ويا د.بدك السيسي ايحاكم واحد بيسقفلوا مالك يا دك.المهم التصفيق .لقد تم استحضار نجوى فؤاد وعادل امام وشعبولا و…وووو…ليحكوا في الدين وايبايعوا …لسه بدك اياه ايحاكم ….هو باقي مسئل عن حد قاعد في البرد ….كان ائأل عن الذين قتلهم وحرقهم في رابعة واخواتها ….

إشترك في قائمتنا البريدية