نقرأ ونشاهد يوميا، إلى حد التخمة، اخبارا وتقارير عن الشبان والشابات الغربيين الذين بات يغريهم الجهاد في سوريا والعراق. فتيان يبحثون عن الجنة وحور العين، وفتيات ليس واضحاً عما يبحثن لأن وسائل الإعلام التي تحتكر هذه التجارة لم تُبلغنا بعد عمّاذا يبحثن.
في البداية كانت التقارير تتمسك بتوضيح الأصول المهاجرة والمسلمة لهؤلاء «المجانين» الذين يتركون رغد العيش في الغرب ويخوضون مغامرة الهجرة نحو القتل والموت. ثم تطوّر الأمر فلم يعد مقتصراً على مهاجرين أو مواطنين غربيين ينحدرون من عائلات مهاجرة تعاني الفقر والتهميش ويقتلها الشعور بالاغتراب، لا هي على وئام تام مع الموطن الأصل ولا هي كاملة الانتماء إلى موطن الهجرة. أصبح الأمر يتعلق أكثر بالغربيين أصلا وفصلا، أباً عن جد وبالديانة والثقافة والانتماء.
اشتركت في الموضوع دول أوروبية متنوعة، من إسبانيا جنوبا إلى الدنمارك والسويد شمالا، مروراً بفرنسا وألمانيا وهولندا وبلجيكا وحتى النمسا المسالمة.
شيء لافت: التقت في الترويج للمجاهدين «الخواجات» وسائل الإعلام الغربية بكل قوتها وانتشارها، والجهاز الدعائي لداعش. رغم العداء الظاهر بين الجهتين، التقيتا في توظيف الموضوع إلى أبعد الحدود والاشتغال عليه كلٌ وفق حساباته ومصلحته وحاجته. طرف (داعش) يتباهى بأن سنبيدكم بأيدي أبنائكم، وطرف آخر في ثوب الضحية يصرخ أن أبناءنا انقلبوا علينا وباتوا قنابل موقوتة بيننا.
هذه نقطة الالتقاء الوحيدة بين هؤلاء وأولئك لأن أسباب الإثارة عديدة وتخدم الطرفين. باستثنائها حرب وقتال وعداء إلى يوم الدين.
نحن الآن أمام إحدى ثمار عولمة «الدعشنة» ـ إعلاميا على الأقل: داعش لم تعد ماركة محلية وإقليمية، بل عابرة للقارات مثل الشركات العالمية متعددة الجنسيات.
إعلاميا أيضا، هو مستوى آخر وعهد جديد من الجهاد العالمي سيحل محل زمن ومستوى تنظيم القاعدة الذي استنفد زمنه وأسباب وجوده وكبار قادته، فدخل مرحلة الأفول.
هناك وجه آخر للقطعة النقدية لم يحظَ بعدُ بالاهتمام الإعلامي الكافي. هو المتعلق بالذين يسافرون إلى العراق وسوريا للقتال في صفوف «الآخر»، أي قتال داعش. من الوارد اليوم أن يتخيل المرء اليوم هذه الصورة: طائرة تقلع من مطار أوروبي وعلى متنها شابان أو أكثر، واحد متجه للانضمام إلى داعش وحور العين، والآخر بهدف الانضمام إلى طرف أو أطراف الحرب الأخرى. وعندما تحط الطائرة يصافح أحدهم الآخرين مودعا هكذا: فرصة سعيدة يا شباب.. أراكم في ساحة الوغى إن شاء الله!
يبدو أن الأكراد بدأوا يتميزون هنا، وفق تقارير وسائل الإعلام التي تحتكر هذه التجارة. أولاً بكونهم يمتلكون بين أبنائهم وبناتهم من شجاعة التطوع للعودة الى العراق والحدود السورية التركية دفاعا عن المدن والقرى الكردية (يبدو أن الضخ الإعلامي الذي رافق حصار مدينة كوباني كان له بالغ الأثر في الحشد وتحريك الهمم). وثانيا بكونهم يمتلكون قدرة على الاقناع ومساحة من التعاطف الدولي الإنساني معهم، فيتطوع للحرب معهم غربيون بالأصل والفصل لا يختلفون عن أولئك الذين اختاروا داعش.
الذين يعيشون في الغرب يعرفون حجم تأثير الأكراد، العراقيين على وجه الخصوص، وممثليهم على الرأي العام وصنّاع القرار، ومدى تغلغلهم في مؤسسات المجتمع المدني. وما يحدث الآن في شمال العراق ومناطق أكراد سوريا، هو الفرصة المثالية لتعزيز هذا التغلغل واستثماره من أجل المزيد من التعاطف.
الكندية جيل روزنبرغ (31 عاما) المجندة السابقة في الجيش الإسرائيلي، التي انتشرت أنباء عن أن تنظيم الدولة الإسلامية أسرها في كوباني خلال الايام القليلة الماضية، ستبقى نموذجاً يُدرّس عن هذه الحالات.
وصلنا الآن إلى مستوى آخر من عولمة الجهاد، مختلف وجديد. ذلك ان الأمور بهذا المنطق ستقود إلى قتال وقوده شبان غربيون لكن فوق أرض عربية ولأسباب عربية.
هذا أخطر ما اصاب المجتمعات الغربية. أسوأ ما فيه أنها أخفقت في توقع حدوثه إلى أن حدث وأصبح أمراً واقعا في السنتين الأخيرتين عليها معالجته ومواجهته.
في التاريخ الحديث للجهاد والجهاد بالوكالة لم يُعرف أن جلب طرفا القتال، على تناقضهما، مقاتلين من القارة ذاتها وحتى البلد ذاته. إذا كان لا بد من الاستشهاد بحالة أفغانستان أثناء الوجود السوفييتي ولاحقا أثناء الاحتلال الأمريكي، وجب القول أن هذا البلد جلب مئات وربما آلاف الشبان العرب والمسلمين للالتحاق بطرف واحد معروف هو الذي ادّعى أنه عاهد الله على إعلاء كلمة الحق أو الاستشهاد دونها.
تنظيم القاعدة شكـّل مغناطيسا جذب المقاتلين من مختلف أرجاء العالم، لكن الأطراف التي كانت تقاتله ـ ولا زالت ـ استعانت في الغالب بالجيوش النظامية وربما بالمرتزقة الذين يقبضون ثمنا مقابل خدماتهم ولا مساحة في منطقهم للعقيدة والولاء.
القطعة هذه المرة مختلفة لها وجه ثالث لا يجرؤ كثيرون على الاهتمام به. هو إسرائيل التي تجنّد بطرقها شبانا غربيين يهود، يلتحقون بجيشها مجندين أو متطوعين حتى من دون الحاجة إلى الجنسية الإسرائيلية.
هؤلاء يقومون بمهمات ما أن تنتهي أو تنتهي فترة التجنيد حتى يعودوا إلى مجتمعاتهم الغربية وفي رصيدهم عدد من القتلى الفلسطينيين والبيوت المدمرة والصواريخ المقذوفة.
هذه أيضا «دعشنة» من نوع خاص هو الأحدث، تثير جدلا سياسيا محتشما هذه الأيام في فرنسا. وقد دعا برلمانيون إلى مناقشة الموضوع في الجمعية الوطنية (مجلس النواب)، وفق مجلة «نوفيل أوبسيرفاتور» في عددها الأخير.
٭ كاتب صحافي جزائري
توفيق رباحي
انت وينك يا زلمة بتغيب غيبات طويلة
على العموم بالنسبة للارهاب اصبح استثمار مربح فانظر من الرابح و من الخاسر بهالتجرة
tahlil manti9i
السؤال الأول بالنسبة لي هل هناك فرق ما بين القسم الأول من عنوانك عن القسم الثاني من عنوانك؟ وفي محاولة للإجابة على ذلك أقول:
العولمة وهيكلها الذي اساسه لُغة التجارة أو بمعنى آخر ثقافة الـ نحن لأنها تحتاج إلى طرفين لكي تتم أي صفقة تجارية، تختلف عن الديمقراطيّة التي أساسها ثقافة الـ أنا أولا ومن بعدي الطوفان.
الديمقراطية لولم تكن في حاجة إلى نقد، لما طالب أهل اسكتلندة بالاستفتاء في بريطانيا، أو أهالي كتالونيا في اسبانيا، أو أهالي الباسك في فرنسا، أو أهالي بافاريا في ألمانيا، أو المورمن في أمريكا.
الوسط الديمقراطي له أخلاقياته وطباعه، وكذلك العولمة، أي في كل وسط يفرض اسلوب أخلاقياته وطباعه على المتعاملين به، الإشكالية التي نحن فيها، هو تداخل الأوساط، ممّا أدّى إلى خلخلة الوسط الديمقراطي والذي يمثله نظام الأمم المتحدة، والذي عماد هذا الوسط هو السَّامريَّ (الجيش والأجهزة الأمنية والقضائية).
ومن وجهة نظري أنَّ سبب غضب النظام العالمي على اسامة بن لادن هو الدخول في منافسة السّامريّ على رزقه في موضوع أنّه تطاول وقدم عرض تجاري أرخص في تكلفته إلى النخب الحاكمة في دول الخليج ولم تستطع الأمم المتحدة منافسته، في مسألة من يُخرج صدام حسين من الكويت عندما ألغى وجودها خلال أربع ساعات بواسطة سامريّ العراق (الجيش والأجهزة الأمنية والقضائية) في .2/8/1990
وبما أنَّ النظام الديمقراطي لا يعترف بالسوق الحر ليس داخل حدوده بل وحتى خارج حدوده، ببساطة لأنّه يعيش على الضرائب التي يجنيها من كل المعاملات التجارية التي تحصل تحت حدود سيطرته، فكيف الحال عندما تكون خارج حدود سيطرته، وفي سبيل المحافظة على مدخولاته من الطبيعي أن يستغل تطويع القوانين من أجل ذلك بلا ذمة ولا ضمير ولا أخلاق، فتم تجريم اسامة بن لادن ومطاردته في جميع أرجاء المعمورة.
ومن أجل أن يستطع السّامريّ منافسة عرض مشابه لعرض اسامة بن لادن في المستقبل، عمل على اقتباس مفاهيمه التجارية في كيفية تخفيض تكاليف جيش اسامة بن لادن، فكان لا بد من قولبته أولا باسم، فأطلق عليهم القاعدة، وهذا الاسم اتى من قاعدة البيانات لأهالي المجاهدين الذين قُتلوا في ساحات الجهاد التي كان يتحمل مصاريفهم اسامة بن لادن من خلال جمعيته الخيرية والتي كان مسؤول عن إدارتها د. عبدالله عزام، الاقتباس بدون فهم تؤدي إلى تشوهات فضيعة كما لاحظناها فيما خرجت لنا من شركات مثل بلاك ووتر وفالكون وغيرها.
من وجهة نظري الشعب لا يهمه من يحكم طالما النخب الحاكمة بمثقفيها تعاملوا معه قولا وفعلا بشيء من الأخلاق التي اساسها المصداقية والشفافية، وهذا لن يحدث ما دام الاهتمام بتسويق ثقافة الـ أنا أولا هي الطاغية في النظام، بل يجب تجاوز ضيق ثقافة الـ أنا إلى سعة ثقافة الـ نحن قولا وفعلا لمن يرغب في حل.
وعن “وسيلة التجهيل الأكثر حداثة (الإعلام)” من خلال المثقف “موظف الدولة” والتي سببها من وجهة نظري، هو أنَّ الفلسفة مبنية على اساس، أن هناك شيء يمثل خلاصة العقل، ولكي يُبدع، عليه أن يكون فوق النقد، وتزيد المأساة عندما لا يعترف، بضرورة الالتزام بمعنى المعاني، الواردة في القاموس، وتصبح النكبة الكبرى، عندما يكون مفهوم الإبداع، هو في كيفية تحطيم هيكل اللغة نفسها؟! من خلال مفهوم صناعة الصنم أو العمل على تكسيره من خلال الصعود على أكتافه.
ولذلك من وجهة نظري أثبت الشعب أنّه أكثر وعيا من مثقفينا
فقد أخطأ المثقف عندما ظنَّ أنَّ الشعب يُريد الديمقراطية في 25/1/2011
كما أخطأ المثقف عندما ظنَّ أنَّ الشعب يُريد الديكتاتورية في 30/6/2013
فالشعب يُريد اسقاط النظام الذي يُنتج مثقف ونخب حاكمة، يتعامل معه بنفس اسلوب وغموض عبدالفتاح السيسي بسبب خلفيته المخابراتيّة، التي لا تستطيع البوح بأي شيء، بشكل منطقي وموضوعي، وبالتالي لن يتعارض مع العلم.
وعلى ضوء ذلك أنا لاحظت أنَّ المثقف “الفلسفي” لا يُجيد النَّقد بشكل عام، وخصوصا من يدعي، أو يتعامل وفق اسلوب الحياد منهم، لأنَّ النّقد، يحتاج في اجادته، إلى الخروج، من ضيق ثقافة الـ أنا، إلى سعة ثقافة الـ نحن، فالنّقد يحتاج إلى رؤية متكاملة، تعترف بالـ آخر أولا، وتُحيط بالسياق، وأجواء الزمان والمكان، التي تم تكوين النص فيها، ناهيك عن ضرورة وجود خبرة باللغة، أو باللغات، التي تم استخدامها في النص، وإلاّ سيتحول النّقد، إلى وسيلة، لاستعراض قدرات النّاقد، في الفذلكة اللغويّة، ليس إلاّ، إن لم يكن، وسيلة لهدم القيم والأخلاق، من خلال اللغة الضبابيّة، التي يستخدمها، للتغطية على جهله، فيما ينقده على الأقل
فالواقع وتجاربه وحتى نتائج الانتخابات في ليبيا واليمن أثبتت حينما رفع العلمانيين والليبراليين شعارات أخلاقية تم انتخابهم.
ما رأيكم دام فضلكم؟
اما عندنا في المغرب يا سي توفيق فموقعة عين العرب كوباني والتي كما تفضلت ضخ فيها الاعلام جرعات مريبة فقد وضفتها بعض الحركات الامازيغية الكافرة بما كل هو عربي وتماهت مع الكرد وكانهم وحدهم من المكون السوري والعراقي من تلظى بنيران داعش ولعل قصة تلك الشاعرة التي دعت الى جهاد نكاح مضاد لم تغب عنك هو اذا اسغلال ماسي شعوب من اجل فطف ثمار كريهة