بغداد ـ «القدس العربي»: يسعى تحالفا «البناء» بزعامة هادي العامري، و«الإصلاح والإعمار» المدعوم من زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، إلى إقناع الحزب «الديمقراطي الكردستاني»، بزعامة مسعود بارزاني في المشاركة في الحكومة الجديدة، في ظل إصراره على «شروطه الثلاثة» لحسم أمره في المشاركة من عدمها.
واستقبل زعيم الديمقراطي الكردستاني أخيراً، في مدينة أربيل عاصمة إقليم كردستان العراق، وفدا رفيع المستوى من تحالف «الإصلاح والإعمار» برئاسة زعيم «تيار الحكمة»، عمار الحكيم.
وطبقاً لمواقع إخبارية مقرّبة من الحزب الديمقراطي الكردستاني، فإن الوفد التقى بارزاني وعددا من القيادات أبرزهم فاضل ميراني وفؤاد حسين وسداد البارزاني وعلي حسين وكريم سنجاري ومحافظ أربيل، مبينة أن اللقاء تضمن بحث عدة ملفات منها «تشكيل الحكومة المقبلة والعلاقات بين بغداد وأربيل».
وضم وفد تحالف «الإصلاح والإعمار»، كلاً من صالح المطلك زعيم جبهة «الحوار» المنضوية في التحالف، وخالد العبيدي القيادي في كتلة «بيارق الخير»، ونصار الربيعي رئيس الوفد المفاوض للتيار الصدري، إضافة إلى ممثل عن رئيس الحكومة السابق، حيدر العبادي.
وتأتي زيارة وفد تحالف الصدر، بعد يوم واحد من زيارة وفد آخر يضم قادة تحالف «الفتح»، بهدف «فتح صفحة جديدة» ومعالجة الخلافات بين الإقليم والمركز.
ضرورة معالجة المشكلات
وطبقاً للموقع الرسمي لحزب بارزاني، فإن الوفد «أشار إلى دور ومكانة الحزب الديمقراطي الكردستاني في الماضي والحاضر ومستقبل كردستان والعراق»، مؤكدين على ضرورة «معالجة المشكلات والقضايا العالقة بين الإقليم وبغداد، وفتح صفحة جديدة من العلاقات بين الجانبين بما يصب في خدمة مصلحة العراق وإقليم كردستان». وأوضح أن «البارزاني سلط الضوء على العلاقات بين الإقليم وبغداد»، مؤكداً أن «شعب كردستان صاحب قضية مشروعة». كذلك، نقل موقع الحزب عن بارزاني قوله: «أن فتح صفحة جديدة ومعالجة الخلافات بحاجة الى أساس للتوافق، ومراعاة الشراكة من أجل عدم تكرار عراقيل ومشكلات الماضي».
في الأثناء، كشفت مواقع إخبارية تابعة لتيار الحكمة، عن زيارة لوفد يمثل تحالف «الإصلاح والإعمار» إلى إقليم كردستان العراق، ولقاء بارزاني اليوم الاثنين.
ويعوّل الديمقراطي الكردستاني على البرنامج الحكومي للحكومة المقبلة، إضافة إلى مدى التزام الشركاء بتطبيق الدستور، لإبداء موقفه النهائي من المشاركة في حكومة رئيس الوزراء المكلّف عادل عبد المهدي من عدمها.
النائب عن الديمقراطي الكردستاني، آرام بالاتي، قال لـ«القدس العربي»، إن حزبه «لم يقرر بعد المشاركة في الحكومة الجديدة»، معتبراً أن هذا الأمر «متروك لما نتوصل إليه من رؤى مشتركة بيننا وبين رئيس الوزراء المكلّف عادل عبد المهدي وبقية الشركاء السياسيين».
وعن أبرز العقبات التي تهدد مشاركة الحزب في الحكومة الجديدة، أوضّح قائلاً: «مشكلاتنا متوقفة على خطط الحكومة للمرحلة المقبلة، إضافة إلى البرنامج الحكومي، وهل سيضمن لنا هذا البرنامج تطبيق الدستور والحفاظ على المبادئ الرئيسية المتفق عليها بين المكونات الأساسية في العملية السياسية؟»، مبيناً أن هذه المبادئ هي «التوافق والتوازن والشراكة».
وتابع النائب عن حزب بارزاني: «نحن كحزب لن نشارك في الحكومة الجديدة من أجل منافع حزبية أو مناصب معينة، بل من أجل أن يشعر المواطنون في إقليم كردستان أنهم يعاملون معاملة المواطن من الدرجة الأولى وليس كمواطنين من الدرجة الثانية». على حدّ قوله.
وفي العاصمة بغداد، باشر رئيس الوزراء المكلّف عادل عبد المهدي، أعماله خارج المنطقة الخضراء شديدة التحصين أمنياً، في خطوة لم يعتد عليها العراقيون منذ عام 2003، حيث أقام وعمل رؤساء الحكومة في القصر الرئاسي طوال 15 عاماً مضت.
وقال مكتب عبد المهدي في بيان، إن الأخير «باشر أعماله (أمس الأول) في مكتبه الجديد في بغداد في المنطقة الواقعة مقابل محطة القطارات العالمية المركزية ـ الكرخ»، مضيفاً: «فور مباشرته، عقد عادل عبد المهدي عدة لقاءات داخل المبنى تتعلق بتشكيل الحكومة والبرنامج الحكومي».
وفي مقره الجديد، التقى عبد المهدي أمس الأحد، وفد حزب «دعاة الإسلام» برئاسة خضير الخزاعي.
وقال في بيان: «جرى بحث تشكيل الحكومة والبرنامج الوطني وأولوياتها، والتأكيد على أهمية دعم الحكومة المقبلة لتقديم كل ما من شأنه أن يساهم بخدمة المواطنين والإرتقاء بجميع القطاعات في البلد».
وأيضاً، استقبل عبد المهدي نائب وزير الخارجية الأمريكي جون سيلفان، الذي هنأه بمناسبة تكليفه بتشكيل الحكومة. وأعرب عن دعم الولايات المتحدة الأمريكية للعراق وللحكومة المقبلة في جميع المجالات. حسب بيان لمكتب رئيس الوزراء المكلّف.
وحسب البيان «جرى خلال اللقاء مناقشة تعزيز العلاقات بين البلدين والأوضاع في العراق والمنطقة وأهمية استمرار الدعم الدولي للعراق في مجال الإعمار بعد أن حقق الانتصار على الإرهاب».
سوليفان التقى كذلك رئيس الجمهورية، برهم أحمد صالح، الذي دعا الولايات المتحدة الأمريكية إلى «ضرورة تجنيب العراق تبعات التوترات الإقليمية الناشبة في المنطقة».
ووفقاً لبيان صادر عن مكتب صالح، فقد طالب الأخير واشنطن بـ«الأخذ بنظر الاعتبار موقع ووضع العراق، والتأكيد على سيادة العراق ومصلحته الوطنية في تثبيت الاستقرار بما يسهم في إعادة الأعمار وتطوير البنى التحتية للمناطق المتضررة من الإرهاب»، وفق البيان.
سوليفان أكد «مساندة بلاده للعراق في شتى الميادين»، مشيراً إلى «سعي بلاده لتطوير علاقاتها مع العراق وتعزيز التعاون المشترك خصوصا في المجالات الاقتصادية وتشجيع الاستثمار».
رقابة شديدة
وتراهن القوى السياسية على مدى مسؤولية عبد المهدي في اختيار حكومته الجديدة، بكونها ستكون تحت رقابة مشددة من قبل مجلس النواب الاتحادي.
النائب عن تحالف «سائرون» الذي يعدّ نواة تحالف «الإصلاح والإعمار»، برهان المعموري قال لـ«القدس العربي»: «بعد إغلاق التقديم الإلكتروني للمناصب الوزارية، نأمل خيراً من رئيس الوزراء المكلّف في تقديم شخصيات كفوءة ونزيهة».
وأقرّ بوجود «ضغوطات سياسية على عادل عبد المهدي»، لكنه رأى أن ذلك «لا يخليه من المسؤولية، في ظل الدعم الكبير الذي تلقاه. من المفترض أن يستثمر رئيس الوزراء المكلّف هذا الدعم في اختيار شخصيات يرى أنها مناسبة للمناصب».
وأشار إلى أن «الفترة المقبلة ستشهد رقابة شديدة من قبل مجلس النواب على عمل وأداء الحكومة، وسيكون هناك تقويم لعمل الحكومة في حال نجاحها أو محاسبتها بقوة في حال إخفاقها في مهمتها»، داعياً عبد المهدي إلى أن «يحسن الاختيار ويبتعد عن جميع الضغوطات، وإلا سنعود لما شهدناه في الدورات السابقة، بانتماء الوزراء إلى الأحزاب. نحن نريد مغادرة ذلك». كذلك، لفت إلى أن «هناك حقوقا للقوميات والمكونات الذين لديهم شارع وجمهور. يمكنهم أن يقدموا مرشحيهم، لكن يجب أن يكونوا مستقلين وكفوئين ونزيهين ويمتلكون مقبولية لدى الكتل السياسية الأخرى، حتى تضمن تمريرهم داخل مجلس النواب»، منوهاً أن «هناك كتلا سياسية ما تزال متمسكة باستحقاقاتها الانتخابية، وهذا أمر مشروع، بكون إن لديها جمهورا انتخبهم وأوصلها لهذا المستوى، وبالتالي فإن عليها خدمتهم».
ودعا، القوى السياسية إلى النظر إلى «الوضع الحالي للبلد. هناك بطالة وسوء خدمات فضلا عن تردي الأوضاع الأمنية والمالية والاقتصادية، الأمر الذي يحتاج إلى تعاون والابتعاد عن جميع الخلافات التي كانت سائدة طوال الفترة التي مضت».