قبل بضع سنوات، أرشدتُ مجموعة موظفين بدورة في السياسة العامة والحكم المحلي. في لقاء نهاية الدورة، الذي دعي إليه مسؤولون كبار في السلطات المحلية، عرضت إحدى الطالبات عملاً لها تضمن توصيات حادة لتغييرات في أنظمة القوى البشرية والإدارة في السلطات. وغداة نهاية الدورة، دعوت تلك الطالبة إلى مكتب مسؤول كبير في السلطة المحلية، فعرض عليها وظيفة تقود في إطارها وتطبق التغييرات التي اقترحتها في عملها.
وفي نقلة حادة، نشرت في نهاية الأسبوع في “ملحق معاريف” مقابلة مع النائب يوآف غالنت من الليكود، عنيت أساساً بالعنف والجريمة البدوية في الجنوب. “إذا سقط النقب ستسقط القدس وتل أبيب أيضاً”، قال. أقواله صحيحة. ما يحصل في النقب اليوم نتيجة إهمال لسنوات في جملة مجالات: التعليم، والبناء، والتنمية المحلية، والعناية الصحية، والتشغيل، وإنفاذ القانون. سبق أن قيل كثيراً عن الفوارق بين المركز والمحيط في كل ما يتعلق بشروط الحياة وإمكانيات التشغيل، ولكن مشكلة إنفاذ القانون أعمق منها. فأن تكون البنى التحتية غير كافية أو ألا يكون هناك جواب صحي مناسب لسكان الجنوب، فذلك لا يبرر العنف المستشري، والنار منفلتة العقال من السيارات المسافرة، أو ظاهرة الخاوة، وسرقة السيارات أو العتاد الزراعي، والبناء بلا تراخيص. كل هذه نتيجة فقدان قدرة الحكم. الادعاء بأن الحديث يدور عن حفنة خارقين للقانون يلقون الرعب في قلوب الأغلبية، لم يعد صحيحاً. يخيل أن هذا بات طريقة عمل إجرامية تمس بكل ما هو طيب في منطقة الجنوب.
من مثل غالنت، زعيم مع سيرة ذاتية غنية ومليئة بالإنجازات، ليعرف الجنوب في ضوء خدمته العسكرية في الجبهة كقائد المنطقة الجنوبية. كما أنه واجه هذه الفوارق وهو في المناصب التي تسلمها، كوزير للبناء والإسكان وكوزير للتعليم. في التقرير الصحافي، أحصى عدة طرق لمعالجة الوضع، ومن ضمنها التشريعات، والعقاب الشديد على مخالفات حيازة السلاح، وتجنيد مكثف لقوات حفظ النظام، وتخطيط بلدي متجدد للبلدات البدوية. عليه أن يحمل الاقتراحات إلى رئيس الوزراء بينيت، حتى لو رأى فيه مجرد “سكرتير حكومة” كما تلفظ في التقرير الصحافي، وأن يفكر معه ويبني خطة لتطبيقها هنا والآن.
حتى عضو المعارضة يمكنه أن يحدث تغييرات دراماتيكية، إذ تعاونت المعارضة والائتلاف مؤخراً في إجازة قانون المواطنة. مثل هذا التعاون يجب استغلاله لمعالجة ما يجري في النقب. وكما قال دافيد بن غوريون في الماضي: “في النقب سيختبر الشعب في إسرائيل ودولته”.
بقلم: د. أوريت ميلر كُتّاب
معاريف 16/2/2022
ستغلبون يا قطعان الصهاينة وستهانون وتحشرون إلى جحيم الدنيا وجهنم الآخرة وبئس المصير !