دعوة جمعية الدراسات الامريكية إلى مقاطعة اكاديمية مع الجامعات الإسرائيلية هي صورة أخرى من صور معاداة السامية
23 - ديسمبر - 2013
حجم الخط
0
نشرت ‘جمعية الدراسات الأمريكية’ (إي.إس.إي) قبل بضعة أيام دعوتها الأولى منذ كانت إلى فرض قطيعة أكاديمية. ولم تكن الدعوة موجهة على الصين التي تطرح أكاديميين يعارضون نظام الحكم في السجون. ولا على إيران التي تُعدم أكاديميين يعارضون نظام الحكم. ولم تكن على روسيا التي تُقيل جامعاتها أكاديميين يعارضون نظام الحكم. ولا على كوبا التي لا يوجد البتة في جامعاتها أكاديميون يعارضون نظام الحكم. ولا على السعودية التي ترفض مؤسساتها الأكاديمية إعمال نساء أو لوطيين أو مسيحيين. ولا على السلطة الفلسطينية التي يرفض الأكاديميون فيها السماح بتباحث حر في مسألة الصراع الإسرائيلي الفلسطيني. كانت الدعوة إلى قطيعة مع المؤسسات الأكاديمية للدولة اليهودية، إسرائيل فقط. التي يوجد في جامعاتها التي تفخر بحرية أكاديمية أكبر مما في كل الدول الأخرى في العالم تقريبا، خطط دراسية لطلاب فلسطينيين. حينما قدّرت جمعية الدراسات الأمريكية قضية القطيعة، نشرت دعوة إلى أعضائها وكثير منهم مؤرخون. وطلبت إليهم أن يذكروا اسم دولة واحدة في التاريخ العالمي تواجه تحديات تشبه التي تواجهها إسرائيل، ولها سجل أفضل في قضية حقوق الإنسان واهتمام أكبر بحياة مدنيين أعداء، وتغلب عليها درجة أعلى من سلطة القانون وجهاز قضاء شديد التطلب، وفيها حرية أكبر في انتقاد الحكومة، من دولة إسرائيل. ‘ولم يذكر أحد من أعضاء الجمعية اسم دولة ما، والسبب أنه لا توجد دولة كتلك. ليست إسرائيل كاملة، لكن لا توجد أية دولة أخرى كاملة وإسرائيل أفضل كثيرا من أكثر الدول. اذا استقر رأي منظمة أكاديمية على أن تفعل فعلا غير أكاديمي القطيعة مع مؤسسات أكاديمية من دولة أخرى فعليها أن تفعل ذلك على حسب شدة المس بحقوق الإنسان وعدم قدرة مواطني تلك الدولة على طلب رفع هذه المظالم. ‘وعلى حسب هذه المعايير يجب أن تكون المؤسسات الأكاديمية الإسرائيلية آخر ما يُقطع معها. ‘أنا نفسي أعارض سياسة إسرائيل الإستيطانية وقد دعوت قبل زمن بعيد إلى إنهاء الإحتلال. لكن إسرائيل اقترحت إنهاء الإحتلال مرتين في الـ 13 سنة الأخيرة. كانت المرة الأولى في 2000 2001 حينما عرض رئيس الوزراء إيهود باراك على الفلسطينيين دولة في مساحة 95 بالمئة من المناطق المحتلة. وكانت المرة الثانية حينما عرض رئيس الوزراء إيهود أولمرت على الفلسطينيين صفقة أسخى. ورفض الفلسطينيون العرضين ولا شك في أنهم مشاركون في ذنب استمرار الإحتلال. وتجري الآن مرة أخرى جهود لإنهاء الإحتلال مع تجدد المحادثات، ويعارض رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس هو نفسه القطيعة مع مؤسسات إسرائيلية أكاديمية. ‘إن التيبت تحتلها الصين، وجمهورية الشيشان تحتلها روسيا، والمناطق الكردية تحتلها بضع دول. ولم تُقدم في هذه الحالات اقتراحات ما لانهاء الإحتلال، وبرغم ذلك لم تُعلن قطيعة ما مع المؤسسات الأكاديمية للدول المحتلة. حينما قيل لرئيس جمعية الدراسات الأمريكية، كارتيز مايرز، وهو أستاذ كرسي في الدراسات العرقية في جامعة كاليفورنيا، إن دولا كثيرة ومنها كل جارات إسرائيل تسلك سلوكا اسوأ منها بكثير، أجاب: ‘يجب البدء في مكان ما’. لكن هذه القطيعة لا تبدأ بإسرائيل فقط ولن تنتهي بإسرائيل. ويُذكرني كلام مايرز السخيف بالجواب ضيق الأفق لرئيس هارفارد أ. لورنس لويل، الذي كان معروفا بمعاداته للسامية حينما قرر الأنصبة المضادة لليهود في مطلع القرن العشرين. وحينما سُئل لماذا قرر أنصبة لليهود فقط أجاب: ‘اليهود مخادعون’. وحينما ذكّره القاضي الكبير بلينغز ليرند هيند بأن المسيحيين يحتالون ايضا أجابه لويل: ‘أنت تغير الموضوع، نحن نتحدث عن اليهود’. ‘كان يمكن أن نعتقد أن مؤرخين وغيرهم، أعضاء في جمعية الدراسات الأمريكية، سيفهمون في ضوء تاريخ تمييز اليهود أنه لا يمكن اختيار دولة اليهود وجامعات يهودية لتكون شيئا يتم البدء به، والوقوف هناك. ‘تزعم جمعية الدراسات الأمريكية أنها لا تقطع مع أساتذة إسرائيليين بل مع الجامعات التي يدرسون فيها فقط. وهذه لعبة كلام غبية لأنه لن ينشئ أي استاذ إسرائيلي يحترم نفسه علاقة مع منظمة تقاطع معاهد وجامعات إسرائيلية. وفي الحقيقة لا يؤيد أي استاذ أمريكي يحترم نفسه على أي نحو كان أعمال هذه الجمعية الضيقة الآفاق. قبل بضع سنوات حينما قُدرت مقاطعة مشابهة، نشرت مجموعة أكاديميين أمريكيين عريضة مضادة أعدها الفائز بجائزة نوبل في الفيزياء، ستيفن فاينبرغ وأنا أيضا، وكانت صيغتها كما يلي: ‘نحن أكاديميون ودارسون وباحثون ومختصون من أبناء ديانات مختلفة وآراء سياسية مختلفة. نتفق جميعا على أن فرض مقاطعة أكاديمية مع إسرائيل عمل خاطئ. ولنبرهن على تضامننا في هذا الشأن مع زملائنا الأكاديميين الإسرائيليين، نعلن نحن الموقعين أدناه’ أننا أكاديميون إسرائيليون في مواجهة كل مقاطعة أكاديمية. سنرى أنفسنا أكاديميين إسرائيليين ونرفض المشاركة في كل نشاط يُبعد عنه أكاديميون إسرائيليون’. وقّع أكثر من عشرة آلاف أكاديمي على هذه العريضة وفيهم فائزون كثيرون بجوائز نوبل ورؤساء جامعات وعلماء كبار من جميع أنحاء العالم. يجب أن يخجل أعضاء جمعية الدراسات الأمريكية لأنهم ‘اختاروا’ اليهود من بين الشعوب جميعا. إن مؤسسات إسرائيل الأكاديمية قوية بقدر كاف لتجتاز هذا السلوك المتطرف. والسؤال الحقيقي هل تستطيع الجمعية اجتيازه على خلفية آرائها المسبقة. ‘ هآرتس ـ 23/12/2013