دلالات ردّ أردوغان للوسام اليهودي الأمريكي

اسطنبول ـ «القدس العربي»: قبل عشر سنوات وتحديدًا في عام 2004 منح المؤتمر اليهودي الأمريكي رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان وساماً تقديراً على دوره في رعايته لعلمية السلام في الشرق الأوسط، وتحدياً بين الدول العربية والدولة الإسرائيلية، وكان لرئيس الوزراء عام واحد في هذا المنصب حيث تولى منصب رئاسة الوزراء لأول مرة في عام 2003، مما يعني أن موقف المؤتمر كان يريد من خلال هذا الوسام إلزامه بالعمل في مشروع السلام الذي يرضي المؤتمر اليهودي الأمريكي، ولكن وبعد عشر سنوات تبيّن لهذا المؤتمر أن رئيس الوزراء التركي لم يقم بهذا الدور في عملية السلام بحسب المنهج المرسوم من المؤتمر اليهودي الأمريكي، وتبين لهم أيضاً أنه لم يلتزم الصمت والحياد اتجاه المجازر البشرية التي يقوم بها الكيان الصهيوني الإسرائيلي تجاه العرب عموماً وتجاه أهل فلسطين خصوصاً، وتجاه اهل غزة أكثر خصوصية وألماً.
الدولة الإسرائيلية قامت وخلال العشر سنوات الماضية بعدة حروب كبيرة وقاسية ضد لبنان عام 2006، وضد غزة عام 2008 و2009 وعام 2012 وعام 2014 ، ولا هدف لها إلا إخضاع المنطقة تحت السيطرة العسكرية الإسرائيلية، وتحت الهيمنة السياسية والأمنية الإسرائيلية، ولكن دون أن تتمكن من تحقيق نجاح في هذا المجال، باستثناء نجاحها في قتل عدد كبير من أبناء الشعب الفلسطيني المدنيين، وهو هدف لا يمكن نفيه عن السياسية الإسرائيلية التي تهدف إلى إيقاع أكبر عدد من القتلى في الفلسطينيين بحسب التصور الصهيوني، وفي تقدير الحركة الصهيونية والدولة الإسرائيلية أن للدولة التركية دور كبير في فشل هذه الحروب الإسرائيلية في تحقيق أهدافها العسكرية والسياسية، وبالأخص بعد أن دخلت تركيا بزخم كبير في شؤون الشرق الأوسط والبلاد العربية والصراع العربي الإسرائيلي منذ تولي حزب العدالة والتنمية رئاسة الحكومة التركية منذ عام 2002.
فالموقف التركي الشعبي والرسمي هو من أعلى الأصوات العالمية المنددة بالعدوان الإسرائيلي على أهل غزة العزل من السلاح بالمقياس العسكري وبالنظر إلى ما تمتلكه الدولة الإسرائيلية من ترسانة عسكرية هائلة، بل لم يتوقف الموقف التركي بالتنديد بهذه الحروب فقط، ولا بفضح المواقف الإسرائيلية الكاذبة في المحافل الدولية كما حصل في مؤتمر دافوس عام 2010 في السجال المشهور بين رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان والرئيس الإسرائيلي شمعون بيريز وانسحاب أردوغان من المؤتمر بطريقة فضحت الأكاذيب الإسرائيلية والجرائم التي ترتكبها ضد المدنيين والأبرياء والأطفال من أهل غزة، ودون أن يتوقف الموقف التركي على التنديد الكبير بالعدوان الإسرائيلي بل بمشاركة الشعب التركي بعمليات مساعدات إنسانية شجاعة في فك الحصار عن قطاع غزة وتقديم الشهداء العشرة على متن أسطول الحرية، وهم يواجهون فك الحصار بصدورهم العارية وقلوبهم المؤمنة والصادقة نحو المظلومين والمستضعفين في قطاع غزة.
لذلك وبعد تنديد الحكومة التركية بالعدوان الأخير والمستمر على قطاع غزة منذ اليوم السابع من هذا الشهر تموز 2014 وبعد سقوط أكثر من ألف شهيد وأكثر من خمسة آلاف جريح وتهديم عشرات البيوت والمدارس والمستشفيات على أهلها، جاء قرار المؤتمر اليهودي الأمريكي بالطلب إلى الحكومة التركية باسترجاع الوسام المقدم لها ولرئيسها عام 2004، ظآنة أنها تعاقب هذه الحكومة ورئيسها بسحبها للوسام الممنوح له، متجاهلة عدد الشهداء والجرحى وأن معظمهم من المدنيين والأطفال والنساء والشباب الأبرياء الذين لا يشاركون في القتال، فبدل أن يُصدر المؤتمر اليهودي الأمريكي بياناً يندد فيه بالعدوان الهمجي الإسرائيلي ضد أهل غزة، إذ به يقف إلى جانب العدوان وإلى جانب القتلة والمجرمين، وهو يشاهدون قتلى أهل غزة يقطعون أشلاء في هجمات طائرات ف16 الأمريكية والقذف المدفعي عن بعد.
لقد جاء الجواب الرسمي التركي مناسباً وشجاعاً وبطريقة إيجابية مؤثرة بأن الحكومة التركية ترحب بطلب المؤتمر اليهودي الأمريكي استعادة «وسام الشجاعة» الذي منحته لرئيس الوزراء التركي، رجب طيب أردوغان، ومذكرة بأن الحكومة التركية تندد بالمؤتمر اليهودي الأمريكي أيضاً الذي لا يكترث بالسياسات الاحتلالية والوحشية التي تمارسها الحكومة الإسرائيلية.
لقد جاء رد الحكومة التركية في رسالة خطية بعثت بها منسقية الدبلوماسية العامة التابعة لرئاسة الوزراء التركية، عبر السفير التركي لدى واشنطن «سردار قليج» إلى رئيس المؤتمر اليهودي الأمريكي «جاك روسن» وبحسب بيان المنسقية التركية التابعة لرئاسة الوزراء التركية، أي أن الحكومة التركية حريصة في التعبير عن ترحيبها ورضاها بإرجاع الوسام إذا كان ثمنه تأييد الظلم.
لقد رأت الحكومة التركية في هذا الطلب مبعث سعادتها وسرورها لأنها لا تقبل أن تقبض ثمن سكوتها على الجرائم الإسرائيلية بمثل هذا الوسام، الذي لن يمثل إلا وسام الخوف والجبن، لو بقيت الحكومة التركية ساكتة لا سمح الله على هذه الجرائم ورحبت بالإبادة البشرية، فهي لن تمالئ الحكومات الأوروبية بل ولا الإسلامية ولا العربية بأسف شديد، وهذا يدلل بأن الحكومة التركية ورئيسها لا يبيعون مواقفهم الشجاعة بأوسمة لا تمثل الشجاعة، وإنما تمثل السكوت على الظلم وممالئة الظالمين.
إن الوسام الذي تعتز به الحكومة التركية هو أن فصائل المقاومة في غزة قد وكّلت الحكومة التركية التفاوض بالنيابة عنها لإنهاء العدوان بالشروط التي يضعها أهل غزة، وفي مقدمتها كسر الحصار وفتح الحدود لأهل غزة للعيش بكرامة وأمن، إن هذا التفويض من أهل غزة للحكومة التركية والذي كشف عنه وزير الخارجية التركية في اليوم الثاني والعشرين من بدأ العدوان على غزة، يؤكد أن أهل غزة لم يجدوا في العالم كله موقفاً أشجع من موقف الحكومة التركية، وفي ذلك تقليد لوسام الشجاعة للحكومة التركية والشعب التركي بأكمله الذي يقف إلى جانب المظلومين.
إن العدوان الإسرائيلي وفي اليوم الثالث من أيام عيد الفطر يواصل استهدافه للمدنيين في الأسواق والمدارس والمستشفيات، وقد هاجم اليوم سوق حي الشجاعية فأسقط خلال دقائق عشرات القتلى ومئات الجرحى بما فيهم عددٌ من قوات الدفاع المدني والصحافيين والمدنيين العزل من السلاح.
لقد شددت الرسالة التركية في جوابها على طلب المؤتمر الأمريكي اليهودي على أن «أردوغان زعيم سبق أن أعلن للعالم أجمع أن معاداة السامية هي جريمة بحق الإنسانية، وهو يقيم علاقات وطيدة مع الجماعات اليهودية في تركيا، ويتخذ موقفاً من اليهود في تركيا ويهود العالم مغايراً لموقفه من السياسات الإسرائيلية» ولكن لذلك وكما أضافت الرسالة الجوابية “لا يجب توقع تجاهل رئيس الوزراء أردوغان سياسات الاحتلال والحصار والهدم ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة، كما أن عمليات القتل العشوائي لأكثر من ألف مدني، بينهم أطفال ونساء، وقصف المستشفيات والمدارس التابعة للأمم المتحدة، يعتبر انتهاكاً كبيراً لمبادئ حقوق الإنسان الدولية، ويذكر بتشكيل مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة لجنة لتقصي الحقائق بشأن احتمالية ارتكاب إسرائيل جرائم حرب أثناء الهجمات على غزة».
إن موقف الحكومة التركية الدائم والواضح يؤكد للعالم أجمع بأن الحل بين فلسطين وإسرائيل يتمثل في الانهاء الفوري للاحتلال، وإقامة دولة فلسطينية مستقلة في إطار خطة سلام دائمة، فإذا كانت الخطة الصهيونية والإسرائيلية مخالفة لذلك فلن يكون وسام المؤتمر اليهودي الأمريكي ثمن إسكات تركيا عن القيام بواجبها الإنساني، بل ستواصل تركيا دعمها لكل المظلومين في العالم وليس في فلسطين فقط، دون أن تكون حريصة على اقتناء وسام لا يمثل من الشجاعة شيئاً.
إن الدلالة الكبرى من هذه الحادثة ان الحركة الصهيونية واليهودية في أمريكا تخطئ في تأييد المجازر التي ترتكبها الدولة الإسرائيلية في فلسطين وغزة، وأنها تخسر أصدقاءها المعتدلين والذين يسعون إلى تحقيق السلام في المنطقة، وأن المؤتمر اليهودي الأمريكي يخطئ عندما يظن بأن أوسمته يمكن أن تسكت صوت الحق الذي يرفعه مظلوم أو يرفعه مستجيب لمظلوم.

محمد زاهد جول

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول ثائر:

    نعم لولا دولة الخلافة أصبحنا عبيدا في قصور الملوك الإسبان ولكن بفضل رجال الله عروج وخير الدين وحسان باشا والقلج علي والحاج حسين، بنينا دولة لم نستطع الوصول الى مستواها حتى الان انها الدولة الجزايرية سيدة البحر الأبيض المتوسط، انها الدولة التي وقفت الى جانب الخلافة بالقول والعمل.
    اردوقان حينما يعيد هذا الوسام فقد حصل على وسام انبل منه وأشرف منه وهو وسام المقاومة وسام فلسطين.
    غزة العزة تنكر لها العربان كل العربان واعني الحكام تساندها العجم من ترك وفرس ومعهم سيد المقاومة البطل الأبي حسن نصر الله.

  2. يقول عبدالله سلطنة عمان:

    قائد كبير يا أردوغان

  3. يقول غادة الشاويش:

    زاكر غولر واحمد امريكا لا تغضبا فنحن لا نعاني هذه الايام من الطغاة بل من وثنية تمجيد القتلة فمن ينتقد اردوغان ينتقده من زاوية معارضته لاجرام النظام السوري فحتى لو حرر اردوغان القدس سيكتبون ضده لانها عبادة اوثان الطغاة التي شاعت منذ زمن الجاهلية الاولى الشبيحة لا يقتلون النساء والاطفال فس سوريا بل يحاولون قتل الوعي والثقافة التي لا يدركونها هم لا يدركونانهم عندما يشنون هجومهم على اردوغان المنتخب من الشعب التركي انما يسيئون لخيار الاتراك ظانين في عبودية مثيرة للشفقة ان اردوغان كالاسد وبينهمافرق كبير :
    *الاقتصاد السوري : رجحت وحدة البحوث الاقتصادية في مجلة “الايكونومست” البريطانية في شباط/فبراير 2014, انخفاض الناتج المحلي في سوريا الى 34 مليار دولار في العام 2014, بعدما وصل الى 60 مليارا في 2010. وافاد تقرير للامم المتحدة في تشرين الاول/اكتوبر 2013, ان نصف السكان البالغ عددهم 23 مليون شخص باتوا تحت خط الفقر, و4,4 ملايين منهم يعانون كم “فقر مدقع”. وبلغ معدل البطالة 48,6 بالمئة. دفعت هذه الاوضاع بالسوريين الى التأقلم مع ظروف قاسية. ويقول يازجي “ما يطلبه السوريون اليوم خبز وشاي وسكر, وهذا قابل للتأمين”. وبحسب تقرير الامم المتحدة, خسر الاقتصاد السوري حتى النصف الثاني من 2013, ما مجموعه 103 مليارات دولار, منها 49 مليارا في 2012. واعلن مسؤولون رسميون سوريون في ايلول/سبتمبر الماضي, ان خسائر قطاع السياحة بلغت مليار ونصف مليار دولار, والصناعة 2,2 مليارين. وكان النفط, ابرز مداخيل الحكومة, اكثر القطاعات تضررا, اذ انخفض الانتاج بنسبة 96 بالمئة, من 385 الف برميل يوميا الى 14 الفا فقط, بحسب ما اعلن وزير النفط سليمان العباس في شباط/فبراير. ويعود هذا التراجع الحاد الى سيطرة مقاتلي المعارضة على غالبية حقول النفط في محافظتي دير الزور (شرق) والحسكة (شمال شرق), اضافة الى العقوبات الاوروبية على استيراد النفط ، وعلى ارغم من الدعم الاقتصادي الايراني لضمان استمرار الطاغية فانه من المتوقع بحسب الصحيفة استمرار حالة التدهور الى منتصف الالفين واربعة عشر
    * الاقتصاد التركي : بلدجي”، فقد حققت صادرات تركيا أرقاما قياسية و هي تحطّم الرقم تلو الآخر و وصلت الى 100 مليار دولار، و قد نما الناتج المحلي الإجمالي خلال الأربع سنوات و نصف من 181 مليار دولار ليصل الى 400 مليار دولار.
    امّا معدّل الدخل الفردي فقد ارتفع من 2589 دولار للفرد عند مجيء حزب العدالة و التنمية للحكم الى حدود 5700 دولار. و بينما كان النمو الاقتصادي في تركيا يشكل نسبة 2.6% منذ الأعوام 1993 و حتى العام 2002، فقد ارتفعت هذه النسبة بشكل هائل و مضاعف و سريع الى 7.3% في الأعوام ما بين 2003 -2007 .
    و استنادا الى الأرقام التي يطرحها رئيس جمعية الصناعيين و التجاريين المستقلة التركية “عمر بولات”، فانّ الفجوة بين اعلى دخل لـ 20% من المجتمع التركي و اقل دخل لـ 20% منه قد تدنّت في فترة حزب العدالة و التنمية و خاصة بين الأعوام 200 و 2007 إلى 7.1%.
    و وفقا لتقرير صادر عن مركز “ستراتفور” ، فانّ الاقتصاد هو احد أهم العوامل التي ستسمح لتركيا باستعادة دورها الاقليمي الذي كان سائدا قبل 90 سنة. ففي عام 2006، حققت تركيا المركز الـ 18 للدول الأعلى نموا في العالم من حيث الناتج المحلي الإجمالي، و قد حققت نموا مستمرا بين 5 و 8 % في السنّة لأكثر من خمس سنوات حتى الأن، لتحل خلف بلجيكا و السويد مباشرة.
    و في العام 2007 ، تقدّمت تركيا مركزا لتحتل المركز الـ 17 بناتج اجمالي يساوي حوالي 414 مليار دولار خلف هولندا و استراليا مباشرة بعد ان كانت تركيا تحتل المركز الـ 26 في العام 2002 و بواقع 183 مليار دولار فقط.
    هذا اولا

  4. يقول محمد ابو آية ، المغرب:

    اردوغان سيد الحكام العرب والعجم في زمانه

    اردوغان سيد الحكام العرب والعجم في زمانه ، لن يعاديه اﻻ معاد للاسلام
    او مساند لليهود او زبانية ما ذكرت . اما الحكام العرب فلا يجوز حتى تسميتهم حكام
    بل هم ادوات الغرب الصليبي ضد الاسلام مقابل الكراسي ﻻ غير.
    ان افضل وسام تقلد به اردوغان هو وسام المقاومة الفلسطينية التي ﻻ تثق اﻻ بهذا
    الزعيم العثماني الذي ﻻ يقبل بيع فلسطين تبعا لوصية اجداده العثمانيين وعكس ما يفعله
    العرب من بيع فلسطين مقابل رضاء الغرب ، فكفى تهاترات من الدفاع على اﻻعداء
    والهجوم على الشرفاء.

  5. يقول ابو المنذر:

    اردوغان
    زار دولة صهيون
    ووضع الورود على قبر مؤسسها الذي ذبح وشرد عشرات الالاف من اهل فلسطين
    اردوغان صافح ايدي الصهاينة الملطخة ايديهم بدماء المسلمين
    وتبادل معهم الانخاب

  6. يقول احمد العطيات ابو المنذر:

    على من يا هامان؟!
    صرح وزير الاستخبارات الإسرائيلي،يسرائيل كاتس”إن أردوغان يلعب مع اسرائيل”فرينمي”أي الصديق العدو.
    ولكن التجارة التركيةمعنا بمبالغ خياليةلم تتأثر
    وشركات الطيران التركية هي أكبرشركات النقل الجوي من وإلى إسرائيل
    وحجم التبادل التجاري ونقل البضائع عبرحيفاازدادكثيرًا

1 2

إشترك في قائمتنا البريدية