دمشق ـ موسكو ـ باريس ـ انقرة ـ وكالات: اعتبرت دمشق الجمعة ان الاتهام الامريكي لنظام الرئيس بشار الاسد باستخدام الاسلحة الكيميائية في النزاع المستمر لاكثر من عاملين، ‘حافل بالاكاذيب’ ويستند الى ‘معلومات ملفقة’، بحسب ما افاد مصدر مسؤول في وزارة الخارجية السورية.
وقال المصدر ‘أصدر البيت الابيض الامريكي بيانا حافلا بالاكاذيب حول استخدام اسلحة كيميائية في سورية، وذلك بالاستناد الى معلومات مفبركة سعت الى تحميل الحكومة السورية المسؤولية عن استخدام هذه الاسلحة’ وذلك بحسب ما نقلت وكالة الانباء الرسمية السورية (سانا).
واضاف ان هذا الاتهام يـأتي ‘بعد تواتر التقارير التي اكدت امتلاك المجموعات الارهابية المتطرفة الناشطة في سورية (في اشارة الى مقاتلي المعارضة) مواد كيميائية قاتلة والتكنولوجيا اللازمة لانتاجها وتهريبها من بعض دول الجوار’.
وكان نظام الرئيس بشار الاسد اتهم مقاتلي المعارضة في آذار (مارس) الماضي باستخدام السلاح الكيميائي في قصف طاول بلدة خان العسل في ريف حلب (شمال). ورفضت دمشق استقبال لجنة تحقيق للامم المتحدة، مشددة على ضرورة ان تنحصر مهماتها بالقصف المذكور، دون ان تشمل مناطق اخرى في سورية.
وكانت الولايات المتحدة شددت الخميس موقفها من النزاع السوري، متهمة نظام الرئيس الاسد باستخدام الاسلحة الكيميائية ضد شعبه، متعهدة بتقديم ‘دعم عسكري’ لمقاتلي المعارضة، من دون ان تحدد طبيعة هذا الدعم.
واعتبر المصدر في الخارجية السورية ان قرار واشنطن ‘يعكس تورطها المباشر في سفك دماء الشعب السوري ويثير تساءلات جدية حول صدق نواياها في المساهمة بايجاد حل سياسي للازمة في سوريا’، في اشارة الى استعدادات دولية تبذلها واشنطن وموسكو للتحضير لمؤتمر دولي سعيا لحل الازمة بمشاركة ممثلين للنظام والمعارضة.
واتهم المصدر الولايات المتحدة ‘بتسعير العنف والارهاب عبر تسليح المجموعات الارهابية التي تستمر بارتكاب جرائمها ضد السوريين بدعم من الولايات المتحدة وحلفائها’.
وقبل وقت قصير من التعليق السوري، اعتبرت موسكو ابرز الحلفاء الدوليين للنظام السوري، ان الاتهامات الامريكية ‘غير مقنعة’.
واعتبر المصدر السوري ان ‘الولايات المتحدة تسعى من خلال اللجوء الى اساليب مبتذلة لتبرير قرار الرئيس باراك اوباما بتسليح المعارضة السورية، تمارس ازدواجية فاضحة في تعاطيها مع الارهاب’ز
واضاف ‘في الوقت الذي تدعي فيه حرصها على مكافحة الارهاب وتصدر قرارات بادراج جبهة النصرة (الاسلامية المتطرفة والناشطة ضد القوات السورية) على قوائمها لمكافحة الارهاب، تقوم الادارة الامريكية بتوفير الدعم للمجموعات الارهابية في سورية بالسلاح والمال والعتاد’.
واعتبر ان واشنطن تقدم كذلك ‘التغطية السياسية لتلك المجموعات عبر منع مجلس الامن من ادانة المجازر التي ترتكبها، وآخرها مجزرة حطلة في محافظة دير الزور (شرق) التي ارتكبتها جبهة النصرة، واودت بحياة ما يزيد على ستين شخصا معظمهم من النساء والاطفال’.
وفي سياق متصل، أعرب المتحدث باسم الخارجية الروسية عن قلق موسكو الجدي من قرار واشنطن تزويد المعارضة السورية في ما يسمى بـ’المناطق المحررة’ بالسلاح، مشيراً إلى أن هذا القرار من شأنه تصعيد العنف.
وقال لوكاشيفيتش، إن هذه الأنباء تشير إلى تعثر الجهود الأمريكية الرامية إلى ضمان تمثيل مناسب للمعارضة بالمؤتمر الدولي المزمع عقده.
وفي سياق متصل، قال أوشاكوف إن ‘لهجة الولايات المتحدة حول المشكلة السورية وبصفة خاصة نيتها زيادة إمدادات الأسلحة للمعارضة السورية لا تسهم في عقد مؤتمر دولي حول سورية’.
وأضاف ‘بالطبع، لا يسهل ذلك الاستعدادات للمؤتمر الدولي، إذا ما قرروا وقدموا مساعدات أكبر لقوى المعارضة’.
وجاء ذلك بعد إعلان بن رودس أن الولايات المتحدة قررت تعزيز دعمها العسكري للمعارضة في سورية.
وكان مسؤولون أميركيون كشفوا ان أوباما سمح وللمرة الأولى منذ بدء الأزمة السورية بتزويد المعارضة السورية بأسلحة خفيفة وذخائر، بعد أن تأكدت الولايات المتحدة من استخدام النظام السوري أسلحة كيميائية.
وبشأن منظومات أس 300، قال المسؤول الروسي إن روسيا لن تقوم بشحن هذه المنظومات إلى سورية رداً على قرار الولايات المتحدة توسيع المساعدات العسكرية للمعارضة السورية.
إلاّ أنه أكد أن الكرملن لا يفكر في نفس الوقت بتجميد عقد توريد هذه المنظومات إلى سورية.
وكان رئيس لجنة الشؤون الدولية في مجلس الدوما الروسي، ألكسي بوشكوف، اعتبر الجمعة، أن المعلومات الأميركية عن استخدام النظام في سوريا أسلحة كيميائية ملفقة.
وقال بوشكوف في تغريدة على صفحته على موقع (تويتر)، إن ‘المعلومات عن استخدام الأسد للأسلحة الكيميائية جرى تلفيقها بالمكان عينه الذي لفقت فيه الأكاذيب عن أسلحة الدمار الشامل لدى صدام حسين..(الرئيس الأمريكي باراك) أوباما يسير على خطى جورج بوش’، في إشارة إلى الرئيس الأميركي السابق الذي استخدم حجة أسلحة الدمار الشامل لشنّ الحرب على العراق.
ال ذلك صرح وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ الجمعة ان لندن ‘متفقة مع تحليل’ الولايات المتحدة بشأن استخدام النظام السوري اسلحة كيميائية، مؤكدا ان قمة مجموعة الثماني ستناقش ‘الرد القوي والحازم’ الذي يجب تقديمه.
وقال هيغ في بيان ‘نتفق مع التحليل الامريكي الذي ينص عل ان اسلحة كيميائية بينها غاز السارين استخدمت في سورية من قبل نظام الاسد’.
واضاف ‘كما قلت في واشنطن الاربعاء الازمة (السورية) تتطلب ردا قويا وحازما ومنسقا من المجتمع الدولي’. وتابع ‘علينا ان نستعد لبذل المزيد من اجل انقاذ الناس ودفع نظام الاسد الى التفاوض بجدية والحؤول دون نمو التشدد ومنع النظام من استخدام اسلحة كيميائية ضد شعبه’.
واضاف ‘سنناقش بسرعة الرد مع الولايات المتحدة وفرنسا ودول اخرى وخصوصا خلال قمة مجموعة الثماني’ في ايرلندا الشمالية الثلاثاء والاربعاء المقبلين.
واكد البيت الابيض الخميس ان النظام استخدم اسلحة كيميائية في هجمات ادت الى مقتل 150 شخصا مشيرا الى ان هذا التطور يشكل تجاوزا ‘للخطوط الحمر’.
واعلنت واشنطن عن تقديم دعم عسكري للمعارضين السوريين من دون تحديد طبيعته. اما موسكو فاعتبرت هذه الاتهامات ‘غير مقنعة’.
ومن جهته أيّد رئيس الوزراء البريطاني، ديفيد كاميرون، الجمعة، إعلان الولايات المتحدة بأن النظام السوري استخدم أسلحة كيميائية ضد المعارضين.
وقال كاميرون لصحيفة (الغارديان) إن بريطانيا ‘تتقاسم التقييم الصريح من قبل الولايات المتحدة بأن نظام الرئيس بشار الأسد استخدم الأسلحة الكيميائية ضد المتمردين في الأزمة السورية’.
وأضاف ‘نحن نشاطر حكم الولايات المتحدة، وناقشت هذه المسألة مع الرئيس (باراك) أوباما في زيارتي الأخيرة إلى واشنطن، كما تقاسمت وكالات الاستخبارات البريطانية المعلومات التي بحوزتها عن استخدام الأسلحة الكيميائية في سورية مع نظيراتها الأمريكية’.
وقال رئيس الوزراء البريطاني ‘نحن نشارك وجهة نظر الولايات المتحدة بأن هناك مستويات متزايدة من المعلومات عن استخدام الأسلحة الكيميائية من قبل النظام السوري، وعدم وجود أدلة على استعمالها من قبل المعارضة’.
ورحب كاميرون بما وصفه ‘التقييم الصريح’ من قبل الأميركيين، معرباً عن اعتقاده بأنه ‘يعيد إلى الصدارة السؤال الصعب الذي يتعيّن علينا الإجابة عليه حول ما سنفعله إزاء حقيقة أن هناك في عالمنا الجمعة زعيماً ديكتاتورياً ووحشياً يستخدم الأسلحة الكيميائية ضد شعبه تحت أنوفنا’.
وحثّت تركيا الجمعة، المجتمع الدولي إلى التوحّد واتخاذ موقف واضح حيال سوريا بعد إعلان الولايات المتحدة عن استخدام النظام السوري للسلاح الكيميائي.
وأصدرت وزارة الخارجية التركية بياناً قال فيه إن ‘الحرب التي يشنّها النظام باستخدام السلاح الكيميائي هي جريمة ضد الإنسانية’، وتابعت ‘على المجتمع الدولي أن يتحد ضد هذه الوحشية وأن يتخذ موقفاً واضحاً لا لبس فيه’.
وتابعت ‘يجب أن تتوقف هجمات النظام على الفور، وأن تنطلق عملية التحوّل الديمقراطي بما يتلاءم مع المطالب الشرعية ورغبة الشعب السوري بأسرع وقت ممكن’.
وقالت إن عدة دول بينها تركيا حققت في استخدام السلاح الكيمائي في سوريا والاستنتاجات الأميركية تتوافق مع ما توصلت إليه السلطات التركية.
واعتبرت أن الكشف عن استخدام السلاح الكيميائي ‘يظهر بوضوح مدى الخطر الذي يشكله هذا النظام على السلم العلمي بالإضافة إلى وحشيته وعدم رحمته’. وأكدت على استمرار تركيا في الوقوف إلى جانب ‘الشعب السوري الأخ والصديق وتقدّم دعمها في ما يتلاءم مع هذه الأهداف’.
وكان البيت الأبيض أعلن أمس أنه ‘تأكد بعد إجراء تقييم استخباراتي معمّق’ بأن النظام السوري استخدم أسلحة كيميائية تسبّبت بمقتل ما بين 100 و150 سورياً حتى الآن.