لندن ـ ‘القدس العربي’ لدى سورية اقتناع بأنها غير قادرة على السيطرة على فصائل المعارضة المسلحة ولن تكون قادرة على اقناعهم بوقف اطلاق النار الذي يعتبر مهما لاي عملية سلام هذا ما يقوله نائب وزير الخارجية السوري فيصل مقداد في حديث له مع مراسل صحيفة ‘اندبندنت’ البريطانية باتريك كوكبيرن الذي يزور دمشق.
وقال مقداد ان الامريكيين ‘يقدمون المال والسلاح للمقاتلين ولكنهم ـ الامريكيين – لا يسيطرون عليهم، لا احد سيستمع اليهم، فالولايات المتحدة تحاول جمع هذه الفصائل منذ عامين وانت ترى النتائج: انقسام جديد’.
ويقول التقرير ان مقداد ومنذ اندلاع الازمة كان في مركز صناعة السياسة الخارجية لبلاده، في وقت تعاني فيه من العزلة ومع ذلك لديها حلفاء اقوياء. وقال كوكبيرن ان مقداد بدا اكثر ثقة بالنفس وارتياحا مما بدا عليه قبل ستة اشهر، بشكل يعكس اعتقاد الحكومة السورية العام انها تغلبت على معظم الازمة. ويقول انه يتحدث بسرعة وجاء من درعا التي اندلعت فيها الانتفاضة.
ومع ان الوزراة ابعدته عن ساحات الحرب الا انه عانى من مضايقاتها وضغوطها حيث تم اختطاف والده البالغ من العمر 84 عاما لمدة 14 يوما ولم يعد مقداد يزور بيت عائلته لانه يريد تجنب حصول المشاكل لهم. ويقول مقداد ان الامور تسير لصالح الحكومة منذ بداية العام الحالي، فالجيش يقوم بهجمات وانتصر في معارك حاسمة مثل القصير واكد ان هذه المعركة يجب ان تكون بمثابة رسالة يستمع فيها المقاتلون لصوت العقل ‘فهي ترسل رسالة للجماعات المقاتلة وهي ان الجيش السوري يلاحقكم’، مؤكدا ان حلفاء سورية وهما ايران وروسيا ملتزمتان في دعمهما للنظام. ويظهر على مقداد نوع من البهجة من حالة التشتت التي تعاني منها المعارضة سواء كانت مدنية او عسكرية في داخل سورية وخارجها.
وعلق مقداد ان دمشق كانت قبل ستة اشهر تعيش على اصوات الدبابات والقذائف المدفعية اما الان فتبدو اكثر هدوءا. ويعلق الكاتب ان كلام الوزير في الحقيقة ليس صحيحا، فهي ليست هادئة ولا تزال اصوات قذائف الهاون والمدافع تلعلع في اجوائها. ويرى الكاتب ان الاختلاف هو سيكولوجي، حيث يحذر الدبلوماسيون الغربيون من ان الحكومة قد تتصرف بثقة زائدة عن النفس، فيما يتمتع المقاتلون بدعم مهم ولا يمكن للحكومة اقتلاعه مما يعني استمرار الحرب.
ويقول التقرير ان مقداد لم يبد على ملامحه اي قلق من تأجيل موعد انعقاد مؤتمر جنيف – 2 حيث قال ان سورية مستعدة دائما للمشاركة فيه وبدون اية شروط، ولكنه يذهب بعيدا في رفض المنظور الامريكي وحلفائها التي تقول انها ستكون قادرة على تقوية وضع المقاتلين السوريين في الميدان مشيرا الى انه منظور خطأ فالحكومة لن تتنازل، وهذا خطأ.
واكد ان ما يقوله مسؤولون غربيون مثل ديفيد كاميرون رئيس الحكومة البريطانية ووزير خارجيته ويليام هيغ وهو ان تسليح المعارضة سيؤدي الى حرف ميزان المعركة لهم خطأ ووصفهم ‘بالاغبياء’، مضيفا ‘اعتقد انهم مخطئون لان اسلحة جديدة تعني قتلا جديدا’. ويسخر مقداد من موقف فرنسا وبريطانيا من الازمة السورية وانه مدفوع بدوافع انسانية مشيرا الى انه الموقف له علاقة بالطموحات الاستعمارية ومؤكدا ان فرنسا وبريطانيا ما هما الا واجهة للادارة الامريكية في المنطقة التي’ تقف وراء كل شيء في المنطقة’. ويعتقد ان السعودية وقطر تقومان بدور الوكيل عن الولايات المتحدة ‘ لا تستطيعان فعل اي شيء بدون تنسيق مع واشنطن’. وفي الوقت الذي صورت فيه دمشق حربها مع المقاتلين على انها حرب ضد الاصوليين والجماعات الاجنبية الا ان مقداد قلل من دور حزب الله الذي لولا مشاركته الى جانب الجيش السوري لما استطاع الانتصار في القصير، مشيرا الى ان الالاف من المقاتلين الاجانب انضموا للقتال في صفوف المعارضة بدون ان يثيروا احتجاجات دولية، ونقل كوكبيرن عن مسؤولين سوريين قولهم انهم كانوا يتمنون لو لم يعلن حزب الله عن مشاركته وبطريقة اعلامية واضحة.
ويقول دبلوماسيون ان حزب الله يقدم قوات نخبة للجيش السوري فيما يقوم المقاتلون الاجانب بتصوير عمليات تشويه الجنود وهو ما ادى الى تشويه صورة المعارضة في الخارج. وانكر مقداد ان يكون لايران دور عسكري في سورية، اي وجود جنود من الحرس الثوري الايراني، ولكنه اكد ان الايرانيين كانوا كرماء في دعمهم المالي والاقتصادي فهم ‘يرسلون الطعام والزيت والدعم المالي’.
ويقول التقرير ان ادلة قليلة عن وجود عسكري لايران في سورية لكن خبراتهم في حروب الشوارع التي جربت في لبنان والعراق معروفة في المنطقة. وكما قال سياسي عراقي فالايرانيون حصلوا على شهادة دكتوراة في الحروب غير النظامية. وعلى الرغم من تأكيدات مقداد الا ان دعم حزب الله ضروري ومهم للجيش في وسط سورية التي تعتبر من اكثر المناطق المأهولة سكانيا في البلاد.
دمشق هادئة
ويضيف الكاتب ان سببا اخر من الاسباب التي تجعل دمشق هادئة هذه الايام هي ان حليفين من حلفاء المعارضة واشرس نقاد للنظام السوري وهما مصر وتركيا تعيشان مشاكلهما واحتجاجات الشوارع. وفي نهاية اللقاء نفى مقداد استخدام السلاح الكيماوي ‘ فعلى افتراض ان سورية تملك السلاح الكيماوي فلن تستخدمها ضد شعبها ودعا الامم المتحدة للتحقيق في مزاعم استخدام المقاتلين الغاز السام ولكنه اكد ان الامم المتحدة لن يسمح لها بالتحقيق بمزاعم مماثلة ضد الحكومة السورية لان سورية ‘لا تريد تكرار نفس التجربة العراقية’.
وقال ان الحكومة السورية واعية لاشرطة الفيديو المزورة التي تهدف لدفع التدخل الخارجي حيث قال انهم يعرفون ان اوباما’ قال ان هذا خط احمر’ اي استخدامها.
جلد صبي في حلب
وعن الفوضى وغياب القانون الذي تعيشه ثاني اكبر مدينة في سورية، اشار تقرير لصحيفة ‘التايمز’ طريقة عمل المحاكم الشرعية في حلب، وقصة التي يرى كثير من قادة الجماعات المقاتلة انهم مرتاحون لظهور نوع من الاجراءات القضائية ومحاكم الشريعة.
ويشير التقرير الى قصة صبي عمره 16 عاما، حيث يصف المشهد قائلا ان التحقيق قد تم في غرفة مظلمة حيث جلس المحقق وراء الطاولة فيما وقف الصبي وقد ظهرت آثار الضرب على كتفيه بعد جلده بأنبوبة.
وقد شارك هذا الصبي في اكثر من جريمة اغتصاب منها اغتصاب ولد عمره 10 اعوام، اضافة لقتل ثلاث نساء بعد اغتصابهن. ويقول احد المحققين ان كل الناس في حلب يراقبون سير المحاكمة. واضاف اخر ان ‘الناس تعبوا من الفوضى وغياب الامن ويريدون تحقيق العدالة’. وعندما سئل عن سبب جلد الولد اجاب بشكل واضح ان ‘لو كنت انت هنا لضربته لو رأيت صور الولد المقتول. ومعظم التعليقات التي نقلها عن الناس ان شيئا احسن من لاشيء. ومع ذلك يقول ان شكل وطريقة عمل المحكمة هي علامة عن شكل الدولة الاسلامية التي تتشكل في شمال سورية، حيث يزعم التقرير انه احيانا يتم تجاوز جرائم ان نظر اليها القضاة على انها في خدمة الثورة.
واشار الى ان ابو البنوت، وهو مقاتل شيشاني ظهر في فيديو وهو يقطع رأس رجلين اتهما بالتجسس لصالح النظام. ونقل عن احد المحققين قوله ان ابو البنوت قال ان الرجلين من ‘الشبيحة’ ولهذا يستحقان الموت ولكنه قال انه ان قتل بريئين فهو مستعد للذهاب للسجن. ووصف ابو البنوت بانه مقاتل شجاع له شهرة في ساحات القتال. ويقود جماعة من المقاتلين الشجعان ولهذا ‘اخلينا سبيله’ مضيفا ان ‘القتل لم يكن المهم ولكن طريقة القتل’. ويقول التقرير انه في حالات يتم فيها الحكم على الحادث انه جريمة الا ان القاتل يمكن ان يهرب من العدالة ان كانت له علاقات مع القضاة. واصابت حلب حالة من الصدمة الشهر الماضي عندما اعدم مقاتلون صبيا اتهم بشتم الرسول. ويضيف التقرير ان محاكم الشريعة تم انشاؤها في كانون الاول (ديسمبر) من جبهة النصرة التي تعتبر من الجماعات ذات التأثير البارز في منطقة شمال سورية، اضافة للواء التوحيد واحرار الشام. ويقول التقرير ان هناك 12 قاضيا يقومون باصدار احكام على القضايا التي يتقدم بها المحققون. وينهي التقرير بالقول ان محمد صبي ليس مكلفا حتى يحكم عليه بالاعدام وبدلا من ذلك قد يسجن في سجن’الراحي’ شمال حلب حيث سيظل فيه لحين سقوط نظام الاسد. وما دام الحديث عن جبهة النصرة فقد ذكر تقرير صحافي امريكي ان نسبة كبيرة من المقاتلين الاجانب يفضلون الانضمام الى صفوفها.
جهاديون في سورية
ففي تقرير لصحيفة واشنطن تايمز قال ان الالاف من المقاتلين الاجانب يتدفقون الى سورية للقتال في صفوف الجماعات الجهادية لدرجة تتحول فيها سورية الى معسكر تدريب عالمي للجهاديين حسب مسؤولين امريكيين.
وقالت الصحيفة ان الجهاديين الذين يجتازون الحدود التركية مع سورية ينتمون الى جنسيات مختلفة، سعودية وليبية وتونسية وعراقية. كما ان غالبيتهم تقاتل الى جانب جبهة النصرة. ونقلت عن مسؤول امريكي قوله ان المعارضة السورية تستفيد من المقاتلين الاجانب الذين ينضمون الى جماعات اسلامية مختلفة. ويرى بروس ريدل، مسؤول الاستخبارات الامريكية ـ سي اي ايه – السابق ‘تحولت سورية الى مركز الجهاد العالمي للباحثين عن الشهادة من كل انحاء العالم، حيث يحصلون على التجربة وفنون الارهاب ويحضرونها معهم الى بلادهم. واشارت الصحيفة الى صور وافلام فيديو تظهر عمليات اعدام وقطع رؤوس يقوم بها مقاتلون جهاديون لاعدائهم.
ونقلت عن المحافظ المتشدد جون بولتون وسفير الولايات المتحدة السابق في الامم المتحدة قوله لمجلة ‘واشنطن فري بيكون’ ان ميزان القوة بين الجماعات المعارضة المسؤولة منها والارهابية امر غامض’. واضاف ان مجرد دخول اعداد من الجهاديين لسورية يثير مخاوف من تسليح المعارضة حتى ‘الصديقة’ منها. وفي الوقت الذي يندفع فيه الكثير من المقاتلين للدفاع عن السوريين ضد حزب الله والشيعة الا ان حقيقة انضمام اكثرهم لجبهة النصرة والكتائب الشيشانية امر يثير الخوف حسب مسؤولين امريكيين. ويقدر هؤلاء عدد المقاتلين الاجانب بانه يتجاوز 6 الاف، ويقال ان 600 منهم قتلوا اثناء المعارك. وتعتبر كتيبة جيش المهاجرين والانصار المكونة من الشيشان اضافة لجبهة النصرة من اكثر الجماعات التي تجذب اليها المقاتلين الاجانب.
ان الله يمهل و لا يمهل ….. تحيا سوريا الاسد