الاطراف السياسية المصرية وضعت نفسها او وضعت في ماْزق لا تحسد عليه ابداُ حينما وصلت الامور الى هذه الحالة الحرجة والخطيرة، فرئيس منتخب ومظاهرات مليونية رافضة لحكمه حشدتها معارضة عجزت عن اسقاط الرئيس قانونيا وجيش متاْهب لفعل ما يراه مناسباُ، فالرئيس مرسي متمسك بشرعية وجوده التي حصل عليها عبر انتخابات منبثقة من نظام ديمقراطي والملايين رافضة لاستمراره بالسلطة بعد ما اعتبرته فشلا في قيادة الوطن والبلاد معطلة ولا شعار سوى ‘ارحل فبقاؤه اصبح غير مُجدٍ ومرفوض وازاحته بالقوة تعدٍ على النظام الديمقراطي فضلا عن القانوني، فما الحل؟ كان من المفترض ان يتوافق الجميع على حل وسط يحفظ لمصر ديمقراطيتها وامنها ومصلحتها العليا ويحفظ حقوق كل الاطراف المتنازعة والمختلفة كتنصيب رئيس وزراء يهيئ لانتخابات مبكرة او ترفع القضية الى المحكمة الدستورية لايجاد صيغة قانونية لانهاء فترة الرئيس مرسي قانونيا للحفاظ على اسس النظام الديمقراطي لا ان تكون المضاهرات وتدخل الجيش سنة للتغير في مصر بديلا عن الممارسة الديمقراطي. لم توافق المعارضة على اقتراح الرئاسة لتشكيل حكومة توافقية تدير انتخابات قادمة ولجنة مستقلة للتعديل الدستوري واجراء مصالحة وطنية بل اصرت على تحشيد الجماهير والتغيير من خارج قبة البرلمان المتخب. وبالمقابل رفض حزب الحرية والعدالة الحاكم حضوراجتماع الفرصة الاخيرة الذي دعت اليه قيادة القوات المسلحة والذي جمع البرادعي ممثل المعارضة وحركة تمرد وبابا الكنيسة القبطية وشيخ الازهر رفض الحزب الحاكم متعنتاُ بموقفه غير آبه بحساسية الواقع وخطورة الموقف. فاتخذ الجيش من قرار التدخل المباشر للتغيير حلاُ عاجلاُ بغض النظر عما سيتحمله هذا التدخل من اشكاليات دستورية وقانونية وعما سينتج من ردود افعال داخلية وخارجية قد لا يحمد عقباها، فعزل الرئيس مرسي وازاح الاخوان المسلمين عن الحكم مستنداُ على شرعية عرفية استلهمها من المظاهرات الشعبية فادعى ان تدخله كان استجابة لنداء الشعب وحفاظا على المصلحة الوطنية العليا. ومرة اخرى تدخلت قيادة الجيش المصري لازاحة رئيس الدولة ففي الاولى ازاحة رئيسا غير منتخب اما هذه المرة فالرئيس منتخب ديمقراطياُ. لقد ادعى البعض ان ما تمر به مصر هو حالة ثورية وفي الثورة تتولد استثناءات بعيدا عن الدساتير، ولكن من يفسر ان ما جرى هو ثورة ام تغيير، ان كان ثورة فعلى ماذا؟ وباعتبار ان النظام الموجود ديمقراطي، هل هي ثورة على الديمقراطية!؟ اما ان كان تغييراً ديمقراطياً، فهل التغيير الديمقراطي يكون بالقوة؟ فالاخوان المسلمون لم يستحوذوا على السلطة بالقوة او الانقلاب انما بصناديق الاقتراع التي توافق عليها الجميع. اما ان نهجهم في الحكم كان مرفوضا من قبل اغلبية خرجت رافضة اياهم بعد ذلك فهذا يسمى تغييراً لا ثورة في ظل نظام ديمقراطي. بما ان الشعب اراد تغيير الحاكم لما رآه من فشل وقع فيه فمن خول الجيش القيام بمهمة التغيير هذه بالقوة وعلى اي سند قانوني وهل بات الجيش مرجعا للسلطة بمصر يقوم مقام ولي امرالشعب فيضع هذا ويعزل ذاك. ان ما قام به الجيش يعتبر انقلاباً وان كان مدعوما من قاعدة شعبية عريضة الا انه تعد على الديمقراطية ولم يحترمها وان قيل ان الشعب هو مصدر السلطات، نعم، ولكن ليس في هذا المقام فغداً يأتي حاكم جديد ويفشل فهل تظل المظاهرات سنة للتغير، فالنظام كان ديمقراطياً انتخابياً وللشعب ممثلوه في البرلمان فكان لزاماً على الجميع ايجاد حل قانوني للازمة لا خروجاً على الديمقراطية. ان ما جرى بمصر ومنذ سقوط حسني دليل على انها بجيشها واحزابها ومن حكمها الى اليوم لم تمض بطريق الديمقراطية بالشكل السليم فالجيش مازال يضع يده متى ما شاء وكأنه الوصي على البلاد واحزاب المعارضة تعارض لا للتقويم انما لمآرب اخرى وتستعين باساليب غير ديمقراطية للاستحواذ على السلطة ومن حكم لم يفقه من الديمقراطية سوى الفوز بالاصوات وجر البلاد الى هواه. فهل ما حصل يعتبر تغييرا ديمقراطيا بالقوة ام ثورة على الديمقراطية ام ان الجميع فشل بتطبيق الديمقراطية لانهم لا يؤمنون بها وسيتحمل الجميع تبعات ما حدث . اما الشعب فلا يهمه ماذا يسمى خروجه.. تغييراً ام ثورة على ديمقراطية لم تكن واقعاً. الجبوري محمد – ستوكهولم [email protected]