غدت الديمقراطية في أيامنا هذه مثل الموضة في مختلف البلدان التي تتسابق أنظمة الحكم فيها من أجل أن توصف بها حتى شاعت تعبيرات: الدستور/ البرلمان/ التسامح/ الاقتراع/ سياسة الأحزاب/ الرأي والرأي الآخر..الخ، وصارت للديمقراطية أنماط، منها الديمقراطية الليبرالية وهي نوع منتشر في أكثر المجتمعات الغربية وفي بعض الدول الآسيوية كاليابان والهند، ومنها الديمقراطية التمثيلية وتنحصر في عمليات الاستفتاء العام عن طريق الاقتراع أو الانتخاب العام في مجالس وهيئات ومنظمات المجتمع المدني، وهناك الديمقراطية التشاركية أو المباشرة وهي التي يشترك فيها قطاع متميز من المجتمع في اتخاذ القرارات ووضع السياسات وتنفيذ الأحكام.
بيد أن الملاحظ على المسيرة المجتمعية أنها ليست ديمقراطية؛ فالغالبية ما زالت مغلوبة على أمرها غير متجانسة في مبتغياتها وتسير على وتيرة أنساق قامعة ومتضادة والفردانية هي الطاغية. وهو أمر ليس خاصا بنا نحن العرب، بل هو موجود حتى في المجتمعات المتقدمة التي توصف بمعاقل الديمقراطية.
وبسبب ذلك كثر التشكيك والاختلاف حول فحوى الديمقراطية وقيمها التي يعدها كثيرون بالية وأنها ليست من أفضليات أنظمة الحكم السياسية لاسيما أنها السبب في عمليات التطهير العرقي والإرهاب وتهدد أيضا المثال النخبوي الحارس للأصول وتجعل النخبة الواعية تضيع في العمومية المفرطة وتسهم في إشاعة الشللية والتكتلات. وبعد ذلك كله يصبح الأمر ملتبساً في الذهاب نحو ديمقراطية هي غاية الطموح ومنتهى التطلع، فيغدو التلفيق هو المظهر العام لمرحلتنا المسماة مرحلة ما بعد الديمقراطية كنمط مستحدث من ديمقراطية تترشح من الاتباعية والاستهلاكية وسيادة الرأسمالية ونظامها العالمي الجديد فانحسر الفهم الحقيقي للفعل الديمقراطي، ولم تعد تتوفر المقومات الصحيحة لإجرائه وغدا اللانظام هو حصيلة التعددية حيث لا محددات ولا ضوابط.
وكما أن للديمقراطية مساوئها على صعيد الحياة السياسية، فإن ذلك ينطبق أيضا على الحياة الثقافية. وإذ ينعدم عربياً النمطان التشاركي والليبرالي للديمقراطية، فإن نمط الديمقراطية التمثيلية هو الأكثر ممارسة في اختيار الهيئات الإدارية للقطاعات الثقافية كنقابات واتحادات وجمعيات. وصحيح أن في الظاهر انتخاباً حراً واقتراعاً دورياً لكنه فعلياً خاضع في الأعم الأغلب لصيغة استفتائية لا يتمخض عنها أي جديد. فالوجوه تتكرر وممارسة الفعل الاجتراري في إدارة شؤون الأدب والثقافة تظل على حالها. الأمر الذي يجعل التذمر والمعارضة والإحساس بالريبة حاضرة بعد كل ممارسة انتخابية توصف بأنها ديمقراطية.
فيغدو طبيعياً جداً الاحتجاج وطرح التساؤلات حول نجاعة الفعل الديمقراطي الذي صارت الثقة بها تتناقص كتناقصها مع كل مشاركة سياسية في انتخاب نواب الشعب كون الديمقراطية أيضا تمثيلية وعادة ما تسفر عن تغيير لا جديد فيه أو تجديد لا تغيير فيه.
إنها دوامة صنعها الفعل الديمقراطي بصيغته الاستفتائية التي فيها صناديق الاقتراع لا تفصح عن القيمة الحقيقية دوماً في ما تمارسه الأغلبية مع أن هذه الأغلبية بحاجة ماسة إلى فعل الأقلية كي لا يكون العدد هو المهم، بل نوعية هذا العدد هي الأهم. ومعلوم أن كل شيء إذا تكرر فقد أهميته وكل فعل لا يتجدد مصيره الركود تماما مثل البحيرة التي إذا ما سكنت مياهها ولم تتحرك تراكم فيها الطمي وصارت آسنة.
واليوم تشكو حياتنا الأدبية ركوداً على مستوى المؤسسات المعنية بالشأن الأدبي مما يتطلب تحمل المسؤولية الثقافية في الإفادة من الديمقراطية بصورتها الحقيقية التي بها تستقطب الثقافة فواعلها وتسخر الطاقات والمواهب مادياً ومعنوياً في سبيل رفعتها.
وما جرى مؤخراً في انتخابات اتحاد الأدباء في العراق لاختيار أعضائه الإداريين إنما يصب في ما تقدم طرحه، وبدءاً نهنئ من القلب الذين نالوا الفوز بجدارتهم، وبعضهم ممن انتخبناهم، لكننا لا نخفي أسفنا لفوز من فازوا بغير أساليب الديمقراطية الحقيقية لكننا ندعوهم إلى أن يعملوا على أن يكونوا بمستوى ما هو مفترض منهم أن يكونوه. وهي فرصة لهم لتحقيق ذلك حتى لو كانت لهم مثالب سالفة غير ديمقراطية. فهذه فرصتهم لأن ينجوا منها وألا يعتبروها هي سبب وصولهم إلى هذه النتيجة، بل يضاعفوا مجهودهم الذي وحده سيكون دليلاً على صحة انتخابهم ممثلين عن الأدباء، وما عدا ذلك لا ضمان لهم في تحقيق ذات النتيجة في ممارسات انتخابية قادمة، فليس في كل مرة تسلم الجرة.
ما يعزز ما ذهبنا إليه في النظرة السلبية لتلك الانتخابات ما تمخضت عنها من مفارقات ليس من السهل الاقتناع بها. فليس معقولاً ألا يفوز فيها أدباء لهم تاريخ إبداعي طويل ولهم مكانات ومقامات لا يخطئها تاريخ الأدباء، بينما يفوز آخرون لا شأن إبداعياً ولا صفةً أدبيةً لهم، بمعنى أنهم ليسوا بنقاد ولا شعراء ولا قصاصين، وليس لهم عطاء إبداعي يُذكر. ولا ندري كيف نال العضوية في مؤسسة عريقة كاتحاد الأدباء أو أن يفوز أحدهم الذي نال عضويته بسبب كونه يعمل موظفاً في مبنى الاتحاد وقبل ذلك لم تكن له أية صفة أدبية.
تلك واحدة من المفارقات التي كشفت عنها الديمقراطية التمثيلية. ولست أسمي أحدا بعينه ولا أفكر في أحد بعينه؛ وإنما أذكر هذا بقصد التعميم والإشاعة كي لا تصير الديمقراطية ظاهرة دكتاتورية وسيلتها صناديق الاقتراع وما تسفر عنه من حيثيات بعضها أدبية وبعضها ليست كذلك.
نتمنى لمن فاز من دون أن يكون له أي عطاء أدبي أن يبرر فوزه ويكثف جهده الثقافي، ولا أقول يقوم بكتابة شيء ينتمي إلى الأدب، فذلك غير ممكن طبعاً حتى لو من طرف بعيد، ومن لم يأت إلى الاتحاد وهو أديب أو ناقد، فلن يصنع الاتحاد منه أديباً أو ناقداً.
إذن ما أشدها حاجتنا إلى أن نجدد رؤانا ومواقفنا وأن نبذل أقصى ما نستطيع من جهد به نعبِّر عن إيثارنا لغيرنا على أنفسنا كي تكون حياتنا الأدبية تعليماً وتعلماً، لا تدويراً واجتراراً.
ولأن ليس غير الانتخابات طريقاً أسلم لتحقيق الديمقراطية بمعناها العام (حكم الأغلبية)، يغدو مهما انتقاء نمط الديمقراطية المناسب الذي به نتمكن من فرز أفضل النتائج المتوخاة، كأن تُجرى عملية الاقتراع في محيط عام يتوفر فيه على شروط بيئة داخل محيط (نظيف وواع) يجعل الناخب أمام صورة مثالية يختار فيها ممثليه الذين يجد فيهم القدرة على تحقيق الغايات المثلى التي يطمح المشهد الأدبي إلى تحقيقها ثقافياً بالديمقراطية.
إنّ ما يشخص أمامنا من إخفاق الديمقراطية عما يفترض بها أن تؤول إليه قد يدفعنا إلى نبذها أو إدانتها والنكوص عن ممارستها، بيد أن لا ممارسة أخرى بديلة عنها. وهذا أمر عام وليس خاصاً. والعالم كله صار يشكك في ديمقراطية أنظمته ولا يثق بها وبما تقدمه من نتائج (غير ديمقراطية) والأمر لا يحتاج إلى عناء في تفسيرها أو مباحث لتأكيدها فهي مكررة في أدبيات منتقدي النظم الرأسمالية وغير الرأسمالية.
وليس الاحتكام إلى الأكثرية العددية شافياً في كل حين، وفي كل مكان، ولا بد من أخذ النوع بنظر الاعتبار، ومع ذلك لا مناص من ممارسة الديمقراطية حتى ولو أفضت في بعض جوانبها إلى نتائج سلبية والأمثلة التاريخية كثيرة. فتشرشل سقط في الانتخابات وهو الذي وُصف بأنه رجل في أمة وأمة في رجل، ومثل ذلك حصل لديغول محرر فرنسا من الاحتلال النازي.
*كاتبة من العراق
في سياق نشر العدد الاسبوعي، المرأة، الأكاديمي (ة) العراقية (د نادية هناوي) جمعت رؤيتها تحت عنوان (ديمقراطية.. ولكن!)، والرجل، الكردي/الكوردي، السوري، جمع رؤيته تحت عنوان (انعكاسات التوافق التركي السويدي الفنلندي على الواقع السوري) ونشرته لهما جريدة القدس العربي، البريطانية، لأن ما بين دجلة والنيل، أو العراق وسوريا وتركيا، بالذات،
هي مهد دولة الحضارة، إلى لغة القرآن وإسلام الشهادتين، إن لم يكن مهد خبرة مفهوم الأسرة الإنسانية بشكل عام، فتدوين تكوين أي (أسرة) في سجلات/ارشيف الدولة،
من أجل حفظ حق ثقافة الأنا أو حق ثقافة الآخر داخل ثقافة النحن كأسرة إنسانية،
إشكالية الديمقراطية هي (ثقافة الأنا)، التي ستكون على حساب ثقافة الآخر، داخل أو خارج ثقافة النحن كأسرة إنسانية، في أي مكان في العالم،
وإشكالية الهجرة، من أي دولة إلى أي دولة، من أي كيان من كيانات سايكس وبيكو، بسبب (الظلم) هي عقلية (العالة)، التي تبحث عن (راتب)، بلا إنتاج أو إنجاز أي شيء في موعد ما،
ولذلك أحسنت يا أستاذ أستاذي د نزار،
لتوضيح إشكالية عقلية طلب (القدوة)، من خلال الحاجة إلى الشفاعة أو المحسوبية أو الواسطة بعد ذلك، لتمرير كل الخطايا بلا عقوبة، فإشكالية العراق كان تعيين (خير الله طلفاح) محافظ بغداد (أولاً)، التي أدت إلى صعود نجم زوج ابنته (صدام حسين) ثانياً، ثم تعيين إبنه (وزير)، وزوج بنت (صدام حسين) بعد ذلك (وزير)، فتحولت الجمهورية إلى ملكية، أي ضاعت الطاسة،
أي لم يبق مكان إلى إحترام للزمن، أو للعلم/الخبرة/الحكمة، في إنتاج أي إقتصاد منافس،
ومن هنا أهمية ما ذكرت، أحسنت يا حبيبنا ا. حاتم الطائي،
الكرامة والعزة، والاباء من أجل إنتاج ما نحتاج إنتاجه لتوفير حاجة أي أسرة أو شركة في أي مجتمع من مجتمعاتنا، هو ما نحتاج في دولنا، كما أوضح الشاعر، وقت (الحصار) الظالم بعد استرجاع (الكويت) في عام 1991،
لا الكذب، والنفاق أمام الكاميرا، وعدم تنفيذ أي شيء (خلفها)، كما حصل مع هذه المرأة (العالة)، والأسرة التي أرسلتها لمقابلة المسؤول من أجل تمرير، مفهوم الواسطة والمحسوبية أو الشفاعة بعد 9/4/2003، أليس كذلك؟!
فالجميع، بداية من إدارة وحوكمة جامع ابن رشد في (ألمانيا) الفاسدة في تأويل كل شيء على مفاهيم ثقافة الأنا، وليس مفاهيم ثقافة النحن كأسرة إنسانية،
لم ولن ولا تفهم أن لغة القرآن وإسلام الشهادتين ليس فكر (فلان) أو ثقافة (علان)،
من أجل إلغاء أو تحريف معنى (الحلال) أو (الحرام) أو (الحدود) أو معنى لفظ كلمة (الله) الذي في قاموس لغتها له 99 معنى، لا توجد في قواميس أي لغة (إنسانية) ذلك، على أرض الواقع.
الكثير لا يعلم، أن الإسلام ضد (الاحتكار)، ولذلك حاولت أُفهمك، أنت وبنتك، معنى إنتاج (مُنتَج) شهادة (الحلال)، كوسيلة إلى الإيرادات أو العملة الجديدة،
ولكن خوفك، من تحمّل أي مسؤولية ترفض، حتى المحاولة، لتكون مستقل إقتصادياً أنت وباكستان أو افغانستان، من دول شبه القارة الهندية، في قيادة (إقتصاد المستقبل)،
من خلال تفعيل شهادة (الحلال)، أو تفعيل شهادة (اللويا جرگا)، لنقل أي دولة سوق المُنتَج والمُنتِج (الحرام)، إلى دولة سوق المُنتَج والمُنتِج (الحلال)، ولا حول ولا قوة إلا بالله.??
??????