لندن- “القدس العربي”: قال مسؤول قوة المهام الخاصة الأمريكية للبنان، والسفير السابق في المغرب إدوارد غابريل، إن الولايات المتحدة مطالبة بمساعدة لبنان ومنعه من الانهيار.
وساق في مقال رأي نشره موقع “ذا هيل” ثلاثة أسباب لذلك، مشيرا إلى أن ديفيد هيل، مساعد وزير الخارجية الأمريكي، قام في محاولة أخيرة لإيقاظ القيادة السياسية بزيارة للبنان، مؤكدا لها أهمية تشكيل حكومة منفتحة على الإصلاح، قبل أن يتحول لبنان لدولة فاشلة بالكامل.
وقال إن اللبنانيين “يعانون بسبب فشل (قيادتهم) في تحمل المسؤولية ووضع مصالح البلد أولا ومعالجة المشاكل الاقتصادية والاجتماعية المتزايدة، لكن لم يفت الأوان بعد”. ويعلق غابريل أن دعوته ولسوء الحظ وقعت على آذان صماء. فالبطالة وعدم الحصول على العناية الصحية الأساسية والعجز عن توفير الطعام لعائلاتهم، هي عوامل في استمرار تآكل حياة مئات الآلاف من المواطنين اللبنانيين. ويعلق غابريل أنه من الصعب على ما يبدو إقناع القادة اللبنانيين بالتخلي عن مشاحناتهم ومصالحهم الشخصية بشأن تشكيل خطة إنقاذ اقتصادية أو حكومة جديدة.
يجب على الولايات المتحدة قيادة الجهود الدولية في عملية دعم إنساني واسعة لمعالجة الجوع والصحة والبطالة التي يعاني منها اللبنانيون
ورغم إشارة هيل إلى أن الوقت لم يفت لتشكيل حكومة تواجه التحديات الكبرى، إلا أن لبنان سيواجه، كما هو واضح، انهيارا ماليا خلال أسابيع. ولهذا فالوقت مناسب لتغيير إدارة بايدن المسار لحماية المصالح الأمريكية في لبنان، وعليها اتخاذ ثلاث تحركات عاجلة.
الأول: من الواجب على الولايات المتحدة وفرنسا وغيرهما وضع ملامح خطة تطمئن اللبنانيين أن العالم لم ينساهم، ومستعد لمساعدتهم مع صندوق النقد الدولي وغيره من الشركاء في حالة تم التوافق على حكومة فعالة.
الثاني: يجب على الولايات المتحدة قيادة الجهود الدولية في عملية دعم إنساني واسعة لمعالجة الجوع والصحة والبطالة التي يعاني منها اللبنانيون. ويجب عمل هذا بدون أن تستفيد الكيانات الحكومية، حيث يقوم المسؤولون الفاسدون بمن فيهم حزب الله باختلاس المساعدات. فدولة فاشلة في المشرق وعلى شواطئ البحر المتوسط ليست من مصلحة الولايات المتحدة وحلفائها. وسيكون المستفيد الأول من انهيار البلد هي إيران ووكيلها حزب الله. وبسبب الوضع الاقتصادي الكارثي، فقد أحس حزب الله بنهاية لبنان الوشيكة وقام بإنشاء جهود إغاثة إنسانية للجماعات المتعاطفة مع قضية إيران. وأن يحصل قطاع من السكان على المساعدة في وقت الحاجة لا يخدم الأهداف الأمريكية وحلفاء الولايات المتحدة في لبنان، وفي الوقت نفسه يتم إهمال من يشتركون مع أمريكا بالقيم والأهداف.
الثالث: يعتبر لبنان حيويا لمصالح الأمن الأمريكية، فالمؤسسة اللبنانية الوحيدة الفاعلة والتي لا تزال واقفة وتستطيع ترك بصماتها في تحقيق الاستقرار هي القوات المسلحة اللبنانية، والتي أشارت إليها وزارة الدفاع الأمريكية بأنها من أفضل شركاء واشنطن في المنطقة. وتقضي المصلحة الحيوية الأمريكية دعم “جيش لبناني قوي”.
في ضوء دعم إيران حزب الله وقواته التي ترابط على الحدود مع إسرائيل وتهدد شرق المتوسط، فقوات لبنانية مسلحة قوية وذات قدرة ردع، مهمةٌ للمصالح الأمريكية
وبحسب وزارة الخارجية، فـ”القوات المسلحة اللبنانية زادت من قدراتها كقوة قتالية ضد العنف والتطرف”. وفي ضوء دعم إيران حزب الله وقواته التي ترابط على الحدود مع إسرائيل وتهدد شرق المتوسط، فقوات لبنانية مسلحة قوية وذات قدرة ردع، مهمةٌ للمصالح الأمريكية.
وقال هيل في إشارة لمظاهر قلقه قبل عامين: “سمعت في حينه دعوات لا لبس فيها للتغيير من اللبنانيين ومن كل الطبقات، وهذه المطالب عامة: شفافية ومحاسبة ووقف الفساد المستشري وسوء الإدارة التي تسببت بهذه المعاناة”.
وثبت أن الحوار مع القيادة اللبنانية “غير مثمر”، ولكن على أمريكا مواصلة الضغط على المسؤولين الحاليين بعدم تجاهل احتياجات الشعب اللبناني واشتراط أي دعم أمريكي للبنان، ويجب عقد الانتخابات البرلمانية المقررة في أيار/ مايو 2022 حسبما يقتضي الدستور. وعبر هذه الانتخابات، يمكن للرأي العام اللبناني الذي ثار في 2019 إحداث تغيير مرغوب به في القيادة والحكم.
وبهذه القيادة الجديدة والشعب اللبناني، يمكن للولايات المتحدة العمل على بناء دولة مزدهرة ومستقرة وديمقراطية، بلد يعزز القيم المشتركة والمصالح للولايات المتحدة والشعب اللبناني.