لندن ـ “القدس العربي”:
قال المعلق في موقع “ذي إنترسيبت” جيمس رايزن، إن الانتخابات النصفية ستقرر مصير الحرب في أوكرانيا ومستقبل أمريكا أيضا، مشيرا إلى أن المسيحيين القوميين في أمريكا يعتقدون أن غزو الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لأوكرانيا هو خطوة مهمة وأساسية لسحق حركة التركيز على العدالة العرقية المدعومة من اليسار.
وقال إن السؤال الرئيسي الذي يحوم حول انتخابات عام 2022 هو إن كان الحزب الجمهوري يتحول إلى منظمة فاشية تريد التخلص من الإجراءات الانتخابية التي تكون أحيانا فوضوية: التصويت والديمقراطية وخلق استبداد يميني متطرف بدلا من ذلك.
فمنذ محاولات دونالد ترامب إلغاء نتائج انتخابات عام 2020 الرئاسية التي توجت بالهجوم على الكونغرس في 6 كانون الثاني/يناير 2021 ثم محاولات الجمهوريين التقليل من شأن المحاولة الانقلابية، فقد بات من الصعب التفريق بين التيار الرئيس للحزب والجماعات الهامشية فيه.
ولو استطاع الجمهوريون الفوز وسيطروا على الكونغرس، فستكون أوكرانيا أول امتحان لهم وإن كانوا سيواصلون دعمها ضد الغزو الروسي الشرس.
يهمين القوميون المسيحيون على الحزب ويتعاملون مع بوتين كمحارب لصالح الأصولية المسيحية وأن غزوه لأوكرانيا هو جزء من سحق اليسار الداعي لتحقيق المساواة العرقية وإنصاف المظلومين
وسيكشف التصويت في الكونغرس الذي سيصبح تحت سيطرة الجمهورين عن انقسام بين أفراده، فمن جهة هناك التقليديون والصقور الذين يعارضون الغزو الروسي ودعموا إدارة جو بايدن في دعمها العسكري لأوكرانيا. ومن جهة أخرى هناك القوميون المسيحيون، معظمهم معجب بالديكتاتور الروسي فلاديمير بوتين ويريدون قطع الدعم الأمريكي عن أوكرانيا.
وسيكون التصويت على الدعم لأوكرانيا بمثابة باروميتر حول ما إذا كان الجمهوريون التقليديون يسيطرون على الحزب وقادرين على الوقوف في وجه التيار المتطرف الصاعد في صفوفهم. وأشار الكاتب إلى أن القومية المسيحية تمثل دينامية تثير الخوف في داخل الحزب الجمهوري. فهم ثيوقراطيون لا يؤمنون بالفصل بين الكنيسة والدولة ويجادلون أن الولايات المتحدة نشأت كدولة “مسيحية” وهي بحاجة للعودة إلى جذورها. وهم والحالة هذه يمقتون الثقافة العلمانية الغربية وخائفون من التراجع السكاني للبيض وساخطون بعمق من حركات تحرير المرأة وحقوقها، بل وحتى الفلسفة الفردية للمجتمع والتي يرونها مفهوما حديثا على النقيض مع المجتمع التقليدي الهرمي.
ويهمين اليوم القوميون المسيحيون على الحزب الجمهوري ويتعاملون مع بوتين كمحارب لصالح الأصولية المسيحية وأن غزوه لأوكرانيا هو جزء من سحق حركة اليسار الداعية لتحقيق المساواة العرقية وإنصاف المظلومين. ويرى القوميون المسيحيون الأمريكيون بأن بوتين زعيم جناح مضاد لليبرالية العلمانية وكحام للدين المسيحي. وشجع بوتين هذا الدعم في صفوف القوميين المسيحيين في الولايات المتحدة والدول الغربية الأخرى من خلال استمالة الكنيسة الأرثوذكسية وشن حرب ثقافية داخل روسيا، وتحديدا ضد المثليين وإجراءات أخرى من المفترض أنها داعمة للوحدة الأسرية في المجتمع.
ويدعم الكثير من القوميين المسيحيين بوتين ويريدون انتصاره ضد الحكومة المؤيدة للغرب في أوكرانيا. ولديهم استعداد لاستهلاك التضليل الإعلامي الذي تنشره روسيا حول أوكرانيا ويقلدونها مثل الببغاوات فيما يتعلق بالحرب. وتعتبر النائبة ماجوري تيلور غرين، واحدة من أعلى الأصوات التي تمثل القومية المسيحية في الكونغرس، وهي واحدة من قلة لا تتورع عن أو تخجل من المصطلح في المجال العام. ففي بداية العام، شاركت بمناسبة نظمتها مجموعة قوميين بيض وهتفوا أثناءها بـ “بوتين، بوتين”. وفي تجمع انتخابي الأسبوع الماضي في أيوا أخبرت الحاضرين أن الكونغرس بقيادة الجمهوريين سيقطع الدعم عن أوكرانيا “في ظل الجمهوريين، لن يذهب ولا فلس واحد إلى أوكرانيا”.
وفي الوقت نفسه كتبت ويندي روجرز، السناتور في مجلس شيوخ أريزونا في شباط/ فبراير تغريدة قالت فيها إن الرئيس الأوكراني فولدومير زيلنسكي هو “مجرد دمية لسوروس وعائلة كلينتون”.
وطوال الحملات الانتخابية هذا العام، عبر عدد من المرشحين الجمهوريين للكونغرس عن معارضتهم لاستمرار الدعم لأوكرانيا، كنوع من الرسائل للقوميين المسيحيين وأنهم إلى جانبهم بدون الدعوة لانتصار بوتين في أوكرانيا. وقال جي دي فانس، المرشح الجمهوري لمجلس الشيوخ في أوهايو “عليّ أن أكون صريحا معكم، لا يهمني في الحقيقة ما يحدث في أوكرانيا، بطريقة أو بأخرى”، لكنه تراجع لاحقا حيث قال “فلاديمير بوتين هو الشرير في هذا الوضع” زاعما “لا يمكننا تمويل نزاع عسكري طويل الأمد وبعوائد قليلة على بلدنا”.
واعترف ترامب بالقوة المتزايدة للقوميين المسيحيين داخل الحزب، واستخدم شعارات مؤيدة لبوتين ومعادية لأوكرانيا، وزعم أن بوتين كان “ذكيا” في غزوه لأوكرانيا. وقال “الآن يقول بوتين إنها مستقلة، أجزاء كبيرة من أوكرانيا. وأقول “كم هو ذكي هذا؟ وسيمضي ويصبح صانع سلام، وهذه أقوى قوة سلام”.
وإلى جانب ترامب، استخدم المعلق في فوكس نيوز تاكر كارلسون نقاطا مؤيدة لبوتين ومعادية لأوكرانيا وفتح مساحة لبث لتضليل الروسي أثناء الحملات الانتخابية على القناة. ونشأت حلقة تغذية متبادلة بين كارلسون وبوتين، فالأول يقوم بترديد الدعاية الروسية في فوكس نيوز، ثم يقوم التلفزيون الحكومي المملوك من الدولة الروسية ببث ما قاله كارلسون.
ويحاول قادة الكونغرس الجمهوريون الحفاظ على ائتلاف هش بين التقليديين وجماعات اليمين المسيحي، ولم يقدموا أي تفسير حول العدد الكبير من المرشحين الذين لا يدعمون مواصلة تمويل الحرب في أوكرانيا. كما لا يريدون الحديث عن سبب صعود القومية المسيحية داخل الحزب. ويرون بدلا من ذلك أن المعارضة لمواصلة الدعم لأوكرانيا نابعة من العزلة الأمريكية والقيود على الميزانية والمخاوف من الركود المحتمل في العام المقبل. وألمح زعيم الأقلية الجمهورية في مجلس النواب، كيفن ماكارثي إلى إمكانية قطع الدعم لو سيطر الجمهوريون على المجلس، لأن من المستحيل مواصلة دعم الحرب بمليارات الدولارات في الوقت الذي يشهد فيه البلد مصاعب اقتصادية و”أعتقد أن الناس سيواجهون ركودا ولن يكتبوا شيكات على بياض لأوكرانيا، ولن يستطيعوا عمل هذا، ولن تكون هناك شيكات على بياض، وهناك الأمور التي لا تقوم (إدارة بايدن) بعملها محليا، ولا تتعامل مع الحدود وسيبدأ الناس بملاحظة هذا”.
السؤال الرئيسي الذي يحوم حول انتخابات 2022 هو إن كان الحزب الجمهوري يتحول إلى منظمة فاشية تريد التخلص من الديمقراطية وخلق استبداد يميني متطرف بدلا من ذلك
وقام ممثل التيار التقليدي الصقور، ميتش ماكونيل، زعيم الغالبية في مجلس الشيوخ بمعارضة كلام ماكارثي، مؤكدا أن الكونغرس في ظل الجمهوريين سيواصل دعم أوكرانيا وسيقدم أكثر مما قدمه بايدن.
وسيشتعل النقاش بين مجلسي الشيوخ والنواب بشأن أوكرانيا وسيجد البيت الأبيض نفسه في الوسط. وربما كان الصراع على أوكرانيا داخل الحزب الجمهوري هو البداية في حرب طويلة للسيطرة على السياسة الخارجية للحزب. وستحدد المعركة مدى قدرة الحزب على منع سيطرة اليمين القومي وعدم الانزلاق نحو الفاشية. ومن الواضح أي جانب تدعمه موسكو، ففي تغريدة نشرتها جوليا ديفيس التي تدير المرصد الإعلامي الروسي نشرت روابط فيديو للتلفزيون الرسمي الروسي والتي تقول إنها دعم لفصيل “لنجعل أمريكا عظيمة مرة أخرى” الجمهوري في انتخابات التجديد النصفي.
لكن في اوكرانيا حركة يمينية متطرفة ترفض تعدد القوميات ضمن اوكرانيا وهو أحد أسباب الحرب، رفض اللغة الروسية وفرض اللغة الأوكرانية على السكان.
دعم الحزب الديمقراطي لأوكرانيا في الحرب له أسباب كثيرة ليس منها مباديء الحرية والليبرالية.
معارضة أجنحة من الحزب الجمهوري للحرب في اوكرانيا معظمها حزبية تندرج تحت ما يقبله الديمقراطي يرفضه الجمهوري.