لندن- “القدس العربي”: نشر موقع “ذي انترسيبت” تقريرا مطولا أعدته اليس سبيري قالت فيه إن القوات الإسرائيلية تواصل قتل المواطنين الأمريكيين ويواصل المسؤولون الأمريكيون منحها علامة نجاح. وتابعت أنه قبل عقدين تقريبا من قتل القوات الإسرائيلية الصحافية الفلسطينية- الأمريكية شيرين أبو عاقلة برصاصة وهي تغطي أحداثا في جنين بالضفة الغربية، داس جندي إسرائيلي بجرافة ناشطة السلام الأمريكية راشيل كوري. ولم يترك الحادثان أي مجال للشك حول الدينامية التي يمارسها الجيش.
فقد كانت أبو عاقلة ترتدي سترة الصحافة وبعيدة عن أي منطقة قتال، أما كوري فقد كانت ناشطة سلام تحتج على هدم بيت عائلة فلسطينية في غزة. وكانت ترتدي سترة برتقالية بخطوط عاكسة وكانت في المكان لعدة ساعات وتحدثت في بعض المرات عبر مكبر صوت. وكانت تقف ساعة مقتلها في طريق جرافة كما فعل الناشطون خلال اليوم. وعندما دفع السائق الآلة باتجاهها، صعدت كوري باتجاه كومة من التراب لكي تكون ظاهرة للسائق، حسب شهادات اطلع عليها الموقع. ولكن السائق ظل يتقدم نحوها حيث وقعت على التراب، ولكنه تقدم عدة أقدام باتجاهها قبل أن يتراجع حيث داس عليها مرتين. وإمكانية عدم مشاهدة السائق لها كما زعم لاحقا، أمر لا يمكن تصديقه. ولكن الحكومة الإسرائيلية لم تعلن المسؤولية عن القتل. وفي الوقت الذي رفضت فيه الحكومة الأمريكية نتائج التحقيق الإسرائيلي إلا أنها لم تتخذ الإجراءات للتأكد من عدم حدوث أمر كهذا، ولكنه حدث. وقتلت كوري في 16 آذار/مارس 2003 وكان عمرها 23 عاما.
رفضت الحكومة الأمريكية نتائج التحقيق الإسرائيلي في مقتل راشيل كوري إلا أنها لم تتخذ الإجراءات للتأكد من عدم حدوث أمر كهذا
وبعد 12 عاما على وفاتها التقى والداها وشقيقتها مع أنطوني بلينكن، الذي كان نائبا لوزير الخارجية ولآخر مرة. وتحدث نائب الوزير معهم بطريقة مخلصة وقال لهم “تعالوا في أي وقت”. ولم تكن عائلة كوري تريد العودة مرة ثانية، فهي تلتقي مع بلينكن منذ عدة سنوات وقد تعبت. وعندما سأل العائلة “ماذا يمكنني أن أفعل لكم؟” شعروا بالإحباط. وقال كريغ كوري “أنا ممتن للطفك” و”سعيد لمشاركتك الشخصية وحتى تشرك مؤسساتك فلن يحصل أي شيء جيد”.
وقالت سيندي كوري والدة راشيل “يسأل ماذا يمكنني عمله لكم؟” و”لكن هناك مرحلة تعني ماذا تريدون عمله أيها الناس؟” وردت سارة كوري، شقيقة راشيل، “لا أستطيع القول لك أي أدوات يجب استخدامها” “يجب عليك أن تخبرنا”. وذهبت عائلة كوري لمكاتب مئات المسؤولين مثل بلينكن وعلى مدى السنوات الماضية لكنها لم تقربها للمحاسبة التي تنشدها. ويعتبر بلينكن واحدا من الذين عملوا مع العائلة طوال السنوات وكان رفيقا وودودا معها ومستعدا لمقابلتها مدة أطول من المقررة، ويوقع في رسائله باسم “توني”، لكنه ومثل غيره من الذين يحتلون مناصب عليا في إدارة بايدن خيبوا أملها. وعندما كانت العائلة تحضر لمغادرة مكتبه ولآخر مرة قالت سارة له ” لقد وعد رئيس الوزراء أرييل شارون رئيس الولايات المتحدة بتحقيق موثوق وعميق وشفاف. وقالت حكومتك إن هذا لم يحدث، ولم يتم الوفاء بذلك الوعد، ولا نزال أمام مشكلة”، فرد بلينكن “أعرف”. وعرفت سارة أنها قد انتهت من بلينكن الذي طلب منها كتابة رسالة إلكترونية لمتابعة الموضوع. وسألت لماذا لم يقم أي من الموظفين بأخذ ملاحظات عن اللقاء و”شعرت أننا سنظل هكذا طوال حياتنا”. وقالت “شعرت بأنني محتاجة منهم ليقولوا لا، وإن لم يكونوا قادرين على عمل شيء، فهذا ما كنت أريده من اللقاء”.
وكان عمر سارة 29 عاما عندما قتلت راشيل وكرست حياتها منذ ذلك الوقت لتحقيق العدالة لأختها والضغط على الحكومة الأمريكية. وعانت خلال السنوات الماضية من مرض كرون الذي يصيب المعدة. وتذكرت وهي في الممر المفضي لمكتب بلينكن كلمات لورنس ويلكرسون، مدير طاقم كولن باول، وزير الخارجية وقت مقتل راشيل “أنت تفعلين الصواب” و”ربما لن تحصلي على نتائج ولكن لا تخسري صحتك”. وهي لا تريد خسارة صحتها و”لن أخسر صحتي من خلال ضرب رأسي بالجدار” وقررت أخيرا “أعرف أنني وصلت لنقطة لم أعد قادرة على عمل هذا، وصلت للحد”.
وكان هذا عام 2015 ومنذ ذلك الوقت استمرت سيندي وكريغ بإحياء ذاكرة راشيل عبر مؤسسة راشيل كوري للسلام والعدالة. وقاما بتوأمة ما بين أوليمبيا- واشنطن مع رفح المدينة الحدودية ما بين غزة ومصر حيث قتلت راشيل. ويتحدثان دفاعا عن الفلسطينيين في مناسبات حول العالم، وفي اللقاءات مع الناشطين تشعر سيندي أنها بحاجة للدفاع عن بلينكن ضد نقاد السياسة الخارجية الأمريكية وتقول إنه رجل طيب كان مهتما وأراد المساعدة و”أعتقد أن توني يريد الأفضل للفلسطينيين أيضا”.
ولم يرد بلينكن على طلب للتعليق، لكن المتحدث باسم الخارجية كرر التزام الإدارة الحالية بمواقف الإدارات السابقة والدعوة لتحقيق معمق في مقتل راشيل المأساوي. ولم تكن سارة ناشطة ولكنها وجدت من واجبها المدني الضغط على الحكومة الأمريكية لتحقيق العدالة لراشيل، وبعد آخر مقابلة مع بلينكن جمعت كل الوثائق التي راكمتها خلال السنوات الماضية وخزنتها وركزت على حياتها. وعندما توقفت عائلة راشيل عن جهود المطالبة بالعدالة توقفت المساعي الحكومية “عندما توقفنا توقفوا”، كما قال كريغ كوري، و”العربة عالقة في الطين فلو لم تدفعها فلن تتحرك إلى أي مكان”.
ثم قتلت شيرين ابو عاقلة في أيار/مايو حيث توصلت تحقيقات صحافية، بما فيها تحقيق للأمم المتحدة، بأن الجيش الإسرائيلي استهدفها، ولكن الحكومة الإسرائيلية رفضت تحمل المسؤولية. وبعد أسابيع من مقتلها طالبت عائلتها وعدد متزايد من الناس بمن فيهم نواب في الكونغرس الحكومة الأمريكية بتحقيق مستقل، ولكن الخارجية قامت بتخليص التحقيقات الفلسطينية والإسرائيلية وفحصت الرصاصة التي قتلت أبو عاقلة وأصدرت بيانا في يوم عطلة الرابع من تموز/يوليو، أشارت فيه إلى أن الرصاصة جاءت من الطرف الإسرائيلي لكنها لم تكن مقصودة. وكانت نتيجة مخيبة لمن أرادوا شجبا أو قويا أو طريقا للمحاسبة. ورفضت عائلة أبو عاقلة النتيجة وطالبت مقابلة الرئيس جو بايدن في رحلته إلى المنطقة التي بدأت الأربعاء. ووصفت منظمة بتسليم الإسرائيلية النتيجة الأمريكية بـ “تبييض”، وكتب زميل لأبو عاقلة في الجزيرة بأن نتيجتها تعني أنها “قتلت مرة ثانية اليوم”. وفشلت محاولات نواب تعديلات ميزانية الدفاع لإجبار وزارة الخارجية وأف بي آي للتحقيق في الجرائم الخطيرة التي ارتكبت ضد المواطنين الأمريكيين في الخارج. ودعت النائبة من أصل فلسطيني رشيدة طليب للتحقيق.
توصلت تحقيقات صحافية، بما فيها تحقيق للأمم المتحدة، بأن الجيش الإسرائيلي استهدف شيرين أبو عاقلة، ولكن الحكومة الإسرائيلية رفضت تحمل المسؤولية
وقال جميل دكور، المحامي الفلسطيني الأمريكي في حقوق الإنسان والذي نصح عائلة كوري منذ 2003 أن الحكومة الأمريكية “متواطئة بشكل عملي مع جرائم إسرائيل”. وقال “لو كانت حكومة اجنبية أخرى لرأينا قوانين شيرين أبو عاقلة وراشيل كوري للمحاسبة وعقوبات فرضت على ذلك البلد ومسؤوليه البارزين”. وقال بصراحة لا أثق بالولايات المتحدة كي تدير تحقيقا موثوقا ومستقلا في جرائم خطيرة ارتكبها حلفاء أمريكا مثل إسرائيل، لأن ثمن المحاسبة الحقيقية باهظ”. ويقول الموقع إن حقيقة قيام الخارجية بتحقيق رغم عيوبه تشير للضغوط التي تعرضت لها، وبالمقارنة لم تقم الحكومة الأمريكية بتحقيق في مقتل كوري، رغم مطالب أعضاء الكونغرس. كما ولم تحقق في قتل إسرائيليين لمواطنين أمريكيين مثل الأمريكي التركي فرقان دوكان (18 عاما)، والذي كان واحدا من تسعة نشطاء قتلتهم إسرائيل عندما هاجمت مافي مرمرة عام 2010. ولم تحقق في مقتل الفلسطيني الأمريكي محمود شعلان (16 عاما)، عام 2016 عندما كان يجتاز حاجزا للجيش في الضفة الغربية. وكذلك في مقتل المسن الفلسطيني الأمريكي عمر أسعد (78 عاما)، عندما احتجزته القوات الإسرائيلية بداية هذا العام. ولم تحقق في إصابات تعرض لها فلسطينيون أمريكيون مثل طارق أبو خضير (15 عاما) في القدس والذي حرق ابن عمه محمد أبو خضير قبل يوم. وفي كل حالة طالب المسؤولون الأمريكيون، ومعظهم قابلتهم عائلة كوري، إسرائيل بتحقيق موثوق، وهو ما دفعها لكسر الصمت حول محاولاتها خلف الأضواء وفي أروقة السلطة لتحقيق العدالة لراشيل. وقال سارة “يجب عليهم ألا يسألوا الأسئلة التي طرحناها في عام 2003″، موجهة كلامها لعائلة أبو عاقلة. و”سؤالي لإدارة بايدن ما هو الشيء المختلف الذي تفعلوه لعائلة أبو عاقلة لم تفعلوه في حالتنا حتى تتحقق العدالة، وما هي توقعاتكم هنا، ويجب أن يكون هناك قدر من الصدق وإن لم يكن هذا فسأخرج وأتحدث مرة أخرى”.
ورغم الجهود التي بذلتها العائلة في الدفاع عن القضية الفلسطينية إلا أنها ترددت بالكشف عما دار في اللقاءات مع المسؤولين الأمريكيين لاعتقادها أن هذه الجهود ستثمر ولأن الحديث عن راشيل سيفتح الجروح. وعلى مدى يومين الشهر الماضي في بيت سارة في أوليمبيا، كشفت عائلة كوري عن اتصالات مع المسؤولين البارزين، بمن فيهم بلينكن ومدير سي آي إيه ويليام بيرنز والعاملون مع بايدن أثناء عمله كسناتور ونائبا للرئيس. ونشر الموقع عددا من الوثائق والبرقيات الدبلوماسية وملاحظات عن لقاءات ومئات الصفحات التي حصلت عليها العائلة عبر السجلات العامة ورسائل بين إدارتي بوش وأوباما والكونغرس.
وتقدم الملفات صورة مدمرة عن عبثية محاولات الحكومة الأمريكية تحقيق العدالة لكوري. وتكشف الوثائق عن محاولات المسؤولين الأمريكيين الحصول على أجوبة من نظرائهم الإسرائيليين، لكن غياب الإرادة السياسية من المسؤولين والكونغرس وتحميل إسرائيل تداعيات انتهاكاتها لحقوق الإنسان جعلت من كل هذه الجهود مجرد محاولات لا معنى لها وكأن الجميع يعرفون أنها لن تنجح.
تكشف الوثائق عن محاولات المسؤولين الأمريكيين الحصول على أجوبة من نظرائهم الإسرائيليين، لكن غياب الإرادة السياسية من المسؤولين والكونغرس وتحميل إسرائيل تداعيات انتهاكاتها لحقوق الإنسان جعلت من كل هذه الجهود مجرد محاولات لا معنى لها
وعبر تطبيق زووم التقت عائلة كوري مع عائلة أبو عاقلة في القدس ومناطق أخرى في الولايات المتحدة حيث شعرت العائلات بالرابطة التي تجمعها. وقالت سيندي “كان لقاء مؤثرا ومن الصعب رؤية الأمر مستمرا بهذه الطريقة.. ومعرفة أنهم قد يقضون عقودا قبل حصولهم على جواب مقنع أو غير مقنع” ويحصلون على نفس الشيء الذي حصلت عليه عائلة كوري “ويحاولون قدر الإمكان السيطرة على العملية”. وتقول لينا أبو عاقلة، ابنة أخ شيرين، “في نهاية المطاف، تستطيع الولايات المتحدة عمل ما تريد، فهي قوة عظمى” و”لكنها لا تقوم بعمل المفترض منها أن تعمله وهو حماية مواطنيها خارج الولايات المتحدة”.
صحيح أن عائلة كوري وصلت إلى أروقة السلطة وحصلت على تعاطف من المسؤولين لكن قضية راشيل لا تختلف عن آلاف الفلسطينيين ضحايا جرائم الحرب الإسرائيلية كما يقول المحامي دكور. وتظل إسرائيل أكبر حليف للولايات المتحدة ومتلق أكبر للمساعدات العسكرية والجرافة التي قتلت راشيل صنعت في الولايات المتحدة. وفي الآن ذاته، طالبت عائلة أبو عاقلة واشنطن بالتوضيح إن كان الدعم الأمريكي قد أسهم في قتل شيرين.
وفي الوقت الذي خاضت فيه عائلة كوري معركة قانونية طويلة ضد الحكومة الإسرائيلية إلا أنها ركزت توقعاتها على الحكومة الأمريكية التي تمثلها. وتعتبر سارة الأكثر حديثا ونقدا للحكومة الأمريكية فيما تحاول والدتها سيندي التركيز على لطف أفراد بعينهم. ويكشف التقرير عن مراسلات كوري في أيامها الأخيرة قبل غزو أمريكا للعراق وكيف ساهمت العائلة بجهود معارضة الحرب وزيارتها لرفح بعد مقتل راشيل. كما كشف عما قال نواب لها “لا أحد سيقول لا لكم ولكن لن يفعل أحد أي شيء لكم”. وشجع مسؤول في مكتب بايدن بالكونغرس العائلة على مواصلة الحديث عن كوري والفلسطينيين “عليكم مواصلة عمل ما تقومون به لأنكم الوحيدين الذي يفعلون هذا في هيل/الكونغرس”. وربما كان لدى نواب نوايا حسنة لكن السياسة الخارجية وأولوياتها قوضتها وهي تتكرر في حالة أبو عاقلة وجريمة قتل جمال خاشقجي. وحتى النواب الذين تعاطفوا مع العائلة مثل النائب الديمقراطي عن واشنطن براين بيرد اتهم بمعاداة السامية. وعلم سريعا أن نقد إسرائيل يعني خسارة التمويل والأصوات.
ويعرف لورنس ويلكرسون، مدير طاقم كولين باول، أكثر من غيره أن علاقة أمريكا مع إسرائيل هي في مستوى مختلف عن بقية الحلفاء. ويتذكر مرة لقاء في إدارة بوش في ذروة القتل المستهدف الذي مارسته إسرائيل أثناء الانتفاضة الثانية، حيث أطلقت إسرائيل أكثر من مرة صواريخ هيلفاير من مروحيات الأباتشي ضد قادة المتشددين وقتلت أطفالا ومدنيين في أثناء ذلك. وهذه جريمة حرب، كما قال ويلكرسون، وخرق للقوانين الأمريكية التي تحظر صفقات السلاح لهذه النشاطات التي تقوم بها إسرائيل. ويتذكر قوله “لدينا صور لنساء وأطفال ماتوا” و”قلت: سيحدث هذا مرة ثانية، وأخرى، الن نفعل شيئا؟” ولم يرد أحد عليه من الحاضرين. وعاد ويلكرسون للندم عن دوره في إدارة بوش ولا يحاول إخفاء دوره في حرب العراق. وكشف كيف أمره باول بتولي مهمة العمل على قضية كوري وتمثيله فيها.
راشيل كوري هذه المرأة الشجاعة أشرف من كل
العرب و المسلمين الجبناء الذين لا يجرؤون حتى
على ذكر إسرائيل. اما الأمريكان فاضحوا عبيدا
لإسرائيل منذ عقود و ليس الآن و لا يجرؤون على
فعل شيء لليهود لانهم هم الذين يقررون مصائرهم
السياسية أو الإقتصادية.
رؤساء أمريكا الصهاينة حتى النخاع لايكترثون لموت الأمريكيين على يد الإسرائيليين لأن ولاءهم لإسرائيل أكثر من ولاءهم لأمريكا ☝️?