ذي قار العراقية تشيع قتلى سقطوا برصاص الأمن… ودعوة لكشف نتائج التحقيقات

مشرق ريسان
حجم الخط
0

بغداد ـ «القدس العربي»: عاد الهدوء إلى شوارع محافظة ذي قار الجنوبية في العراق، الخميس، عقب احتجاجات اندلعت مساء أول أمس في ساحة الحبوبي وتقاطع البهوّ، في مركز المدينة، تضامن مع ناشط حكم بالسجن لـ«إساءته» لـ«الحشد الشعبي»، وسقط على إثرها، نحو 20 شخصاً بين قتيل ومصاب، برصاص الأمن.
وقررت الحكومة المحلية في المحافظة، اعتبار أمس الخميس عطلة رسمية في ذي قار، وإعلان الحداد على قتلى الاحتجاجات الأخيرة، فيما شيّع ذوو الضحايا قتلاهم في ساعة متأخرة من ليلة الأربعاء وفجر الخميس.
وعلى إثر تجدّد الاحتجاجات، وجّه وزير الداخلية عبد الأمير الشمري، باستبدال قائد شرطة ذي قار.

محاسبة المتسببين

وذكرت خلية الإعلام الأمني الحكومية في بيان إنه «تنفيذا لتوجيهات القائد العام للقوات المسلحة، فقد وجه الشمري، باستبدال قائد شرطة محافظة ذي قار وتعيين العميد مكي شناع بديلاً عنه».
وباشر شناع، أمس، مهامه رسميا، مؤكداً «تسخير الجهود لحماية المواطنين والمتظاهرين».
وشدد على «محاسبة كل من تسبب بإراقة الدماء في ذي قار»، مشيرا إلى «وجود قنوات تواصل لتهدئة الأمور مع المحتجين».
وسبق أن دعا الناطق باسم القائد العام للقوات المسلحة، المتظاهرين إلى الابتعاد عن الاحتكاك مع القطعات الأمنية، فيما أكد أن الحكومة تسعى إلى تحقيق المطالب الجماهيرية.
وقال اللواء يحيى رسول، في بيان، إن «التظاهرات السلمية حق كفله الدستور العراقي، وهناك توجيهات واضحة لتوفير الحماية الكاملة للمتظاهرين، وبعد الأحداث الجارية في محافظة ذي قار، وجه القائد العام للقوات المسلحة، بإرسال لجنة أمنية عليا للتحقيق ومعرفة ملابسات إطلاق النار على المتظاهرين وسقوط ضحايا منهم ومعرفة المقصرين ومحاسبتهم ومن أي جهة كانت».
وأضاف أن السوداني «شدد على أن القوات الأمنية هي المسؤولة عن حماية المتظاهرين السلميين، والحكومة تسعى الى تحقيق المطالب الجماهيرية».
ودعا البيان، المتظاهرين إلى «الابتعاد عن الاحتكاك مع القطعات الأمنية والالتزام التام بتوجيهات الأجهزة الأمنية التي وجدت لحمايتهم، وعلى الجميع كشف العناصر المغرضة وأصحاب الأجندات التي تسعى لتصعيد الموقف الأمني وإخراج التظاهرات عن مسيرتها السلمية».
وفي العاصمة الاتحادية بغداد أيضاً، عقد المجلس الوزاري للأمن الوطني، اجتماعاً برئاسة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، على وقع تجدد الاحتجاجات في ذي قار.
وقال رسول، في بيان ثان، إنه «جرى خلال الاجتماع تدارس الأوضاع الأمنية في البلاد، ومتابعة أداء قواتنا المسلحة خلال تنفيذها مهامّها في حفظ الأمن والاستقرار، وملاحقة فلول الإرهاب». وناقش المجلس، حسب البيان «أحداث التظاهرات التي شهدتها مدينة الناصرية، وقرر إرسال لجنة أمنية عليا إلى محافظة ذي قار للتحقيق في الأحداث التي تسببت بسقوط ضحايا وحدوث إصابات بين صفوف المتظاهرين والأجهزة الأمنية».
وشدّد على «ضرورة الحفاظ على أرواح المتظاهرين السلميين، ومنع أي جهة من التدخل عبر تسييس التظاهرات أو استغلالها لأغراض شخصية».

اجتماع عاجل

وفي تطورٍ لاحق، عقد رئيس لجنة الأمن والدفاع النيابية خالد العبيدي، أمس الخميس، اجتماعاً ‏عاجلاً بحضور الشمري ونواب عن محافظة ذي ‏قار لمناقشة تداعيات الاحتجاجات في الناصرية.
ووفقا لبيان صادر عن المكتب الاعلامي للعبيدي، فإن الاجتماع خرج ‏بمجموعة من المقررات منها ضرورة «الإسراع بإنجاز مهام اللجنة التحقيقية ‏المشكلة من رئيس الوزراء لمعرفة أسباب سقوط ضحايا في تظاهرات ‏الناصرية، مع التوصية بإحالة المسؤولين عن استخدام السلاح ضد ‏المتظاهرين إلى المحاكم المختصة، وذلك تنفيذا للتوجيهات السابقة بعدم ‏استخدام العنف ضد المتظاهرين السلميين».‏
وأوصى الاجتماع أيضاً بمفاتحة الحكومة العراقية لـ«اعتبار كل الضحايا ‏الذين سقطوا في التظاهرات شهداء، مع التأكيد على التزام الدولة بعلاج ‏ورعاية المصابين من المتظاهرين والقوات الأمنية».‏

بعد احتجاجات تضامنية مع ناشط سجن لانتقاده «الحشد»… والسوداني يرفض «التسييس»

وأضاف أن لجنة الامن والدفاع النيابية «ستتولى مناقشة أسباب سقوط ‏ضحايا في تظاهرات الناصرية، وستسمي ممثلين عنها للمشاركة في اللجان ‏التحقيقية المشكلة»، لافتاً إلى «فتح قنوات تواصل مباشرة ومستمرة بين ‏وزير الداخلية ونواب محافظة ذي قار للتدخل وتطويق أي أزمة قد تنتج في ‏المستقبل».‏
ونوه البيان إلى «مطالبة الجهات المعنية بفتح حوارات مع المتظاهرين بشكل ‏مباشر أو من خلال ممثلين عنهم أو عبر نواب المحافظة في البرلمان ‏العراقي».‏
وأهاب المجتمعون بالمتظاهرين والعشائر في ذي قار إلى «تطويق الأزمة ‏ومحاولة حلها عبر الحوار لا التصعيد، مع ضرورة الحفاظ على سلمية ‏التظاهر والاحتجاج وعدم الاحتكاك مع القوات الأمنية، في المقابل يرفض ‏المجتمعون بشكل مطلق مواجهة المتظاهرين السلميين بالسلاح، وأكدوا إن ‏أي محاولة لاستخدام السلاح يجب أن تواجه بعقوبات صارمة ضد كل ‏المتورطين بالدم العراقي».‏
وأصدرت محكمة عراقية، الإثنين الماضي، حكما بسجن الناشط حيدر فنجان الزيدي ثلاث سنوات بعد إدانته بموجب مادة قانونية تختص بـ«إهانة مؤسسات الدولة»، وفقا للناشط نفسه ووسائل إعلام عراقية، بعد أن «انتقد»، «الحشد الشعبي».
وحسب منظمة «هيومن رايتس ووتش» المعنية بالدفاع عن حقوق الإنسان، فإن محكمة جنائية في بغداد حكمت في 5 ديسمبر/كانون الأول 2022 على الزيدي، بالسَّجن ثلاث سنوات لمزاعم انتقاد القائد السابق والمتوفى لقوات «الحشد الشعبي» أبو مهدي المهندس.
وفي 6 يونيو/حزيران، احتجزت السلطات الزيدي (20 عاما) بناء على تغريدة على «تويتر» يُزعم أنه نشرها، لكنها أفرجت عنه بكفالة بعد 16 يوما.
ونفى هو ووالده حامد (66 عاما) أن يكون نشر الانتقادات، وأصرّا أن حسابه على «تويتر» كان مخترقا.
وشددت المنظمة على أهمية «الإفراج فورا عن الزيدي، وإيقاف جميع الملاحقات القضائية التي تنتهك الحقوق الأساسية للمتهمين، وإلغاء القانون الذي يجرّم انتقاد المسؤولين الرسميين». وقال آدم كوغل، نائب مديرة الشرق الأوسط في «رايتس ووتش»، إنه «بغض النظر عمّن نشر التغريدة، ينبغي ألا يُستخدم نظام العدالة العراقي كأداة لقمع أي انتقاد سلمي للسلطات أو العناصر المسلحة. سَجْنُ ناشط مثل الزيدي ثلاث سنوات لتغريدة يقول إنه لم يكتبها، بينما يفلت عشرات المسؤولين والجماعات المسلحة من العقاب على قتلهم النشطاء والمتظاهرين، له انعكاس مؤسف على سيادة القانون في العراق».
وزاد: «يجب ألا يقضي الزيدي ثانية أخرى في السجن بعد محاكمته الجائرة بوضوح. يجب أن تركز السلطات على معالجة التحديات العديدة التي تواجه البلاد بدل أن تضطهد النشطاء».
واغتيل المهندس في 3 يناير/كانون الثاني 2021 في غارة أمريكية بطائرة مسيّرة. كما قتلت الغارة قائد «فيلق القدس» في «الحرس الثوري» الإيراني آنذاك قاسم سليماني.
وقال الناشط الحقوقي، سلمان خير الله: «هذا الحكم رسالة واضحة للنشطاء بأن أي انتقاد للسلطات وقوات الحشد الشعبي سيُعاقَب».
وحكمت المحكمة على حيدر بموجب المادة 226 من قانون العقوبات العراقي، التي تعاقب من «أھان بإحدى طرق العلانیة» مجلس الأمة أو القوات المسلحة أو أي هيئة حكومية أخرى بالحبس لمدة لا تتجاوز سبع سنوات.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية