لندن- “القدس العربي”: نشرت مجلة “ذي نيشين” تقريراً أعدّه جيمس بامفورد قال فيه إن منظمةً مرتبطة بإسرائيل تقود حملة مضادة للطلاب الأمريكيين المؤيدين لفلسطين. وقال إن المجلس الإسرائيلي- الأمريكي عمل بالترادف مع وكالات الاستخبارات الإسرائيلية، ولعدة سنوات. وفي الشهر الماضي، تعهد قادته بإغلاق مخيم اعتصام الطلاب في جامعة كاليفورنيا.
وقال التقرير إن المجلس، المكوّن في معظمه من إسرائيليين يعيشون في الولايات المتحدة، قرّر الرد على احتجاجات الطلبة الأمريكيين.
ففي يوم الأحد 28 نيسان/أبريل، عندما وصل أعضاء المجموعة إلى ساحة ديكسون المغطاة بالعشب في جامعة كاليفورنيا، وقف رئيس المجلس إيلان كار، وألقى كلمة أعلن فيها عن بداية الحرب ضد المعتصمين. وكار هو جمهوري وعضو سابق في مجلس اللجنة الأمريكية- الإسرائيلية للعلاقات العامة (إيباك)، والمبعوث الخاص لمراقبة ومكافحة معاداة السامية في إدارة دونالد ترامب السابقة، ولا يحترم أي شخص يهاجم إسرائيل، وقارن في الماضي أي شخص يدعو إلى مقاطعة إسرائيل بأفعال النازية. كما وَصَفَ حركة “أصوات يهودية من أجل السلام” التي تشارك في الاحتجاجات بأنها “تتاجر علناً بمعاداة السامية”.
كار: سنستعيد شوارعنا وجامعاتنا، من جامعة كولومبيا إلى جامعة كاليفورنيا، وأي شيء بينهما
وشارك في التظاهرة المضادة، التي حمل أفرادها الأعلام الإسرائيلية ضد المتظاهرين المؤيدين لفلسطين من حملة الأعلام الفلسطينية، إسرائيل بشار، القنصل الإسرائيلي العام لجنوب- غرب الباسيفيك. وشارك في إلقاء الكلمات مدير إيباك، جوناثان غرينبلات.
ثم جاء كار الذي أعلن عن بداية القتال: “سنستعيد شوارعنا وجامعاتنا، من جامعة كولومبيا إلى جامعة كاليفورنيا وأي شيء بينهما”.
والسؤال هو لمن يريد المجلس، المعروف بعلاقاته الطويلة بالاستخبارات الإسرائيلية، استعادة الشوارع؟
وأشار الكاتب للمشاهد التي تبعت ذلك، من اعتداءات لمؤيدي إسرائيل على مؤيدي فلسطين، وقالت البرفسورة دانييل كار إنها رأت عدوانية “لا تصدق” ضد مؤيدي فلسطين.
وقال الكاتب إن المجلس الإسرائيلي- الأمريكي استخدم حرباً نفسية كتلك التي استخدمها الجيش الأمريكي في معتقل غوانتانامو، حيث وضع شاشة ضخمة تعرض فيديو.
وذكر مفتش في مكتب التحقيقات الفدرالية “أف بي أي” بمذكرة أنه شاهد مرة “معتقلاً جالساً على الأرض في غرفة التحقيقات، وملفوفا بالعلم الإسرائيلي، وبموسيقى صاخبة حوله، وأضواء لامعة”، وهو ما دعا المفتش للمغادرة، لأن هذا الأسلوب ليس سياسة “أف بي أي”. لكن هذه السياسة لا تقلق المجلس الإسرائيلي- الأمريكي الذي عرض شاشة قدمت لقطات فيديو عن “حماس” وسط عزف النشيد الوطني الإسرائيلي. وحسب “لوس أنجلس تايمز”، فقد شمل الضجيج فيضاً من الأصوات المزعجة وصوت طفل يبكي، وأغنية “بيبي شارك”، ولكن بالعبرية. وتم هذا في منتصف الليل، حتى لا ينام من هم في مخيم الاعتصام.
وقال طالب عمره 28 عاماً: “للأسف عانينا من التحرش والتخويف في الليل، والذي كان مثيراً للغضب”.
وبعد يومين عاد مؤيدو إسرائيل لإغلاق المعسكر وتنفيذ تعهد رئيس المجلس الإسرائيلي- الأمريكي، في ما وصفته نائبة رئيس الجامعة، ماري أوساكو، بأنه “عمل مرعب من العنف”. وفعلوا هذا على صوت نشيد الحرب “حربو دربو” الإسرائيلي، والذي يدعو للانتقام من هجمات 7 تشرين الأول/أكتوبر.
وقال الكاتب في “لوس أنجلس تايمز” بايبر فرينتش إن مؤيدي إسرائيل عرضوا لقطات شنيعة لهجمات تشرين الأول/أكتوبر، وأغنية أطفال أطلقها الجنود الإسرائيليون ضد سجناء فلسطينيين في غزة، ولساعات طويلة، وأغنية أخرى عن عمليات الجيش الإسرائيلي في غزة.
حدث هذا في الصباح، ثم عادوا في منتصف الليل. وبدأوا بتمزيق الحواجز التي تحمي المخيم المؤيد لفلسطين، والذي ترافق مع عمليات عنف، كما كشف تحقيق استقصائي لصحيفة “نيويورك تايمز”، حيث راجعت أكثر من 100 شريط فيديو للهجوم. وقال فرينتش إن آخرين كانوا ملثّمين، وهاجموا المخيم بالعصي الخشبية والأنابيب البلاستيكية وأعمدة الحديد ورشاش الفلفل ودب الصولجان. وتم نقل 20 مؤيداً لفلسطين إلى المستشفيات نتيجة لعنف رعاع المؤيدين لإسرائيلي. ولم تتحرك الشرطة لحماية المؤيدين لفلسطين، حيث انتظرت ثلاث ساعات ونصف.
ووضعت مجموعة أصوات يهودية مؤيدة للسلام ملاحظة على موقعها: “قطيع من الفيجيلنتي [من يأخذ القانون بيده] المعادي للفلسطينيين اعتدى على الطلاب”.
وأشارت الملاحظة إلى أن حرس الجامعة وشرطة لوس أنجلس تايمز وقفوا يتفرجون والرعاع تضرب وتهاجم طلاب مخيم الاعتصام، ما أدى إلى إصابات خطيرة، حيث استمر العنف لساعات، ولم يتحرك أحد، حسب الأستاذ المشارك بهرات فينكات، و”اعتقدت أن طالبا سيقتل”.
وكان من بين المجموعة أرون كوهين، المدرب المدني للشرطة، والمعروف بتدريبه الشرطة على أساليب مكافحة الاستخبارات الإسرائيلية. وتستّر مرة بكوفية فلسطينية غطت وجهه باسثناء عينيه، وقام باختراق المخيم، حسب موقعه. وكان كوهين مرة من وحدة المستعربين “ميستا أرافيم” التي تقوم باغتيال الفلسطينيين. وكتب قائلاً: “في الليلة الماضية، قمت بتحقيق صغير واخترقت مرتدياً كوفية قديمة، التي أصبحت رمزاً نازياً محبوباً، ولثمت بها وجهي جيداً، ومضيت مع حلول الظلام نحو جامعة كاليفورنيا، وقضيت ساعة في محيطها”.
وقال إنه تلقى دعوة لمكتب رئيس الشرطة “خلف الأسلاك مع فريق الرد الخاص”، ما يقترح علاقة بين المخابرات الإسرائيلية وسلطات فرض النظام الأمريكية.
وتعود فكرة المجلس الإسرائيلي- الأمريكي إلى القنصل العام الإسرائيلي في لوس أنجلس إيهود دانوش، الذي أراد، عام 2006، جمع الإسرائيليين المقيمين في أمريكا ضمن مجموعة لكي تمارس الضغط وتدعم السياسات الإسرائيلية. ومن بين مؤسسيه الرئيس الوطني السابق له والعضو الحالي، آدم ميلشتين، المليونير وتاجر العقارات والمجرم، حيث أدين، وحكم عليه بالسجن عام 2008، للتهرب الضريبي. وهو جزء من شبكة واسعة تمتد من نيويورك إلى لوس أنجلس، وتستخدم جمعيات خيرية زائفة مثل المدارس الدينية (يشيفا) للتهرب الضريبي وغسيل ملايين الدولارات. ووصفها المدعون بأنها “تجارة معقدة وشريرة بشكل مدهش”.
وبعد الإفراج عنه، تقدم ميليشتين بطلب لوزارة العدل كي يسمح له بالسفر إلى إسرائيل ومقابلة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو. وظل المجلس الإسرائيلي- الأمريكي ولسنوات ممولاً من ملك الكازينوهات شيلدون أدلسون، أحد كبار ممولي حملة ترامب، في 2020.
وأصبح المجلس مقرباً من المخابرات الإسرائيلية، حيث عبّر نتنياهو عن قلقه من زيادة النشاط المؤيد لفلسطين في أمريكا، وبخاصة حركة المقاطعة. وكلما تمكنت الحركة في الجامعات الأمريكية كلما زاد قلق نتنياهو وخوفه من خسارة مليارات الدعم الأمريكية، والدعم الدبلوماسي في الأمم المتحدة. وكان يحب وقف الحركة، ولهذا وضع مقرباً له، وهو جلعاد إردان [رئيس بعثة إسرائيل الحالي في الأمم المتحدة] على رأس وزارة الشؤون الإستراتيجية بهدف سحق الحركة المؤيدة لفلسطين. وكان واحدا من أهم ملامح العملية ضد مؤيدي لفلسطين في أمريكا وحدة أمنية استهدفت الأبرياء الأمريكيين.
الكاتب: المجلس الإسرائيلي- الأمريكي استخدم حرباً نفسية كتلك التي استخدمها الجيش الأمريكي في معتقل غوانتانامو
ووصفها ساغي بالاشا، المسؤول الإسرائيلي البارز، والذي كان رئيساً للمجلس الإسرائيلي- الأمريكي ما بين 2011- 2016 ، حيث تحدث للأعضاء في عام 2016 عنها، ثم عاد إلى إسرائيل ليشارك في عملياتها التي بدأت بـ “كونسيرت”، وهي واجهة تابعة لوزارة الشؤون الإستراتيجية.
وكان من عملياتها “إسرائيل سايبر شيلد”، وهي وحدة استخبارات مدنية لتحليل نشاطات حركة المقاطعة وأعضائها أو مناسباتها، وتم استخدام أحدث نظام بيانات استخباراتية متوفر في إسرائيل بالعملية. وشملت عمليات الرقابة الطلاب والعمال ومن يذهبون للكنائس، أو أي شخص متعاطف مع الفلسطينيين والمقاطعة. ومن بين الأهداف، كانت الناشطة الفلسطينية ليندا صرصور، والناشطة في حركة “حياة السود مهمة”، والتي صادقت على المقاطعة عام 2016. وكانت واحدة من منظمي مسيرة المرأة إلى واشنطن، بعد تنصيب ترامب.
ومن بين المعلومات التي جمعت عن صرصور، من خلال “إسرائيل سايبر شيلد”، وكشفت عنها صحيفة “هآرتس” الإسرائيلية، ملف محمي برقم سري، ويحتوي على معلومات عن والديها ونقاط ضعفهما، حيث تم تحويل المعلومات إلى الوحدة الإسرائيلية التي تستهدف الأمريكيين والمعروفة باسم “أكت.إل”.
وفي عام 2017، عَيَّنَ حاكم نيويورك أندرو كومو، إردان “مارشالاً شرفياً عظيماً” لـ “موكب الاحتفال بإسرائيل”، رغم كونه مقرباً من نتنياهو، ومسؤول العمليات السرية في أمريكا. لكن كومو ظل يتودد لمؤيدي إسرائيل، ودعاه للسير إلى جانبه.
ورد إردان الهدية إلى كومو من خلال بدء عملية في كل أمريكا، بهدف تشجيع الطلاب المؤيدين لإسرائيل تحميل تطبيق للرد على عمليات إسرائيل لاستهداف والتحرش بمؤيدي في فلسطين مثل صرصور. وكانت العملية مرتبطة بالمجلس الإسرائيلي- الأمريكي وتمويل الملياردير أديلسون.