”بعد الضربة الاولى، هذا هو الوقت لأن نفحص بوعي معنى اتفاق جنيف. لقد حققت الولايات المتحدة تأخيرا مؤقتا في تقدم المشروع النووي الايراني. لا توجد في الصفقة أي خطوة تُبعد ايران عن التقدم المتجدد، حين تقرر عمل ذلك. ‘ايران تبقى مع منظومة التخصيب القائمة، مع مفاعل البلوتونيوم في أراك، ربما مع مادة مشعة ُأقل. وهي تبقى ايضا مع منظومة الصواريخ بعيدة المدى التي تستهدف حمل هذا السلاح. لقد حصل نظام آيات الله عمليا على الاذن من الديمقراطيات الغربية لمواصلة تفعيل منظمات الارهاب، التآمر على الحكومات في الشرق الاوسط، تهديد اسرائيل بأكثر من 70 ألف صاروخ ومقذوفة صاروخية، والقمع بوحشية للشعب الايراني نفسه. بموافقة امريكية تنقسم المنطقة الى منطقتي نفوذ: واحدة ايرانية، وفيها العراق، غربي سوريا ولبنان؛ والثانية امريكية، وفيها السعودية، دول الخليج، الاردن واسرائيل. ولكن هذه ‘منطقة نفوذ’ عديمة المعنى. فقد قررت الولايات المتحدة ترك الشرق الاوسط. تكنولوجيات جديدة لانتاج النفط والغاز جعلتها مصدرة غاز ونفط وأوقفت تعلقها باستيرادهما. هذا هو أحد الاسباب لذلك. يجب أن نستوعب حقيقة أن امريكا لن تقف عمليا الى جانب حلفائها التاريخيين، اذا ما وقعوا في مشكلة. إن الترك المتسرع لمبارك هو الذي بشر بذلك. والتسكع مع الاخوان المسلمين كان تواصله. فالسبيل التي سعت فيه الى تحقيق اتفاق جنيف أثبت ذلك. لقد تجاهلت الولايات المتحدة حلفائها كي تحقق اتفاقا يعفيها من المواجهة مع ايران، ويسمح ربما للرئيس اوباما بالتباهي في أنه في اثناء ولايته، حتى كانون الثاني 2017، لم يكن لايران سلاح نووي. أما ما سيحصل بعد ذلك، فلا مسؤولية له عنه. ما الذي تبقى من التزام الولايات المتحدة بأمن اسرائيل؟ قبل كل شيء التصريحات. في مؤتمر ايباك في الربيع القريب سيطلق زعماؤه الاقوال عن ‘الصداقة مع اسرائيل صلبة كالصخر’ وغير قابلة للجدال. أما عمليا فستستمر المساعدة العسكرية بمبلغ نحو 3 مليارات دولار والمساعدة الخاصة لبرنامج الدفاع ‘القبة الحديدية’ و’حيتس 3′ و’العصا السحرية’. لا ينبغي الاستخفاف بهذه المساعدة. يجدر بالذكر بأنه تستفيد منها الصناعة الامريكية، وحكومة اسرائيل يمكنها أن تجبي 11 مليار شيكل أقل من مواطنيها. ‘ولكن فضلا عن ذلك، في كل وقفة اخرى ضد ايران لم تعد امريكا موجودة. لا معنا ولا مع أي أحد آخر. الحربان في العراق وافغانستان، ثمنهما بالدم والمال، نتائجهما مخيبة للآمال على أقل تقدير، أفرغتا منها كل استعداد للمواجهة، دون صلة بمبررها وجدواها. وفي الاشهر القادمة سنرى شركات النفط الكبرى تدير مفاوضات سرية مع ايران على الاستثمارات المستقبلية. لا الادارة الامريكية ولا الحكومات الاوروبية ستصمد أمام الضغط الذي ستمارسه هذه الشركات، بعد ستة أشهر، لتحقيق ما اتفقوا عليه سرا مع ايران. فادارة اوباما أعطتهم نموذجا لمثل هذا الحوار السري. ومشكوك جدا أن يقف اصدقاؤنا الجمهوريون في الكونغرس ضد الشركات الكبرى من تكساس. وسينهار نظام الحكومات. فأي شركاء بقي لاسرائيل أمام ايران التي لم تتغير وتمكنت فقط من تضليل الغرب الضعيف؟ بقيت السعودية ودول الخليج، التي خوفها من ايران أكبر من خوفنا. وهي قريبة منها جغرافيا أكثر وقوية أقل من ناحية عسكرية. حلف استراتيجي، اقتصادي وعسكري مع دول الخليج كفيل بأن يعطي نتائج عملية هائلة. ‘ولكن لا يمكن اقامة هذا الحلف، الأخير الذي تبقى كخيار، دون تسوية دائمة مع الفلسطينيين. فالحكومة التي يسيطر عليها الأكثر تطرفا بين المستوطنين لا أمل في أن تفعل ذلك. إن اسرائيل تدخل في فترة صعبة وهي تماما وحدها. ‘ يديعوت 1/12/2013