رؤية اوباما

حجم الخط
0

منتدى سبان، الذي يصل اليه اسرائيليون وامريكيون فقط، انعقد هذه السنة تحت الظل الثقيل للازمة الحادة والجوهرية بين القدس وواشنطن. الكلمة ‘جوهرية’ هي كلمة حرجة، فخلافا للماضي، لا يدور الحديث هنا عن تصريحات أو سلوك، بل عن جوهر السياسة الامريكية تجاه ايران والذي يقلق جدا رئيس الوزراء. وكلمة الرئيس الامريكي أمس امام المؤتمر كانت محاولة للحديث الى الجمهور الاسرائيلي، في منتدى عاطف، في محاولة لشرح الاتفاق (وبمناسبة المنتدى العاطف: كل الوزراء الاسرائيليين دعوا ووصلوا الى فرصة تصوير مع اوباما. ولكن باستثناء افيغدور ليبرمان الذي دعي ولكنه حبذَ البقاء للجلوس في الصف الاول).
المضيف، حاييم سبان، حقق مع اوباما بجذرية عن الخطوات قبيل جنيف. وكانت اجوبة الرئيس الامريكي صادقة، والعناوين الرئيسة منها ستقلق رئيس الوزراء جدا. فلاول مرة تحدث اوباما بشكل علني عن رؤياه للتسوية النهائية مع ايران. لاول مرة يعلن بان مثل هذه الرؤيا تتضمن استمرار تخصيب اليورانيوم على الارض الايرانية، الامر الذي يتعارض تماما مع موقف القدس التي تعتقد بان كل حل حقيقي مع ايران يجب أن يتضمن التفكيك التام للتخصيب.
ماذا بالنسبة لفكرة ان الايرانيين كانوا على الركبتين وكانوا سيوافقون على الاستسلام لو ان الضغط والعقوبات تعاظمت؟ هذا هو جوهر الخلاف بيني وبين نتنياهو، يقول الرئيس الامريكي. أنا اعتقد، قال اوباما، بان هذا ما كان سيحصل، وان هذا ليس فهما صحيحا للنظام وللشعب الايراني، وحتى الاصلاحيين ما كانوا فجأة لينهضوا، يستسلموا ويقولا: ‘سنفعل بالضبط مثلما تقول اسرائيل وامريكا’. عندما قال اوباما هذه الامور، قال موظف اسرائيلي في احد الصفوف الوسطى لنفسه: لماذا لا. لعلهم بالفعل كانوا سيفعلون ذلك.
عاموس يدلين، رئيس شعبة الاستخبارات الاسبق، هو الذي سأل اوباما عن الاتفاق النهائي الذي سيتحقق أو لا يتحقق مع ايران بعد نصف سنة. وكان جواب الرئيس تضمن مطالب معروفة. من اجل برنامج نووي لاهداف سلمية، قال اوباما، لا حاجة لمنشأة تحت ارضية محصنة في فوردو ولا حتى الى انتاج البلوتونيوم في اراك، ولا الى قسم من اجهزة الطرد المركزي المتطورة التي استخدموها مؤخرا. وعندها تحدث اوباما عن مطلب وقف التخصيب. ‘اسمعوا الحجج، بما فيها تلك لدى رئيس الوزراء الذي يقول اننا لا يمكننا أن نقبل أي تخصيب على الارض الايرانية. نقطة. نهاية الحديث. نعم، يمكن تصور عالم مثالي تقول فيه ايران سندمر كل منشأة وكل عنصر نووي. انا، من ناحيتي، يمكنني أن اتصور كونغرس يسن كل قانون اقترحه. يمكنني أن اتصور الكثير من الامور الرائعة’. في هذه المرحلة انفجر الجمهور ضحكا. فالرئيس عمليا قال ان طلب وقف تخصيب اليورانيوم هو أمنية ساذجة. ولكن كي يكون واضحا واصل فقال: ‘كيف اؤمن بان بوسعنا ان نتصور وضعا نهائيا يعطينا ضمانة بان حتى لو كانت لديهم قدرة تخصيب متواضعة فانها ستكون محدودة جدا والتفتيشات واسعة جدا وتفصيلية جدا بحث لا تكون لهم عمليا قدرة اختراق الى القنبلة الذرية.
هذا القول كما ينبغي القول، هو في واقع الامر الجوهر حسب مفهوم اوباما فيمكن لايران ان تخصب اليورانيوم، ولهذا فعلى أي حال ستكون ذات قدرة على الاختراق. لماذا؟ لانه ‘دوما ستكون لهم قدرة ما… فالتكنولوجيا هي على نحو يكون فيه كل طالب فيزياء يعرف الدائرة النووية… نحن نحتاج الا يكون لهم حافز للاختراق’.
وهنا في واقع الامر وضع اوباما كل الاوراق على الطاولة. نعم، التسوية الدائمة مع ايران ستتضمن طهران تواصل التخصيب. السؤال هو فقط كم جهاز طرد مركزي سيدور. لا، فهو غير مستعد لاي منشأة او تطوير عسكري مثل فوردو أو اراك. نعم، ايران هي دولة حافة نووية وستبقى هكذا، ولكن الاختبار هو محاولة ابعادها عن الاختراق، فنيا وسياسيا على حد سواء. ولكن الحافة موجودة وستبقى هكذا حتى في التسوية الدائمة. وماذا اذا فشلت المفاوضات؟ هنا عاد اوباما الى السطر الذي بدا معروفا ولكنه هام. هل الخيارات على الطاولة، بما فيها العسكري. هذا هو السطر الذي حاول الامريكيون الامتناع عنه منذ التوقيع على اتفاق جنيف، ولا سيما كي لا يعكروا الاجواء مع الايرانيين. والان عادت هذه اللغة الى الاستخدام. فهل الشرق الاوسط يؤمن بانه لا يزال هناك تهديد عسكري جدي ضد ايران، اذا ما امتنعت هذه عن الاتفاق؟ هذا امر مشكوك فيه جدا.

معاريف 8/12/2013

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية