مدريد- “القدس العربي”:
تستمر الدبلوماسية الدولية مركزة على تطورات الملف السوري بسبب انعكاساته على العلاقات في الشرق الأوسط وبين روسيا والغرب، ويعد الاتحاد الأوروبي على رأس المهتمين بعدم استبعاد التحاور مع “المتمردين” وضرورة احترام القوانين الدولية بشأن عودة السوريين إلى وطنهم “للتخفيف من الهجرة في أوروبا” ثم كيف ستتطور الأوضاع في سوريا وخاصة تصرفات هيئة تحرير الشام.
في هذا الصدد، أجرت عدد من الجرائد الأوروبية الكبرى ومنها الباييس الإسبانية حوارا جماعيا مع ممثلة السياسة الخارجية والدفاع للاتحاد الأوروبي كايا كالاس، التي تولت المنصب منذ أقل من أسبوعين، واستعرضت الخطوط العريضة لرؤية الاتحاد لهذا الملف.
وفي ردها على سؤال: “في ظل أي ظروف يمكن للاتحاد الأوروبي أن يبدأ التفاوض مع المتمردين مثل هيئة تحرير الشام؟”، تقول المسؤولة التي تحمل كذلك صفة “رئيسة الدبلوماسية الأوروبية” إن “المستقبل في سوريا يبعث على الأمل، لكنه لا يزال غير مؤكد. لا نعرف كيف سيتصرفون. لقد تحدثت مع وزراء في المنطقة وجميعهم ينتظرون. نحن نريد حقاً ألا تكون هناك حرب أهلية، وألا يكون هناك تطرف، وألا يكون هناك اضطهاد للأقليات، وألا يكون هناك إرهاب. نحن على اتصال وثيق مع الأطراف الإقليمية الفاعلة، وهم يقظون للغاية، وبعد ذلك سنرى كيف سنتدخل، إذا كانت هذه هي الطريقة التي يتصرفون بها الآن حقا وتتماشى مع مصالحنا”.
ولا تستبعد الحديث عن رفع الاتحاد الأوروبي هيئة تحرير الشام من قائمة المنظمات الإرهابية، لكن وفق الشروط التي حددتها الأمم المتحدة، وجعلت ذلك رهينة شروط منها عدم حصول انتقام في البلاد. وربطت تطور الموقف الأوروبي بتطور الأوضاع في سوريا خلال الأيام والأسابيع المقبلة.
ويحذر خبراء الاتحاد الأوروبي من أن مماطلة الغرب في الاعتراف بالسلطات الجديدة في سوريا، أو وضع شروط صعبة للتعامل معها، قد يترتب عنه تدخل روسيا التي لديها قواعد عسكرية في هذا البلد ثم الصين.
وترى كالاس أن روسيا تعرضت لضربة كبيرة. فرغم أنها تتواجد في سوريا لكنها “تفكر في ملف آخر”، في إشارة إلى حربها مع أوكرانيا. لذلك ترك الروس بشار الأسد. وحول سياسة بكين في سوريا ترى أن “علينا أن نكون يقظين، لكنني لا أرى كيف يمكنهم شغل الفضاء السوري لأن جميع الجهات الفاعلة الإقليمية، وكذلك الجهات الفاعلة الدولية، مهتمة بسوريا مستقرة وموحدة حتى يتسنى جذب الاستثمارات إلى تلك المنطقة وعودة اللاجئين”.
وعن توجه الغرب بزعامة مجموعة السبع الكبار للاعتراف بالسلطات الجديدة في سوريا، وما قد يترتب عن ذلك من ضرورة عودة اللاجئين، ترى هذه المسؤولة الأوروبية أن “الأمر لا يتعلق بالاعتراف بالحكومة، بل يتعلق بتقييم الوقائع والاتجاه الذي تسير فيه سوريا بالفعل. الآن، فيما يتعلق باللاجئين: الناس لا يريدون مغادرة منازلهم إلا إذا كان ذلك ضرورياً. كما أن سياسات اللجوء تتعلق أيضاً بحماية الفارين من مناطق الحرب أو الأماكن التي لا يستطيعون العيش فيها، فإذا لم تعد هناك ظروف اللجوء، تتوقع الدول الأوروبية عودة هؤلاء الأشخاص، ويمكننا أن نرفع العبء عن أوروبا، لدينا حروب أخرى يفر منها الناس. نحن نعرف المشاكل الداخلية في العديد من دول الاتحاد الأوروبي، لقد رأينا انتخابات حيث الهجرة هي القضية الرئيسية، لذلك من الواضح أنه في العديد من البلدان هذا ما يريده الناس. وكذلك في البلدان المحيطة بسوريا، حيث يوجد الكثير من اللاجئين السوريين”.
واشترطت كايا كالاس أن تتم عملية عودة السوريين وفق احترام القوانين الدولية واللجوء والهجرة وميثاق اللجوء في الاتحاد الأوروبي، ثم توحيد الموقف الأوروبي من هذا الموضوع حتى لا تكون هناك مواقف متباينة.