زغرتا – أ ف ب: يتحدّى مهرجان «إهدنيات» الذي يستمدّ اسمه من بلدة إهدن في شمال لبنان، مناخ الحرب على حدود لبنان الجنوبية، ويقدّم برنامجا فنيا متنوعا، يجسّد، بحسب رئيسته ريما فرنجية، إرادة الحياة لدى اللبنانيين.
وصرفت بعض المهرجانات الكبرى التي يحفل بها لبنان كلّ صيف، النظر عن إقامة دوراتها هذه السنة بفعل الوضع المتوتر في جنوب لبنان بين إسرائيل وحزب الله على خلفية الحرب في قطاع غزة، بينما اختار القيّمون على مهرجانات أخرى، ومن بينها «إهدنيات»، المضي في برنامحها.
وقالت رئيسة «مهرجان إهدنيات الدولي» ريما فرنجية «قلبُنا وعقلُنا مع غزة وطبعاً مع أهلنا في جنوب لبنان (…). ولكن بعدما فكّرنا كثيراً، وجدنا أن التضحيات كلّها التي يشهدها الجنوب هي لكي يبقى لبنان حيّاً ومُنتجاً»، ومن مظاهر الحياة فيه المهرجانات الفنية.
ويُفتَتَح المهرجان في 18 تموز/يوليو بحفلة عنوانها «رحبانيات» لغسان الرحباني، تحية لوالده الراحل الياس الرحباني. ويضمّ برنامجا منوَّعا يشمل الغناء الشعبي والطربي والشبابي والمسرح.
وأكدت ريما فرنجية «التضامن مع جنوب لبنان وغزة»، مضيفة أن إهدن «البعيدة جغرافياً عما يحصل في الجنوب، ولكن القريبة وجدانياً، قادرة على أن تكون فسحة دعم لأصحاب المصالح الصغيرة المتأثرين بالأزمة الاقتصادية، وأن تقدّم تجربة فنية وثقافية فريدة لأهل المنطقة وللسيّاح الذين قرّروا رغم كلّ الظروف، زيارة لبنان».
ومنذ اندلاع الحرب بين إسرائيل وحركة حماس في قطاع غزة في السابع من تشرين الأول/أكتوبر، يتبادل حزب الله وإسرائيل القصف عبر الحدود بشكل يومي.
وقتل منذ بدء التصعيد نحو 450 شخصاً في لبنان، بينهم أكثر من 80 مدنياً و291 مقاتلاً من حزب الله، وفق تعداد لوكالة فرانس برس استنادا إلى بيانات الحزب ومصادر رسمية. وقتل في الجانب الإسرائيلي 14 عسكريا و11 مدنيا، وفق مصادر رسمية.
وإذا كانت الحرب ترخي بظلالها على كلّ لبنان، إلا أن الحياة اليومية تستمرّ الى حدّ ما طبيعية في المناطق اللبنانية البعيدة عن الحدود مع إسرائيل. ويزور اللبنانيون المتواجدون في الخارج إجمالا لبنان بأعداد كبيرة خلال فصل الصيف.
ويُتوقّع أن يستقطب مهرجان «إهدنيات» 27 ألف زائر بينهم عدد كبير من اللبنانيين المقيمين في دول الانتشار أو الأجانب.
وأشارت فرنجية بحماسة إلى أن «الإقبال خلال المهرجان يكون أكبر بثلاث مرات» على إهدن التي ترتفع 1500 متر عن مستوى سطح البحر والآسرة ببيوتها الحجرية وقرميدها الأحمر.
والحركة المتأتية من المهرجان الذي بلغ سنته العشرين هي ما يحفّز منظّميه «على الاستمرار»، بحسب فرنجية، إذ «يساهم في إنماء حقيقي» في المنطقة التي تضمّ نحو 200 مؤسسة سياحية، ويوفّر «فرص عمل موسمية للشباب والشابات، ويدعم القطاعات» المختلفة في المنطقة.
واعتبرت أن هذا الجانب «بات اليوم مهماً أكثر من أي وقت مضى»، بالنظر إلى الأزمة الاقتصادية غير المسبوقة التي يشهدها لبنان منذ 2019.
ويحقّق «إهدنيات» أيضا «هدفا غير تجاري» يتجسّد في تخصيص ريع حفلاته لدعم قضايا إنسانية.
وسبق للمهرجان أن دعم مثلاً «مراكز للأطفال المصابين بالسرطان ومن لديهم اضطراب طيف التوحد»، وساعد في دفع أقساط مدرسية لمحتاجين. أما هذه السنة، فسيذهب ريعه لدعم ترميم مسرح «دوار الشمس» في بيروت بعدما أتى عليه حريق، وكان «من المسارح الثلاثة التي لا تزال ناشطة في بيروت».
وفي برنامج المهرجان، عمل مسرحي بعنوان «ميري كريم» يقدّم في 21 تموز/يوليو، من كتابة وليد عرقجي وإخراج لينا أبيض.
وتغلُب الأعمال اللبنانية على الدورة الحالية. وفضّلت لجنة المهرجان الذي استضاف سابقاً نجوماً عالميين على غرار غلوريا غاينر وخوليو إيغليسياس وإنريكي ايغليسياس وديميس روسوس وميشال ساردو وكلود بارزوتي وإرفيه فيّار وكاظم الساهر وزياد الرحباني وفرقة «موسكو باليه»، ألا تخاطر هذه السنة «باستقدام فنانين أجانب، لأن أي تطوّر في الوضع قد يحول دون تمكنهم من الحضور إلى لبنان ويؤدي تالياً إلى إلغاء حفلاتهم»، وفق فرنجية.
وشدّدت زوجة الوزير السابق والمرشح الى الانتخابات الرئاسية سليمان فرنجية، على أن «إهدنيات» يحرص أساساً على دعم الفنانين اللبنانيين، وعلى أن يكون «مساحة تقدّم للفنان اللبناني وجمهور المهرجان نقطة ضوء وفرح وأمل بمستقبل أفضل».
وغالبا ما يخوض المهرجان غمار إنتاج الأعمال بنفسه، كما هي الحال بالنسبة الى حفلة غسان الرحباني.
وقالت فرنجية في هذا الصدد «أنا اؤمن (…) بإمكان المزج بين أكثر من نوع فني، كما في عمل غسان الرحباني الذي يقدّم أجمل أغنيات والده (…). وتتخلّل الحفلة لوحات راقصة وعزف للأوركسترا السمفونية، وتعرض مقاطع سينمائية تتناسب مع موضوعها في تفاعل تام بين هذه العناصر، وهذا يثري العمل».
وتلي «رحبانيات» أمسية غنائية تحييها الفنانة اللبنانية عبير نعمة في 20 تموز /يوليو.
ويقدّم الفنان السوري ناصيف زيتون حفلتين في 25 و26 تموز/يوليو، فيما تقدّم مواطنته المطربة ميّادة الحنّاوي حفلة في 27 تموز/يوليو.
ويُختتم المهرجان بحفلة يحييها منسّق موسيقي (DJ) في 28 من الشهر عينه.
ويريد المهرجان أن تكون إهدن «هي النجمة». ولاحظت فرنجية أن «موقع إهدنيات يجمع ميزتين» هما، إضافة إلى كونه «قيمة فنية مضافة للمنطقة»، إطاره الطبيعي الخلاّب وسط غابة تفتخر فرنجيه بأنها «من أروع الأماكن البيئية في لبنان».
وقالت إن المهرجان «يشبه المنطقة، وزوّاره يشعرون أنهم من أهل البيت، بفضل كرم الضيافة وحسن الاستقبال».