تونس ـ وكالات : وقعت امس اشتباكات بين مؤيدين ومعارضين للحكومة في مدينتين تونسيتين مع تصاعد التوترات بسبب محاولة المعارضة اسقاط الحكومة التي يقودها الاسلاميون، مما اضطر الجيش لإغلاق ميدان رئيسي يستخدمه المؤيدون للحكومة والمعارضون لها واعلنه منطقة عسكرية مغلقة وفي حين عقدت الحكومة اجتماعا طارئا لمناقشة التداعيات التي حدثت اثر اغتيال المعارض التونسي محمد البراهمي تسربت انباء عن قرارات هامة سيعلن عنها رئيس الوزراء التونسي، ودعا حزب مشارك في الائتلاف الحكومي الى تشكيل حكومة وحدة وطنية في حين حذر وزير اسلامي من خطر ‘ الخراب والدمار والتقاتل والعنف’ في تونس ان تم حل المجلس التأسيسي والحكومة المنبثقة عنه.
وقال شهود إن متظاهرين مؤيدين ومعارضين للحكومة اشتبكوا في مدينتين تونسيتين امس الاثنين مع تصاعد التوترات بسبب محاولات المعارضة الإطاحة بالحكومة التي يقودها الإسلاميون.
وقال سكان إن محتجين معارضين غاضبين حاولوا اقتحام مصالح حكومية في سيدي بوزيد ومنع الموظفين من العمل مما أدى لاندلاع اشتباكات بينهم وبين مؤيدي حزب النهضة الإسلامي الذي يقود الحكومة المؤقتة.
وتدخل الجيش لحماية المصالح الحكومية وأطلقت الشرطة الغاز المسيل للدموع لكن سكانا قالوا إن آلاف المتظاهرين ظلوا يتجمعون في المدينة الواقعة بجنوب البلاد والتي كانت مهد الانتفاضة التي اطاحت بزين العابدين بن علي عام 2011.
وقال مهدي الهرشاني احد السكان لرويترز في مكالمة هاتفية ‘الكثير من المحتجين يتوافدون الآن وهم يحملون العصي ويبدو ان الوضع سيتصاعد لأن كلا الجانبين يتمسك بموقفه’.
ويخشى التونسيون ان يكونوا بصدد الانزلاق إلى واحدة من أسوأ الازمات تواجه البلاد خلال المرحلة الانتقالية منذ الإطاحة ببن علي.
ويقول زعماء في المعارضة إنهم ربما يشكلون حكومة إنقاذ وطني وهي فكرة سيبحثونها في وقت لاحق الاثنين.
وزادت جرأة المعارضة العلمانية في تونس التي أغضبها اغتيال ثاني شخصية من صفوفها خلال ستة أشهر بعد إطاحة الجيش المصري بالرئيس محمد مرسي هذا الشهر وهم يرفضون الآن أي تنازلات او مصالحة تبديها الحكومة التونسية.
واندلعت الاضطرابات قبل أسابيع من الموعد المقرر لإتمام المجلس التأسيسي صياغة دستور جديد. وتطالب المعارضة الآن بحل المجلس التأسيسي المؤلف من 217 عضوا. وانسحب منه 70 عضوا واعتصموا امام المجلس في ساحة بردو بالعاصمة التونسية.
وقال مسؤول حكومي إن الوزراء سيجتمعون اليوم لبحث الأزمة السياسية المتصاعدة ومن المتوقع أن يوجه رئيس الوزراء رسالة إلى البلاد قريبا.
من جهته دعا حزب التكتل المشارك في الحكومة الائتلافية التونسية التي يقودها حزب النهضة الاسلامي إلى حل الحكومة لتفادي أزمة سياسية متفاقمة.
وقالت لبنى الجريبي القيادية في التكتل لرويترز ‘دعونا لحل الحكومة وتشكيل حكومة وحدة وطنية تمثل اوسع توافق ممكن وفي حالة رفض النهضة لمقترحنا سننسحب من الحكومة’ .
ودعت فرنسا الى ضبط النفس وقالت انها تشعر بالقلق ازاء الاحداث في تونس وحثت السلطات على ضمان انتقال علني الى الديمقراطية.
وقالت وزارة الخارجية الفرنسية في بيان ‘تؤيد (فرنسا) العملية الانتقالية التي تجري بالتضامن مع الشعب التونسي كله .. وتحث السلطات التونسية على ان يتم هذا الانتقال حتى النهاية بروح الحوار واحترام خارطة الطريق.’ وفي ساحة باردو تبادل المحتجون من كلا الجانبين الرشق بالحجارة وتدخلت الشرطة لتفريقهم. وقالت مصادر في المعارضة إن قوات الأمن ضربت أحد أعضاء المجلس التأسيسي السبعين المعتصمين ونقل إلى المستشفى.
وفي وقت لاحق استخدم الجيش التونسي الأسلاك الشائكة لإغلاق ميدان باردو الذي يستخدمه المتظاهرون المؤيدون للحكومة والمعارضون لها في العاصمة وأعلنه ‘منطقة عسكرية مغلقة’.
وذكرت وسائل اعلام معارضة إن المحتجين من الجانبين تعهدوا بالعودة مضيفة أن معارضين للحكومة بدأوا التجمع قرب الميدان.
وقال المعارض منجي الرحوي إن رئيس الوزراء سيحاسب على أي قطرة دم تسيل في اعتصام باردو.
كما من المقرر أن تجتمع النقابات العمالية القوية في تونس الاثنين لبحث المزيد من الإضرابات. واعلنت النقابات يوم الجمعة إضرابا في انحاء البلاد تقريبا حدادا على السياسي اليساري محمد البراهمي الذي اغتيل في الأسبوع الماضي.
وتقول الحكومة إن قاتلي البراهمي استخدموا السلاح ذاته الذي قتل شكري بلعيد السياسي العلماني في السادس من شباط/ فبراير.
ويقول البعض إن الحكومة لم تبذل الجهد الكافي للتحقيق او منع الهجمات التي ألقوا باللوم فيها على جماعات سلفية متشددة.
ويتحدث كثيرون ممن انضموا للاحتجاجات في الشوارع عن الغضب بسبب الاضطرابات في تونس والركود الاقتصادي.
ويشعر آخرون بالإحباط لأن الدستور الذي كان من المقرر أن يصدر بعد عام من قيام الانتفاضة في 2011 لم يستكمل حتى الآن ويشعرون بالريبة تجاه الحكومة الانتقالية التي يقودها الإسلاميون.
من جهتها اكدت المركزية النقابية في تونس امس الاثنين استعدادها لـ’اداء دورها التاريخي’ قبل اجتماع ستقرر خلاله موقفها من الازمة التي تشهدها البلاد اثر اغتيال المعارض محمد البراهمي.
وقال سامي طهري الامين العام للاتحاد العام التونسي للشغل ان الاتحاد ‘سيؤدي دوره التاريخي للدفاع عن حق التونسيين في التظاهر وعن الحريات في البلاد’.
واضاف ان الاتحاد ‘سيحدد موقفه من الازمة في اجتماع للجنته الادارية مقرر ليلا وسيتحمل دوره على غرار ما قام به في 14 كانون الثاني/يناير’، في اشارة الى انضمام الاتحاد للثورة التي اطاحت بالرئيس السابق زين العابدين بن علي في كانون الثاني/يناير 2011.
وتضم المركزية النقابية التي تضطلع بدور تاريخي في تونس 500 الف عضو، وقد دعت الى اضراب عام شل البلاد الجمعة غداة اغتيال النائب المعارض محمد البراهمي الذي ادى الى اندلاع تظاهرات حاشدة واغرق تونس مجددا في ازمة.
والاحد، صعد الاتحاد العام التونسي للشغل لهجته منددا بـ’هجمات غير مبررة’ على المتظاهرين وبينهم ستون نائبا طالبوا بسقوط الحكومة وحل المجلس الوطني التاسيسي.
وردا على سؤال عن احتمال انضمام الاتحاد الى الحركة الاحتجاجية، اكد طهري ان قيادة الاتحاد ستقرر هذا الامر، مضيفا ‘كل الخيارات مفتوحة’.
والاثنين، كتبت صحيفة ‘الشروق’ التونسية ان الاتحاد سيعقد اليوم اجتماعا ‘حاسما’ بالنسبة الى مستقل التونسيين الذين ‘يئسوا’ من كل المكونات السياسية والمجلس التأسيسي.
ودعت فرنسا الى ضبط النفس وقالت انها تشعر بالقلق ازاء الاحداث في تونس وحثت السلطات على ضمان انتقال علني الى الديمقراطية.
وقالت وزارة الخارجية الفرنسية في بيان ‘تؤيد (فرنسا) العملية الانتقالية التي تجري بالتضامن مع الشعب التونسي كله .. وتحث السلطات التونسية على ان يتم هذا الانتقال حتى النهاية بروح الحوار واحترام خارطة الطريق.’
هكذا يقتلون القتيل ويمشون في جنازتة. لو رفعت فرنسا يدها عن تونس لجفت ينابيع المعرقلين لمسار الثورة من أذنابها. ولعرفت تونس طريقها.