رئيس سابق للموساد: لا أستطيع مواصلة الصمت على جريمة اغتيال رابين

حجم الخط
3

ضميري يعذبني مؤخرا لأنني لا أقول ما يوجد في قلبي حتى لا أضطر لاحقا إلى لوم نفسي بسبب ما لم أقله، فيما يشبه الإشارة الحمراء. النبي يرى ما سيحدث، أنا لست نبيا أو ابن نبي، لكنني أحمل على كتفي طوال عشرات السنين مواجهة عوالم من المضامين التي فيها إرهاب، مكافحة الإرهاب، عمل سري تخريبي وحرب عصابات. هذه التجربة أعطتني، كما أعتقد، القدرة على تشخيص اتجاه التطورات والتوجهات، التي في نهايتها توجد تهديدات على النظام العام وعلى حياة الانسان.
حتى قتل رئيس الحكومة اسحق رابين قلنا: لدينا هذا (القتل السياسي) لن يحدث. هذا حدث وفرائسنا لم تهتز. والأكثر من ذلك، في الجمهور اليهودي هناك أكثر فأكثر من المواطنين الذين يطالبون بإطلاق سراح الشخص الذي نفذ عملية القتل. وحتى لا يشك أحد بأنني أنا النبي الوحيد في المدينة، إليكم اقتباس من رئيس الحكومة السابق.
فهم اهود أولمرت، شيئا أو شيئين في السياسة، وكيف يمكن التأثير على الجمهور و/أو خداعه من أجل أن يقوم “المنفذ” ويظهر من “مكان ما” ويضغط على الزناد، كتب أولمرت: “ضباط الشرطة الذين ينتظرون حملة التعيينات القادمة، يعتقلون متظاهرين يتصرفون حسب كل القواعد التي حددت بخصوص تجمعهم، يكبلونهم ويخلونهم. بعد فترة ليست طويلة سيتم منع هذه التجمعات. المظاهرات ستصبح خارج القانون والمتظاهرين سيقدمون للمحاكمة… هذه العملية، كما قلنا، لا توجد في بدايتها، نحن في ذروتها” (“معاريف”، 3/7). أولمرت أنهى مقاله بالكلمات التالية: “نتنياهو غير ضليع في التاريخ، كما يتفاخر بعرض نفسه، لكنه ضليع بما فيه الكفاية من أجل معرفة أن هذا سينتهي بشكل سيء. وأن الوضع الحالي سيتدهور إلى مواجهة مدنية وسفك دماء في الشارع الإسرائيلي”.
في هذه النقطة لا أستطيع أن أعفي نفسي ولا أضيف شيئا مني. وبهذا، لقد مكثت فترة طويلة في قبو غرفة العمليات في مستشفى ايخيلوف عندما حاول طاقم الجراحين عبثا إنقاذ حياة رئيس الحكومة رابين الذي قتل على أيدي مجرم محسوب على أبناء شعبنا (هل حقا؟). القرار الأول الذي اتخذته اثناء وجودي هناك هو أن أنهي على الفور عملي كرئيس للموساد، بعد ست سنوات ونصف السنة.
خلال الفترة التي بقيت لي في الوظيفة، ومنذ ذلك الحين وحتى اليوم، شغلت نفسي بسؤال كيف يمكن لشيء كهذا أن يحدث؟ توصلت إلى نموذجين محتملين لديمقراطية فقدت الكوابح والتوازن. النموذج الديني – المسيحاني والنموذج المدني. النموذج الاول توصلت اليه عن طريق النموذج الإيراني، هناك الزعيم الروحي الأعلى، علي خامنئي، قريب أكثر إلى الله من قربه للمؤمنين به. هو لا يستطيع أن يخطئ لأن كل ما يخرج من فمه هو أقوال الله الحية. مكانته تحرره من الحاجة إلى تقديم تقرير لرعاياه. يمكنه التحدث معهم ويمكنه أن يصمت. المعنى هو أنه غير مجبر على تقديم تفسير لأحد عن أي قول أو أي شيء، والمسؤولية عن أي عمل أو فشل لا تمسه. حسب هذا النموذج، على رأس هذه الهرمية يوجد الزعيم الروحي الذي يشير إلى الهدف بأسلوب عام، احيانا ضبابي. الرئيس وقائد حرس الثورة يترجمان اقواله إلى خطة عمل. والمنفذون هم رجال الباسيج (لقب لعصابات العاطلين العمل الذين يرغبون في تنفيذ ما يفرض عليهم عن طريق رجال حرس الثورة مقابل مبالغ ضئيلة)، أو مرتزقة. في حالتنا، الإسرائيلي، النموذج هو دمج للديمقراطية في فترة أفولها مع ثيوقراطية مسيحانية في مواضيع أرض إسرائيل. في ديمقراطية ثيوقراطية عندما يريدون التخلص من أحد، الرئيس لا يمكنه التحرر تماما من المسؤولية ويجب عليه في كل عمل أو فشل أن يبقي في يديه “فضاء للنفي”. وبالتالي، الهرمية في هذه الحالة تتبدى بـ”الكلمة” التي تخرج من فم الرئيس والتي تشير إلى الهدف وتحدده بأنه غير شرعي. الخاضعون له من الدائرة الاولى، الذين هم شركاء في السر، يجب عليهم تخطيط العملية وإيصالها بالتنقيط إلى المستويات الوسطى الذين يترجمون الخطة إلى فعل. في هذه المرحلة الرسم البياني ينقسم إلى قسمين: استمرار المسار المسيحاني واستمرار المسار المدني.
في المسار المسيحاني وفي كل أمر يتعلق بأرض إسرائيل، هناك مجموعة صغيرة من الحاخامات غير المعروفين أبدا للجمهور. ولكن يدهم سهلة جدا في إصدار فتاوى “حكم ملاحق”، “حكم اخلاقي”، ضد الهدف الذي تم تحديده. “المنفذ” في هذا المسار سيكون، على الأقل في عدد من الحالات، نموذج استثنائي في شخصيته ومتعصب في عقيدته، الذي يبحث عن تعزيزات، التي يمكن أن يجدها بسهولة في اوساط هؤلاء الحاخامات. في حالة يغئال عمير كان له شقيق، خبير في السلاح والذخيرة، والذي عمل كمسرع لمرحلة التنفيذ.
 استمرار المسار المدني يرتبط بعالم الشبكات الاجتماعية. هناك يوجد مخزون من المنفذين المحتملين، الذين لا يمكن السيطرة عليهم، لكنهم يمرون بعملية طويلة ومكثفة من التلقين. يكفي أن هذا التلقين يؤثر على واحد فقط، مجنون أو غير متزن نفسيا، ويجعله يضغط على الزناد. المرحلة التي تأتي بعد اغتيال سياسي كهذا هي حرب أهلية. بعد كتابة هذه الأقوال أنا لا اشعر أكثر بالراحة، لكن على الأقل فيما بعد، لن ألوم نفسي لأنني بقيت صامتا.

شبتاي شبيط

هآرتس – 16/10/2020

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول عبد السلام:

    مجرم له ضمير!! لم يؤنبه ضميره على قتل الفلسطينين فقط لأنهم يطالبون بحقهم

  2. يقول Husam:

    يا الهي … يقتلون القتيل ويمشون جنازته.
    الاف الفلسطينية من اطفال ونساء وشيوخ
    وشباب. قتلتم….دمرتم الببوت. سرقتم
    الاراضي….هجرتم الشعب…انتم سبب
    كل مشاكل المنطقة…تقصفون كل شيء
    تدمرون غزه المخاصره….ما ذا تريدون …في
    الله سبحانه وتعالى..للقوه الظالمه حدود
    كلكم ظلم …لصوص زعران…

  3. يقول A. Z:

    من العنوان رئيس المواساد الإسرائيلي لن يستطيع سرد حقائق و خبايا وأسرار عن قتل المقبور رابين .؟ سوف يتم الكشف عنها بعد مرور ٣ عقود . ولكن الغير معلن عنه سوف يصدم الإسرائيليين المحتلين بعد اكتمال العقد الثالث. الا وهو إن الموساد تواطؤ في قتله من النخبه لبني صهيون. بالإضافه للعديد من الأسباب التي لا يمكن سردها الآن.

إشترك في قائمتنا البريدية