بغداد ـ «القدس العربي»: أكد الأمين العام لحزب «الفضيلة»، ورئيس كتلة «النهج الوطني» في مجلس النواب العراقي، عمار طعمة، أن استكمال حكومة عادل عبد المهدي، مرهون باتفاقات تحالفي «سائرون» بزعامة مقتدى الصدر، و»الفتح» بزعامة هادي العامري، وفيما اعتبر القانون الانتخابي ونظام توزيع المقاعد «جائراً»، كشف عن شمول نحو 4 وزراء حاليين بإجراءات المساءلة والعدالة، إضافة إلى شبهات بالإرهاب والفساد.
طعمة، وهو جزء من تحالف «النصر»، بزعامة رئيس الوزراء السابق حيدر العبادي، قال، في لقاء موسّع مع «القدس العربي»، «نحن جزء من تحالف النصر (بزعامة رئيس الوزراء السابق حيدر العبادي)، لكننا ككتلة (النهج الوطني) لها استقلاليتها في مبادئها ورؤيتها ومنهج عملها»، مبيناً أن «مواقف الائتلافات تبنى على أساس المصلحة الوطنية، وحتى الآليات التي تتبع في اتخاذ القرار نحاول (النهج الوطني) من خلالها إقناع وتحشيد الآخرين على تأييد الرؤية التي نراها».
ورأى أن «التحالف الانتخابي يخضع لحسابات عديدة، من بينها النظام الانتخابي (الجائر) الذي لا يعطي مرونة عالية في اختياراتك، الأمر الذي يدفع نحو اللجوء إلى الخيارات الأقرب لقناعاتك وليس بالضرورة أن تكون متطابقة تماماً معها»، موضّحاً أن «الاتفاق مع النصر جاء على أساس أن يتبنى الائتلاف مشروعاً وطنياً يعزز مؤسسات الدولة ويتبنى المواطنة كمنهج».
وأشار إلى أن «اليافطات التي كانت ترفع (قبل الانتخابات التي جرت في أيار/ مايو 2018) كانت متشابهة»، مبيناً أن «الائتلاف كان يمكن أن يمثل فرصة لانطلاق مشروع وطني».
وكشف أن «ائتلاف النصر يضم الآن نحو 28 نائباً، بعد الانشقاقات التي حصلت داخله (نحو 18 نائباً)».
وأضاف: «نحن جزء من ائتلاف النصر، لكننا طرحنا مبادرة في بداية الحراك لتشكيل الحكومة، تتمثل بالدعوة لاجتماع الكتل الفائزة في الانتخابات حول طاولة مستديرة لتتفق على برنامج وطني جامع، وأيضاً على آليات وضوابط وشروط اختيار رئيس الوزراء، لكن في ذلك الوقت انزعج الطرفان (الإصلاح، والبناء) من هذا الموقف، لأن، كل طرف يريدك أن تنضم وتتطابق مع رؤيته، لجمع أكبر عدد من الكتل التي تضمن له أن يكون الكتلة البرلمانية الأكبر».
وتابع: «كانت رؤيتنا أن طبيعة التقارب بالتكوين العددي للكتل والانقسام السياسي سيؤدي إلى احتقان وتوتر ينعكس على مستوى الشارع ويتطور إلى احتقان مجتمعي. هذا الذي كاد أن يحصل من خلال تظاهرات البصرة، وتفاقم الأمر حتى وصل إلى نقطة قريبة من الاحتراب بين أبناء البلد الواحد»، مشيراً إلى أن «هذه الانقسامات والخلافات السياسية مغذية لهذه الحالة المتوترة».
طفح الخلافات
وتحدث طعمة عن سبب تشظي التحالفات التي كانت توصف بالاستراتيجية في المرحلة الماضية (التحالف الوطني الشيعي، اتحاد القوى السنّي، التحالف الكردستاني)، قائلاً: «تُطرح مبررات وتسوّق على أنها حالة صحية (التشظي) واستطعنا تجاوز هذا التجمع المبني على أساس الاشتراك بالتوجه المذهبي، لكن السبب الرئيسي هو طفح الخلافات واشتداد التقاطعات إلى حدّ لا تستطيع (الكتل المنضوية في التحالفات السابقة) أن تلتقي وتشكل مشروعاً سياسياً مشتركاً».
وردّاً على سؤال بشأن إمكانية جمع تحالفي «الإصلاح» و»البناء» في تحالف موحّد، قال: «إن هناك انفصاماً بين هموم الجمهور والسياسيين. هذا الانفصام هو السبب في التباين بين مواقف القوى السياسية وأولويات مطالب وهموم ومشاكل وتحديات الشارع».
وتساءل: «لماذا لا يتحقق لقاء، في الأقل، بين تحالف الإصلاح والبناء؟ خصوصاً إنهما طرفان أحدهما يحتاج الآخر»، موضّحاً أن «الحوارات هي التي يمكنها حل المشاكل».
ومضى قائلاً: «غالبية الطبقة السياسية، كتكوينات وأفراد، لا تمتلك النضج السياسي، وهناك فهم خاطئ للمسؤولية ومواقعها. الأعمّ الأغلب يرى موقع المسؤولية أنه فرصة لتحقيق امتياز ومجد شخصي وزيادة المنافع الشخصية والفئوية. هذه انتكاسة في تفكير من يتصدى لإدارة الشؤون العامة للمجتمع».
ولفت إلى أن «أسس العملية السياسية غير سليمة، ومبنية بطريقة تقوي الانتهازيين وتمكنهم أن يحتكروا ويهيمنوا على المشهد والقرار السياسي، ناهيك عن البيئة الانتخابية سواء كانت في القانون الانتخابي أو طريقة تشكيل المفوضية العليا المستقلة للانتخابات، التي تبنى على أساس تمثيل المكونات السياسية. أعضاء مجلس المفوضية هم منتدبون من القوى السياسية الفاعلة والنافذة».
وزاد: «قانون الانتخابات يجعل الفوز للقائمة، وزعيم القائمة الذي يمتلك المال السياسي والنفوذ والإعلام والمواقع في السلطة، هو الذي يتحكم في بنائها وملئها بالمرشحين، الأمر الذي ينعكس على الأداء السياسي»، منوهاً أن «من يفوز في الانتخابات (النائب) برغبة زعيم سياسي معيّن، يشعر أن زعيم القائمة هو الذي جاء به وليس الجمهور، وأن مستقبله السياسي مرتبط برضا هذا الزعيم، لذلك، فإنه سيتحرك وفقاً لرغبات زعيمه».
ورأى أن «المدخل للإصلاح السياسي يبدأ من تعديل القانون الانتخابي وطريقة توزيع المقاعد البرلمانية (نظام سانت ليغو المعدّل)»،عادّاً أن القانون الانتخابي «جائر ويحتكر السلطة بيد النافذين والكتل التي توصف بالكبيرة».
ملاحظات حول الحكومة
وعرّج السياسي العراقي البارز إلى ملاحظات في تشكيل الحكومة الحالية برئاسة عادل عبد المهدي قائلاً: «لم يتم التدقيق باستيفاء المرشحين (الوزراء) لشروط الدستورية والقانونية»، موضّحاً أن «هناك معلومات وأدلة تفيد بتورط بعض الوزراء (3-4 شخصيات لم يسمها) بالإرهاب ولديهم ملفات لدى الجهات الرقابية المختصة بشأن فساد مالي وإداري أيضاً، ناهيك عن شمول آخرين بإجراءات هيئة المساءلة والعدالة».
وتابع: «في ظل الاستياء الشعبي من تفشي الفساد، كيف يمكن أن نأتي بوزير متهم بالفساد، وآخر بالإرهاب؟»، معربا عن استغرابه أيضاً من «الإتيان بمرشح أو مرشحة لوزارة والدائرة المقربة من عائلتها متهمة بالإرهاب» في إشارة إلى مرشحة وزارة التربية شيماء الحيالي.
وأكد أن «من المفترض أن يكون الشعار المرفوع في هذه المرحلة هو مكافحة الفساد المالي والإداري»، وتساءل: «كيف يكن الإتيان بشخصيات متهمة بالفساد والإرهاب وتسليمها مهمات حساسة؟».
وحدد عوامل أساسية لمكافحة الفساد، من بينها «البيئة التشريعية، ووجود آليات وإجراءات شديدة وصارمة، بالإضافة إلى إرادة القوى السياسية، ناهيك عن أهمية إسناد المناصب المدنية والعسكرية المتقدمة إلى أناس يتمتعون بالنزاهة والكفاءة والشجاعة والتاريخ النظيف».
وشدد على أهمية «متابعة موازنة الوزارات. كيف يمكن معرفة الحاجة الحقيقية للوزارات من الأموال، وهل هي واقعية أم إن جزءاً منها يذهب بالهدر والفساد؟ ذلك يعتمد على الحسابات الختامية»، لافتاً إلى أنه «منذ عام 2011-2012 لا توجد حسابات ختامية للوزارات».
وضرب طعمة مثلا لما وصفه بـ»أبرز المواقع التي تمثل هدراً للمال العام والفساد المالي والإداري»، وهي «المنافذ الحدودية. تقارير جهات مختصة وموثوقة تؤكد أهمية استحصال 17-18 تريليون دينار عراقي (نحو 15 مليار دولار) سنوياً، لكن ما يتم استحصاله لا يتجاوز التريليون دينار (نحو833 مليون دولار)، ناهيك عن ملفات أخرى في البنك المركزي ومزاد العملة وغيرها». وتطرق إلى ملف استكمال الكابينة الوزارية، منوها أن هذه العملية «تدار من قبل الفتح (بزعامة هادي العامري) وسائرون (بزعامة مقتدى الصدر) بشكل مباشر. الخلافات على منصب وزير الدفاع مرتبطة بين سنّة الإصلاح وسنّة البناء. هناك 3-4 أسماء مطروحة للدفاع، ومثلها للداخلية، لكن لم يتم التوصل إلى اتفاق نهائي بشأنها»، مبيناً أن «قائد قوات جهاز مكافحة الإرهاب السابق، الفريق الركن عبد الغني الأسدي من بين الأسماء المطروحة للداخلية. لو كان القرار بيدي لرشحت الأسدي أو الفريق الركن عبد الوهاب الساعدي وزيراً للدفاع أو الداخلية».