الرباط – «القدس العربي » : قال الدكتور الطيب حمضي، رئيس “نقابة الطب العام” المغربية، إن دولة تدمر المستشفيات وتقتل الأطباء وتستهدف سيارات الإسعاف، وتعتدي على الرضع والحوامل والخدج، والأطفال المرضى بالسرطان، فهذا يعني شيئاً واحداً أنه أولاً مخالف للأعراف والشرائع والقوانين الدولية والإنسانية، وهو أمر غير مقبول، كما أنه لا يمكن تصور مثل هذه الهمجية في القرن 21، بل لا يمكن تصور وجودها في عصرنا الحالي.
وتعليقاً على البيان الصادر عن نقابات طبية مهنية مغربية أعلنت التضامن مع الشعب الفلسطيني ونددت بما تتعرض له المنظومة الصحية في غزة، أكد الطبيب المغربي المختص في السياسات والنظم الصحية أنهم كأطباء يعرفون قيمة هذه المنظومة في الأيام العادية فما بالك بمثل ما يقع الآن في غزة وما يتعرض له الشعب الفلسطيني، وفق تصريحه لـ”القدس العربي”.
جريمة لا تُغتفر
وقبل أن يتابع متحدثاً عن الظروف الصحية، شدد الطيب حمضي على أن الأطباء موقفهم من موقف “بلدنا المغرب، وهو حل الدولتين الذي يضمن إقامة دولة فلسطينية وعاصمتها القدس، وهو الحل الحقيقي والوحيد للمشكل”، وأضاف حمضي “أننا كأطباء مغاربة موقفنا من موقف بلدنا، ونعتبره الحل الوحيد”.
وبالنسبة للأطباء في المغرب، يقول حمضي إن المنظومة الصحية غاية في الأهمية، “علماً أن الشعب الفلسطيني وسكان غزة، إذا كانوا في حاجة إلى الخدمات الصحية طيلة حياتهم، فإنه في مثل هذه الظروف يحتاجون إلى أن تكون منظومتهم الصحية قوية”، وتساءل بصيغة التأكيد: “لأنه ما هو دور الطبيب إذا لم يكن الحفاظ على صحتهم؟”.
وعاد المتحدث في تصريحه لـ “القدس العربي” ليؤكد أن “تدمير المستشفيات في مثل هذا الوقت جريمة لا تغتفر ولا يمكن القبول بها، والأطباء المغاربة لا يقبلون بها مطلقاً”.
وتطرق الدكتور حمضي إلى الدافع الأساس وراء بيان الهيئات النقابية المهنية، وهي نقطة “مست شرف مهنتنا، ويتعلق الأمر برسائل عدد من الأطباء الإسرائيليين التي تحث على تدمير المستشفيات بمن فيها وما عليها”، ويوضح المتحدث: “نحن بالنسبة لنا هؤلاء الأطباء الإسرائيليون المئة هم كأشخاص يكتبون رسائلهم ويحملون السلاح ويطلقون القنابل، فذلك اختيارهم، لكن بمجرد ارتدائهم للوزرة البيضاء أو استعمال صفة الطبيب كحجة للحث على القتل وإيذاء صحة الناس، فهذا عمل مستنكر وبشع وغير مقبول، لأن الطبيب الذي يتخرج ويؤدي قسم أبوقراط وهذا يسري على جميع الدول، لا يمكنه أن يستعمل العلم أو صفته إلا من أجل مصلحة الآخر وسلامته”.
وأضاف أنه “فور ارتدائنا للوزرة البيضاء لا يبقى من حقنا إلا أن ندافع ونساعد الآخرين، وبالتالي فإنه غير مقبول بتاتاً أن يستعمل الطبيب هذه الصفة ويرتدي الوزرة البيضاء من أجل إيذاء الناس أو الحث على ذلك”، لأنه “أمر خطير وغير أخلاقي مطلقاً وليس له علاقة بالقسم الطبي أبداً”.
وتابع توضيحاته أنه “لو كان طبيب واحد فقط في أي دولة أخرى حثّ على تدمير المستشفيات واستهداف الناس، فإن الدنيا كانت ستقوم ولن تقعد، فما بالك بـ 100 طبيب يحثون على القتل”، ووصف الطبيب “الصمت العالمي على هذه الدعوة” بكونه “جبناً” و”نحن نرى فعلاً استجابة الحكومة الإسرائيلية لطلبهم، ومع الأسف العالم لا يتحرك”.
تصريحات الطيب حمضي لـ “القدس العربي” جاءت تعليقاً على بيان سابق لهيئات مهنية مغربية، ووقعه إلى جانبه بصفته رئيساً “لنقابة الطب العام”، كل من الدكتور مولاي سعيد عفيف، رئيس “التجمع النقابي الوطني للأطباء الأخصائيين في القطاع الخاص”، والدكتور أحمد بنبوجيدة، رئيس “النقابة الوطنية لأطباء القطاع الحر”، والبروفيسور رضوان السملالي، رئيس “الجمعية الوطنية للمصحات الخاصة”. وجدد البيان المشار إليه تضامن الأطباء المغاربة من خلال هيئاتهم النقابية الممثلة لهم، مع الشعب الفلسطيني والأطقم الطبية بغزة، كما نددوا “بالدعوة اللاأخلاقية التي وجّهها ما يفوق المئة طبيب من الأطباء الإسرائيليين لحكومتهم من أجل استهداف المستشفيات وتدميرها بمن فيها”.
وشدد الأطباء المغاربة في البيان الذي تلقت “القدس العربي” نسخة منه، على أن دعوة الأطباء الإسرائيليين “تكشف عن غياب أي صلة لهم بمهنة الطب النبيلة، التي تقوم على إنقاذ الأرواح والتدخل لضمان استمرار الحياة لا الحث على القتل”.
حكام فاشيون
على صعيد آخر، أدان الأمين العام لحزب “الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية”، إدريس لشكر، الهجمة الفاشية التي تقوم بها إسرائيل في حق الفلسطينيين.
ونقلت عنه صحيفة “الجريدة 24” الإلكترونية وصفه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو واليمين المتطرف الإسرائيلي بـ”الحكام الفاشييين”، مشيداً في الوقت نفسه بحجم التضامن العالمي مع الفلسطينيين، خاصة مسيرات لندن التي أدانت الهجوم الوحشي على قطاع غزة.
كما أشاد القيادي الاشتراكي، في افتتاح المؤتمر الوطني “للمحامين الاتحاديين” في مراكش، بمسألة سحب ملف القضية الفلسطينية من النسيان ووضعه على طاولة المنتظم الدولي للنقاش، بكون هذا الملف هز العالم، والجميع يرغب في وقت هذا الهجوم الوحشي على الأبرياء.
واعتبر المتحدث ذاته أن التضامن الدولي الحالي يستدعي إيقاف الحرب فوراً والدخول في مرحلة التحضير لإعطاء الاستقلال للدولة الفلسطينية؛ مؤكداً أن الشعب المغربي دائماً يستنكر العدوان الإسرائيلي على غزة في وقفاتهم الاحتجاجية، مع دعوته بكل عقلانية إلى قيام دولة فلسطينية عاصمتها القدس الشرقية.
في سياق متصل، جدد خالد السطي، المستشار البرلماني عن نقابة “الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب”، إدانته الشديدة للإبادة الجماعية بحق الفلسطينيين بصفة عامة وسكان غزة بصفة خاصة من طرف كيان إرهابي مارق.
ونقل عنه موقع “العدالة والتنمية”، خلال اجتماع لجنة المالية والتخطيط والتنمية الاقتصادية لمناقشة مشروع الموازنة العامة، قوله إن العدوان الصهيوني على غزة راح ضحيته حوالي 12 ألف شهيد، ثلثاهم من النساء والأطفال والشيوخ، بالإضافة إلى تهجير مئات الآلاف من مساكنهم أمام أنظار العالم، وبدعم قوي من الدول العظمى خصوصاً الولايات المتحدة الأمريكية؛ داعياً الله أن ينصر المقاومين والمقاومة الفلسطينية بكل فصائلها والنصر على الصهاينة المجرمين.
ونوه في هذا الإطار بمواقف المغرب التي كان آخرها الرسالة التي وجهها العاهل محمد السادس إلى القمة العربية الإسلامية المشتركة غير العادية المنعقدة في السعودية، حيث دعا فيها إلى الحزم أمام اعتداءات إسرائيل.
وقفات تضامن
إلى ذلك، تواصلت في عدد من المدن المغربية، عشية السبت، وقفات تضامنية مع الشعب الفلسطيني، حيث رُفعت شعارات منددة بالمجازر البشعة التي يرتكبها الجيش الإسرائيلي في حق المدنيين والأطفال والأطقم الطبية والإعلاميين وعائلاتهم. كما استنكر المتظاهرون الدعم الذي تقدمه في هذا الصدد بعض الدول الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية إلى قوات العدو الصهيوني، متجاهلة القوانين الدولية ومواثيق حقوق الإنسان.