مجتمعاتنا مجتمعات محافظة تعاني فيها الحريات الشخصية من أمراض فصامية، حيث تظهر هذه الحريات في أماكن وتتخفى في أخرى، تمارس على مواضيع وتُمنع تجاه أخرى، شعار ممارسيها هو الحرية المناسبة في الوقت المناسب ومع الموضوع المناسب وأمام الأشخاص المناسبين، وهو الشعار الذي يهدم مفهوم الحرية من أساسه.
لكن، إذا عم هذا الفصام الظالم، هل يصبح عدلاً؟ إذا تواءمت هذه الممارسات المتناقضة ورغبة الأغلبية، هل تصبح واجبة التطبيق؟ في المجتمعات العربية الإسلامية التي حاولت وما زالت «تمرير» شيء من الديمقراطية إلى أجوائها السياسية، سرعان ما يسيطر عليها حس محافظ متزمت أقرب إلى التطرف، وهذا إن دل فإنما يدل على أن هذه المُحافظَة المتطرفة هي في الواقع رغبة شعبية عامة، لربما ليس لنتائجها الأخلاقية ولا لمواءمتها الدينية، وإنما لسترها للمخفي ومحافظتها على السمعة و»إسكاتها لكلام الناس». ليس أدل على ذلك من حقيقة أن أغلبية جيدة في مجتمعاتنا المحافظة عفريتة حبتين، نجدها تبتسم بمكر وتغمس بطرف عينها بشقاوة ما إن تتخفف من محافظتها بمغادرتها محيطها الملتزم هاربة للغرب «الفلتان» الكافر، لتصبح هناك فجأة أشد تحرراً وأعظم حقيقية ومواءمة مع النفس وأكثر سعادة.
غريبة جداً أوضاعنا، وكأن كلام الناس ممكن أن يكون أكثر إضراراً بنا من الديكتاتورية، وكأن السمعة، أياً كان تعريفها، أهم من الحرية والقناعة والمصداقية، وكأن كل ما يهم هو الشكل «البراني»، أما «الجواني» فطالما بقي مستوراً فالأمور بخير. أول شمة نفس ديمقراطية في مصر جاءت بالإخوان، أول فتحة باب للإصلاح في سوريا أدخلت المتطرفين السنة بين الثوار الحقيقيين، أول محاولة تنظيف عقود الديكتاتورية في العراق أنتجت نظاماً شيعياً أصولياً متطرفاً، وحتى أول برلمان عربي قوي يمارس شيئاً من الديمقراطية الفعلية في الكويت أنتج نواباً أصوليين، وكأنها لعنة حلت على هذا الشرق من أوسطه وامتدت لتشمل امتداداته الجانبية، فكان لتركيا وإيران والجنوب الإفريقي، على سبيل المثال لا الحصر، نصيب منها.
قبل فترة، انتشر في الكويت فيديو لفتاتين تجلسان معزولتين على شاطئ البحر لربما بلباس السباجة، لم تكن الصورة واضحة في الفيديو، حيث يتبين من كلام المصورة أنها ورفيقتها قد «ضبطتا» الفتاتين «متلبستين» وأبلغتا عنهما، ليُظهر الفيديو رجال الأمن متوجهين إليهما وطالبين منهما التغطي أو مغادرة المكان. جاءت معظم التعليقات على «تويتر» تلوم الفتاتين على هذا «الانحطاط» الشكلي، ولم يدُر الكثير من الحديث عن الانحطاط الفعلي للسيدة المصورة ورفيقتها، لا من حيث تطفلها على الفتاتين المعزولتين، ولا من حيث عدم تطبيق مفهوم «الستر» الديني، ولا حتى من حيث لا أخلاقية ولا قانونية التصوير والنشر.
هذه الأيام يدور لدينا في الكويت حوار حول «إباحية» موقع «نتفليكس»، حيث علت مطالبات بحجبه لما يحتويه من «شذوذ وانحلال أخلاقي» ولعدم توافقه مع اللوائح الرقابية، ليمتد هذا الحوار ليشمل معظم دول الخليج على ما يبدو. تفاعل الموضوع كالعادة على «تويتر» ليدور حواره في معظمه حول محتوى «نتفليكس»، وفي أقله حول مفاهيم الحرية والحق في الاختيار، في حين أن مفهوم الإرادة الحرة لزيارة الموقع من عدمها تقتلع المعضلة من عرقها وتنهيها. النت فليكس هو موقع إلكتروني، يذهب له الشخص بمحض إرادته ويسجل فيه ليتمكن من تصفحه، فمن يأتي كل هذه الخطوات أليس بواع لاختياره؟ أليس له الحق في هذا الاختيار؟ ما الذي يجعل الناس يتصورون أن الحكومة، المشكّلة من بشر عاديين، تكتسب حقوقاً أبوية تخولها تأديب الشعب وتربيته، سماحاً أو منعاً، بالمواد التي يُطّلع عليها؟ أي عقلية مسكينة تعمنا تجعلنا نعتقد أن الحكومة هي ولي أمر واجبه أن يضبطنا؟ والأهم، ما الذين يمنعنا من منع أنفسنا عما نعتقده خطأ؟ إذا كان هناك من يتصور أن النت فليكس موقع مضر أو لا أخلاقي أو إثمي، فلم لا يتجنبه وينتهي الموضوع؟ لماذا يتطلب الوضع التدخل الحكومي لتقويم الأخلاق والممارسات؟ كل هذه أسئلة أشبعناها طرحاً وأغرقناها إجابة، فلِم نجد أنفسنا وقد «أخذنا لفة ورجعنا تاني؟».
نعيد ونزيد، طبعاً هناك أسباب واضحة للمناداة «بسترنا» عن «نتفليكس»: تفادي الحرام العام، وتطبيق دور ولي الأمر، وتجنب التهديدات الأخلاقية، والحد من الفساد السلوكي، وهي كلها أسباب -واقعياً- لا تدين «نتفليكس» ولا تحد من مضاره ولا تبرر مطلقاً حظره، فهناك ملايين المواقع غيره التي لها طابع أسوأ ويمكنها أن توقع أضراراً أكبر وأشد. هناك أسباب ضمنية: لا نريد بذل الجهد المستحق في مراقبة وتربية الأبناء وفي تحمل مسؤولية القرار. لذا، على الحكومة أن تطبق رقابة تحمي أبناءنا لترفع عن كاهلنا هذا الواجب الثقيل، وفي الوقت ذاته لتتحمل هذه الرقابة مسؤولية آثامنا: إذا أقرت الحكومة فيلماً وكان فيه أي شيء خارج، على سبيل المثال، فالإثم إثمها لا إثمنا، تطبيقاً للمثل الخليجي العظيم «إرمها براس عالم واطلع سالم». وأخيراً، هناك أسباب خفية تماماً: إن كان من المعيب انتشار هذه المواد المرئية في مجتمعنا، ماذا يقال عنا حال قبولنا وسكوتنا؟ لماذا نسمح بهذه المواد التي يمكن لها أن «تفضح» الممارسات المتحررة والرغبات الكامنة وتضعف من «ذكورية» مجتمعاتنا الصارمة، في حين أننا نستطيع أن نتحرر «ستراً» في غرف فنادقنا في الخارج وأن نعيش حياتنا المرغوبة كما نشاؤها في شوارعه الملعونة مع الإبقاء على تشدقنا بالمحافظة والالتزام حين نعود سالمين؟
قد تكون الغيرة؟ إذا حرمت نفسي التزاماً، فلا أود لغيري استمتاعاً بما حرمت نفسي منه، فهذا حرمان سيصعب علي تحمله وحدي، سيكون أسهل لو شاركني فيه المجتمع بأكمله. وقد يكون التزاماً صادقاً بمفاهيم الحلال والحرام والحماية الأخلاقية والذين دوماً ما يستوجبون التطبيق بصورة جمعية، إما أن تطبق جميعها على الناس كلهم بإرادتهم أو رغماً عنهم، وإما نذهب كلنا للجحيم. غريب جداً أننا في هذا الوقت العصيب الذي تختبر فيه البشرية وجوديتها، نجد أن «نتفليكس» يتهددنا. نحن في الجحيم مقدماً..
لربما هذا هو عدلنا الذي خلقه تعميم الظلم، لربما هذه هي حياتنا التي صنعتها رغبة الأغلبية، لربما هذه هي ديمقراطيتنا التي نستحق..
يعني حين تأتي اول شمة للديمقراطية في اكبر بلدان المنطقة سكاناً و بطريقة شرعية ، بمن لا ترضى عنهم الاستاذة الفاضلة ، او حين ينتخب في البرلمان اناس ليس على مقاييسها فتطلق عليهم توصيفاً كما تراهم هي ، وهو توصيف ، ناتج عن ترجمة لا يفهم منها اليوم، الا اولئك المتطرفون ، رغم ان البرلمان و خاصة في الكويت وهو من اعرق البرلمانات في المنطقة ، يضع شروطاً متشددة بالتأكيد في عدم قبول اشخاص بهذا التوصيف و الفكر … و كل ذلك ، لا يعتبر بنفس المقاييس التي قدمها المقال ، أننا أخذنا لفة ورجعنا تاني بل هوينا الى هاوية لا يعلم لها قرار ؟!
.
و يبدو ان عودة الاستبداد الى مصر و صعود اسوء من انجبت مصر ربما من حيث المؤهلات و نوعية الخطاب و الثقافة شبه المعدومة، بإنقلاب الى سدة الحكم و اخذه مصر الى اسوء ايامها ، وذبح الديمقراطية قبل ان يكمل الناس شمها …. لا يزعج الاستاذة ؟!
.
ما لكم كيف تحكمون ؟!
اما موضوع اثارة الجدل حول المطالبة بحجب او منع مواقع و تطبيقات مثل النتفليكس و ما شابهها ، للحجج المذكورة في المقال ، فدعوني اقول ، ان قليل من المعرفة التقنية ، توضح ، ان هذا الأمر لم يعد مجدياً ، مهما طالب المطالبون و صرخ المحتجون ، لأن ذلك يمكن تجاوزه بحيل تقنية فيما يخص اي موقع او اي تطبيق مهما تفننت الحكومات لو ارادت المنع
.
و اود طمأنة السيدة كاتبة المقال ، ان الحكومات لن تمنع مثل هذه المواقع ، بل لو استطاعت ، لأشتركت هي للناس فيها مجاناً !
.
و انا كذلك لست مع المنع بمعنى ممارسة المنع التقني حتى لو امكن ذلك ، و لست مع اصدار قوانين بعقوبات رادعة لمن يشترك مثلاً،
و لكن الذي فهمته من ما بين السطور و من خلال معرفتي بتوجهات السيدة الخطيب ، انها لا تريد لأحد ان يرفع صوته و ينبه الناس و الاجيال و يمارس دور اعلامي و توعوي بخطورة بعض ما تبثه مثل هذه المواقع و التطبيقات و على رأسها النيتفليكس بحجة الترفية و التثقيف ، فتبث الكثير من السم لتدسه في القليل و ربما الكثير من العسل !
.
(3)
شخصياً ، انا مشترك بالنتفليكس ، و لعلي من اوائل من نبهت من خلال هذا المنبر و غيره من خطورة المحتوى الذي تقدمه هذه الشبكة و كان واضحاً ان هناك توجه لمالكيها و لمنتجي محتواها ، ان يسيرون باتجاه نشر ثقافة بعينها و التشجيع عليها و تطبيعها ، رغم ان الغالبية من سكان الكرة الارضية ضد قرفها ، و كتبت عن ذلك كثيراً ، و لكن لفت الانتباه مؤخراً زيادة الجرعة و تركيزها بشكل فاضح
.
لست مسروراً بالاشتراك بطبيعة الحال ، و لكن هدفي هوممارسة نوع من الاعلام المضاد و من اجل نشر الوعي اللازم ،و لا يتم ذلك بمجرد السماع و القراءة بالعنعنة ، و اخشى ما اخشاه ، كما ذكرت ، ان المقال لا يطالب بمجرد الاعتراض على منع الاشتراك ، بل منع حتى الاعتراض على المحتوى و ممارسة نوع من تكميم الافواه ….. لأن ذلك يتناسب مع انزعاج المقال من خيارات الشعب المصري و خيارات الشعب الكويتي ابتداءاً !!
@ أخي الغالي د. أثير حفظه الله. قرأت تعليقك على تعليقي في الاسبوع السابق متأخرا. شكرا جزيلا لك على المشاعر الطيبة التي أبادلك اياها وإن باعدت المسافات بيننا فالقالوب متقاربة جدا. لا يوجد ما أعلق عليه على هذا المقال لانه تكرار لمقالات كثيرة سابقة.. لا جديد. فقط انتهز الفرصة هنا لابارك للمسلمين برجوع مسجد اياصوفيا في احتفال مهيب لوضعه الطبيعي كمسجد صودر من قبل عصابة علمانية مازال لها أذيالا في منطقتنا كادوا يموتون غيظا بسبب الخطوة ومايزالون . أربع مؤذنين على كل مئذنة مؤذن وآيات كريمات تليت من قبل طيب اردوغان والالاف المصلين في يوم دخل التاريخ 24.07.2020 وعقبال الاقصى ولا عزاء للمرجفين.
كل المحبة و الاشتياق اخي رياض
جمعة طيبة مباركة و مختلفة كلياً عن أي جمعة سابقة ،بمناسبة أحياء اول صلاة جمعة منذ 86 عام في جامع آيا صوفيا، الذي سلب وظيفته عنوةً احد اكبر خدم الغرب!
يوم تاريخي بكل المقاييس، و اسأل الله ان يكون بالفعل بشارة لعودة الأقصى السليب، مهما طال الزمان انه لعائد إلى أهله لا شك عندي البتة.
و احمد الله الذي أحيانا إلى هذا اليوم لنشهد بأبصارنا هذا اليوم التاريخي.
.
قبل اسبوع توفي لي صديق، من نوع الأخ الذي لم تلده امي، كان هو الأقرب إلى قلبي و عقلي، نتيجة اللوكيميا و لا حول و لاقوة الا بالله…
كانت إحدى امنيات حياته ان يرى آيا صوفيا جامعاً من جديد و ان يصلي فيه، لكن أجله حان قبل ذلك
عزائي ان امنيته تحققت.
كل المحبة مرة اخرى اخي رياض و شكراً لتعقيبك هذا و تعليقك ذاك.
ارجوك لا تحرمنا من تعليقاتك الفذة… على مختلف المواضيع و ان كنت اعذرك لانشغالك.
خالص المودة و الاحترام.
عظم الله أجركم أخي أثير ورحم الله صديقك. كم هو صعب ان يفقد الانسان صديقا من نوع أخ لم تلده أمه عايشت ذلك مرارا فلي من اصدقائي في فلسطين الغوالي ثلاثة شهداء ارتقوا برصاص الاحتلال. دمت بخير وصحة وعافية ولعل صديقك الغالي رأى ما رأينا وماذلك على الله بعزيز.
– كله نفس الكلام نقرؤه كل أسبوع فقط بألفاظ مختلفة.
– مجتمعاتنا متخلفة ومريضة ومتطرفة وموصوفة بكل البلاوي فقط أنتم المستنيرون الأذكياء.
– ليس كل من يخالف تفكيركم هو متطرف وأصولي الكل يعرف ان الإخوان لم يحكموا شيئا في مصر فانقلب العسكر بسرعه.
– ما دخل الجنوب أفريقي بنا؟!
– موقع نتفليكس لا أتابع منه شيء ولكن اعرفه جيدا والناس الذين يستنكرونه لم يعجبهم الشذوذ والمثلية الذي يروج له فقط، والبعض طالب بحجبه كلياً وهم قله ومعروف أسلوب العلمانيين تعميم تصرفات القلة على الكثرة كما يعممون أفعال داعش على كل المسلمين.
– الكتّاب العلمانيون يدافعون عن أي شيء له نكهة غربية ويرفعون سلاح الحريات وكأن كل ما يأتي من هناك لازم نتقبله، أتساءل ماذا لو عرضت نتفليكس مشاهد تدعو إلى أفكار دينية كتطبيق الشريعة مثلا او حدود سيسارع العلمانيون كالكاتبة بطلب حجب الموقع وينسون شيء اسمه الإرادة الحرة وغيره لأنهم ببساطة يكيلون بمكيالين.
السؤال الذي فاتك الاجابة عنه لماذا مجتمعاتنا وبلادنا متخلفة وشعوبنا لا تستطيع مقاومة اعداء الداخل والخارج
تحية للدكتورة ابتهال وللجميع
هي مسالة بسيطة جدا فالمنع هو اسلوب الضعفاء وغير المؤهلين باقناع الناس واعطاءهم دروس في المعرفة فعلى سبيل المثال يسعى رجال الدين في كل بلدان العالم الاسلامي اجبار الحكومات لمنع الخمر ولانهم لا يريدون بذل جهدا في سبيل التوعية وترك الامر من قبل الناس اختياريا بعد قناعة شخصية وهناك التهديد والوعيد وكذلك نصوص دينية يختبيء خلفها المشرعون ورجال الدين لتمرير قوانينهم التي هي في مصلحتهم فالمنع هو معاكس للحرية والقناعات الشخصية واهم شيء عن هؤلاء عدم الجهر بالمعصية ولكن مصيبة مجتمعاتنا ان فيها جميع المعصيات ولا مؤسسة حكومية تستطيع اجراء بحث ودراسة عليها لمعالجتها فكم عدد من يتعاطى المخدرات من الشباب وكم عدد من نسميهم شواذ من الجنسين قلتها سابقا مرات عديدة واعيدها الان فئتان من مجتمعاتنا يجب تحييدها او بكلمة اخرى قص اجنحتهم وهم رجال الدين وشيوخ العشائر وبالتالي سنتخلص من الجهل والخرافة والعادات والتقاليد البالية
الدكتورة ابتهال من فئة العلمانيين المتطرفين والذين لا يريدون أن يروا اي التزام باخلاقيات الاسلام في الشعوب الإسلامية وتريدها ردة الى الجاهلية التي ليس لها أي معايير خلقية ؛ بل تريدها بهيمية لا تلتزم باي مقياس اخلاقي أو ديني وخاصة المقاييس الإسلامية .
العلمانيون ينادون بالديمقراطية ولهم شرط واحد للالتزام بنتائجها وهو أن لا تصدّر الإسلاميين وخاصة منهم الإخوان المسلمين لأنهم ليسوا على المقاس الصهيوماسوني الصليبي (ذراع اسرائيل الطويلة في دهاليز صنع القرار الدولي )
والا ما معنى انقلاب العلمانيين على صناديق اقتراع الربيع العربي وما قبله
في الجزائر ومصر وفلسطين وليبيا .وفي تونس تتزعم زميلة د ابتهال (عبير موسى) حملة شرسة ضد رئيس مجلس النواب لانه ليس على مقاس العلمانيين.
تحية مرة اخرى
اي تحديد للحربات التي لا تؤثر على حريات الاخرين لها انعكاسات خطيرة على المجتمع فتحديد الحرية الفكرية بمنع اي افكار تعارض الدين او نقده او نقد رجال الدين على سبيل المثال يؤدي الى دكتاتورية دينية يتسلط بها رجال الدين على كل مجريات الحياة وبالتالي اللجوء الى الاحتيال ونفس الامر ينطبق ان حددنا الافكار الدينية ومنعناها الا ما يعجبنا منها فسنتفاجا بافكار متطرفة من المتدينيين ولهذا يجب ان تكون الساحة مفتوحة للجميع
اسمحوا لي أن أعبر عن فرحي بالإشارة إلى أمرين مهمين. الأول هو مشاهدة صلاة الجمعة الآن في مسجد آيا صوفيا، بحضور الرئيس رجب الطيب أردوغان وبعض رؤساء الدول الإسلامية وقراء القرآن الكريم يرتلون سورة يس وآيات أخرى، مع تكبيرات العيد أو النصر وسط حشود ملأت الساحات الخارجية بآلاف المصلين منذ ساعتين، والاكتفاء داخل المسجد بأكثر قليلا من خمسمائة مصل بسبب كورونا. المنظر رائع ومهيب، ويشعر بالعزة والفخار – ولو رمزيا- لأمة تشوى على سفود التعذيب والقهر الصليبي على مدار الساعة بوساطة الصليبيين أنفسهم أو كلائهم الطغاة القتلة من بني جلدتنا. الأمر الآخر هو ما قرأته عن الروح الإسلامية التي تومض في ظلمات القهر والهزيمة، فقد قرأت بالأمس إشارة إلى هزيمة العثمانيين، وترحيلهم من البلاد العربية عام 1918. يقول حسين كاظم القادري بك والي العثمانيين في بيروت. إن الحاكم الصليبي، أراد إذلاله مع ر فاقه، وهم يغادرون بيروت، ووضعهم بأمتعتهم أمام السفينة المغادرة إلى اسطنبول، دون أن يقدم لهم المساعدة لحمل أمتعتهم، وتفتق ذهن القادري عن الاستعانة بالجنود المصريين الذين يحاربون تحت القيادة الصليبية، فطلب منهم المساعدة في نقل الأمتعة، فحملوها في أقل من ساعتين، ووضعوها على متن السفينة،
2-وحين اعتلى القادري السفينة، أخرجوه من الحمام ليشاهد منظرا حميما على الشاطئ، فقد كانوا المصريون والعرب يبكون بكاء شديدا وهم يودعون أشقاءهم العثمانيين على السفينة، بكى الرجل وهو يرى الروح الإسلامية التي تعبر عن وحدة إسلامية وأخوة دينية لا تعترف بالتقسيمات الأرضية أو الإدارية أو القومية أو الطائفية.
المحنة التي تمر بها الأمة ليست الروح المحافظة أو الانتماء إلى الإسلام وقيمه. في كل أمة يجب أن يكون هناك محافظون لاستمرار التقاليد والقيم التي تميز أمة عن أمة، المحافظون في بريطانيا مثلا يمثلون صمام الأمان للتقاليد الإنجليزية العريقة، ومع ذلك هناك مجموعات متمردة على المحافظين، ولكن التقاليد الديمقراطية تحفظ توازن المجتمع. الليبراليون العرب لا يؤمنون بالتوازن والمشاركة، ينفذون أحط عملية استئصال في التاريخ. يؤمنون باجتثات الإسلام من المجتمع العربي وهو جريمة نكراء يقودها ليبراليون وحداثيون ويساريون وما أشبه،، يؤمنون باستبداد السلطات العسكرية والمنشارية ويخدمونها خدمة العبد لسيده، ويرون في الإسلام عقبة كئودا تحول بينهم وبين طموحاتهم غير المشروعة. .
3-وينحرفون عن رصد الواقع في شموله وعمومه ليركزوا على قضايا هامشية أو مقولات فردية لا تعبر عن الدين الحنيف. الكلام عن فتاتين عاريتين على شاطئ أو نحو ذلك لا يعبر عن حقيقة الصراع بين المستبدين وجموع الأمة المستعبدة بقوة السلاح والإرهاب السلطوي. المنحرفون يستطيعون التعري وممارسة البغاء واللواط وتناول المسكرات والمخدرات بطريقتهم الخاصة. في أشد المجتمعات العربية محافظة ومنعا وحظرا، يستطيع المنحرفون العربدة داخل بيوتهم وقصورهم المنيعة ويستوردون أفخر أنواع الخمور والمحظيات وإقامة حفلات المجون دون أن يؤرقهم أحد، فالمال الحرام كثير، والسلطة التي تحمي الفساد والانحراف في الخدمة دائما مع أنها التي تصدر أوامر المنع والنهي وتدعي خدمة الإسلام، كما يستطيع المنحرفون عبور الحدود الى الدول التي تتيح لهم خرق المحظور والدخل إلى الممنوع.
4-في بلادنا التعيسة هناك ممنوعات أكبر ، ومحظورات أعظم. طبعا في مقدمتها مساءلة الطاغية، ومحاسبة الديكتاتور، ولو تعلق الأمر بأتفه القضايا، فما بالك بالأمور المصيرية؟ الطاغية العربي ينفذ إرادة كفيله الصهيوني والغربي، فيأمر بتكميم الأفواه، وتحويل الصحف إلى نسخة واحدة تمتلئ بما ينشره جهاز سامسونج فقط! هناك مئات المواقع على النت تم حظرها وحجبها، مئات الأقلام تم منعها، مئات الأصوات تم خنقها. هذا هو الممنوع الذي تتضاءل أمامه ممنوعات التعري والفجور والإدمان!
منذ يومين صدرت الصحف وظهرت المواقع دون كلمة واحدة عن النيل الذي صار حبشيا، والنهر الذي تحول إلى بحيرة، والنشيد الحبشي الذي يقول: النيل لنا، والسد لنا. الذي ظهر في الصحف والمواقع بأمر الطاغية: الاستخدام الأمثل لمياه الشرب- معالجة مياه المجاري لتحل بدلا من مياه النيل الذي كان،
5-وكتاب البيادة، وأبواق الكذب تتطوح في حلقة الذكر الآثم من أجل إعلان الحرب في ليبيا مجاملة لطاغية آخر مهزوم، ومنع المسلمين من المشاركة في حكم البلد الشقيق!!
يبدو أننا في عصر يؤثر فيه الآرتست أكثر من المثقفين، والدليل تأثير عادل إمام على عنوان المقال الذي يسوّغ ضمنيا انقلابات الطواغيت العسكر على الحرية والكرامة لأن الشعوب اختارت الإسلام في الانتخابات؟؟؟ وبالضرورة يسوغ تحرشات الليبراليين بالمسلمين في الكويت إرضاء للمناشير أساتذة تقطيع الأجساد. هرمنا أيها السادة!