رجال دين عراقيون شيعة يدخلون على خط الأزمة السياسية لمنع عودة الديكتاتورية: دعوات للحوار وإبعاد بغداد عن التدخلات الأجنبية

مشرق ريسان
حجم الخط
2

بغداد ـ «القدس العربي»: دخل رجال دين شيعة بارزون، على خط الأزمة السياسية المعقدة التي يشهدها العراق، عقب إعلان النتائج “شبه النهائية” للانتخابات التشريعية التي جرت خلال أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وما خلفته من صدمة لدى قوى سياسية شيعية نافذة، فقدت نحو نصف مقاعدها البرلمانية التي حصلت عليها في انتخابات 2018، داعية إلى اللجوء إلى الحوار والتهدئة وإبعاد البلاد عن التدخلات الخارجية.
رجل الدين الشيعي البارز، الذي يحمل صفة “مرجع” لدى الشيعة، محمد تقي المدرسي، دعا أمس الجمعة السياسيين العراقيين الى تغليب مصالح البلد العليا من خلال التحاور والتعاون والتكامل، وإنهاء منطق “التعالي والأنانية” للخروج من الأزمة السياسية التي ظهرت بعد الانتخابات النيابية الأخيرة.
وقال المدرسي في كلمته الأسبوعية المتلفزة أمس: “لابد من إنهاء منطق التعالي واستبداله بمنطق التعاون والتكامل، لأننا نعيش جميعاً في هذا البلد وعلينا التعاون فيما بيننا للنهوض بواقعه وخدمة أبنائه”، معتبراً إن “ثقافة الإقصاء والتهميش لن تنفع أحدا”. وحث المدرسي جميع الأطراف الى “اعتماد لغة الحوار، وتقديم تنازلات فيما يتصورونه حقا من حقوقهم – ولو بنسبة معينة – من أجل وحدة الصف وعدم انجرار البلد الى مجهول لا يحمد عقباه”. وبين أن “النظام الديمقراطي في العراق رغم وجود بعض الملاحظات عليه، جاء بعد معاناة العراقيين عبر تأريخهم من العديد من الدكتاتوريات، ورغم أن شكل النظام وكذلك الدستور يحتاج الى الكثير من التعديلات إلا أنه يجب أن يكون هو الفيصل في حل الخلافات والإشكاليات بين الجميع، لكي لا نسمح بعودة الدكتاتوريات من جديد”.

«متاهات وفتن»

في السياق أيضاً، قال رجل الدين الشيعي “المرجع” جواد الخالصي، إن المشهد العراقي اليوم “يغص بالمتاهات والفتن المتنوعة”، مؤكداً ان التحدي العام يحتم علينا السعي لبناء العراق واسترجاعه من “خاطفيه من القوى الاحتلالية وغيرها”. وشدد الخالصي، في خطبته السياسية لصلاة الجمعة في الكاظمية في بغداد، أن “وحدة العراق ضمن وحدة الأمة الواحدة تمنع أي مخطط لتقسيم العراق وتفريقه طائفياً أو عرقياً، وحتى المحاصصة التي جاءت في الدولة، والتي هي من جملة عمليات التقسيم والتفتيت التي أرادوا منها تحطيم العراق وإنشاء كيانات باسم الفيدرالية وباسم الحكم الذاتي وغيرها من العناوين الفارغة”.
وتابع: “على الشعب العراقي، الذي قاطع العملية السياسية والانتخابات الأخيرة بنسبة 90 في المئة تقريباً، أن يعمل بشكل مبرمج لإعادة العراق الى وضعه الطبيعي في المنطقة والعالم”. وأشار إلى أن “مقاطعة الانتخابات والعملية السياسية وحدها ليس حلاً كافياً، بل يجب العمل على تحقيق ودعم البديل الوطني الحقيقي، من خلال صناعة مشروع سياسي وطني خاص، بعيداً عن تدخلات وإملاءات دول الاحتلال ودول المنطقة، يكون مبنياً على وحدة العراق وهوية العراق واستقلال العراق عن سلطة الأجنبي”.
أما إمام وخطيب جمعة النجف، صدر الدين القبانجي، فدعا القضاء العراقي للحكم بحق مرتكبي جريمة قتل المتظاهرين – في إشارة إلى صدامات سابقة بين جمهور القوى السياسية الخاسرة وقوات الأمن خلفت قتيلاً وأكثر من 100 جريح عند بوابة المنطقة الخضراء ببغداد – والكشف عنهم. وعبر القبانجي عن استنكاره لعملية “استهداف المتظاهرين والتعدي عليهم وقتلهم”، داعيا القضاء العراقي الى “الحكم على الجناة وكشف هويتهم”.
الى ذلك استنكر عملية قصف منزل رئيس الوزراء العراقي، مصطفى الكاظمي، “أيا كان فاعله”، مرحباً في الوقت عينه بـ”الحوار الذي يجريه الإطار التنسيقي (الشيعي) للوصول الى قرارات مرضية تهدف الى تهدئة الساحة العراقية”. وختم بدعوة المحكمة الاتحادية العليا إلى “حسم الطعون بما يخص أصوات المرشحين”.

توقع حكومة وطنية

ووسط تلك الأجواء، توقع القيادي في التيار الصدري، عصام حسين، أن تشكل حكومة “أغلبية وطنية” وانتهاء “حكومة التوافق” تماما على ضوء الوضع “التفاؤلي جداً”، حسب قوله، محذرا من وجود “تدخل دولي خارجي سلبي ومضر سيما من أربع دول (لم يسمها)”، والتي تبحث عن توافق دولي بشأن الوضع في العراق.
ويقول حسين لمواقع إخبارية محلية إن “أغلب الكتل السياسية تنتظر المصادقة على نتائج الانتخابات، خصوصا بعد أن أكد رئيس مجلس القضاء الأعلى فائق زيدان عدم وجود أدلة على تزوير الانتخابات”، موضحاً أنه “حال المصادقة على النتائج سيتحول حراك التفاهمات الى تحالفات” حسب موقع “المربد” البصري.
وأضاف أن “الحراك المقبل سيفضي الى معسكرين الأول يدعو لحكومة أغلبية وطنية لإنقاذ الوضع المزري الحالي، مقابل من يطالب بالتوافقية” التي قال إنها “أطاحت بالبلد على مدى 18 عاماً”. وطبقاً للقيادي في التيار، الذي يتزعمه مقتدى الصدر، فإن “الحراك الأخير للتيار الصدري كان يتسم بالجدية في تشكيل حكومة أغلبية وطنية، كما يريد الشارع ونبذ التوافقية”، مبيناً أن “الكتل المعترضة على نتائج الانتخابات كانت ترى أن التوافقية هي السبب في الفشل الحكومي والمجيء برئيس وزراء ضعيف وضمور العامل الرقابي في البرلمان، بينما هي الآن تناقض نفسها وتريد حكومة توافقية”.
واستدرك حسين بالقول: “نرى أن الوضع يوحي بالتفاؤل جداً وهو انطباع أغلب الكتل، باستثناء القوى الخاسرة” التي قال إنها تحاول “التأثير على المفوضية والقضاء ورئيس مجلس الوزراء من خلال احتجاجاتهم وتصريحاتهم، وهي محاولات للحصول على موطئ قدم في الحكومة المقبلة”، حسب قوله. كما أشار الى أن “التدخل الخارجي كان له الدور السلبي والمضر جداً، خصوصا أنه أخذ منحى الندية والصراع داخل العراق”، مضيفا أن “دول أمريكا والسعودية وإيران والإمارات وغيرها من الدول لديها فاعلون في العراق، وعندما يحدث تصادم بين هذه الدول يلقي بظلاله على العراق وتحدث الإزمات والصراع الحزبي في البلد”.
ومضى يقول: “التدخل الخارجي هو ذاته الذي أنتج داعش والفساد، باعتبار أن الفاعل الدولي لا يهتم كثيراً لأمن العراق واقتصاده، بل يرى أنه محمية له والأحزاب التي تنفذ تلك مصالحه”، منوهاً إلى أن “التيار الصدري يدفع باتجاه إبعاد ذلك التدخل السلبي والصراعات المحتملة المستقبلية في العراق، لأن البلد يريد أن يعيد إنتاج نفسه اقتصاديا وعسكريا وتكون له سياسة خارجية مستقلة بعيداً عن تأثير هذه الدول وصراعاتها، وسيتم التعامل معها على حساب مصلحة البلد”.
في مقابل ذلك، أكد عضو المكتب السياسي لحركة “الصادقون”، المنضوية في “الإطار التنسيقي” الشيعي، سعد السعدي، أن قوى الإطار لن تهمش أي طرف سياسي، لافتا الى أن الحكومة المقبلة ستكون توافقية.
وقال، في تصريح نقله إعلام الحركة، إن “الإطار التنسيقي لم يناقش بعد ملف تشكيل الحكومة، لأن طرح هذا الموضوع يعني اعتراف الإطار بنتائج الانتخابات في وقت مازال الرفض هو سيد الموقف بالنسبة للإطار”.
وأضاف أن “الإطار التنسيقي في إمكانه تشكيل الكتلة الأكبر، لأنه وفقا للنتائج الحالية فهو يمتلك العدد الأكبر من المقاعد لتشكيل الحكومة الجديدة”.
وبيّن أن “أطراف الإطار التنسيقي لن تذهب في اتجاه التفرد باختيار رئيس الوزراء المقبل، حيث لن تهمش أي جهة أو طرف سياسي على حساب جهة أخرى”، مؤكدا أن “الحكومة المقبلة ستكون توافقية بعد انتهاء نتائج الطعون وحسم ملف الانتخابات”.
سياسياً أيضاً، بحث زعيم ائتلاف “النصر” حيدر العبادي، نتائج الانتخابات والاعتراضات، مع وفد الاتحاد الوطني الكردستاني. وذكر مكتب العبادي في بيان، أن الأخير استقبل في بغداد، وفد الاتحاد الوطني الكردستاني، وجرى خلال اللقاء تبادل الآراء بخصوص “مجمل الأوضاع التي يشهدها البلد، وبالأخص نتائج الانتخابات وما تمخض عنها والاعتراضات عليها، والتحديات العديدة التي يشهدها البلد”.
وأضاف، أنه “تم التأكيد على أهمية توحيد الرؤى بين الأطراف السياسية للخروج من الإشكالات العديدة التي تواجه العملية السياسية والبلد من أجل أن لا تنعكس سلبا على أبناء شعبنا، إضافة إلى استمرار التواصل للخروج بحلول لما يشهده البلد”.

ترقب النتائج النهائية

وتترقب القوى السياسية إعلان المفوضية العليا المستقلة للانتخابات، النتائج النهائية لاقتراع تشرين الأول/أكتوبر الماضي، بعد الانتهاء من الطعون وبت المحكمة الاتحادية بالنتائج ومصادقتها على أسماء النواب الجدد (329 نائباً) في البرلمان الجديد. وقدم الخبير القانوني طارق حارب تفسيراً بشأن الطعن بنتائج الانتخابات أمام الهيئة القضائية. وبين حرب في إيضاح له، أن “الطعن أمام الهيئة القضائية يجب أن يكون على شكل خصومة قضائية بين خصم طاعن خاسر وبين خصم مطعون به فائز، يريد الطاعن الخاسر أن يحل محل المطعون به الفائز فيكون هو الفائز ويكون الفائز خاسراً”.
وأضاف: “سلطة الهيئة القضائية الانتخابية حددتها المواد 19 -20 من القانون 19 لسنة 20 وفيها: قرر القانون بأنه لا يجوز الطعن بقرارات مجلس المفوضين إلا أمام الهيئة القضائية الانتخابية حصراً، وبالتالي لا يجوز الطعن أمام رئاسة الادعاء العام أو المحكمة العليا أو مجلس القضاء الأعلى أو أي جهة أخرى من غير الهيئة القضائية في النتائج الانتخابية”.
وتابع: “اعتبر القانون قرارات الهيئة القضائية الانتخابية باتة، أي لا يجوز الطعن في النتائج الانتخابية التي تعلنها الهيئة القضائية أمام محكمة التمييز أو الاعتراض عليها أمام المحكمة العليا أو مجلس القضاء أو الادعاء العام أو أي جهة أخرى”.
وزاد: “تصدر الهيئة القضائية قرارتها خلال مدة عشرة أيام من تاريخ إجابة مجلس المفوضية على ما تطلبه الهيئة القضائية من المفوضية من معلومات وطلبات ملزمة المفوضية بإجابتها”، مبينا أنه “تتكون الهيئة القضائية من ثلاثة قضاة من الصنف الاول”. وأشار إلى أنه “تنظر الهيئة القضائية في حقيقتها بالخصومات بين المرشحين، كأن يدعي الخاسر فلان أنه الأحق بالمقعد من الفائز فلان، لذا يمكن صدور قرار باستبعاد من قررت المفوضية فوزه أولا وتعتبر الهيئة القضائية الذي أعلنته المفوضية فائزاً بأنه خاسر والفوز للمرشح الطاعن الخاسر؛ لأنه لا يجوز اعتبار فائز جديد ما لم يعلن خُسران الفائز الذي أعلنته المفوضية فائزاً، لأن اعتبار مرشح فائز يعني زيادة 329 مجموع البرلمان إلى 330، وهذا لا يجوز مالم يعلن خسران مرشح فائز طبقاً لقرار المفوضية مقابل مرشح جديد انتقل من الخسارة إلى الفوز بقرار الهيئة القضائية، وهذه الخصومة المطلوبة بعيدة عن كل الطعون المقدمة من الطاعنين والمعترضين إذا اعتمدوا على السنة السياسيين والإعلام والتزوير في الانتخابات الذي رفضه رئيس مجلس القضاء الذي قال: لم يثبت للقضاء تزوير ولا قيمة قانونية لأقوال السياسة والإعلام في خصومة قضائية بين طاعن خاسر ومطعون به فائز عند الهيئة القضائية لأنها تعتمد القانون فقط لاسيما تم إجراء العد والفرز اليدوي كأعلى تدقيق لصحة تحديد الفوز والخسران”. وأضاف حرب: “السؤال المهم هل سيستطيع أحد الطاعنين الخاسرين استبعاد مطعون به فائز بموجب قرار المفوضية، وإحلال نفسه بدله بحيث يكون فائزاً والسابق خاسراً ليحل محله؟.. والجواب ذلك بعيد لما ذكرناه سابقاً”.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول احمد الشمري:

    عندما يتم تسميه مجرم وزعيم عصابه مثل مقتدى بأنه سياسي وزعيم كتله اغلبيه هذا يعني أن كل شي خطأ ويجب توقع كل شي للأسوأ وليس للأحسن

  2. يقول ابو عمر وعلي:

    عراقي واحب ان يكون الحاكم دكتاتور عادل وليس ظالم شيعي سني مسيحي يهودي اثوري كلداني ارمني سرياني صابئي يزيدي لا اعتراض بس يكون وفاءه للعراق ليس احد كنا عايشين تحت حكم بوليسي ودكتاتوري اكثر من 30 سنه تترك باب بيتك مفتوح وتفوت تنام ياويله اللي يندك بتيلك اذا ما اندكيت لا بالحكم ولا الحاكم طول ما تروح وتجي بدربك انت في امان الا ما ندر

إشترك في قائمتنا البريدية