رجل يائس يذهب إلى واشنطن

حجم الخط
0

في 1939 ذهب جيمس ستيوارت إلى واشنطن في فيلم «السيد سميث يذهب إلى واشنطن». واليوم قد يظهر عرض مع مخرج وممثل «السيد نتنياهو يذهب إلى واشنطن». فليذهب إلى واشنطن ويلقي خطابا ويحظى بالتصفيق وليصافح يد ديفيد برات من متطرفي «حفل الشاي» الجمهوري، الذي هزم عضو الكونغرس اليهودي اريك كنتور الذي لم يكن متطرفا بما يكفي، وليتعانق مع رون بول الذي يتطلع إلى الرئاسة وليتحدث باسمنا عن امريكا الصديقة التي تحبنا إلى هذه الدرجة، وأكثر من كل ذلك مع الماضي على خطاها في اسرائيل، الرجعي اليميني بنيامين نتنياهو.
إن نتنياهو يعرف أكثر من أي شخص آخر المخاطر التي يأخذها على نفسه. ففي انتخابات عادية كانت فيها نسب القوى واضحة لم يكن ليتجرأ على احراج رئيس الولايات المتحدة وتوريط نفسه مع اغلبية الشباب اليهود هناك الذين ينظرون اليه باستغراب. وهو اجراء امتنع عن القيام به دائما.
لا مناص من الاستنتاج أن الشخص الذي يسافر إلى واشنطن يلقي باغلبية الجهد على رون دريمر، سفير اسرائيل الأقل أهمية في الحلبة الامريكية. ويُكلف شخص آخر باخراج «حفل الشاي» المعروف من اجل تشويه الآخرين. نتنياهو يرى أن هذا الامر لا يساعده حتى الآن في استطلاعات الرأي، ولم تساعده الزيارة إلى فرنسا ولم يساعده اغتيال الجنرال الايراني، ولم تساعده الاتهامات الموجهة إلى الاوساط الأمنية، ولم تساعده الحملات الموجهة ضد محمود عباس بعد العمليات الإرهابية، ولم تساعده السخرية من «بوغي – تسيبي»، ولم تساعده المقالات في الصحف التي لا تعطيه قيمة اضافية.
وهنا ظهرت لديه الفكرة العجيبة وهي الظهور ضد مواقف الرئيس اوباما والمقامرة على حزب اشكالي عندما تُرى هيلاري كلينتون كقائدة في الانتخابات للرئاسة. نتنياهو يستعمل سلاح التحريض والتشويه ضد خصومه في البلاد، ومع ذلك سيسافر ويظهر ويتحدث ويحظى بالتصفيق والتأييد.
ليس في اسرائيل من لا يفهم أن هذا السفر بدعوة من الحزب الجمهوري وزعماء «حفل الشاي»، ليس سوى دعاية انتخابية. إن السياسي الذي يقف على رأس حكومة اسرائيل لفترة طويلة من الزمن يحتاج إلى هذا الدعم من ناخبيه ومن زملائه الذين يحصون حتى الآن نتائج الانتخابات التمهيدية المخجلة في حزبه. ومن اجل أن يكون نتنياهو ذي صلة فانه بحاجة إلى صورة جماعية يظهر فيها مع زعماء الكونغرس وزملاءه من «حفل الشاي»، يوحوا إلى جمهور الناخبين هنا بأن هذا هو الرجل وليس مثله أحد.
إن من يحاولون منع سفر نتنياهو بمبررات الدعاية الانتخابية لن ينجحوا في ذلك. فرئيس الحكومة مدعو إلى مجلسي الكونغرس والشيوخ، وهذا حدث لا يجوز التغاضي عنه.
ولكن هذه الرحلة لن يكون الذهاب اليها كالعودة منها، فالطريق التي يتصرف بها نتنياهو تجاه الرئيس الذي يوفر حق النقض الفيتو ويمد له يد العون في صراعه ضد المحكمة الدولية في لاهاي في مواضيع الشكاوى المقدمة ضد اسرائيل. إن مواطني اسرائيل سيدركون كم هو ضار استخدام الكونغرس الامريكي للأهداف الانتخابية في اسرائيل والى أي مدى رئيس الوزراء مستعد للذهاب من اجل ضمان بقائه في الحكم. ولكن حتى هذا الأداء لن يغير من الصورة شيئا وسيكون مصيره الفشل، فهذه المناورة مُحاكة بخيوط واهنة ستؤدي بها إلى الفشل ولن يكون لنا أي مجد أو عزة على هذه الطريق.

هآرتس 26/1/2015

عوزي برعام

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية