لندن ـ ‘القدس العربي’ يعكس النقاش حول دور حزب الله وتورطه في سوررية المخاوف من أثر الحرب الدائرة في الجارة سورية منذ أكثر من عامين على لبنان.
ويشير الى ان حزب الله يخوض الآن حربا غير تلك التي يدرب مقاتليه عليها، وهي مواجهة اسرائيل المصممة على ان لا يصل له اي سلاح متقدم من ايران مثلما اظهرت غارات الجمعة والاحد على سورية. فحزب الله بات متهما الان من انه بدلا من ان يحرس الحدود الجنوبية للبنان مع اسرائيل يرسل مقاتليه لحماية مقام السيدة زينب المعظم عند الشيعة، قرب العاصمة دمشق. وفي الشمال لا يكتفي المقاتلون التابعون له بالحراسة او القتال الى جانب القوات الحكومية بل وقيادة المعارك ضد المقاتلين السنة، خاصة في القصير ونواحيها. كما وعمق الحزب انخراطه بالحرب بمساعدة الحكومة على تدريب قوات الدفاع الشعبي، التي نقلت صحيفة بريطانية الاسبوع الماضي، عن احد قادتها ان الجيش سيدمج بعض وحداتها في الجيش النظامي. وينبع دور حزب الله انه يتعامل مع الحرب في سورية كحرب حياة او موت. فالاطاحة ببشار الاسد يعني اضعافا للحزب وهذا ما يفهم من كلام السيد حسن نصر الله الامين العام للحزب، الذي اكد انه لن يسمح بانهيار نظام دمشق، في اشارة الى ان حرب الاسد هي حرب حزب الله.
تحديات داخلية وخارجية
وتأتي المعركة على سورية في ظل تحديات داخلية وخارجية يواجهها الحزب، ففي لبنان يكثر الحديث عن إندلاع العنف الطائفي داخل لبنان ذي التركيبة الدينية والسكانية المعقدة. وفي الخارج تعاني حليفته وراعيته ايران من مشاكل اقتصادية ومن آثار العقوبات المفروضة عليها بسبب برنامجها النووي. وهناك تحد آخر ينبع من تفكير دول الاتحاد الاوروبي الانضمام الى امريكا وتصنيف حزب الله كجماعة إرهابية. وبعيدا عن هذه التحديات فالهجمات الأخيرة التي قالت اسرائيل انها استهدفت شحنات اسلحة كانت في طريقها او مخزنة في مخازن قرب دمشق تعتبر من اكبر التحديات التي تفرض على الحزب، ذلك ان اسرائيل تستفيد الان من الفوضى في سورية وتتصرف بطريقة من لا يخاف العقاب حيث تحاول مواجهة حزب الله فيها. وكما وضعت الغارات الاخيرة ‘محور الممانعة’، الرئيس الاسد، ايران وحزب الله، امام تحد للرد عليها او عدم الرد، فإن حسن نصر الله يجد نفسه امام معضلة سياسية اكبر، فهو وان استخدم الهجمات للتأكيد على انها جزء من المؤامرة الامريكية الاسرائيلية على سورية الا ان عدم رده عليها سيؤثر على مصداقيته. فاسرائيل عندما قامت بالغارات كانت تعرف انه لا النظام او حزب الله في مزاج من يريد فتح جبهة جديدة. على الرغم من تهديدات الاسد وقوله ان سورية قادرة على الرد على اسرائيل.
ونقلت صحيفة ‘نيويورك تايمز’ عن محمود حداد، الاستاذ في جامعة البلمند اللبنانية ان الحزب وقادته ‘يتحدثون ويتحدثون، لكنهم كما تقول في امريكا لا يسيرون المسيرة’ أي ينفذون. خسارة الحزب السياسية لا تعني انه يخسر عسكريا حتى لو استمرت اسرائيل في استهداف ما تقول انه قوافل شحن عسكرية، فمنذ حرب تموز (يوليو) 2006 استطاع الحزب تسليح نفسه واضافة اسلحة متقدمة لترسانته، حيث تزعم اسرائيل انه يملك 60 الف صاروخ وهي كافية لردع اي هجوم اسرائيلي على لبنان. ولكن تورط حزب الله واسرائيل وبشكل عميق في سورية قد يؤدي الى ارتكاب اخطاء تفضي الى مواجهة عسكرية. وفي الوقت الذي يمكن للحزب تجاوز اي ضربة عليه الا ان الثمن على لبنان سيكون باهظا، فبحسب عقيد متقاعد نقلت عنه الصحيفة قوله ‘ماذا سيهمني لو دمروا تل ابيب وخسروا بيروت؟’. ومع ذلك فالحزب قد يتعرض لضغوط من ابنائه للرد على اسرائيل لانهم لم يتدربوا كي يوجهوا بنادقهم على السوريين وعندما تضربهم اسرائيل على الخد الايمن يديرون لها الايسر.
من الوساطة الى التورط
وقد بدأت قصة الحزب مع سورية في بداية الثورة التوسط لايجاد حل سلمي لها، ومع تواصلها نفى اية علاقة عسكرية بها في الوقت الذي التزم فيه الصمت حول الممارسات الوحشية للنظام. ثم قللت قيادة الحزب من اهمية التقارير التي تحدثت عن دور لمقاتليه في الحرب، كل هذا على الرغم من الجنازات التي كانت تعقد للمقاتلين الذين قتلوا اثناء المواجهات في سورية، ومقتل قيادي كبير قرب حمص.
وفي الوقت الحالي اصبحت مشاركة حزب الله في الحرب علنية حيث يؤكد عليها وانه يقوم بالدفاع عن اللبنانيين في سورية، ولم يعد الحزب والحالة هذه، يتذرع بذريعة وجود مقاتلين افراد، فالجنازات التي كانت تعقد في السر اصبحت مناسبات علنية، وتحظى بتغطيات تلفازية. وبحسب عضو في ائتلاف حزب الله وهو الثامن من اذار زار دمشق الشهر الماضي مع وفد لبناني كبير حيث تحدث الرئيس الاسد في اللقاء عن القتال في محافظة حمص كأولوية من اجل حماية الطريق الذي يربط العاصمة بالساحل.
ثمن الدعم
وكل هذا يكلف حسن نصر الله وحزبه ثمنا سياسيا، فقد خسر الكثير من سمعته في العالم العربي بسبب موقفه هذا والان يواجه انتقادات من داخل لبنان لعدم قدرته على الدفاع عن البلاد وهو اكبر قوة عسكرية فيها. وتقول ‘نيويورك تايمز’ ان النجاحات التي يحققها الحزب على الساحة القتالية في سورية ادت الى ردود افعال طائفية، حيث اظهرت افلام فيديو على الانترنت سوريين وهم يحرقون اماكن العبادة الشيعية ويوجهون السباب لهم. وفي الوقت نفسه هدد الجيش الحر بنقل المعركة لداخل لبنان، حيث قام مقاتلوه بقصف مواقع في الهرمل مما ادى الى مقتل ولد ورجل. ولا تزال المعركة تدور في سورية وبمشاركة لبنانيين لكنها لم تنتقل الى لبنان على الرغم من المواجهات والحروب الكلامية فيها. ويعتقد مقرب من حزب الله ان المعركة في سورية هي بمثابة تحضير للمعركة القادمة والاكبر مع اسرائيل.
رد غير مباشر
وفي الحديث عن طبيعة الرد على الغارات يرى معلقون ان الحزب قد لا يفتح جبهة مباشرة مع اسرائيل ويقوم عوضا عن ذلك باستهداف المصالح الإسرائيلية في الخارج كعادته في اختيار الأهداف. ونقلت صحيفة ‘واشنطن بوست’ عن مسؤولين امريكيين وفي المنطقة قولهم ان حزب الله قد يُفعِل خلاياه في الخارج ويطلب منها ضرب مصالح اسرائيلية. وقال المسؤولون الذين امتنعوا عن ذكر اسمائهم، انهم واثقون من ان رد حزب الله لن يكون مباشرا لان الحزب لا يريد فتح مواجهة جبهة مع اسرائيل. وقالت الصحيفة ان حزب الله العدو الالد لاسرائيل لديه شبكة واسعة من الناشطين حول العالم ويتمتع بحماية ورعاية ايرانية، واتهم ناشطوه بتدبير هجمات في الخارج كان آخرها هجوم استهداف حافلة سياح اسرائيلية في بلدة برغاس البلغارية. وبحسب ماثيو ليفيت الخبير في حزب الله ‘ أتوقع حربا سرية، الهجوم على اهداف سهلة- سياح واستهداف مسؤولين اسرائيليين حاليين وسابقين’، مضيفا ان هذه الهجمات تحدث في الوقت الحالي وستحدث في المستقبل. هذا بالنسبة لحزب الله اما الاسد فيرى الخبراء ان خياراته اقل، مع انه قال ان بلاده قادرة على الرد، مؤكدا ان الهجمات الاسرائيلية ‘ تورط الاحتلال الإسرائيلي والدول الإقليمية والغربية الداعمة له في الأحداث الجارية بسورية’. واشارت ‘واشنطن بوست’ هنا الى التصريحات في الإعلام الرسمي او شبه الرسمي، الذي تحدث عن فتح الجبهات للمنظمات الفلسطينية المدعومة من دمشق، وما اوردته قناة ‘الإخبارية’ من الإعداد لهجمات صاروخية ويرى مسؤولون امريكيون ان الاسد المنهك جيشه لا يملك خيارات عملية للرد. ومن هنا فعدم رده سيكون اهانة له على الرغم من استفادته من الهجمات حيث ‘عكرت صورة الحرب’ حسب ديفيد شينكر، المستشار السابق للبنتاغون، من ناحية ربط اسرائيل بالمعسكرالمضاد للاسد. ويضيف شينكر ان الهجمات محرجة في الوقت نفسه لان ‘الدولة عاجزة عن فعل شيء’ للرد عليها. وفي حالة ايران التي زار وزير خارجيتها علي اكبر صالحي، دمشق فهي وان شجبت الهجمات وطالبت الامم المتحدة باجوبة، الا ان مسؤولين امريكيين يقولون ان طهران راغبة في تجنب اي مواجهة مباشرة في الوقت الذي تدير فيه مفاوضات حول ملفها النووي. وقد تقوم بالضغط على حليفها حزب الله بضبط النفس وعدم الرد، مفضلة الحفاظ على ترسانة الصواريخ التي يملكها الحزب كضمان للمستقبل، حالة تعرضها لهجمات اما من اسرائيل او امريكا. ونقلت عن كيلفورد كوبتشان، المسؤول السابق في الخارجية الامريكية، قوله ‘كانت ايران حذرة بعدم تعرضها للضرب من الولايات المتحدة، وتتعامل مع حزب الله كورقة مهمة في حالة قررت اسرائيل والولايات المتحدة استهداف منشآتها النووية’.
اضعاف سورية
وكتب شيموس ميلين في ‘الغارديان’ معلقا على الوضع السوري في ضوء الهجمات الاسرائيلية حيث قال ان الهجمات غير قانونية وجاءت بدون داع او استفزاز، حيث ادت الى مقتل اكثر من مئة شخص. وعلى الرغم من ذلك لقيت تأييدا من امريكا وبريطانيا. وتساءل عن كيفية رد هذه الدول ان كانت سورية او ايران هما المهاجمتان او حتى واحدة من الدول التي تقوم بدعم وتسليح المعارضة، حيث سنكتشف ان هذه المواقف لا علاقة لها بالقانون الدولي، المساواة او الحق قي الدفاع عن النفس. واشار الكاتب الى ان اسرائيل قامت بتوجيه الضربات عبر الاجواء اللبنانية لسورية، وقالت انها موجهة لقوافل او مخازن اسلحة ولا تهدف للتدخل في الحرب الاهلية السورية، اي ان المقصود منها هي حزب الله، وايران ولحماية اسرائيل من اي هجوم مستقبلي عليها من حزب الله. ولكن لم يكن هذا ما بدا على الارض وكيفية تعامل المقاتلين معه، حيث كانت صرخات ‘الله اكبر’ تطلق في الهواء ولم يكن المقاتلون يعرفون من قام بها. ويرى ميلين ان ضرب اسرائيل مواقع للجيش السوري فانها تتدخل مباشرة في الحرب الاهلية هناك. واضاف ميلين ان الغارات جاءت بعد اعلان حسن نصر الله الاسبوع الماضي عن دعمه للنظام السوري المدعوم من ايران وروسيا والصين. ومن هنا يرى الكاتب ان دور سورية كمنطقة تأثير ايرانية واسعة في المنطقة هو الذي يدفع بالحرب في سورية الى حرب اقليمية واسعة. فبعد ان راهنت اسرائيل على الخيارات السورية وما سيحدث بعد الاسد فانها بدأت تتعامل مع الخط الاسلامي والجهادي الذي يمكن ان يسيطر على سورية كخطر اقل من بقاء محور ‘سورية- ايران- حزب الله’ كما بدا في تصريحات المسؤول في وزارة الدفاع عاموس غيلاد. وقد تزامنت هذه التصريحات مع تصريحات المسؤولين الاسرائيليين حول امكانية اقامة منطقة عازلة داخل سورية. واعلان اوباما عن ‘خطه الاحمر’ الذي حذر سورية من تجاوزه فيما يتعلق باستخدام السلاح الكيماوي. ويشير الكاتب الى تصريحات كارلا ديل بونتي، المحققة الاممية حول امكانية استخدام اطراف في المعارضة السلاح الكيماوي هذا وكيف قللت الولايات المتحدة من اهميته. فمع ان التدخل الاجنبي يخدم المعارضة الا ان فكرة التدخل حاضرة في الازمة منذ بدايتها حيث يتلقى كل طرف دعما من جهات خارجية.
وقد زاد الدعم والنقل الجوي للسلاح للمعارضة وباشراف من سي اي ايه في الاشهر القليلة الماضية. ويتلقى المقاتلون التدريب من ضباط بريطانيين وامريكيين، فيما زادت الولايات المتحدة من قيمة المساعدات حيث وصلت الان الى 250، ورفع الاتحاد الاوروبي حظر تصدير النفط السوري من المناطق التي يسيطر عليها المقاتلون.
سيادة الرئيس سيرد بكل قوة الجيش العربي السوري وذلك في يوم القيامة
لا احد يمكن ان يتكهن بطبيعة الرد السوري الجديد لان البدائل كثيرة علما ان القيادة السورية ردت مسبقا عندما سحقت العصابات الاستعمارية مما افقد العدو الاسرائيلي صوابه و بعد ان رد في الماضي بدعم انتصار لبنان المقاوم عام 2000 و 2006 و مرغ راس اسرائيل في التراب و دعم نصر غزة 2009 و 2012 و المقاومة العراقية و قال لكولين باول لا عام 2003 . انها ردود كثيرة .