ثمة رسائل مهمة تضمنها بيان المرشح المحتمل السيد عبد الفتاح السيسي، ينبغي التوقف عندها بنظــرة موضوعية متأنية، بعيدا عن ضوضاء اصحاب ‘التفسيرات الاحادية’ على جانبي الجدل، من الذين يتركون اهواءهم او مصالحهم الضيقة تورطهم في خطاب لا علاقة له بالرأي او التحليل السياسي.
اولا من الناحية الشكلية:
القى السيد السيـــسي خطــابه مرتديا الزي العسكري من داخل وزارة الدفاع، رغم انه كان قد استقال بالفعل من المؤسسة العسكرية، ونقل التلفزيون الحكومي ‘بيانه الانتخابي الاول’ كاملا، بعد ان سبقته اعلانات عنه مصحوبة باغان وطنية ارتبطت في وجدان المصريين بتحولات وانتصارات تاريخية. وهذه بالطبع ميزات لم يحصل عليها اي مرشح محتمل اخر. ورغم مسارعة التلفزيون الحكومي الى اذاعة فيلم تسجيلي حول ما سماه بـ’التاريخ النضالي’ للمرشح المحتمل السيد حمدين صباحي، في اعقاب البيان، الا انه فشل في احداث اي قدر من التوازن.
وبالطبع فان اعتبارات لوجستية عديدة ربما ادت الى هذا السيناريو المتعجل، ومنها الاعتبارات الامنية، والحاجة الى انهاء حالة الغموض وربما القلق، الا ان هذا لا يمكن ان يبرر الاضرار السياسية التي سببها، رغم ما قوبل به البيان من ترحيب من مؤيديه، سواء بين القوى السياسية او الشعبية. ومن بين هذه الاضرار توجيه رسالة فحواها انه يخوض الانتخابات ‘باسم المؤسسة العسكرية’ او مندوبا عنها.
اما اسلوب القاء الخطاب الذي جاء بلهجة عامية بسيطة ومباشرة، جعلته يبدو وكأنه مرتجل، فانه في حقيقــــته كان مكتوبا وبعناية فائقة، بل كان مثقلا بالرسائل الى العديد من الاطراف في الداخل والخارج. ويحسب له انه خلا من ‘الكليشهات’ او الكلمات العنترية او المصطلحات الكبيرة التي اثبتت التجربة انها سرعان ما تكون وبالا على اصحابها.
ثانيا من ناحية المضمون:
وسط اجواء اعلامية محمومة جعلت من المصالحة، ليس فقط ‘كلمة نابية ومحظورة’، بل لانها قد تعرض صاحبها لاتهامات بالخيانة او العمالة، كانت رسالة السيسي واضحة عندما قال انه ‘يمد يده الى الجميع في الداخل والخارج’، وان ‘اي مصري ليس مدانا بالقانون يستطيع ان يكون شريكا في المستقبل بلا حدود’.
هذه رسالة مركبة تتوجه الى اطراف عديدة، اولها الغرب الذي يشترط للاعتراف بالعملية السياسية ان تكون شاملة تتفادى اقصاء اي طرف.
وهي دعوة مفتوحة الى جماعة الاخوان للعودة الى ‘القواعد القديمة للعبة’، فكونها ‘محظورة’ في عهد المخلوع مبارك، لم يمنعها من ان تكون القوة المعارضة الاقوى في البلاد لنحو ثلاثين عاما. وهي تتزامن مع مبادرة الاخوان التي قال القيادي الاخواني جمال حشمت انها ستطرح رسميا خلال شهر ابريل المقبل، و’تعود فيها الجماعة خطوة او خطوتين الى الوراء في العملية السياسية، وتتحالف مع كل القوى الوطنية لاستعادة العملية الديمقراطية’. وهذا كلام واضح يشير الى التخلي عن نتائج الانتخابات الرئاسية والتشريعية الاخيرة، رغبة في التراجع عن مسار اصبح جليا انه عقيم من الناحية السياسية.
ويعلم القارئ المتابع اننا توقعنا هذا التوجه قبل شهور، وقبل ان يؤكده قيادي اخواني اخر، قبل عدة اسابيع وفي هذا المكان.
اما الترجمة العملية لهذا الكلام فهي ان الجماعة تستعد، وان النظام يشجعها، على ان تخوض الانتخابات التشريعية المقبلة. وهذه لمن قرأوا الدستور المعدل بدلا من التسرع باطلاق الاحكام، لا تقل اهمية عن الانتخابات الرئاسية.
اما الرسالة الى الاقليم فلم تكن اقل اهمية، وهي مختلطة بطبيعتها. فكان بعضها تحذيرا شديد اللهجة الى من ‘يلعبون في مصر او يستهترون بها من نتائج وخيمة’، وكان بعضها اشبه بـ’غصن زيتون’ عندما شدد على ان اليد الممدودة لن تقف عند الاخوان غير المتورطين في الدم، بل ومن يدعمونهم.
اما اخطر الرسائل فهي ما ورد في تعهده بـ’محاربة الارهاب والقضاء عليه في مصر والاقليم ايضا’، وهذا يفتح باب التأويلات والتساؤلات في ما يعنيه حقا. هل سيبعث قوات ‘التدخل السريع’ المتخصصة في مواجهة الارهاب، الى دول خليجية؟ أم سيكون هناك وجود عسكري اكثر شمولا، خاصة بعد ان اعلنت داعش انها تستهدف دول الخليج في المرحلة المقبلة؟ أم ان الامر لا يتعدى مساندة معنوية لدول ساندت الاقتصاد المصري في وقت صعب؟ ام كل هذه الخيارات مجتمعة. ربما لا توجد اجابة محددة الان، الا ان المؤكد انه سيجد المساندة الشعبية الضرورية، إن قرر ذلك.
واخيرا فقد بدا خطابه الاقتصادي عاطفيا، عندما اشار الى ملايين المرضى والعاطلين، ولم يقدم رؤية واضحة للحل، الا انه عزف على وتر الكرامة المصرية الصحيح، عندما اكد انه يرفض الاستمرار في الاعتماد على المساعدات الخليجية. ولعل هذا يرد على الذين لا يملون من ‘معايرة المصريين’ بالحصول على ثلاثة عشر مليار دولار من دول خليجية، رغم ان اغلبها قروض وودائع ستعود الى اصحابها خلال فترة لا تزيد عن خمس سنوات، بينما يتجاهلون المليارات التي اهدرت بدفعها لبعض الجماعات السورية المعارضة، ولا يعلم احد مصيرها حتى اليوم، خاصة ان نصف الشعب السوري اصبح إما لاجئا او نازحا او جائعا، حسبما تقول الامم المتحدة.
لقد دارت عجلة السياسة مرة اخرى في مصر بعد ان اقتنع الجميع بعقم الحلول الامنية. فلا تستغربوا ما قد تحمله الايام والاسابيع المقبلة من مفاجآت.
كاتب مصري من اسرة ‘القدس العربي’
( اما الترجمة العملية لهذا الكلام ، ان الجماعة تستعد وان النظام يشجعهاعلى ان تخوض الانتخابات التشريعية المقبلة)
الرجاء، بعض الاحترام لعقول القراء…..
وكيف يسمح الانقلابيون لجماعة يدَعون انها إرهابية ويحاكمون كل من ينتمى اليها ويعاقبونهم بالإعدام ،ان يخوضوا الانتخابات ، كيف يسمحون لارهابيين بخوض انتخابات!!!!!
فان هم سمحوا لجماعة الاخوان بخوض الانتخابات، فهذا يعنى ان هذة الجماعة ليست إرهابية كما إدعوا وان القضاء الذى اتهمها بالارهاب إما فاسد حتى النخاع وإما مُسيس وإما الاثنين معا ، والأمر نفسة بالنسبة للإعلام والشرطة والجيش …..
بمعنى اننا امام انقلاب عسكرى دموى فاشى يتهم كل من يعارضة بالإرهاب……… والكباب
ولاتنسوا أسياخ اللواء العم كفتة
و سأزيد علي ما كتبت: الجماعه استعدت و شاركت و فازت بالفعل في ستة إستحقاقات انتخابيه تم سحقها بالبياده، فما الذي يضمن ألا ينقلب الجيش علي نتائج الانتخابات عندما لا تروقه النتائج مثلما انقلب من قبل؟؟
مقال جميل لكنه كصوت عاقل في البرية. بالفعل توجد رغبة عند الاخوان والنظام في التسوية لكن المسترزقين في الاعلام من استمرار هذه الفوضي لن يسمحوا لهم بهذا. شكرًا للقدس.
” هل سيبعث قوات ‘التدخل السريع′ المتخصصة في مواجهة الارهاب، الى دول خليجية؟ ”
هذا يعني تكرار نفس اللعبه القديمه التي يمارسها كل دكتاتور لتوطيد أركان حكمه. لعبة الانغماس في معارك خارجيه ولا صوت يعلو علي صوت المعركه لاخراس الألسنه المعارضه في الداخل. نفس لعبة الدكتاتور جمال عبد الناصر و الدكتاتور صدام حسين: انهكوا شباب شعوبهم في مغامرات عسكريه في حين احكموا قبضتهم علي السلطه.