رسائل تصعيد نارية بين غزة وتل أبيب.. نتنياهو يلوح بالاغتيال وحماس ترد: القصف بالقصف وقطر تدخل على خط الوساطة لاحتواء التصعيد

حجم الخط
0

غزة – “القدس العربي”: بما يشير إلى عدم تلقي الوفد الأمني المصري الذي يتوسط في إعادة الهدوء إلى قطاع غزة، أي ردود من الجانب الإسرائيلي على مطالب حركة حماس، لإنهاء الحصار والإجراءات الأخيرة المتخذة ضد القطاع، شهدت الساعات الـ 24 الماضية توترا ميدانيا كبيرا، هدد فيه قادة من دولة الاحتلال بتوجيه ضربة عسكرية لغزة تشمل الاغتيالات، فيما هددت حماس بأنها سترد بالمثل، فيما أعلن السفير القطري محمد العمادي أن بلاده تبذل جهودا كبيرة لاحتواء التوتر، وذلك بعد تعالي التحذيرات من دخول القطاع في “كارثة” تطال جميع قطاعات الخدمات الأساسية، بسبب نقص الكهرباء.
ومع استمرار مماطلة إسرائيل في تطبيق بنود التهدئة، ولجوئها للتهديدات العسكرية، أطلقت من قطاع غزة ليل الثلاثاء قذيفة صاروخية، تجاه إحدى بلدات “غلاف غزة”، وذلك بعد وقت وجيز من تهديد رئيس وزراء الاحتلال وعدد من مسؤولي حكومة تل أبيب، بشن عملية عسكرية، حال لم تتوقف عملية التصعيد، كما هدد بعودة الاغتيالات.
وكان نتنياهو توعد خلال حديثه لرؤساء مستوطنات “غلاف غزة”، بأنه يستعد لجولة قتالية حال الحاجة، وقال: “حماس سترتكب خطأً كبيرا إذا واصلت بهذه الطريقة”، مشيرا أيضا إلى أن خيار عودة الاغتيالات مطروح على الطاولة، وقال إن حكومته اتبعت سياسة جديدة تقضي بأنه لا فرق بين إطلاق قذيفة صاروخية أو إضرام النار من ناحية الرد الإسرائيلي.
كما توعد وزير الاستخبارات الإسرائيلي إيلي كوهين بالعودة لسياسة الاغتيالات، في ظل استمرار إطلاق “البالونات الحارقة”، وقال معقبا على سخونة الأوضاع: “لقد أنهيت سياسة ضبط النفس، وكل من تلطخت أيديهم بالدماء تحولوا إلى هدف مشروع”، وقد جاء ذلك بعدما هدد وزير الجيش في دولة الاحتلال بيني غانتس حماس من “اللعب بالنار” وقال إن تلك النار “سترتد عليها”.

وفي ساعة متأخرة من ليل الثلاثاء، شنت طائرات الاحتلال الحربية سلسلة غارات على موقع يتبع للمقاومة الفلسطينية في حي الزيتون شرق مدينة غزة، حيث هزت أصوات الانفجارات الكبيرة أجواء المدينة بأكملها، وخلفت الغارات خسائر مادية كبيرة، طالت واجهات المنازل القريبة من المناطق المستهدفة، دون أن تسفر عن وقوع إصابات.
وقال متحدث باسم جيش الاحتلال إنه جرى قصف أهداف لحماس في قطاع غزة، بزعم إطلاق القذيفة الصاروخية، واستمرار إطلاق “البالونات الحارقة”، وإن القصف استهدف موقعا عسكريا لأحد التشكيلات الخاصة في الجناح المسلح لحماس، ومخزنا للوسائل القتالية الصاروخية.
وفي غزة، رد الدكتور خليل الحية عضو المكتب السياسي لحركة حماس بالتأكيد على أن حركته لا تخشى التهديدات الإسرائيلية، وقال: “أيادينا على الزناد، والقصف سيواجه بالقصف، والصواريخ ستواجه بالصواريخ”.
وفهم من لغة التصعيد المتبادلة، أن الوفد الأمني المصري، الذي يتوسط في إعادة الهدوء إلى قطاع غزة، والذي زار القطاع الإثنين الماضي، ومكث لست ساعات، التقى فيها قيادة حركة حماس بقيادة رئيس الحركة في القطاع يحيى السنوار، لم يتوصل إلى حلول لإنهاء التوتر.
ومع تصاعد التوتر، الذي ينذر بوقوع تصعيد عسكري كبير، أعلن السفير محمد العمادي رئيس اللجنة القطرية لإعمار قطاع غزة، أن دولة قطر تبذل جهودا مكثفة لاحتواء التصعيد المتدحرج في قطاع غزة، بالتوازي مع الجهود القطرية المتواصلة لتخفيف الأزمة الإنسانية التي يعيشها سكان القطاع.
وكشف عن “اتصالات قطرية مكثفة” بُذلت خلال الساعات الماضية وما زالت متواصلة على أعلى المستويات ومع كافة الأطراف لاحتواء التصعيد وتجنيب سكان القطاع المزيد من الأزمات، مشددا على أن دولة قطر “كانت وما زالت داعمة للشعب الفلسطيني الشقيق على كل الأصعدة، وستواصل هذا الدعم من أجل تخفيف معاناة الفلسطينيين”.

وحث السفير العمادي المجتمع الدولي والأمم المتحدة وكافة الجهات الدولية ذات العلاقة على الوفاء بالتزاماتها وتعهداتها تجاه توفير الدعم اللازم لسكان قطاع غزة لتخفيف المعاناة والأزمات الإنسانية وتحسين حياة الناس تماما مثلما التزمت قطر بتعهداتها.
هذا وكان نشطاء المقاومة الشعبية كثفوا من ردهم على عدم تلقي ردود تفيد بموافقة إسرائيل على مطالب غزة، لإنهاء حصارها وفتح المجال أمام مشاريع كبيرة تنفذ فيها، وكذلك إنهاء إجراءات تشديد الحصار الأخيرة التي فرضتها سلطات الاحتلال، من خلال إطلاق رشقات كبيرة من “البالونات الحارقة” التي أحدثت حرائق كبيرة في محيط المستوطنات القريبة من حدود قطاع غزة.
وأسفر إطلاق تلك البالونات، من عدة مناطق قريبة من الحدود، والموصولة بمواد مشتعلة، عن اشتعال النيران في الأحراش الإسرائيلية التي يكثر فيها الهشيم، ما أدى إلى اندلاع نحو 40 حريقا جديدا، حتى ساعات المساء من يوم الثلاثاء، علاوة عن حرائق أخرى اندلعت الأربعاء، وهددت المجموعات الشبابية الناشطة في مجال إطلاق “البالونات الحارقة”، وتلك التي تنشط في فعاليات “الإرباك الليلي” قرب الحدود بتصعيد أنشطتها، بشكل أكبر في قادم الأيام، في حال لم تستجب سلطات الاحتلال لمطالب إنهاء الحصار.
جدير ذكره أن الوفد المصري ناقش خلال وجوده في غزة بشكل مستفيض سبل استعادة الهدوء مجددا، لمنع تدحرج الأمور تجاه مواجهة أو تصعيد عسكري، وذلك قبل أن يغادر قطاع غزة ليل الإثنين من معبر “إيرز” حاملا مطالب الحركة إلى الجانب الإسرائيلي، وكان من المتوقع أن يعود الوفد مساء الثلاثاء إلى القطاع، حاملا الردود الإسرائيلية على مطالب حماس، التي طالبت بتنفيذ المشاريع الكبيرة التي كان قد وضع لها جداول زمنية لتنفيذها، والتي تخص قطاعات الكهرباء والمياه والبنى التحتية، وتشغيل العاطلين عن العمل من خلال مؤسسات الأمم المتحدة، والتي كان من المفترض أن ينجز بعضها قبل عدة أشهر، غير أن الاحتلال تلكأ كالعادة في التنفيذ.

وفي هذه الأثناء، تزداد مأساة سكان قطاع غزة بشكل ينذر بوقوع “كارثة صحية وبيئية” بعد توقف محطة توليد الكهرباء عن العمل، بعد نفاد كميات الوقود المخزنة لتشغيلها، وذلك بسبب إغلاق سلطات الاحتلال المعبر التجاري الذي تمر منه البضائع لسكان قطاع غزة المحاصرين.
وفي هذا السياق، حذرت اللجنة الدولية للصليب الأحمر من استمرار إغلاق محطة توليد الكهرباء في قطاع غزة، وقالت إنه سيؤدي إلى تقليص ساعات وصل الكهرباء إلى 2-3 ساعات، بعد أن كانت ثماني ساعات في اليوم، وأوضحت اللجنة بأن تقليص ساعات وصل الكهرباء سيعرض نظام الرعاية الصحية للخطر، فضلاً عن تعطيل إمدادات المياه وإلحاق الضرر بالمشاريع الاقتصادية التي تعاني بالفعل بسبب جائحة “كورونا”.
كذلك تواصلت التحذيرات التي أطلقتها مؤسسات حقوقية، بسبب توقف محطة الكهرباء، وقال مركز الميزان لحقوق الإنسان، إن الأوضاع الإنسانية في قطاع غزة تشهد تدهورا خطيراً في أعقاب تنفيذ سلطات الاحتلال الإسرائيلي سلسلة من الإجراءات العقابية ضد مليوني فاسطيني في قطاع غزة، وأكد المركز أن هذه القرارات العقابية لها أثر خطير على حياة السكان، وتنذر بوقوع “كارثة حقيقية” في حال استمرت سلطات الاحتلال في إجراءاتها، وطالب المجتمع الدولي بالتدخل الفوري والعاجل لإنهائها.
وأكد أن أزمة النقص الحاد في الطاقة الكهربائية سيكون لها أثر سلبي بالغ على حياة السكان وسيؤثر على التمتع بحقوقهم الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وسيفاقم من تدهور الخدمات الصحية في قطاع غزة، لافتا إلى تحذيرات وزارة الصحة من أن النقص في الطاقة الكهربائية سيكون له تداعيات خطيرة على حياة الأطفال الخدج في الحضّانات، والمرضى الموجودين في أقسام العناية المركزة والفشل الكلوي، ووقف العمليات الجراحية، والولادة القيصرية، كما ستتأثر مقومات الصحة نتيجة النقص في مياه الشرب، وزيادة معدلات التلوث.

وكان الناطق باسم حركة حماس فوزي برهوم، قال إن استمرار حصار قطاع غزة، وتفاقم أزمة الكهرباء، وشل وتعطيل الحياة اليومية للناس، يمثل “جريمة بحق الإنسانية” وأكد أنه “لا يمكن السماح باستمرار هذه الجريمة أو السكوت عنها، محملا الاحتلال الإسرائيلي المسؤولية الكاملة عن نتائجها وتداعياتها”، وقال: “سنعمل جميعا على خوض معركتنا مع العدو وبكل قوة والوسائل والأدوات كافة لكسر الحصار وإنهائه”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية