دمشق ـ «القدس العربي» : أعلن نائب رئيس مركز المصالحة الروسي، أن مناورات روسية – سورية حول العمل المشترك للطيران والدفاع الجوي بدأ أمس الأربعاء في سوريا. وقال الأدميرال أوليج جورينوف إن تدريبات عسكرية مشتركة للقوات الجوية وقوات الدفاع الجوي الروسية ونظيرتها في النظام السوري بدأت، و»من المقرر في إطار التدريب التطرق إلى مسائل العمل المشترك للطيران والدفاع الجوي وقوات الحرب الإلكترونية رداً على الضربات الجوية» بحسب وكالة «تاس» الروسية. وأشار إلى تسجيل 9 انتهاكات لسلامة الطيران في الأجواء فوق مناطق شمال سوريا من قبل طائرات دون طيار تابعة للتحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة في شمالي سوريا يوم الاثنين الماضي.
وقال نائب رئيس مركز «المصالحة» الروسي، إن التدريبات تأتي بعد «اعتداءات متكررة على منطقة خفض التصعيد في إدلب» حيث سجل مركز المصالحة الروسي ثلاث عمليات قصف واستهداف لمواقع قوات النظام في حلب واللاذقية شمال وشمال غربي سوريا.
وشدد على أن «الزيادة في عدد الرحلات غير الخاضعة للصراع تضيف إلى تصعيد التوتر ولا تعزز بأي حال من الأحوال التعاون البناء المتبادل. ونكرر أن الجانب الروسي لا يتحمل أي مسؤولية عن سلامة الرحلات الجوية غير المنسقة للطائرات دون طيار».
وذكرت وكالة «ريا نوفوستي» الروسية، أن التدريبات العسكرية الروسية- السورية المشتركة ستبدأ اليوم الأربعاء وستستمر ستة أيام.
وذكرت تقارير عسكرية لقوات النظام أن التدريبات المشتركة يشارك فيها سلاح الجو السوري والروسي وقوات الدفاع الجوي والحرب الإلكترونية للجانبين، مشيرة إلى أن مقاتلات «ميغ 29» التابعة للقوات الجوية السورية ستكون نشطة خلال التدريبات. وتزامنت هذه تدريبات مع مناورات مماثلة أعلنت عنها واشنطن، الثلاثاء، بالاشتراك مع قوات سوريا الديمقراطية «قسد» المدعومة من قبلها شمال شرقي سوريا.
وذلك بموازاة تدريبات عسكرية أمريكية أخرى بالاشتراك مع «جيش سوريا الحرة» المدعوم من قبل واشنطن، في منطقة 55 كم شرقي محافظة حمص، على الحدود العراقية – الأردنية – السورية جنوباً.
رسالة روسية بعد «انتكاسة»
المحلل العسكري العميد مصطفى الفرحات اعتبر في حديث مع «القدس العربي» أن المناورات العسكرية الروسية المشتركة مع قوات النظام السوري محاولة لإظهار مدى نفوذها العسكري في سوريا، وتوجيه رسالة مفادها أن موسكو متواجدة في أكثر من مكان في العالم، وما شهدته روسيا بسبب محاولة الانقلاب العسكري والتمرد المسلح التي قادها زعيم مرتزقة فاغنر يفغيني بريغوجين، لا يؤثر على أداء المؤسسة العسكرية الروسية.
وأضاف: إن التدريبات أو المشاريع العسكرية، عادة ما تكون مخططة لدى الجيوش بشكل عام، كما أن هناك مشاريع تفرضها الظروف الاستثنائية» معتبراً أن «الجانب الروسي ينفذ هذا المشروع لصالحه إذ أنه تزامن مع الانتكاسة التي أصيبت بها روسيا مؤخراً والتي أصابت سمعة المؤسسة العسكرية والقيادة الروسية، التي كانت تسوق لنفسها على أنها ثاني قوة في العالم من الناحية العسكرية وأنها لاعب على المستوى الدولي ناهيك عن العرقلة التي أصيب بها الجيش الروسي في أوكرانيا».
وقال: تحاول روسيا اليوم، أن تصدّر للعالم رسالة مفادها أنها متواجدة في أكثر من مكان في العالم، وأن ما جرى لا يؤثر على سمعة أو أداء المؤسسة العسكرية أو القيادة السياسية في روسيا، فهي لا تزال موجودة وتنفذ مشاريع بالخارج.
وقال الفرحات: لدينا في الشمال السوري مطار كويرس ومطار النيرب بالإضافة إلى قاعدة حميميم التي يشغلها الطيران الروسي، ويمكن لسلاح الجو الروسي، أن ينفذ طلعات تدريبة من خلال الاشتراك بأنواع وصنوف القوات المسلحة لتنفيذ مثل هذه المشاريع المشتركة، تشترك فيها قوات برية وطيران مدفعية وصواريخ وممكن أن تنقط أهدافاً وهمية لتنفيذ العمل. وتأتي أهمية المشروع بالتزامن مع رغبة الولايات المتحدة في «الحد من حركة الميليشيات الإيرانية التي تستبيح الحدود من إيران الى العراق ولبنان وسوريا وكافة المنطقة رغم الحدود المعترف بها دوليا والتي كسرت بسبب المد الإيراني من قم في إيران إلى الضاحية الجنوبية في لبنان».
ووفقاً للعميد الركن المنشق عن قوات النظام السوري فإن «الساحة السورية هي دائماً ساحة لتصفية الحسابات الإقليمية والدولية، ولا يمكن أن ننسى إسرائيل حيث يوجد اليوم حكومة متطرفة ترتكب مجازر بحق الشعب الفلسطيني وتريد أن تحد من التواجد الإيراني أيضاً، والذي أصبح يشكل هاجساً بالنسبة للقيادة اليمينية الإسرائيلية المتطرفة».
مشهد معقد جداً
وبطبيعة الحال، فالمشهد معقد جداً، وتريد روسيا توجيه رسالة إلى الجانب الإيراني وفق رؤية المتحدث نظراً لتفرده في الساحة السورية، مفادها أنه «لولا حضور القوات الجوية الروسية لكان ليس سهلاً على إيران أن تمتد بهذه الطريقة ولولا غطاء الجو الروسي وتمهيده خلال المعارك وعمليات التقدم، لمنيت الميليشيات الإيرانية وقوات النظام بكثير من الخسائر وبشكل خاص عندما ابتلعت قوات النظام مدعومة من روسيا وإيران مناطق جنوب إدلب من خان شيخون وصولاً إلى مدينة سراقب». واعتبر المتحدث أن هذه المشاريع التدريبة العسكرية، أريد توظيفها سياسياً، نظرا لتزامنها مع أحداث هامة جداً لا يمكن إغفالها.
مناورات أمريكية
ويوم الثلاثاء، أعلنت قوة المهام المشتركة الأمريكية في سوريا، عن مناورات عسكرية مشتركة مع قوات سوريا الديمقراطية «قسد» في شمال شرقي سوريا، وأخرى مع قوات المعارضة عند المثلث الحدودي مع العراق والأردن جنوب سوريا. وقالت في بيان إن «قوات التحالف ستجري تدريبات جوية في مناطق الحسكة ودير الزور، أو بالقرب منها في سوريا، للتحقق من أنظمة الأسلحة والحفاظ على كفاءة الطاقم واستعداده».
وفي السياق، استقدمت قوات «التحالف الدولي» أمس، تعزيزات عسكرية ولوجستية إلى مناطق سيطرة «قسد» حيث اتجهت القافلة نحو قاعدة حقل كونيكو للغاز في ريف دير الزور الشمالي، مؤلفة من آليات عسكرية محملة بالعتاد والعناصر، بالإضافة إلى 12 سيارة من نوع «لورد» لتعزيز قاعدتها تحسباً لأي هجوم محتمل.
وتستمر قوات التحالف الدولي في تعزيز مواقعها في مناطق سيطرة قوات سوريا الديمقراطية، في إطار مواصلة تقديم الدعم العسكري إلى حليفتها في شمال شرق سوريا.
وأضافت أن هذه التدريبات تضمن استمرار قدرة التحالف على دعم «القوات الشريكة» وحماية أعضاء التحالف، مشيرة إلى أنه سيتم «اتخاذ تخطيط شامل وتدابير سلامة مناسبة، قبل وأثناء التدريبات على إطلاق النار الحي من أجل حماية التحالف والسكان المحليين».
وأكدت أنها «مستمرة في تقدم المشورة مساعدة وتمكين القوات الشريكة من تأمين هزيمة دائمة لداعش وتمكين إنشاء أطر تعاون أمني دائمة» في إشارة لقوات «قسد».
كما أعلن تشكيل «جيش سوريا الحرة» الثلاثاء، عن إجراء مناورات عسكرية مع قوات التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة، في قاعدة التنف السورية جنوبي البلاد. وأكد الجيش في بيان رسمي نشره على معرفاته، إجراء مناورات مشتركة مع التحالف الدولي ضد تنظيم داعش، على طول منطقة الـ 55 كم.
وتتضمن المناورات التي تستمر عدة أيام «تدريبات استطلاعية ودفاعية بالذخيرة الحية، وشملت سيناريوهات التدريب على تعقب، وإزالة تهديدات داعش لمنعها من تهديد سكان منطقة الـ 55 كم». منظومة «هايمرز» الصاروخية الأمريكية، عقب تعرض مقرات الجيش المدعوم من واشنطن لقصف روسي، في ذلك الوقت.