رسالة «شعرية» من مريم مشتاوي… وداعية أساء إلى الدين الإسلامي قبل المرأة!

حجم الخط
35

رسالة استثنائية تفيض شعراً وحزناً وشجاعة في وجه أقدار أليمة تلقيتها من روائية وشاعرة هي الشابة السورية/اللبنانية مريم مشتاوي، وكان تاريخ الرسالة 22 أيلول/سبتمبر 2019.
ولكنني لم أنشرها في عمودي الأسبوعي على الرغم من جمالها الفني الأدبي؛ لتأثري بجرح قلب مريم لرحيل طفلها، وقررت أن من حقها أن تبوح بذلك بنفسها.. وها هي تفعل.

مريم مشتاوي وقدر أليم

اليوم، وقد نشرت مريم رسالتها لي في عمودها الأسبوعي، صار بوسعي أن أتحدث عنها، وبالذات عما دعاني لعدم نشرها، وهو قولها: «إنه ابني الصغير الذي نهش السرطان جسده وتركه لي جثة هامدة على صدري»، وكأم.. لا أعرف ما هو أكثر إيلاماً في الحياة من فقد الأم لطفلها.

انتصار مريم على طعنة القدر

على الرغم من طعنة القدر، استطاعت مريم الوقوف على قدميها لتردد معي «صباح الخير أيها الفرح»، كما جاء في رسالتها.
وها هي تزدهر عطاء في روايتها «جسور الحب» ـ دار المؤلف ـ لندن، وتستحق قراءة نقدية متأنية.
لمريم مجموعات شعرية ربما كان عليها أن تضم إليها رسالتها لي التي تسيل شعراً، ولن أخفي ارتياحي لقول مريم فيها لي:
«هل تحسين كم غيمة زرقاء هبطت فوق كتفي وأنت تُنْهضينني من رمادي بعد كل انتكاسة لأردد معك: صباح الخير أيها الفرح».
أتمنى أن تجد الشابات كمريم، في أبجديتي، ما يحرضهن على مواجهة قسوة الأقدار بترداد عبارتي «صباح الخير أيها الفرح»، لعلها من كتابي «أعلنت عليك الحب».

مريم تتابع مسيرتها بنجاح

على الغلاف الأخير لروايتها الجديدة نشاهد صورة مريم مبتسمة كأنها لم تنزف جرح قلبها، ونقرأ في بعض تعريف الغلاف بها: «صدر لها عدد من المجاميع الشعرية آخرها «حين تبكي مريم»، كما صدر لها عدد من الروايات منها «عشق» و«ياقوت» و«تيريزا أكاديا». أسست صالوناً ثقافياً في لندن تستقطب إليه نخبة من الأدباء والشعراء والمثقفين العرب والأجانب.
ويا عزيزتي مريم، أبجديتي سعيدة لأنها كما جاء في رسالتك لي: «هل تعرفين كم غيمة زرقاء هبطت فوق كتفي وأنت تنهضينني من رمادي بعد كل انتكاسة». وختاماً، أتمنى أن يكون في أبجديتي ما يحرض إرادة مقاومة مآسي الحياة لنتابع المسيرة.. رغم الفخاخ اليومية والطعنات القدرية.

اللحى الكثة والعقول الرثة!

حين قرأت الخبر عن ذلك الداعية الباكستاني الذي اتهم النساء بالتسبب في «وباء كورونا» كدت لا أصدقه لو لم ينشر في منبر له مصداقيته.. وهكذا (بنظره) كورونا فيروس هو عدم التزام النساء بالحشمة لأنهن «يرقصن ويقصرن ثيابهن»!.. حين يقرأ طبيب غربي ترجمة لهذا الكلام بلغته سيتوهم أن الدين الإسلامي الحنيف لا يتناسب مع فهم مصائب العصر، والفيروسات التي تسبب الأمراض.. فذلك الداعية يجد الحل في حشمة الحريم وتوقفهن عن الرقص وليس في الذهاب إلى المختبرات والجامعات لاكتشاف لقاح ضد هذا الوباء أو علاج للمصابين به. هذا الداعية لا يمثل عقل الإسلام الحنيف، والعمامة لا تصنع داعية إسلامياً «لذوي اللحى الكثة والعقول الرثة»، كما وصفهم فيلسوف مصري.

تعاني المرأة من كورونا كالرجل

كم تمنيت أن يتحدث ذلك الداعية الإسلامي منتقداً العنف المنزلي ضد النساء التي تزايدت خلال فترات الحجر الصحي في العالم العربي والغربي أيضاً. ففي أستراليا مثلاً خصصت الدولة 61 مليون دولار لمكافحة العنف المنزلي وضد مرتكبيه.. أما في بلادنا العربية فقد تضاعف العنف المنزلي خمس مرات في أحد الأقطار، ناهيك عن أقطار لم تتحدث عن ذلك بالأرقام وبالشفافية الإعلامية ذاتها.
وليت ذلك الداعية الباكستاني الإسلامي تذكر معاناة المرأة كالرجل بسبب وباء كورونا بدلاً من اتهامها بأنها كورونا!!

زفاف أم جنازة مؤجلة؟

ذلك «الداعية» الباكستاني لماذا لم يجد غير النساء سبباً للوباء ولم يخطر بباله ضرورة اتباع نصائح الأطباء حول الحجر الصحي، أي عدم التجمع حتى لعرس؟
وها هو عرس في قطر عربي يتسبب في نحو 90 إصابة بكورونا، وبدلاً من أن يشجب ذلك الداعية خرق قواعد السلامة العامة لم ير إلا الثياب القصيرة للنساء! ولم يخطر بباله شجب الأعراس والمباريات الرياضية وكل تجمع يستطيع فيه شخص واحد نقل العدوى إلى كل من لامسه أو صافحه أو قبله «قبلة الموت».. هذا الانفصام بين بعض رجال الدين والعلم لا صلة له بروح الإسلام الحنيف، بل يسيء إلى المسلمين جميعاً لا المرأة وحدها.

أرجوكم، حررونا من مناخ المستشفيات!

تهرب من الحجر المنزلي إلى التلفزيون متطلعاً إلى فيلم فكاهي ينسيك قليلاً السيد الموت الذي يتربص بالجميع، واسمه هذه الأيام كورونا. ولكن شاشات التلفزيون صارت مولعة بإتحافنا بمسلسلات تدور أحداثها في المستشفيات، وبطلها الطبيب (الوسيم) طبعاً.
من حق المخرج اختيار ذلك الموضوع ديكوراً للتوفير في نفقات الإنتاج.. فالمسلسلات المتلفزة التي بطلها طبيب وتدور في المستشفى لا تكلف المنتج مالاً للإنفاق على الديكور والملابس.
وها هو التلفزيون الفرنسي مثلاً يطلع علينا في قناته الأولى الناجحة بمسلسل (طبي) جديد اسمه «المقيم»؛ أي الطبيب المناوب الذي يقيم هذه المرة في المستشفى! وأهرب من تلك المذبحة النفسية إلى أي برنامج خفيف الظل أو تلك التي تصور مخلوقات الله الجميلة-الحيوانات، وجماليات الطبيعة، والأفلام الضاحكة، وغير ذلك مما لا مرض فيها ولا مستشفيات.. وأظننا هذه الأيام في حاجةإلى إجازة من مسلسلات المرض والمستشفيات! ويقاطعها الكثيرون مثلي.
الحجر المنزلي؟ إننا ببساطة نختنق ويزيد في ذلك الشعور كلام داعية إسلامي يتهم المرأة بأنها فيروس كورونا!
ونكتشف فضائل الصمت!

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول الكروي داود النرويج:

    الحمد لله
    لقد أديت اليوم صلاة الجمعة لأول مرة منذ شهرين! كان بين كل شخص وشخص آخر بالصلاة متر واحد, ولم نتصافح!! ولا حول ولا قوة الا بالله

  2. يقول الكروي داود النرويج:

    قرأت خبراً مكرراً عن أن موتى كورونا أغلبهم من الذكور! فقد إكتشف العلماء أن في جسد الأنثى إكزيم مقاوم للفيروس!! ولا حول ولا قوة الا بالله

  3. يقول الكروي داود النرويج:

    بالنسبة لي فإن المرأة مخلوق آخر لم أفهمه لغاية الآن!
    فهي تختلف عنا نحن الرجال ليس بالجسد فقط, بل بالأفكار والأحاسيس والرغبات والعاطفة وووو!! لهذا التكامل بين الزوجين الذكر والأنثى!! ولا حول ولا قوة الا بالله

  4. يقول الكروي داود النرويج:

    في البيت: الكلمة الأخيرة لي!
    فلو كانت هناك مشورة في شيئ ما, أستمع لآراء الجميع ثم أُقرر!! أغلب قراراتي لا تأخذ برأيي!!!
    والسؤال: هل أنا دكتاتور؟ أليس للسيارة قائد واحد مهما كان عدد الركاب؟ ولا حول ولا قوة الا بالله

    1. يقول أسامة كليّة سوريا/ألمانيا Ossama Kulliah:

      أخي الكروي, لاأعرف كم مرة تنازلت أنا عن رأيي لزوجتي أو ابنتي ذات السبع سنوات. لأن الرأي الصائب أو الأفضل لايفرق بيننا, هل هذا هو العدل؟

  5. يقول نجم الدراجي - العراق:

    طالعت مقال الاستاذة مريم مشتاوي حينما نشر في صحيفة القدس العربي .. ما كتبته السيدة مريم كان صادقاً ومعبراً ، وقد عبرت رسالتها بالنيابة عن مشاعر الالاف من قراء أدب الاستاذة غادة السمان ، صدقت رسالتها الحزينة ..
    منذ أول صباحات حياتنا قرأنا عباراتها وتعارفنا مع كلمات وأفكار الانسانة الساحرة والمتمردة .
    ربما لم نطالع صباح الحب ايها الفرح الا مع الايقونة غادة السمان .
    حالة الحزن التي رافقت السيدة مريم مشتاوي دعتها لمرفأ السمان لتبوح له بسر حزنها العميق .
    ومابين المقالين سيل من العواطف والمشاعر الانسانية .
    أمنياتي للاستاذة مريم مشتاوي واشكرها على هذا الجسر الادبي ، والامتنان لسيدة الابجدية غادة السمان لتفاعلها الانساني المتواصل .
    تحياتي
    نجم الدراجي – بغداد

  6. يقول ابن كنعان:

    كم انت رائعة يا مريم حين تنساب منك الكلمات كبلسم تشتفي به النفوس الظمئة للفرح وكانها نغمات جميلة تكسر حاجز الصمت الحزين الذي خلفته بنات الدهر

  7. يقول الكروي داود النرويج:

    الآن عرفت معاناة الأديبة مع السرطان الذي نهش جسد ابنها! تعازينا الحارة لها , وأتمنى أن يكون شفيعها بالآخرة
    والآن فهمت علاقة مقالها عن: (تضامن فريق الوحدات الأردني مع مريض سرطان وهستيريا الكورونا!)!! ولا حول ولا قوة الا بالله

  8. يقول عمرو - سلطنة عمان:

    لماذا يخونني الفرح
    وأنا الذي يستيقظ في كل صباح
    صارخا صباح الخير أيها الفرح
    فتفتح نوافذ الحزن أمامي
    وتذبل كل الورود التي سقيتها ماء أيامي
    وحين قررت أن أتحداه وأفرح..
    ضحكت باعلى صوتي لكني سمعت بكائي…
    صوت رضيع يصرخ رافضا مغادرة رحم أمه
    لانه يعلم أنه سيفقد الأمان إلى الأبد

    1. يقول أسامة كليّة سوريا/ألمانيا Ossama Kulliah:

      كم أنت رائع ياأخي عمرو. أنا لا أستطيع قراءة القصص وعندما يقدم لي إنسان مقطعاً من قصة أعرف أني لن أحصل عليه بنفسي, أشعر كأنه هدية ثمينة!

  9. يقول مريم بوزيد:

    تحية الكاتبة العملاقة غادة السكان…قدر مريم أخرى تربت أدبيا وفنيا بكتاباتك…وهاهي كأنها في حلم تكتب في فضاء واحد معك …بالقدس كأنها تسألك هل تحسين نبض كلماتك فيما تكتب ومقدار التماهي باعلانك الحب حتى نخاع فسيفساء دمشقية..

  10. يقول مزمل الباقر:

    للأسف هنالك الكثيرين من أمثال هذا الذي يتردون عباءة الدين ويسيؤن إليه.

    مزمل الباقر- كاتب سوداني

    1. يقول أسامة كليّة سوريا/ألمانيا Ossama Kulliah:

      أخي مزمل الباقر, أنا لا أهتم بهؤلاء. فهم يبحثون بكلامهم عن متابعين وأكثر مايضايقهم قلة المتابعين.

    2. يقول أسامة كليّة سوريا/ألمانيا Ossama Kulliah:

      أخي مزمل الباقر, قرأت جديثك الجميل في ١٧ آذار/مارس ٢٠٢٠ مع كتابات. الشارع بس عنوان جذاب هل أطلعتنا قليلاً عنه.

1 2 3

إشترك في قائمتنا البريدية