رأي القدس ذكرّتنا السلطة الفلسطينية بوجودها يوم امس عندما اعلنت عن تشكيل وفد برئاسة السيد سلام فياض رئيس وزرائها ‘المؤقت’ لنقل رسالة من الرئيس محمود عباس الى رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو توضح فيها الرؤية الفلسطينية لحل الصراع مع اسرائيل على اساس الانسحاب لحدود الرابع من حزيران (يونيو) عام 1967 في اطار تبادل للاراضي متساو في المساحة والقيمة على حد وصف السيد نمر حماد مستشار الرئيس.لا نفهم هذه الخطوة، ولا الهدف منها، تماما مثلما يستعصي علينا فهم العديد من مواقف وخطوات السلطة الفلسطينية الاخرى، فاسرائيل لا تحتاج الى رسالة لكي تتعرف على وجهة نظر السلطة، فقد التقى الرئيس عباس بكل رؤساء الوزارات الاسرائيليين في السر والعلن، في لقاءات مفتوحة ومغلقة على مدى العشرين عاما الماضية، ناهيك عن لقاءات المفاوضين الفلسطينيين مع نظرائهم الاسرائيليين وهي بالعشرات ان لم تكن بالمئات.قبل شهرين تقريبا التقى الدكتور صائب عريقات رئيس دائرة المفاوضات بيتسحاق مولخو نظيره الاسرائيلي في العاصمة الاردنية عمان تحت عنوان خوض لقاءات استكشافية برعاية السلطات الاردنية، ولانجاح زيارة العاهل الاردني الملك عبد الله الثاني التي كانت مقررة لواشنطن بعدها، اي المفاوضات بأيام. وجرى خلال هذه اللقاءات تقديم الرؤية الفلسطينية فما هو الجديد الذي ستحمله الورقة الجديدة هذه؟السلطة تعيش حالة من الافلاس السياسي ويجد المسؤولون فيها انفسهم هامشيين او مهمشين، ويريدون ان يشغلوا انفسهم بهذه الرسائل التي هي عبارة عن ‘مماحكة’ بنتنياهو والمسؤولين الاسرائيليين الاخرين، ومحاولة البحث عن ‘دور ما’ بأي شكل من الاشكال.القضية الفلسطينية تتدهور الى قاع سلم اولويات الاسرة الدولية وقبلها الاسرة العربية، لان ادارة هذه القضية وازماتها تتم بطريقة غير فاعلة، ان لم تكن قصيرة النظر، ولا تتماشى مع كرامة الشعب الفلسطيني وكبريائه وتضحياته.ففي الوقت الذي تتقرب فيه السلطة من نتنياهو وتخاطبه بطريقة حضارية تنطوي على الكثير من النعومة ها هو يوجه لها لطمة قوية باعلانه اضفاء الشرعية على عدة نقاط استيطانية غير شرعية في الضفة الغربية المحتلة.جميع المستوطنات الاسرائيلية غير شرعية وجميع الاراضي الفلسطينية الواقعة تحت الاحتلال الاسرائيلي من النهر الى البحر هي ايضا مغتصبة جرت السيطرة عليها بالقوة والارهاب، وما يفعله نتنياهو هو ما فعله من سبقوه طوال الستين عاما الماضية.السلطة الفلسطينية لا تعير اهتماما لأي نقد لتصرفاتها وسياساتها، نقولها بكل ألم، لانها لا تهتم بالرأي العام الفلسطيني، وتتحكم به من خلال سيف الرواتب الذي تسلطه على رقاب اكثر من 160 الف موظف، ومن يخرج عن طوعها، او يعبر عن اعتراضه لسياستها يجد نفسه يواجه الجوع واسرته واطفاله.سيستقبل نتنياهو الوفد الفلسطيني بكل برود وربما بالاحتقار ايضا، وسيرمي برسالته في احد ادراج مكتبه ان لم يكن في سلة المهملات، اسوة بكل الرسائل المماثلة، والسؤال هو عما ستفعله السلطة بعد تسليمها؟Twitter: @abdelbariatwan qca