عمان ـ ‘القدس العربي’: خمسة من رجال الشرطة الأردنية دخلوا المستشفى الجمعة بعد إصابتهم بجروح طفيفة جراء الإحتكاك مع اللاجئين السوريين في مخيم الزعتري أثناء توزيع عبوات من المياه.
بذلك يقترب عدد رجال الأمن المصابين طوال الأشهر التي تلت فصل الشتاء من 50 رجلا بعضهم أصيب بسكاكين وآلات حادة.
وهو رقم لم يصل له عدد رجال الأمن المصابين بأحداث الحراك المحلية التي تضمنت خمسة الاف إعتصام ومسيرة لنحو عامين.
بالنسبة لرئيس الوزراء عبد الله النسور لا زال الوضع مزعجا في الزعتري والمطلوب كما فهمت ‘القدس العربي’ مباشرة أن تصبر وتحتمل السلطات الأمنية لان الإساءة لأي لاجىء سوري وبكل الأحوال مرفوضة فمعناها- أي الإساءة – وضع علامة سلبية على العلاقة بين الشعبين حتى وإن إنتهت الأزمة السورية على أي نحو. لكن توتر اللاجئين له سبب فبعد معاناتهم مع فصل الشتاء الماضي بدأت التحضيرات مع إقامة ستكون سيئة جدا في فصل الصيف اللاهب وسط التراب واللهيب.
صحافية مغربية معروفة حضرت إلى عمان للمشاركة في مؤتمر دولي زارت مخيم الزعتري للإطلاع على الأوضاع وتلمست مباشرة مستويات هذا التوتر.
الصحافية ماريا موكريم التي تدير موقع فبراير دوت كوم أحد أشهر المواقع المغربية تحدثت للاجئين للسوريين مباشرة وهي في طريقها لزيارة المستشفى الميداني المغربي ولاحظت مستوى الخشونة والتوتر في لهجة اللاجئين الذين يطالبون بمحطات مثل الجزيرة والعربية للكشف عن وضعهم المأساوي الصعب.
لكن وزير بارز إبتسم وهو يعلق على الإنطباعات التي نقلتها القدس العربي قائلا: ما الذي توقعه الأشقاء عندما هربوا إلينا.. الأردن ليس سويسرا وإمكاناتنا معروفة للجميع وبلادنا صحراء في معظم مساحتها ولا موارد مائية لدينا ولا يوجد عندنا مال. أضاف الوزير نفسه: لم نخدع أحدا ولم نجبر أي شقيق على الحضور إلينا وأوضاع الأردن معروفة للجيران تماما.
النسور قال بوضوح لـ’القدس العربي’: لا نستضيف الأخوة ونسيء إليهم فكرامتهم من كرامتنا ولا يمكنني فرض قيود على اللاجئين السوريين طالب بها البعض لأن في ذهن الحكومة علاقات الشعبين مستقبلا.
في قياسات النسور وطاقمه الوزاري تعمل الماكينة الأردنية فوق طاقتها في إستضافة اللاجئين وتوفير الخدمات الأساسية لهم.
لكن الإمكانات التي تصل بالسياق ضغيفة تماما ولا تلي الحاجة والطموح مما دفع عمان للجوء لمجلس الأمن الدولي قبل تصدي روسيا للمشروع وإجهاضه خشية تسييس مسألة اللاجئين.
النسور أفاد أيضا بأن الرئيس الأمريكي باراك أوباما وعندما زار عمان ركز كثيرا على مسألة الدور الأردني في إستضافة اللاجئين وسفير واشنطن في عمان عقد عدة جلسات تحدث فيها عن تأسيس صندوق بمليار دولار لمساعدة الأردن في هذه الجزئية.
لكن مصدرا مقربا من وزير المالية الأردني أمية طوقان قال لـ’القدس العربي’ بأن هذا الصندوق لم يتأسس بعد وكل ما وصل هو مبلغ لا يزيد عن 200 مليون دولار لا يكفي في الواقع لتأهيل مخيم الزعتري الذي أصبح عنوانا للبؤس الإنساني ومساحة لصراع بين أجندات سياسية إقليمية لعدة دول في المنطقة.
وفقا للسفير السوري المناكف في عمان بهجت سليمان مخيم الزعتري ‘كذبة’ لأغراض سياسية وسلطات عمان تمنع ألاف السوريين من مغادرة المخيم والعودة إلى بلدهم.
أما وزير الخارجية الأردني ناصر جوده فيشير في مجالسه الخاصة لان خدمات بلاده بخصوص اللاجئين تضمن مقعدا متقدما للدبلوماسية الأمريكية في الإدارة الأمريكية وتحديدا في لجان الكونغرس.
لكن ساعة الضبط الأردنية أظهرت قبل ثلاثة أيام قدرة فائقة على ‘تقنين’ عدد اللاجئين السوريين لو أرادت الحكومة الأردنية فقد أغلقت معابر اللجوء التي يسيطر عليها الجيش السوري الحر عمليا في وجه اللاجئين لأغراض أمنية مؤقتا وخلال إنعقاد إجتماع أصدقاء سورية وقمة دافوس.
في الأثناء رصد الصحافي المتابع محمد فرحان ظاهرة لافتة فأمس الأول وفي ذورة إقفال المنافذ الأردنية دخل إلى البلاد لاجيء سوري واحد فقط علما بأن عدد اللاجئين الذين يدخلون يوميا يزيد أحيانا عن 2000 لاجىء من الواضح أن الأردن يريد توظيف كثرتهم سياسيا ويقنن هذا التكاثر عندما تتطلب الأجندة الأمنية.
اللافت في السياق أن المسؤولين الأردنيين سياسيا وأمنيا يشتكون دوما من مخاطر وجود ‘خلايا للمخابرات السورية’ مختلطة بين اللاجئين وتم الحديث فعلا قبل أسابيع عن خلايا أمنية وأخرى ‘إرهابية’ تم كشفها قبل بروز معطيات التعاون الإستخباري بين عمان ودمشق على أكثر من وجه.
السؤال هو: إذا كانت عمان لديها هواجس خلايا نائمة تستقر وسط اللاجئين فما هو مبرر الإصرار على زيادة عدد هذه الخلايا عبر المجازفة بالتوسع في إستقبال اللاجئين؟
الإجابة ليست معقدة فالمسألة برمتها سياسية بإمتياز لكنها تجارة ‘خائبة’ بالعائد السياسي كما يلاحظ الناشط السياسي محمد خلف الحديد خصوصا في ظل تقارير دبلوماسية أمريكية وغربية تتحدث عن ‘فساد’ في مسألة إسناد ودعم اللاجئين داخل بعض تعبيرات البيروقراطية الأردنية.
هذا الفساد متعدد الألوان فخيمة الأمم المتحدة البيضاء الشهيرة التي توزع على اللاجئين تباع في السوق السوداء الأردنية بخمسين دينارا علما بأن ثمنها لا يقل عن 600 دولار.
عبد الجبار قيسي مواطن أردني إشترى خيمة الأمم المتحدة بالمبلغ المشار إليه من تاجر أردني ووضعها في حديقة منزله ليلهو بها أطفاله مؤكدا لـ’القدس العربي’ بأن المواطن يستطيع شراء معلبات ومواد غذائية من سوق الأرصفة في عمان من النوعيات الموجهة خصيصا للاجئين السوريين وبنصف السعر.
سوق سوداء نشطة في إطار الزعتري تلمستها القدس العربي مباشرة بعد جولة لمراسلتها الزميلة منال الشملة ويشارك بها بنشاط اللاجئون أنفسهم والتجارة تشمل ألواحا معدنية نرويجية وروابط حبال فرنسية ومعلبات من منظمات سويدية وطحين ومواد غذائية وأغطية وملابس ومستلزمات مدارس …هذا فساد واضح لا لبس فيه على هامش عملية الإغاثة.
ثمة كوبونات توزع من أثرياء يمولون شراء كميات من اللحوم والدواجن لللاجئين واللافت أن اللاجىء يحصل على الكوبون ثم يذهب لمحل تجاري كبير معروف في عمان دون غيره ليستبدله بكمية أقل من الكمية المنصوص عليها .
ارحمو بلد الحشد والرباط والله ان هذا البلد قدم اكثر من طاقتة رغم قله امكانيته