بيروت- “القدس العربي”: بعد ليل ملتهب شهد تنفيذ أكثر من 15 غارة إسرائيلية على قرى لبنانية جنوبية، بينها خربة سلم وبليدا وديرسريان والطيبة وبيت ليف والجبل الكبير في بلدة صديقين، دوّت صفارات الإنذار، صباح الأربعاء، في كريات شمونة ومعيان باروخ وكفار يوفل وغوشرين وبيت هلل في الجليل الأعلى حيث أفيد بإطلاق صواريخ من جنوب لبنان باتجاه مواقع إسرائيلية في إصبع الجليل، وانفجار صواريخ اعتراضية إسرائيلية في أجواء قرى حدودية في القطاع الشرقي من جنوب لبنان.
وقالت كتائب القسام- لبنان “إنها قصفت مقر قيادة اللواء الشرقي 769 “معسكر غيبور” وثكنة المطار في “بيت هلل” شمال فلسطين برشقتين صاروخيتين مكونتين من 40 صاروخ غراد”. وأشارت في بيان إلى “أن العملية تأتي في سياق الرد على مجازر العدو بحق المدنيين في غزة واغتيال القادة الشهداء وإخوانهم في الضاحية الجنوبية”.
وأفادت وسائل إعلام إسرائيلية بسماع دوي انفجارات عنيفة في كريات شمونة وتفعيل الدفاعات الجوية، وعن وقوع أضرار في أحد المباني جراء سقوط صاروخ في كريات شمونة. ولفتت إلى “أن مروحيات تابعة للجيش الإسرائيلي نقلت مصابين في الشمال على الحدود مع لبنان إلى المستشفيات”.
مشاهد من الأضرار التي وقعت جراء سقوط قذيفة صاروخية في كريات شمونه. pic.twitter.com/ot9PsZg2hG
— مصدر مسؤول (@fouadkhreiss) February 28, 2024
توازياً، أغار الطيران الحربي الإسرائيلي على دفعتين مستهدفاً أطراف بيت ليف وبلدة الزلوطية، وسجلت غارة على منطقة الخريبة بين بلدتي الخيام وراشيا الفخار، وسمعت أصوات الانفجارات في أجواء قرى القطاع الشرقي نتيجة انفجار صواريخ اعتراضية. واستهدفت غارة إسرائيلية منزل القيادي في حزب الله علي وهبي في بنت جبيل، في وقت ذكرت صحيفة “جيروزاليم بوست” أن الجيش الإسرائيلي هاجم كذلك مجموعة لحزب الله في منطقة عيتا الشعب.
غارة على بنت جبيل إستهدفت منزل المسؤول في حزب الله علي وهبي. pic.twitter.com/5unLjevPZ7
— Hadi S. Machmouchi (@hadimashmoushi) February 28, 2024
وأعلن الناطق باسم جيش الاحتلال أفيخاي أدرعي عن “غارات حربية على مستودع أسلحة ومبان عسكرية وبنى تحتية لحزب الله في منطقة رامية في الجنوب”.
وحلّق الطيران الحربي على مستوى متوسط فوق بيروت وجبل لبنان والجنوب وخرق جدار الصوت. أما حزب الله فأطلق عدداً من الصواريخ على موقع الرمتا في تلال كفرشوبا.
وتأتي هذه التطورات الميدانية غداة توسيع إسرائيل رقعة المواجهات إلى منطقة بعلبك والبيسارية وجبشيت والنبطية ورد حزب الله على قاعدة ميرون للمراقبة الجوية ومقر قيادةِ الفرقة 146 في جعتون وثكنة نفح.
ووصفت القناة 13 الإسرائيلية الرشقات الصاروخية لحزب الله التي وصلت إلى نهاريا وتخوم عكا بأنها “تطور خطير سيحاسب عليه حزب الله في العمق اللبناني”، معتبرة أنه “لا يأخذ تصريحات وزير الدفاع يوآف غالانت بضرب بيروت على محمل الجد، وبيروت أصبحت تحت النيران”.
وكان رئيس أركان الجيش الإسرائيلي الجنرال هرتسي هاليفي الذي كان يقوم بجولة إلى مقر القيادة 146 لدى تعرضها للقصف من قبل حزب الله، أكد “أن الحزب سيدفع ثمناً باهظاً جداً لهجماته المستمرة على الشمال”.
في غضون ذلك، بقي إسقاط حزب الله مسيّرة إسرائيلية من طراز “زيك” بصاروخ أرض جو محور تقييم.
وأبرز إعلام حزب الله تعليقات محللين إسرائيليين حول هذا الإسقاط، وبينها ما نقله موقع “والا” عن الصحافي والمعلّق أودي عتصيون، الذي قال إن هذه الخطوة تمثل “تحذيرًا بارزًا ومثيرًا للقلق بشأنه”. وأوضح: “بعد 30 سنة على اختيار طائرة “زيك”، في مناقصة سرية للغاية حينها في وزارة الأمن، لتكون أول طائرة هجومية تابعة لسلاح الجو، ظهرت للمرة الأولى وهي تسقط بنيران حزب الله”. ورأى “أن سلاح الجو لم يخسر فقط طائرة من دون طيار عمرها 20 عامًا، لكنه أدرك للمرة الأولى أن حزب الله يتطور ويُصبح محترفًا”، مضيفاً “سارع سلاح الجو إلى نقل الرسالة إلى حسن نصر الله فهاجم بعلبك، مدمّرًا منظومات الدفاع الجوي لحزب الله”. وأكد “أن التهديد ما يزال قائمًا وليس مقتصرًا على المشهد اللبناني”. وختم المعلق: “الطائرة “زيك” أحدثت تحولًا في القتال الجوي، وأنقذت حياة البشر ووفرت كثيرًا من المال على الموازنة الأمنية، لكن إسقاطها أثبت أيضًا أن الجانب الثاني لاحظ ذلك، فاستعد بما يتناسب مع الموقف، فيما الصياد تحول إلى طريدة، ولا يجب على سلاح الجو ووزارة الأمن الاستخفاف بذلك”.
وبعد الضجة التي أثارها توزيع مركز “ألما” الإسرائيلي عن استخدام حزب الله أنفاقاً في قضاء جبيل كقواعد لإطلاق صواريخ “فاتح” على الكيان، وبعد توضيح وزارة الطاقة أن هذه المنشآت خاصة بسد جنة، أكد قائد الجيش اللبناني العماد جوزف عون لنائب جبيل زياد الحواط عدم صحة ما ورد في الفيديو. وقال الحواط الذي زار قيادة الجيش “تم التداول في موضوع الفيديو الذي نشر وفيه معلومات عن حفر خنادق ودشم يستخدمها حزب الله وداخلها أسلحة في منطقة جنة ومار سركيس في جرد جبيل الجنوبي ومخاطر تبعات هكذا فيديو على أهالي المنطقة. وبعد مراجعة مضمون الفيديو والتحقق مما ورد فيه من قبل المعنيين في المؤسسة العسكرية أكد العماد عون عدم صحة هذا الفيديو”. وشدد الحواط “على ضرورة أن يلعب الجيش دوراً محورياً في ضبط الأوضاع على الأرض جنوباً وتطبيق القرارات الدولية وفي الدفاع عن لبنان وتحقيق الاستقرار بصفته القوة الشرعية التي يلتف حولها اللبنانيون”.
في المواقف، جدد رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي التأكيد “على وجوب وقف العدوان الاسرائيلي على لبنان، وأوضح في مستهل جلسة مجلس الوزراء “أننا في كل اللقاءات الدبلوماسية نتفاعل بواقعية مع المبادرات الخارجية التي اعتبرها صادقة، وننبّه للمخاطر وندين الاعتداءات الاسرائيلية على لبنان وسقوط الضحايا. كما أننا نجدد مطالبة المجتمع الدولي وممثلي الدول التي نلتقيهم بممارسة الضغط على إسرائيل لوقف اعتداءاتها وانتهاكاتها للسيادة اللبنانية، ونرفع الصوت تجاه المجتمع الدولي والمؤسسات الإنسانية، منددين بالاعتداءات الإسرائيلية على لبنان وغزة”.
وقال “في كل اللقاءات والاجتماعات العربية والدولية التي نشارك فيها، نؤكد حرص لبنان على دوره والقيم التي يمثلها، وفي الوقت ذاته نلمس اهتمام الدول بوضعنا. وفي هذا السياق فإننا نثمن جداً الجهد الفرنسي والامريكي لحماية لبنان ونعوّل على مسعاهما لردع العدوان، ونجدد المطالبة بتطبيق القرار 1701 بكل مندرجاته والزام اسرائيل بتطبيقه ووقف خروقاتها وعدوانها”.
وأضاف: “نحن نستفيد من وحدتنا الوطنية لمواجهة كل الطوارئ، ونشهد الإدانة الشاملة للاعتداءات الإسرائيلية، ونتطلع بعناية ومسؤولية إلى التحرك المطلبي والمعيشي الذي يقوم به الموظفون والمتقاعدون بكل فئاتهم ومسمياتهم. والحكومة تعمل بروية لإنصاف الجميع من دون تسرع”.
وعلى الجانب الإسرائيلي، رأى المتحدث باسم رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو “أن سكان شمال إسرائيل سيعودون حتمًا إلى منازلهم وهناك جهود دبلوماسية للتوصل إلى حل”.