الناصرة – “القدس العربي”:
أكد مركز حقوقي مختص بالرصد أنه رغم الانشغال بجائحة الكورونا وتبعاتها الحادة، إلا أن التحريض الإسرائيلي على الفلسطينيين مستمر على المستويين الرسمي وغير الرسمي.
وأصدر “إعلام- المركز العربي للحريات الإعلامية والتنمية والبحوث”، من مقره في مدينة الناصرة داخل أراضي 48 تقريرا كمياً يرصد خطاب التحريض والعنصرية في الإعلام الإسرائيلي ضد كافة شرائح المجتمع الفلسطيني، ضمن مشروع “الرصد”.
تضمّن البحث رصداً للصحافة العبرية المكتوبة، والمرئية، والمسموعة، بالإضافة إلى تعقب صفحات سياسيّين وإعلاميّين إسرائيليين على مواقع التواصل الاجتماعي (فيسبوك وتويتر).
ويتطرّق التقرير الكمي لشهر يوليو/ تمّوز من العام الجاري، حيث تم رصد 90 حالة تحريض وعنصرية ضد المجتمع الفلسطيني، وذلك بالرغم من الانشغال المستمر في جائحة كورونا والمظاهرات التي تعم شوارع إسرائيل والأزمة الاقتصادية- الاجتماعية والسياسية الناجمة عنها.
وتبين من النتائج أن المنصة الأكثر تحريضاً على الفلسطينيين هي شبكة “فيسبوك” للتواصل الاجتماعي بنسبة 33% (28 منشورا من مجمل الحالات) تليها شبكة “تويتر” بنسبة 19% (17 حالة من مجمل الحالات)، صحيفة “إسرائيل اليوم” بنسبة 12%، وأخيرا، صحيفة “مكور ريشون” الناطقة بلسان المستوطنين بنسبة 7%.
وحسب التقرير تتغيّر الجهات المستهدفة في الإعلام الإسرائيلي وفقا للتطورات الأمنية والسياسية على الساحة الإسرائيليّة فقد تميّز يوليو/ تمّوز الماضي بتزايد خطاب فرض السيادة الإسرائيلية على المستوطنات في الضفة الغربية ومنطقة الأغوار، كتطبيق لمشروع الضّم المعروف بـ”صفقة القرن”.
كما وعجّ الإعلام الإسرائيلي تحريضا منفلتا على القائمة المشتركة عقب اشتراك رئيسها النائب أيمن عودة، في مؤتمر المصالحة لحركتي فتح وحماس لمواجهة مخطط الضّم.
وتطرّقت الأخبار الإسرائيلية أيضا، للفيديو العنصري الذي يوثق تعامل نجم الأطفال الإسرائيلي، الممثل المعروف باسم “روي بوي”، مع الأطفال البدو في النقب.
وتبيّن من النتائج أن السلطة الفلسطينية هي الأكثر استهدافاً وتحريضاً في الإعلام الإسرائيلي، لشهر يوليو/ تمّوز، بنسبة 31% من مجمل الحالات (28 حالة)، تليها كلّ من القائمة المشتركة وخطاب فرض السيادة بنسبة 26%، المجتمع الفلسطيني كشريحة واحدة بنسبة 23%، وأخيرا، الداخل الفلسطيني بنسبة 18% من مجمل الحالات.
وتطرّق البحث، أيضا، إلى نوعية التحريض المتّبعة في المقالات والتقارير الاخبارية متنوعة؛ بعضها يشرعن العقوبات الجماعية واستعمال القوّة ضد الفلسطينيين، بعضها الآخر يقوم بشيطنة الفلسطينيين واستعمال اسلوب التعميم، وهنالك مقالات تقوم بنزع الشرعيّة عن الفلسطينيين وقياداتهم، وبعض المقالات تبرز فيها الفوقيّة العرقيّة اليهوديّة، استخدام خطاب العنصرية وتصوير إسرائيل بدور الضحيّة.
وأظهرت نتائج البحث أيضا، أن أسلوب التحريض الأكثر اتبّاعا في الإعلام الإسرائيلي لهذا الشهر هو نزع الشرعية عن الفلسطيني خصوصا في سياق ضم مناطق “ج” في الضفة الغربية المحتلة بنسبة 78% (70 من مجمل المقالات)، يليه خطاب العنصرية بنسبة 60% (54). أما الفوقية العرقية فقد استخدمت بنسبة 54% (49)، الشيطنة والتعميم بنسبة 42% (38)، وأخيرا، تصوير إسرائيل بدور الضحية بنسبة 34% (31). جدير بالذكر، أن غالبية المقالات تحتوي على أكثر من نوع تحريضِ واحدِ في نفس المقال.
حذف المضامين عن منصات التواصل الاجتماعي دون مسار قضائي
وبهذا المضمار وبعد التماس لمركز عدالة وجمعية حقوق المواطن، طالبت المحكمة الإسرائيلية العليا النيابة العامة بتوضيح الأسس القانونية لتفعيل آلية حذف المضامين والمنشورات في منتديات التواصل الاجتماعي، وعرض أمثلة من دول أخرى مرفقة بتوضيح حول الوضع القانوني لمثل هذه الآليات.
وعقدت المحكمة الإسرائيلية العليا جلسة لمداولة الالتماس الذي قدمه مركز عدالة وجمعية حقوق المواطن للمحكمة العليا ضد وحدة السايبر التابعة للنيابة العامة ووزارة القضاء حول عمل الوحدة. وتعمل وحدة السايبر بما تسميه “تطبيق تطوعي بديل”، على حذف مضامين ومنشورات من منصات التواصل الاجتماعي دون مسار قضائي أو صلاحية قانونية أخرى.
بعد البت في جلسة عدالة، أصدرت المحكمة العليا قرارها تطلب فيه من النيابة العامة توضيح الأسس القانونية التي تستند إليها لتفعيل آلية حذف المنشورات والمضامين وعلى أي من صلاحياتها يرتكز مثل هذا العمل. وجاء طلب المحكمة بعد ادعاء الدولة أن “منصات التواصل الاجتماعي تحذف المضامين المنشورات تطوعاً بعد التبليغ عنها”، وفي كثير من الحالات يتم حذف المنشورات دون علم ناشريها أو تبليغهم، وفي أحيان أخرى يتم حظر صاحب الحساب أو الصفحة بسبب المحتوى الذي تطلب وحدة السايبر حذفه.
وشدد المحامي ربيع إغبارية، من مركز “عدالة” خلال الجلسة على أن النيابة العامة لم تنكر يوماً أن عمل الوحدة ينتهك حقوق الإنسان الأساسية دون صلاحية قانونية، وقال إن “الدولة لا تعترض على أن هناك انتهاكا واضحا لحقوق أساسية مثل حق وحرية التعبير عن الرأي، الحق في الحصول على اجراء قانوني عادل، أسس فصل السلطات وغيرها، وكذلك لا توضح أي صلاحيات تستند إليها في فعل ذلك.
وتابع: “آلية الرقابة التي تنتهجها الوحدة لا تستند على أي صلاحيات قانونية، لأن وحدة السايبر تعمل وفق أهوائها. فهي تراقب المضامين وتحللها وتبادر بالتواصل مع شركات ومنصات التواصل الاجتماعي وتطلب منهم حذفها، وكل هذا – بحسب ادعاء النيابة – دون تفعيل أن من نفوذها أو فرض سلطتها”.
وفي أعقاب تكرار الأسئلة حول الصلاحيات والأسس القانونية، ادعت النيابة العامة أنها “لا تمارس سلطة ولا صلاحية، بل أن عملها فقط هو التبليغ، حيث تبلغ منصات التواصل الاجتماعي فقط في الحالات التي تمس بمصالح مهمة”.
وأكدت النيابة مرة بعد مرة على أن منصات التواصل الاجتماعي تقوم بحذف هذه المضامين من تلقاء نفسها. وفي قرارها، طالبت المحكمة من النيابة كذلك إرفاق أمثلة ومقارنات مع دول أخرى في العالم تستخدم مثل هذه الآلية، وتشكل عمل أي مؤسسة حكومية على مراقبة المضامين وتبليغ منصات التواصل الاجتماعي عنها، والتطرق إلى الصلاحيات القانونية التي تعمل بحسبها.
وفي تعقيبه على قرار المحكمة، قال المحامي ربيع إغبارية إن “النيابة العامة الإسرائيلية تفّعل آلية الرقابة على المضامين بشكل غير مباشر معتبرا أن هذا نوع من خصخصة الإجراءات القضائية واقتصارها على طرف واحد دون علم الآخر. جاء قرار المحكمة العليا مؤكدًا على أن عمل وحدة السايبر يمس بالحقوق الدستورية ولا يستند إلى أي أساس قضائي أو سلطة قانونية، إذ لا يمكن لأي مؤسسة حكومية إلغاء أي من الحقوق الدستورية مثل حرية التعبير دون منحها صلاحيات صريحة ودون وجود آلية مراقبة تستطيع الإشراف على عملها وعلى مدى شفافيته وعدم انتهاكه لحقوق اساسية.
وخلص للقول: “لا نتوقع أن تتمكن النيابة من تعزيز ادعائها والرد على طلبات المحكمة بدلائل قانونية، لأنها ببساطة غير موجودة”.
محكمة روما
وفي سياق متصل، أدانت محكمة روما حكم هيئة الإذاعة والتلفزيون الإيطالية “راي”، التي أكدت في مايو/ أيار الماضي، أن “القدس عاصمة إسرائيل”، وذلك من خلال أحد أشهر برامج المسابقات التي تُبث على الهواء مباشرة.
وحسب وزارة الإعلام الفلسطينية استندت القاضية شيشيليا براتيزي في منطوقها على الشرعية الدولية والعديد من القرارات الصادرة عن الأمم المتحدة التي أدانت فيها الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية بما فيها القدس الشرقية.
وأكدت سفيرة دولة فلسطين لدى إيطاليا عبير عودة، أن السفارة ستتابع تنفيذ قرار المحكمة، ابتداء من تنفيذ مؤسسة “راي” للقرار، الذي ينص على أن تعلن المؤسسة عبر البث المباشر أن “القدس ليست عاصمة اسرائيل”.
وقالت: “منذ اليوم الاول تابعنا ما جرى عبر القنوات الدبلوماسية، وقدمنا احتجاجا رسميا لمؤسسة “راي”، وقد اعتذرت عن هذا الخطأ عبر نفس برنامج المسابقات، لكن قدرنا أن هذا لا يكفي، لذا استمر العمل من جانبنا والجاليات الفلسطينية والمؤسسات الداعمة للحق الفلسطيني، وإثر ذلك قدمنا طعنا طالبنا فيه المحكمة بإدانة المؤسسة الإعلامية الإيطالية الرسمية وإجبارها على أن تصحح خطأها”.
من جانبه، علق المحامي فاوستو جانيللي، وهو من أهم خبراء القانون الدولي في إيطاليا، قائلا إنها المرة الأولى التي تقضي فيها محكمة وطنية بشأن الوضعية القانونية للقدس. وأضاف: “نحن اليوم سعداء لأنه يتعيّن الآن على مؤسسة (راي) الإعلامية الإعلان – بموجب قرار المحكمة – عن خطئها والتأكيد بشكل رسمي لا لبس فيه أن القدس ليست عاصمة إسرائيل”.
وتابع: “القدس ليست عاصمة إسرائيل، ولا يمكن القبول بأن يكون كل شيء قابلا للتزوير”.
يجب محاربة شيطنة حكومة العدو الإسرائيلي للفلسطينيين في الداخل وفي الخارج وأحسن مثال ما قامت به سفارة فلسطين في إيطاليا،وعلى حكومات الدول العربية التي مازالت تؤمن بالقضية الفلسطينية أن تدعمها أكثر