علمت الدكتورة شارون الراعي – برايز، رئيسة مصلحة الصحة العامة، بأن الكوميديا الارتجالية في إسرائيل لا تعمل بصورة جيدة في دولة الإمارات، وأنه يجب القيام بشرح النكات. في الأسبوع الماضي قالت د. شارون، بصورة ساخرة، بأن “هناك أعداداً أكبر من الأشخاص ماتوا في أسبوعي السلام مع دبي من الأشخاص الذين ماتوا في السبعين سنة من الحرب معها”. بالإجمال، كانت تحتج على سياسة الحكومة في الأجواء المفتوحة، التي لم تسارع إلى إغلاق مسار كورونا من الإمارات.
ولكن أبو ظبي اعتبرت هذه الأقوال مثابة توبيخ، بل واتهام بأنهم المسؤولون عن ارتفاع عدد المصابين والوفيات في إسرائيل. انتهت القصة بشكل مؤقت. اتصلت الإمارات لطلب التوضيح، فاعتذرت الحكومة، وعادت الحياة بين إسرائيل والحليفة الجديدة إلى مسارها.
أبو ظبي لا يستخف بكورونا، خصوصاً بعد تلقيهم ضربتين: الأولى من الدانمارك التي منعت الرحلات الجوية إلى أبو ظبي ومنها، لأنه -حسب رأي وزارة الصحة- فقد ظهر هناك “عدم دقة” في نتائج فحوصات كورونا. كل ذلك بعد إعلان أبو ظبي أنها الرائدة في العالم في إجراء الفحوصات، وأنها تشرف بحرص كبير على اتخاذ خطوات لمنع تفشي الوباء.
اتصلت الإمارات لطلب التوضيح، فاعتذرت الحكومة، وعادت الحياة بين إسرائيل والحليفة الجديدة إلى مسارها
أما الضربة الثانية فحدثت الجمعة الماضي، عندما قامت بريطانيا بضم الإمارات إلى قائمة الدول الحمراء، ومنعت الرحلات الجوية منها وإليها. محادثات بين الدولتين لم تساعد حتى الآن. المواطنون في أستراليا الذين قاموا بحجز تذاكر للسفر إلى وطنهم علقوا في بريطانيا، وهكذا أيضاً مواطنون كثيرون من دول آسيا الذين اعتادوا السفر عن طريق دبي.
تبذل الإمارات جهوداً كبيرة لمنع تفشي الوباء؛ فقد نشرت قائمة طويلة حول قواعد الابتعاد الاجتماعي، وتقوم بفرض الغرامات وتطعيم السكان فيها بوتيرة عالية. في وسائل الإعلام الإماراتية تنشر مقالات حادة ضد كل من ينتقد سلوكها في مجال الصحة. في أحد المقالات، كتب: “هل يمكن أن تكون غيرة الدولة التي تمكنت من كبح جماح الوباء بشكل جيد، هي التي تسببت بتشويه وسائل الإعلام الغربية لسمعتها الطيبة. آخرون يتهمون وسائل الإعلام ويقولون بأنها تريد المس بمصالح الدولة.
للإمارات سبب وجيه للاشتباه بوجود من يريدون الشر لها. إن قرار الرئيس الأمريكي بايدن بتجميد “مؤقت” لصفقة السلاح التي تم التوقيع عليها بين الإمارات وإدارة ترامب قبل يوم من مغادرته للبيت الأبيض، أثار غضب أبو ظبي. إن التفسير الأمريكي الذي بحسبه تعتبر هذه خطوة عادية عندما يتم تبديل الإدارات، وأن الإدارة تريد فحص صفقات السلاح التي تم التوقيع عليها في ولاية ترامب، لم ينجح في التهدئة. سفير الإمارات في واشنطن، يوسف العتيبة، خرج عن طوره كي يظهر “التفهم” نحو الخطوة الأمريكية والطمأنة بأن الأمر لا يتعلق بإلغاء صفقة: “مثلما حدث في فترات انتقالية سابقة، فقد توقعت الإمارات أن تفحص الإدارة سياسة الولايات المتحدة مرة أخرى. بيع طائرات “اف35″ هو أكبر بكثير من صفقة لبيع السلاح لشريك”.
وحسب قوله، الصفقة مهمة للولايات المتحدة؛ فبفضلها “تستطيع أن تحرر قواتها لمعالجة تحديات أخرى في العالم”. أي أن الإمارات تضع نفسها كأحد الأذرع العسكرية للإدارة الأمريكية، التي تهتم بسلامة دول المنطقة: “بمساعدة السلاح والتدريب الذي تحصل عليه من الولايات المتحدة، ستكون القوات المشتركة أكثر فعالية”.
جند العتيبة أفضل مهاراته الدبلوماسية لإخفاء المفاجأة والغضب، وليعرض تجميد الصفقة كأمر روتيني، وليوضح أيضاً بأن الإمارات لا تخشى من إلغائها
جند العتيبة أفضل مهاراته الدبلوماسية لإخفاء المفاجأة والغضب، وليعرض تجميد الصفقة كأمر روتيني، وليوضح أيضاً بأن الإمارات لا تخشى من إلغائها، لا سيما بعد أن اجتازت جميع المصادقات عليها، ومنها بالطبع مصادقة الحكومة في إسرائيل. ولكن حاكم الإمارات محمد بن زايد، يدرك أنه خلافاً لفترة ولاية ترامب، يمكن أن يصطدم الخط المباشر إلى البيت الأبيض برنين محادثة في الانتظار، ويمكن لإسرائيل أيضاً أن تكون دعامة غير ثابتة للعلاقة مع بايدن. يبدو أن إسرائيل ستجد نفسها عالقة في وضع جديد متناقض: لن يكتفى بالطلب منها المصادقة على صفقة سلاح مع دولة عربية، بل بذل جهود لإنجاز الصفقة.
ولا تعلق الأمر بالجوانب الأمنية فحسب، بل ثمة سبب آخر: نشر تعديل تاريخي، السبت، على قانون الجنسية في الإمارات. ومن الآن فصاعداً يمكن لمستثمرين من ذوي المهن المطلوبة، مثل الأطباء والعلماء والفنانين ومفكرين من أرجاء العالم، الحصول على جنسية الإمارات. ومن يرغبون في ذلك يجب أن تكون لهم سمعة دولية – فنانون تركوا بصماتهم في العالم، وعلماء حصلوا على جوائز أو على تمويل دولي لسنوات كثيرة. ويمكنهم أيضاً الاحتفاظ بجنسيتهم الأصلية، رغم أنه سيطلب منهم الإعلان عن ولائهم للإمارات. ستُمنح الجنسية للطالبين ولأبناء عائلاتهم، وسيحصل على الجنسية أيضاً “أشخاص من ذوي الكفاءات الخاصة”، على سبيل المثال، من سجلوا براءة اختراع واحدة على الأقل، أو فنانون حصلوا على جوائز دولية رفيعة. وستقوم بفحص مؤهلاتهم لجنة خاصة، ولن توجد أي قيود على أصل من يطلبون الجنسية.
بالنسبة للإسرائيليين، يمكن أن تكون هذه فرصتهم، ليس فقط للعمل في الإمارات، بل للحصول على هذه الجنسية المتميزة التي ستمكنهم من زيارة دول محظور عليهم زيارتها، وكل ذلك شريطة أن يبقى اتفاق السلام ساري المفعول وألا يهتز بسبب أي صفقة صغيرة لطائرات “اف35”.
بقلم: تسفي برئيل
هآرتس 1/2/2021