ريتشيل كوري وصمت اوباما المخجل

رأي القدس رأى مقرر الامم المتحدة الخاص لحقوق الانسان في الاراضي الفلسطينية ريتشارد فولك ان رفض محكمة اسرائيلية دعوى حول مقتل الناشطة الامريكية ريتشيل كوري بعد ان دهستها جرافة اسرائيلية في مدينة رفح بقطاع غزة يشكل ‘هزيمة للعدالة، وانتصارا لسياسات الافلات من العقاب للجيش الاسرائيلي’. ولكن الادارة الامريكية لا تشاطره الرأي نفسه للاسف، ولم يصدر عنها اي بيان يرتقي الى مستوى هذا الاستفزاز الاسرائيلي المتعمد لكل قيم العدالة والانسانية، خاصة ان الشهيدة كوري مواطنة امريكية وانصافها واسرتها من صميم واجبات هذه الادارة.لا نريد ان نستعرض المعاهدات والقوانين الدولية التي تدين اسرائيل وجرائمها كقوة محتلة، مثل معاهدة جنيف التي تفرض على القوة المحتلة التزاما غير مشروط بحماية السكان المدنيين، فمثل هذا الاستعراض لا يفيد في الحالة الاسرائيلية لان اسرائيل تتصرف وكأنها فوق القانون والمعاهدات الدولية بفضل الحماية الامريكية.ريتشيل كوري ذهبت الى قطاع غزة مع مجموعة من الناشطين الاجانب للاحتجاج على سياسة اسرائيلية عنصرية منهجية في هدم البيوت، واقتلاع الاشجار، وترويع السكان الابرياء. لم تكن تحمل سلاحا، ولا حجارة، مجرد ضميرها الانساني الكبير الذي هو اقوى من كل القنابل والرصاص.القضاة الاسرائيليون الذين رفضوا الدعوى المدنية التي رفعها والداها ادعوا ان حادث الوفاة كان عرضيا وغير متعمد. وهو حكم مهين للعدالة والانسانية معا، فالجندي سائق الجرافة ‘الكاتربيلر’ كان يرى الفتاة بسهولة وهي تقف امام شفرة جرافته، وتحاول منعها من هدم بيت فوق رؤوس سكانه من النساء والاطفال.والدة الفتاة ريتشيل اصيبت بالصدمة بعد النطق بالحكم، ليس بسبب عدم علاقته بكل قيم العدالة فقط، وانما بسبب التعاطف المحدود جدا من قبل الاسرائيليين مع قضية مقتل ابنتها بالطريقة البشعة التي قتلت فيها.اكثر من اربعة آلاف فلسطيني سقطوا شهداء برصاص الجيش الاسرائيلي في مختلف انحاء الاراضي المحتلة اثناء الانتفاضة الثانية، ولكن استشهاد ريتشيل كوري المواطنة الامريكية ذات الثلاثة والعشرين ربيعا جاءت من ولاية واشنطن الامريكية في اقصى الغرب الامريكي يظل علامة فارقة في مسيرة النضال الانساني العالمي ضد الظلم الاسرائيلي.تخيلوا لو ان الفتاة ريتشيل هذه جرى اعتقالها، ناهيك عن قتلها، في دولة عربية او اسلامية، فماذا سيكون رد فعل الادارة الامريكية في هذه الحالة؟الامر المؤكد ان هذه الادارة ستهدد بقطع العلاقات ووقف المساعدات المالية والاقتصادية وفرض عقوبات، وربما ارسال حاملات الطائرات الى هذه الدولة التي تتجرأ على اعتقال مواطن امريكي.الم تهدد الادارة الامريكية بارسال سفن حربية الى مصر للافراج بالقوة مجموعة من الامريكيين جرى اعتقالهم في مصر بعيد انتصار الثورة في اطار حملة ضد المنظمات غير الحكومية التي اتهمت بالتجسس على الثورة والاقدام على اعمال معادية لها لخلق بلبلة، وتقويض حالة عدم الاستقرار في البلاد؟اسرة الشهيدة كوري قالت انها ستستأنف الحكم، وستذهب الى المحكمة العليا الاسرائيلية، وهي محقة في ذلك، لان دماء هذه الفتاة لا يجب ان تذهب هدرا، كما ان هذه العدالة الاسرائيلية العمياء يجب ان تتعرض للفضح امام الرأي العام العالمي، والغربي منه على وجه الخصوص، لتبديد المفهوم الخادع المزروع في اذهان هؤلاء بان اسرائيل هي ممثل الحضارة الغربية والديمقراطية الوحيدة في المنطقة.Twitter: @abdelbariatwan

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية