إسطنبول: أثار قرار إيران، الأحد، زيادة نسب تخصيب اليورانيوم، قلقا أوروبيا على مصير الاتفاق النووي، وتحريضا إسرائيليا على فرض عقوبات جديدة على طهران، فضلا عن اتهام روسي للولايات المتحدة الأمريكية بتحمل مسؤولية ما آلت إليه الأوضاع.
وأعلنت الخارجية الإيرانية زيادة نسب تخصيب اليورانيوم المتفق عليها، لتبدأ خفض التزاماتها بموجب الاتفاق النووي، الذي ينص على فرض قيود على البرنامج النووي الإيراني، مقابل رفع العقوبات الاقتصادية الغربية المفروضة على طهران.
ووقعت إيران هذا الاتفاق، في 2015 مع الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي (الولايات المتحدة، بريطانيا، فرنسا، الصين وروسيا) وألمانيا.
وقال مساعد وزير الخارجية الإيراني للشؤون السياسية، عباس عراقجي، إن طهران ستبدأ بتخفيض التزامها بالاتفاق، لـ”عدم وفاء بقية الأطراف به”.
وأضاف عراقجي، في مؤتمر صحفي بطهران، أن “تخفيض التزاماتنا النووية لا يعني الخروج من الاتفاق”.
واعتبارًا من الأحد تبدأ طهران تجاوز نسبة 3.67 بالمئة في تخصيب اليورانيوم، وفق احتياجاتها.
وأمهلت طهران الدول الأوروبية المشاركة في الاتفاق 60 يومًا أخرى، للوفاء بالتزاماتها تجاه إيران بموجب الاتفاق، وذلك بعد مهلة مماثلة بدأت في 8 مايو/ أيار الماضي.
ودعت طهران كلًا من باريس ولندن وبرلين إلى إيجاد آلية للتبادل التجاري وتنظيم المدفوعات الدولية، في ظل العقوبات الأمريكية المفروضة على إيران.
وقال عراقجي إن طهران “قدمت فرصا خلال عام كامل بشأن الالتزام بالاتفاق النووي”.
وانسحبت إدارة الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، من الاتفاق، في مايو/ أيار 2018، بزعم أنه غير كافٍ، وأعادت فرض عقوبات اقتصادية على طهران، دخلت حيز النفاذ على دفعات، اعتبارًا من أغسطس/ آب من العام نفسه.
** أوروبا قلقة وتتمسك بالاتفاق
قالت المتحدثة باسم السياسة الخارجية والأمن في الاتحاد الأوروبي، مايا كوتشيانتيتس: “نعرب عن تخوفنا وقلقنا العميق إزاء إعلان إيران بدء رفع مستوى تخصيب اليورانيوم إلى أعلى من 3.67 بالمئة، المنصوص عليها في خطة العمل المشتركة”.
ودعت، في تصريح صحافي، إيران إلى “عدم اتخاذ إجراءات إضافية من شأنها تقويض التزامها بالاتفاق النووي”.
وتابعت: “نحن على تواصل مع أطراف الاتفاق النووي بشأن الخطوات التالية بموجب بنود الاتفاق”.
وأردفت المتحدثة الأوروبية: ننتظر المزيد من المعلومات من الوكالة الدولية للطاقة الذرية”.
وأعلنت الوكالة الدولية للطاقة الذرية أن مفتشيها الموجودين في إيران سيقدمون تقريرًا للوكالة بمجرد تأكدهم من زيادة طهران مستوى تخصيبها لليورانيوم عن الحد الذي يسمح به الاتفاق النووي.
** فرنسا: انتهاك للاتفاق
أعرب الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، عن قلقه الشديد إزاء قرار إيران، واصفا زيادة تخصيب اليورانيوم بأنه “انتهاك” للاتفاق النووي.
وذكرت قناة “فرانس 24” المحلية أن ماكرون تحدث عن الموعد النهائي لاستئناف الحوار بين الطرفين، في 15 يوليو/ تموز الجاري، دون توضيح ما سيحدث بعده.
** إسرائيل تطالب بعقوبات قاسية
جدد رئيس الوزراء الإسرائيلي المنتهية ولايته، بنيامين نتنياهو، الأحد، دعوته العواصم الأوروبية إلى فرض عقوبات “سريعة” و”قاسية” على طهران، على خلفية قرارها زيادة نسب تخصيب اليورانيوم.
وذكرت وكالة “أسوشيتد برس” أن نتنياهو حث باريس ولندن وبرلين على فرض “عقوبات سريعة” على إيران.
وأضاف أن القرار الإيراني “خطوة خطيرة جدا جدا”.
وشدد على أن “إيران انتهكت التزامها الرسمي أمام مجلس الأمن الدولي بعدم تخصيب اليورانيوم فوق مستوى محدد”.
وتابع: “أتوجه إلى أصدقائي زعماء فرنسا وبريطانيا وألمانيا (..) لقد وقعتم على هذا الاتفاق، وقلتم أنكم ستفرضون عقوبات قاسية، في حال اتخاذ طهران هذه الخطوة.. أين أنتم منه الآن”.
ورأى أن “تخصيب إيران لليورانيوم له هدف واحد فقط، وهو صناعة القنابل النووية”.
وتقول إيران إن برنامجها مصمم للأغراض السلمية، وتتهم إسرائيل بالتحريض على طهران، لصراف الأنظار عن الترسانة النووية الإسرائيلية غير الخاضعة للرقابة الدولية.
واتهم وزير الطاقة الإسرائيلي، يوفال شتاينتس، في تصريح لصحيفة “يديعوت أحرونوت” الأحد، إيران بأنها “تبتز إسرائيل والولايات المتحدة والعالم نوويا”.
** موسكو تحمل واشنطن المسؤولية
اعتبر رئيس لجنة الشؤون الدولية في مجلس الاتحاد الروسي، قسطنطين كوساتشيف، أن “مطالب إيران بالحفاظ على الاتفاق النووي لها ما يبررها، ومسؤولية الحفاظ عليه تقع على عاتق الولايات المتحدة”.
ونقلت وكالة “سبوتنيك” المحلية عن كوساتشيف قوله إن “الشيء الرئيسي في الوضع الحالي ليس المعايير المادية لتخصيب اليورانيوم، ولكن استعداد إيران السياسي للعودة إلى تنفيذ خطة العمل الشاملة المشتركة بشأن البرنامج النووي، إذا ما قامت واشنطن بضمان نهجًا مشابهًا”.
وأضاف كوساتشيف: “الكرة في الجانب الأمريكي، ووحدها واشنطن هي التي تستطيع إنقاذ الاتفاقيات المصدقة من مجلس الأمن الدولي”.
** طهران: نواجه إرهابًا اقتصاديًا
في ظل تصاعد التخوفات والقلق والتحريض على فرض عقوبات جديدة على إيران، قال وزير خارجيتها، محمد جواد ظريف، إن طهران ستواصل إتباع السبل القانونية في حماية مصالحها، تجاه “الإرهاب الاقتصادي” الذي تنتهجه واشنطن.
وأوضح ظريف، في تغريدة عبر “تويتر”، أن إيران بدأت الأحد الخطوة الثانية من خفض التزاماتها بالاتفاق النووي، بموجب الفقرة 36 من خطة العمل المشتركة للاتفاق.
وتأتي الخطوة الإيرانية الجديدة في وقت يتصاعد فيه التوتر بين الولايات المتحدة ودول خليجية من جهة، وإيران من جهة أخرى، منذ بدأت طهران تخفيض بعض التزاماتها بموجب الاتفاق النووي.
وبدأت إيران التخفيض، في مايو/ أيار الماضي، مع مرور عام على انسحاب واشنطن من الاتفاق، وفرض عقوبات مشددة على طهران، لإجبارها على إعادة التفاوض بشأن برنامجها النووي، إضافة إلى برنامجها الصاروخي.
وتفاقم هذا التوتر عقب إسقاط إيران في 20 يونيو/ حزيران الماضي، طائرة أمريكية مسيرة، قالت إنها اخترقت الأجواء الإيرانية، فيما قال الجيش الأمريكي إنها كانت تحلق في المجال الجوي الدولي.
(الأناضول)