التقيت في مقهى صغير في الخليل في الاسبوع الماضي موسى (وهو اسم مستعار)، وهو ابن لعائلة تجار قديمة صرفت اعمالها التجارية في الماضي تحت الحكم العثماني والبريطاني والاردني والاسرائيلي وحكم السلطة الفلسطينية. وحاول بلغة عبرية غير فصيحة أن يقنعني بأن الساسة لا يصنعون السلام بل يُصنع السلام بين البشر. وقال إن سلام الساسة ورقة والسلام بين البشر اسمنت. ولاثبات نظريته أشار الى ولد صغير كان يلعب في الشارع، نجت رجلاه من التعفن بفضل علاج تلقاه في مستشفى في اسرائيل. فلن يقنع أحد في العالم عائلة هذا الولد بأن اليهود سيئون، قال، ولاحظت دمعة في طرف عينه. ووجه كلامه الشديد اللهجة على السلطة الفلسطينية وقال إن رجال السلطة أكثر فسادا من الموظفين العثمانيين الذين كان جده يدفع اليهم البقشيش. وقال إن رؤساء السلطة لا يهتمون إلا بأنفسهم ويملأون جيوبهم باموال المساعدة السخية من اوروبا والولايات المتحدة، والمساعدة التي يفترض أن تصل الى سكان الخليل مخبأة عندهم. وتحدث في اثناء الحديث عن أن مقدار التجارة التي تتم بين دولة اسرائيل والمصانع ورجال الاعمال في الخليل يبلغ نحوا من 5 مليارات شيكل كل سنة، وهذا مقدار تجاري عظيم لمدينة يبلغ عدد سكانها كعدد سكان رمات غان. وصناعات البلاستيك والفراش والزيت في نماء. وقد نشأ في مدينة الخليل جيل جديد من الاثرياء يعلم ويفهم أن كل الحديث عن دولة فلسطينية حلم فارغ لأنه لم يكن للفلسطينيين قط دولة خاصة ولن تكون ايضا. إن الجيل الشاب يريد أن يعيش حياة طيبة وأن يزور المجمعات التجارية الجديدة في الخليل وأن يستمتع بالبيوت الضخمة التي بنيت له وأن يدبر الاعمال في هدوء. واقترح في نهاية اللقاء أن يوجه جون كيري اليه كي يقدم اليه عدة نصائح تبين كيف يصنع السلام بين البشر في المنطقة. وودعنا موسى واتجهنا بين قطرات المطر الدقيقة أنا ونوعم ارنون وهو من رؤساء المستوطنة اليهودية في الخليل الى مغارة الماكفيلا وهو مبنى مؤثر جدا بني قبل آلاف السنين فوق غار مدفن صغير دفن فيه آباء الأمة وأمهاتها، وهو غار اشتري بثمن كامل. وكانت جماعة كبيرة من الزائرين من مستوطنة إزور تملأ مكان الصلاة بين شواهد القبور، ووجد رجال ونساء جاءوا لبضع دقائق كي يتصلوا بالتراث التاريخي لشعب اسرائيل وبسر وجود الأمة الخالد. لقد أمكن فصل اليهود آلاف السنين عن مغارة الماكفيلا، لكن ما كان من الممكن فصل المغارة لحظة واحدة عن قلوب اليهود. إن مليون زائر كل سنة يزورون مغارة الماكفيلا من اليهود وغير اليهود. ويمكن أن تجد على منصة صغيرة بالقرب من المغارة بيانات عنها بلغات شتى منها اليابانية والصينية. يسأل كثيرون ما الذي يبحث عنه عدد صغير من اليهود في الخليل في خضم بحر من المسلمين حولهم. والجواب القاطع هو ما الذي يبحث عنه سبعة ملايين اسرائيلي بين مئات ملايين المسلمين؟! عندما يفهم اليهود أن ربط الأمة بالأبد يمر في ضمن ما يمر بالخليل ايضا سيفهم العرب ايضا أن اليهود ليسوا صليبيين جاءوا كي يغادروا. وآنذاك فقط سيكون من الممكن التقدم نحو سلام بين البشر. وفي هذا الوقت من الواجب البناء في كل مكان في المدينة والقرية والجبل والغور وأن يبنى جدار حديدي من حجارة مقدسية يضمن العودة الى صهيون.